رئيس التحرير
خالد مهران

الشرق الأوسط على صفيح ساخن.. مخطط صهيوني جديد لـ«تفتيت» 3 دول برعاية أمريكا

مخطط صهيوني جديد
مخطط صهيوني جديد لـ«تفتيت» 3 دول برعاية أمريكا

دعوات لانفصال إقليم دارفور عن السودان.. وأكراد سوريا يطالبون بحكم فيدرالى «ذاتى»

مساعد وزير الخارجية الأسبق: هناك اتجاه لتفتيت الدول العربية عبرت عنه إسرائيل صراحة أمام الأمم المتحدة

السفير رخا أحمد حسن: تدخل تركيا والسعودية قللا من مخاطر تقسيم سوريا.. و«تفتيت» ليبيا موجود ولكنه ضعيف

«رخا»: السودان مهدد بالانقسام إذا استمرت الحرب وإذا أصَّر كل طرف على الحل العسكرى

محلل سياسى: صراعات المنطقة العربية لها تأثير بالغ الخطورة على مقدراتها وأمنها القومى

 

أحداث مشتعلة وتطورات متسارعة خلافات طائفية ومطالب بالانقسام، هكذا حال المنطقة العربية بدءًا من محاولات تقسيم سوريا وليس انتهاءً بدعاوى انفصال دارفور عن السودان، ما جعل عبارة «الشرق الأوسط على صفيح ساخن» ليست مجرد كلمات، إنما توصيف دقيق لما يحدث بالمنطقة.

الصراعات الدائرة بالمنطقة لاسيَّما مساعي إسرائيل إلى تقسيم سوريا إلى «كانتون» صغيرة بدعوى حماية الأقليات الدينية، ومطالب أهالي دارفور بالانفصال، تشير -حسب الكثيرون- إلى مخططات خفية لتقسيم المنطقة على غرار «سايكس بيكو»، فهل سيحدث ذلك؟ وإلى أي مدى تؤثر الأوضاع الراهنة بالمنطقة في وجود «سايكس بيكو» جديد؟ وكيف يمكن مواجهة تلك المخططات؟.

مساع إسرائيلية

هناك اتجاه لتفتيت الدول العربية، وهو ما عبر عنه رئيس وزراء إسرائيل صراحةً أمام الأمم المتحدة، بقوله: «إسرائيل تُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط»، حسبما أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن، في حديثه مع «النبأ الوطني».

ويضيف، أن مخاطر التقسيم في سوريا وإن كانت قائمة، إلا أن الانقلاب على النظام السوري وتدخل تركيا والسعودية، قللا منها، خصوصًا وأنهما تؤكدان على وحدة وسلامة الأراضي السورية، لاسيَّما تركيا.

تقسيم سوريا

في محاولات اعتبرها الكثيرون خطوة نحو تقسيم سوريا، صرَّح قائد قوات «قسد» الكردية مظلوم عبدي، بأن سوريا الجديدة تحتاج إلى دستور لا مركزي يضم جميع المكونات، وأنه يجب على الأكراد حماية المكتسبات الموجودة بشمال شرقي سوريا، وتعزيز التنوع وحقوق كافة المكونات، وذلك خلال مؤتمر فعاليات وحدة الموقف الكردي في سوريا، والذي ضم أكثر من 400 شخصية سياسية من ممثلي الأحزاب الكردية في سوريا وإقليم كردستان العراق وتركيا، في 26 إبريل الماضي.

رغم الاتهامات بمحاولات التقسيم، إلا أن «عبدي»، قال إن وحدة الموقف الكردي لا يعني تقسيم سوريا على العكس يعزز وحدتها، مشيرًا إلى أن الكرد ناضلوا لأجل وحدة الأراضي السورية وأن سوريا الجديدة لا بد أن تضمن حقوق الكرد وهذا مطلبنا الأساسي وأن وحدة الكرد هي وحدة سوريا وقوة الكرد هي قوة لسوريا.

مطالب الحكم الفيدرالي أو الذاتي التي تحدث عنها الأكراد، ترفضها تركيا والعراق وإيران؛ لأنه سيؤدي إلى الانقسام قيام دولة للأكراد، والذي لن يكون في سوريا وحسب، ولكنه سيمتد إلى تركيا والعراق وإيران أيضًا، وعليه تركيا لن تسمح أبدًا بانفصال الأكراد، وفقًا لـ«حسن».

«الشرع» يرفض

الرئيس السوري أحمد الشرع، رفض  لما سمَّاه بـ«الواقع التقسيمي للبلاد» عبر إنشاء كياناتٍ منفصلة تحت مسميات الفيدرالية أو الإدارةِ الذاتية دون توافق وطني شامل.

وشدد «الشرع» -في 27 إبريل الماضي- أن وحدةَ سوريا أرضا وشعبا خطٌ أحمر، وأن أيَ تجاوز لذلك يُعد خروجا عن الصف الوطني ومساسا بهوية سوريا الجامعة.

تلعب إسرائيل على طائفة الدروز في منطقة الحسكة، ولكن الاتجاه السوري والعربي لن يقبلا بأي انفصال، لا الدروز ولا الأكراد، كما لم تقبل به أيضًا أوروبا لأنها ترى أن التفتيت سيؤدي إلى مشاكل وصراعات أكبر في المنطقة، في حين أنهم يريدون احتواء الموقف، ما يجعها تخفف العقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا لقاء أي خطوة إيجابية تأخذها الحكومة السورية، وفقًا للسفير رخا أحمد حسن.

ففي يناير الماضي، ناقشت إسرائيل مقترحات لتقسيم سوريا إلى كانتونات صغيرة، بحجة حماية الجماعات العرقية بها، خلال اجتماع وزاري حضره وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، حسبما ذكرت صحيفة «إسرائيل هيوم».

السفير رخا أحمد حسن

مشوار طويل

حل الأزمة السورية وخروجها من براثن التقسيم، يحتاج مشوار طويل جدًا، خصوصًا وأن الحكومة السورية لم تستجب إلى الآن لمطالب أن تكون الحكومة الانتقالية ممثلة لجميع أطراف وفئات الشعب السوري من ناحية، ومن أخرى تؤجل الدستور والانتخابات من 4 إلى 5 سنوات وهذه فترة طويلة من الممكن أن يحدث بها الكثير من التطورات، وبالتالي سوريا تحتاج إلى مصالحة داخلية واستجابة من جانب الحكم الجديد، حسبما يؤكد مساعد وزير الخارجية الأسبق.

تقسيم السودان

السودان أيضًا، ليس ببعيد عن ما يحدث في سوريا من مخططات للتقسيم، وهناك تخوفات كبيرة بشأن التقسيم، لاسيَّما وأن والاستراتيجيات المرسومة لمليشيا الدعم السريع تشير إلى انفصال إقليم دارفور عن السودان.

أحداث دامية يشهدها إقليم دارفور -منذ شهور- تحديدًا مدينة الفاشر التي يسيطر عليها الجيش السوداني، وتحاصرها قوات الدعم السريع في محاولات منها للسيطرة عليها.

ما يحدث في السودان بيد أهله، فالانقسام الذي حدث بين قوات الدعم السريع والجيش بعدما كانوا شركاء في إسقاط النظام وإقالة عمر البشير، حسبما يقول السفير رخا أحمد.

ورغم ما تكبدته قوات الدعم السريع من خسائر لقاء السيطرة على الفاشر، بعد مهاجمة المدينة لأكثر من 300 مرة، إلا أنها تُصر على الاستيلاء عليها، وشنَّت قُبيل أسبوعين، هجومًا متجددًا على المدينة ومخيمي زمزم وأبوشوك للنازحين، وأسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص ونزوح 400 ألف آخرين، حسب الأمم المتحدة.

انفصال دارفور

تطور الأوضاع من سيء لأسوأ، تزامن معه دعوات بانفصال إقليم دارفور، بحجة حقن الدماء، ففي تسريب للأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي -من اجتماعٍ مغلق- وصف انفصال دارفور بأنه سيكون «مخرجًا بالحُسنى» لما يحدث في بالأقليم.

دعوة «كرتي» لانفصال دارفور، اتفق معها -أيضًا- عضو مكتب التنسيق الإعلامي للحركة الإسلامية  الطاهر التوم، مؤكدًا المعنى ذاته، بقوله: إن انفصال دارفور قد يكون الثمن الضروري لوقف نزيف الدم.

ويرى السفير رخا أحمد حسن، أن السودان مهدد بالانقسام إذا استمرت الحرب وإذا أصَّر كل طرف على الحل العسكري، خصوصًا وأن كل طرف يؤيده مكون مدني سوداني ودول جوار ودول إقليمية ودولية، وبالتالي هناك دعم فالحكومة الشرعية والجيش السوادني لا يحارب فقط قوات الدعم السريع، ولكن الدعم السريع خلفه قوى سياسية وخارجية إقليمية ودولية، وهنا يكمن الخطر على السوادن بأن تنفصل دارفور والمناطق المحيطة، خصوصًا وأن قوات الدعم السريع تتلقى دعمًا من تشاد وإفريقيا الوسطى، وبالتالي من الممكن أن تستمر الحرب لفترة طويلة، في ظل وجود أذرع خارجية تشعل القتال بالبلاد.

الدكتور مختار غباشي

حل الأزمة السودانية

دعوات انفصال دارفور تلك، هاجمها سياسيون وعوام سودانيون كُثَّر، ورأى محللون أن قوات الدعم السريع تحاول تكثيف عملياتها العسكرية في مدينة الفاشر، بعد فشهلها في السيطرة على العاصمة الخرطوم، مؤكدين أنه بدلًا من دعوات فصل دارفور عن السودان يجب العمل على رفع الحصار المفروض على مدينة الفاشر بالإقليم وتدمير تلك المخططات.

حل الأزمة السودانية لن يتم عسكريًا على الإطلاق، وإنما بالوساطة واتفاق الطرفين على مخرج، وهو ما سيحافظ على وحدة السودان وهذا ما أكده مجلس الأمن في اجتماعه الخاص بالسودان، وأنه لا بد من فتح المجال السياسي لحل الأزمة السودانية خصوصًا وأننا أمام حروب عصابات أمام جيش نظامي، وفي حال استمرارها سيتم استنزاف موارد السودان وربما تقسيمها، من وجهة نظر مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن.

ليبيا بمرمى التقسيم

أما عن اتجاه التقسيم في ليبيا أيضًا، يرى «حسن»، أنه موجود ولكنه ضعيف؛ لأن ليبيا من الناحية العملية منطقتين متنازعتين شرق وغرب، ولكن صعب تقسيمها، لأن الموارد موجودة في منطقة ومعظم السكان في منطقة أخرى، يعني الغرب طرابلس وما يُحيطها تحوي معظم السكان بنسبة 60% تقريبًا، والمناطق الأخرى الإقليمين الآخرين بهما الموارد البترولية والغاز، وهذا يحد من إمكانية تفتيت ليبيا، ولكن الحكام الذين بها يستفيدون من الوضع الحالي، ما يجعلهم يحافظون عليه.

انفلات الأوضاع

الصراعات الموجودة في المنطقة العربية لها تأثير بالغ الخطورة على مقدراتها وعلى أمنها القومي في المجمل، وأساسها هو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني القائم، بالإضافة إلى ما فعلته إسرائيل في سوريا واحتلالها لجبل الشيخ وتدمير الجيش السوري كاملًا بريًا وبحريًا وجويًا، والوضع على الساحة اللبنانية والتجرؤ الإسرائيلي على لبنان، بخلاف الأوضاع في السودان، كل هذه الأوضاع أدت إلى أن تكون المنطقة على صفيح ساخن، حسبما يوضح نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية مختار غباشي في حديثه مع «النبأ الوطني».

ويضيف «غباشي»، أنه الخطورة تكمن في انفلات تلك الأوضاع بغتةً، وذلك بعيدًا عن الحديث عن سايكس بيكو جديدة أو شرق أوسط جديد، لأن من يطلق الحديث بشأن التقسيم سواء من كانت إسرائيل أو أمريكا، إنما يطلقها بحكم حالة السيولة في الأوضاع المشتعلة بالمنطقة وتحكمها كل منها في الكثير من ملفاتها، بعيدًا عن دور رئيس وأساسي للعالم العربي فيها.

إشكالية تلك الصراعات أن الوطن العربي غير قادر على حلها وغير قادر على منظومة أمن قومي رادع قادر على حل هذه الأمور، وتتدخل فيها الكثير من القوى الإقليمية والدولية والتي لها عنصر مؤثر بالغ الخطورة على هذه القضايا، وتستطيع تحريكها في اتجاه مخططات التقسيم، وفقًا لـ«غباشي».

الحل بالوحدة العربية

الحل في مواجهة تيار مخطط التقسيم الإجرامي الذي يهدف إلى تقسيم الدول العربية، يكمن في تصالحها بين بعضها البعض، وتدعيم وحدة الصف العربي، حسبما يؤكد السفير رخا أحمد حسن، ويأمل أن تكون العربية المقبلة فرصة لذلك.