رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أحمد عبد العزيز يكتب: أنا في رحاب الله

النبأ

يمر الإنسان منا بلحظات فارقة، ربما لا تتجاوز ثوان معدودة، لكنها تكون مؤثرة وكاشفة بما يكفي ربما لتغيير نظرة المرء منا تجاه الحياة بأكملها.

مع دقات الرابعة والنصف من فجر يوم الأربعاء الماضي، مرت بي تجربة لم تتجاوز مدتها 40 ثانية على أقصى تقدير، لكنها كانت بمثابة زلزال حقيقي.

تسحرت في نحو الثانية والنصف ثم غلبني النوم، بينما أنتظر أذان الفجر، لأستيقظ بعد ساعتين "مقطوع النفس حرفيا"، ولأقضي نصف دقيقة أو أزيد قليلا أحاول التقاط ما يمكنني من الهواء، حتى أبقى حيا.

لحظات رأيت فيها الموت بعيني، حتى أن زوجتي لقنتني الشهادة، وكنت أردد لا إله إلا الله محمد رسول الله، لاهثا غير قادر على إخراج صوتي، جراء معركة التقاط النفس تلك.

التف حولي زوجتي والأولاد وفي أعينهم نظرة جزع لم أر مثلها في حياتي، ووسط هذا كله نزل عليّ لطف الله، وعاد نفسي للانتظام، لأجلس على الأرض وقد تفكك جسمي، ولا أفعل سوى البكاء بانهيار تام.

قمت لصلاة الفجر، وأنا لا أفكر إلا فيما جرى، وما الرسائل التي يمكن أن تكون قد وجهت لي من هذا الموقف المذهل الرهيب؟ وما الذي سيكون عليه الوضع عندما تحين لحظة الفراق الحقيقية؟ كيف ستكون سكرات الموت؟ كيف سيكون موقف من حولي وقتها؟

لحظات عصيبة جدا انتهت بسلام، لكنها تركت داخلي صورة أكثر وضوحا من ذي قبل.

إن كل لحظة تمر عليك وأنت "عادي"، هي في حقيقتها كنز، يستحق أن تحمد الله عليه.

إننا في الحقيقة ليس لنا إلا الله، هو من سيستقبلنا في النهاية، ليحاسبنا على أفعالنا، ويا له من خزي وعار إذا قابلناه بالمعاصي والسيئات، فأين سيكون المفر؟!

لحظة واحدة سينتهي فيها كل شيء، ويجد الواحد منا نفسه في ليلة صباحها يوم القيامة، ذلك اليوم الثقيل الذي مقداره خمسين ألف سنة، ولا مستقبل إلا الجنة والرضوان، أو السخط والنيران.

رحماك يا إله السموات.. هل تتخيل الموقف مجرد لحظة نوم نصحو بعدها على أهوال ما بعدها أهوال، نقف فيها منتظرين مصيرا ما بعده مصير!!

والله إننا نلهو ونلعب، وقد اقترب حسابنا ونحن في غفلة معرضون.

أقولها لنفسي قبل الجميع: "وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ" ـ البقرة 281.

ولهذا الحديث بالذات بقية