رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أكبر الخاسرين من الاتفاق بين السعودية وإيران.. الصفقة ضربة لنتنياهو ونصرالله

بن سلمان ونتنياهو
بن سلمان ونتنياهو

فوجئ كثيرون بالاتفاق بين السعودية وإيران بعودة العلاقات الطبيعية وإعادة فتح كل منهما سفارته في عاصمة الطرف الآخر، ولكن أكثر من فوجئ بهذه الخطوة كان اثنان؛ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزعيم حزب الله حسن نصر الله.

وقال نتنياهو أمام حشد من رجال الأعمال في روما إنه يعتزم تطبيع العلاقات مع السعودية وبناء خط سكة حديد يمتد من الخليج إلى شواطئ حيفا على البحر الأبيض المتوسط، مما يقلل المسافة بين موارد الطاقة الخليجية والمستهلكين في أوروبا.

كما فوجئ نصر الله بالاتفاق الأخير بين السعودية وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، حيث أعلن في خطاب أن مثل هذا الاتفاق سيستغرق وقتًا طويلًا لتحقيقه.

وهناك مؤشرات على أن السعودية لم تبلغ نتنياهو أو مسؤوليه بالتطورات الدبلوماسية الأخيرة مع إيران، حيث كان لدى البلدين في السنوات الأخيرة علاقات ثنائية غير رسمية، على الرغم من انقطاعها في عام 2020.

وبالمثل، يبدو أن إيران لم تبلغ حلفاءها بالتطورات الدبلوماسية الأخيرة مع السعودية، والتي جرت خلف أبواب مغلقة في بكين، حيث تعتبر إيران الاتفاق مسألة مصلحة وطنية عليا، مما سيسهم في استقرار منطقة الخليج ويحتمل أن يؤدي إلى اختراقات في مختلف الساحات في الشرق الأوسط.

وتتمثل إحدى أهم النتائج المحتملة في إمكانية حل الصراع الدائر في اليمن، وفقًا لمخطط يتم وضعه حاليًا كجزء من المفاوضات السعودية الإيرانية.

وأبلغت الرياض واشنطن بشكل خاص بالمفاوضات الجارية مع طهران، وبينما كان المسؤولون الأمريكيون على دراية بالخطوط العامة للاتفاق، ولم يشاركوا في كل التفاصيل.

علاقة السعودية بالولايات المتحدة

يشير هذا إلى أن المملكة العربية السعودية لا تزال ملتزمة بعلاقتها مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى ذلك، لا تنظر الولايات المتحدة إلى رعاية الصين لاتفاقية المصالحة على أنها تهديد للسلام العالمي، بل هي إشارة إلى قدرة المملكة العربية السعودية على إدارة العلاقات الدبلوماسية وإدارتها في العالمين العربي والإسلامي كدولة رائدة في المنطقة.

علاوة على ذلك، يبدو أن المملكة العربية السعودية تشارك تحديثات بشأن مفاوضاتها مع إيران مع دول أخرى في المنطقة، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن وعمان والبحرين، وقد رحبت هذه الدول، إلى جانب العديد من الدول الإسلامية الأخرى، بوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقية.

وقال مسؤولون سعوديون إن أحد أهدافهم الأساسية في التوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع إيران هو تعزيز الهدوء في منطقة الخليج وتحقيق السلام، لا سيما قبل شهر رمضان وموسم الحج.

على النقيض من رد إسرائيل، يبدو أن المملكة العربية السعودية تنظر إلى الاتفاقية مع إيران على أنها نتيجة طبيعية لدول مجاورة ذات علاقة مضطربة ولكن مصلحة مشتركة في التعايش السلمي.

لا يبدو أن السعوديين يبالغون في أهمية الاتفاقية، حيث أعربوا عن استعدادهم للتغلب على أي انتهاكات إيرانية محتملة للاتفاق، وفي الواقع، للمملكة العربية السعودية تاريخ طويل من العلاقات المتقلبة مع الإيرانيين الإيرانيين.

يبدو أن للإيرانيين اهتمامًا أكبر بالتوصل إلى هذا الاتفاق مقارنة بالسعوديين، حيث سعوا إلى وسيلة لإخراج أنفسهم من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي أججت الانتفاضات الشعبية داخل الجمهورية الإسلامية في الأشهر الأخيرة.

وقد تفاقم ذلك من خلال وقف المحادثات النووية مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، والضغط العسكري المتزايد على إيران من جانب إسرائيل والبنتاجون، بما في ذلك فترات التوتر والاستفزاز المتبادل.

وتحافظ إيران بشكل خاص على علاقات طبيعية مع العديد من دول الخليج الأخرى، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، التي زار مستشارها للأمن القومي الشيخ طحنون بن زايد طهران عدة مرات خلال العامين الماضيين. كما زار نظراء إيران أبو ظبي، وحافظوا على علاقات مع مسقط والدوحة ومدينة الكويت.

ومع ذلك، يُنظر إلى المملكة العربية السعودية على أنها الدولة الأكثر أهمية في منطقة الخليج من منظور إيران، ومن ثم السعي للتوصل إلى اتفاق مع المملكة، حيث تخلت إيران عن العديد من أصولها المتعلقة بمحاولاتها للسيطرة على الشرق الأوسط من خلال الميليشيات المسلحة.

في المقابل، تكتسب إيران السلام، ويقل الضغط الغربي، حيث تكتسب جارًا كبيرًا وقويًا ومزدهرًا من غير المرجح أن يخوض حربًا مع الجمهورية الإسلامية خلال هذه الفترة الحساسة.

من ناحية أخرى، يبدو أن المملكة العربية السعودية لم تولي أهمية كبيرة لوعود إسرائيل بحماية المملكة والدفاع عنها في حالة التصعيد، حيث أن حديث إسرائيل عن التطبيع لا يتماشى مع خطة العائلة المالكة السعودية.

بالإضافة إلى ذلك، يُزعم أن فشل إسرائيل في إحراز تقدم نحو حل القضية الفلسطينية لعب دورًا في خطط المملكة العربية السعودية، حيث تعتبر المملكة القضية الفلسطينية عاملًا أساسيًا في مقاربتها تجاه الدولة اليهودية.

تُظهر النجاحات الدبلوماسية الأخيرة التي حققتها المملكة العربية السعودية، بما في ذلك المصالحة مع قطر وتركيا، دورها الرائد بين الدول العربية والإسلامية في الخليج وما وراءه، ويُظهر الاتفاق الأخير مع إيران مرة أخرى قدرة الرياض على تجاوز التحديات الجيوسياسية المعقدة والسعي لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

وعزز هذا النهج الدبلوماسي مكانة المملكة العربية السعودية كلاعب قوي ومؤثر في العالم الإسلامي، حيث يسلط إيداع 5 مليارات دولار في البنك المركزي التركي الضوء على التزام السعودية بدعم حلفائها والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في المنطقة.

الخلاصة أن الاتفاق الإيراني السعودي، الذي توسطت فيه الصين، صفعة مدوية لنتنياهو وإدارته التي فشلت في "توفير السلع" وتركت بلا رأي في الأمر. كما أنها ضربة قوية لحزب الله، الذي لم يكن يعرف "شيئًا" عن الاتفاقية.

وتثبت الاتفاقية أن المملكة العربية السعودية هي أقوى دولة عربية وإسلامية في الخليج وبين الدول الإسلامية، وهي إشارة إلى الولايات المتحدة بأن هناك هياكل قوة بديلة في العالم الذي لم يعد أحادي القطب.