رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سعر صرف العملة اللبنانية يتخطّى مئة ألف ليرة مقابل الدولار

النبأ

سعر صرف العملة اللبنانية يتخطّى مئة ألف ليرة مقابل الدولار

تدهورت العملة اللبنانية، اليوم الثلاثاء، إلى مستوى غير مسبوق وبلغ سعر صرفها مئة ألف في مقابل دولار واحد في السوق الموازية، على ما ذكرت مكاتب صيرفة في البلاد الغارقة في أزمة اقتصادية ومالية خانقة.

وسجل هذا المستوى القياسي في وقت استأنفت المصارف إضرابا مفتوحا، وكان سعر الصرف الرسمي حدد عند مستوى 15 ألف ليرة في مقابل الدولار في شباط/فبراير الماضي، مقارنة مع 1507 ليرات سابقًا.

ويبقى سعر الصرف الرسمي هذا أقل بستّ مرات من السعر الفعلي لليرة في السوق الموازية حيث يتم التداول بالعملة اللبنانية الثلاثاء بمئة ألف ليرة في مقابل الدولار، حسب مكاتب صيرفة.

ويتزامن ذلك مع أزمة سيولة حادة وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار.

ويقول صاحب متجر لبيع المجوهرات في شارع الحمراء في بيروت أبو عباس (75 عامًا) لوكالة فرانس برس "لم تعد لليرة أي قيمة"، مضيفًا "كان سعر دواء زوجتي يبلغ 40 ألف ليرة لبنانية (قبل الأزمة الاقتصادية)، أمّا اليوم فأصبح يبلغ 900 ألف".

واستأنفت المصارف الثلاثاء إضرابا مفتوحا كانت باشرته في شباط/فبراير احتجاجا على قرارات قضائية ألزم بعضها المصارف بقبول تسديد ديون بالعملة الأجنبية عائدة لها، بالليرة اللبنانية، فيما ألزمتها قرارات أخرى بتسديد ودائع لبعض المودعين بالعملة الأجنبية. ووصفت المصارف هذه القرارات بأنها "تعسفية"، مشيرة إلى أنها "تكيل بمكيالين"، حسب بيان صدر عن جمعية المصارف.

ولم يعد بإمكان المودعين الوصول إلى مدّخراتهم العالقة في المصارف اللبنانية التي فرضت قيودًا على عمليات السحب وتحويل الأموال.

بعد عدة شكاوى، أصدر قضاة قرارات بمنع التصرف بأملاك عدد من المصارف وأموال رؤساء وأعضاء مجالس إداراتها.

وأعادت المصارف فتح أبوابها بعدما تدخّل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في نهاية شباط/فبراير.

في منتصف شباط/فبراير، حطّم عشرات المودعين واجهات مصارف وأحرقوا إطارات في بيروت للمطالبة بالحصول على ودائعهم العالقة.

ويقول التاجر محمد الريّس (65 عامًا) بغضب لوكالة فرانس برس "جميع السياسيين في البلد (...) سرقوا مال البلد وأموالنا كمودعين".

ويضيف "فليرحلوا عنّا ليدير أشخاص صادقون البلد (...) الأيام المقبلة ستكون صعبة جدًا".

منذ صيف العام 2019، يشهد لبنان أزمة اقتصادية صنفها البنك الدولي بين الأسوأ منذ العام 1850، وتُعتبر الأسوأ في تاريخ لبنان.

في مطلع آذار/مارس، بدأت محال السوبرماركت تسعير السلع بالدولار بقرار من السلطات إزاء التراجع السريع في قيمة العملة المحلية. وكانت قد سبقتها إلى ذلك قبل أشهر، المطاعم والمتاجر في بلد يستورد 90 % من سلعه.

وارتفعت أسعار السلع الغذائية بشكل هائل منذ العام 2019. ويفيد البنك الدولي أن نسبة التضخم بلغت 332 % من كانون الثاني/يناير 2021 إلى تموز/يوليو 2022، وهي الأعلى في العالم.

ويزيد الشلل السياسي الوضع سوءًا، في ظل فراغ رئاسي منذ أشهر تدير خلاله البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، بينها إصلاحات يشترطها المجتمع الدولي لتقديم الدعم من أجل وقف النزيف الحاصل.

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، فشل البرلمان اللبناني 11 مرة في انتخاب رئيس جراء انقسامات سياسية عميقة، إذ لا يملك أي فريق أكثرية برلمانية تخوّله إيصال مرشح.

ويعتبر المصرفي اللبناني السابق صائب الزين المتمرّس في العمل مع دائنين دوليين أن التدهور المستمر لليرة اللبنانية يعكس "خسارة كاملة للثقة في صانعي السياسة في لبنان".

ويقول لوكالة فرانس برس إن لبنان "يحتاج إلى قيادة سياسية حكيمة ليكون لديه قيادة اقتصادية، لكننا لا نملك قيادة سياسية" بالأساس.

ويأتي تراجع قيمة الليرة اللبنانية إلى هذا المستوى القياسي الثلاثاء غداة إبلاغ القضاء اللبناني حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بوجوب الحضور إلى جلسة استماع الأربعاء مع محققين أوروبيين، يزورون بيروت للمرة الثانية في إطار تحقيقات حول ثروته، وفق ما أفاد مسؤول قضائي وكالة فرانس برس.