رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

ما بين القتل والإجهاض..

قصص تصفية حسابات «عش الزوجية» داخل محاكم الأسرة تنتهى بالدماء

 تصفية حسابات «عش
تصفية حسابات «عش الزوجية» داخل محاكم الأسرة

شهدت البلاد على مدار الأيام القليلة الماضية العديد من جرائم القتل التي حدثت مؤخرًا بسبب قضايا النفقة، وكان من أهمها واقعة مقتل محامي كرداسة التي أثارت الرأي العام نظرًا لبشاعة الجريمة.

وترصد «النبأ» خلال السطور القادمة أبرز جرائم القتل التي حدثت بسبب قضايا النفقة، وأغرب القضايا التى تم تداولها في أروقة محاكم الأسرة كما نسلط الضوء على كل ما يخص قضايا النفقة.

ففي منطقة أبو رواش بمدينة كرداسة وهي على بعد عشرات الكيلو مترات من نزلة البطران بحي الهرم غرب الجيزة، وقعت جريمة قتل بشعة هزت الرأي العام راح ضحيتها المحامي بنداري حمدي بطلقات نارية داخل مكتبه.

وكشفت التحريات بأن طليقة المتهم موكلة لدى المجني عليه في قضايا نفقة على زوجها، وعندما حكمت الأحكام لصالحها، قرر المتهم الانتقام وقتل المجني عليه.

بركة من الدماء

بينما شهد شارع جمال عبد الناصر بمنطقة المعصرة، واقعة شروع في قتل بعد أن قام عامل بتمزيق جسد طليقته بـ«مطواة» داخل محل ملابس بسبب خلافات على النفقة لتسقط وسط بركة من الدماء.

تلقى قسم شرطة المعصرة، بلاغا يفيد طعن شخص لسيدة داخل محل ملابس بشارع جمال عبد الناصر بدائرة القسم، وتم نقلها إلى المستشفى وإسعافها.

على الفور انتقل رجال المباحث إلى مكان البلاغ وتم ضبط المتهم وبحوزته «المطواة» المستخدمة في الجريمة وتم التحفظ عليه والسلاح.

وأقر المتهم بارتكابه الواقعة بسبب خلاف مع طليقته حول قيمة النفقة بعد انفصالهما.

وتم استدعاء صاحب محل الملابس وتفريغ كاميرات المراقبة التي رصدت وكشفت تفاصيل الحادث وهو ما أكده الشهود في أقوالهم، تم تحرير المحضر اللازم بالواقعة، وأخطرت النيابة العامة للتحقيق.

إجهاض الزوجة الثانية

ونجح رجال مباحث قسم شرطة ثالث العاشر من رمضان، بمحافظة الشرقية، فى ضبط عامل، بالعقد الرابع من العمر، على خلفية اتهامه بقتل طفلة 4 سنوات، نتيجة خلاف بينه وبين طليقته «والدة الطفل».

كان اللواء محمد وإلى، مساعد وزير الداخلية، مدير أمن الشرقية، قد تلقى إخطارًا من اللواء عمرو عبد الرؤوف، مدير المباحث الجنائية، بتلقيه بلاغا لقسم شرطة ثالث العاشر من رمضان بقتل طفل على يد والده على إثر خلاف بين والد الطفل، وطليقته والدة الطفل، بدائرة قسم شرطة ثالث العاشر من رمضان.

وكشفت التحريات مقتل الطفل معاذ، 4 سنوات، على يد والده «على.ا»، 30 سنة، عامل فى أحد المصانع بمدينة العاشر من رمضان، على أثر نشوب خلاف بين الأب وطليقته والدة الطفل بسبب النفقة.

ولفتت التحريات إلى أن الطفل كان برفقة والده فى وجود زوجة والده، وحال محاولة الأخيرة الدفاع عن الصغير تسبب عنف الأب تجاهه فى تعرضها للإجهاض، فيما تبيّن حدوث الواقعة بعد حصول طليقة المتهم «والدة الطفل» على حكم يُثبت أحقيتها فى نفقة الصغير.

وتم ضبط الأب المتهم، وحُرر عن ذلك المحضر اللازم، وأخطرت جهات التحقيق لمباشرة التحقيقات.

وأمرت بانتداب لجنة من الطب الشرعى لتشريح جثة المجنى عليه، وصرحت بدفن الجثة عقب الانتهاء من الصفة التشريحية، وطلبت تحريات المباحث الجنائية حول الواقعة وملابساتها، وكيفية حدوثها.

قتل «أم هاشم» بسبب 2200 جنيه نفقة

2200 جنيه مبلغ حددته محكمة الأسرة، كنفقة شهرية لسيدة مطلقة وأبنائها الـ3، مما دفع الوالد الذي يعمل سائقا للتربص بالأم، بأحد شوارع مدينة ملوي بالمنيا، وانهال عليها طعنا بسكين في حضور الأبناء، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة لينهي 7 سنوات زواج بجريمة قتل.

تعود أحداث الواقعة حينما تلقى اللواء محمود خليل مدير الأمن إخطارا من مأمور قسم شرطة ملوي، بمقتل سيدة تدعى «أم هاشم.م.ع»، 28 عاما، ربة منزل.

أفادت تحريات المباحث التي جرت بإشراف العميد خالد عبد السلام مدير إدارة البحث الجنائي، بتورط «أحمد.ز.م»، يعمل سائقا، في قتل طليقته، بسبب خلافات أسرية سابقة، حيث أن المجني عليها أقامت ضد طليقها «المتهم» دعوة تطالب فيها بالحصول على نفقتها وأبنائها الثلاث وأكبرهم يعاني من ضمور في المخ، وحينما أنصفها القضاء وأقرت محكمة الأسرة مبلغ 2200 كنفقة شهرية لها وأولادها الثلاث، غضب الأب وكتم الغيظ في صدره، حتى قرر تعقب طليقته وطالبها بالتنازل عن النفقة وإلا سيكون الموت مصيرها.

وذكرت أسرة المجني عليها في محضر الشرطة، أن الزوج كان يتعمد اختلاق مشاكل كثيرة خاصة خلال فترة حمل طليقته، فلم يكن أمامها سوى منزل العائلة كي تلجأ إليه لتمكث به طوال فترة الحمل حتى الولادة، وهذا ما تكرر في المولود الثالث والأخير، ليمارس الزوج عادته في إرسال الوسطاء لإقناع الأسرة في عودة ابنتهم لمنزل الزوجية.

وبررت أسرة «أم هاشم»، أفعال الزوج على حسب ما أكدوا أنه كان يهرب من المسؤولية لعدم تحمله تكاليف الأطباء والولادة، وبمرور الأيام ازداد الأمر سوءا، وبدأت «أم هاشم» تنفذ طاقتها على تحمل الزوج، الذي أبرحها ضربا في آخر خلاف بينهما، وأصابها بجرح قطعي في الحاجب وكدمات وسحجات متفرقة بالجسد، فقررت أن تلجأ إلى منزل والدها بعدما طردها «أحمد» من منزلهما، فعلمت عقب ذلك أنه قرر أن يتزوج من إحدى الفتيات، وبعدما تأكدت من ذلك بالفعل اكتشفت أنه طلقها، فلجأت إلى القانون وحررت ضده محضر تبديد عفش الزوجية والطلاق للضرر، ورفعت قضية نفقة على "طليقها" بعدما تزوج من أخرى.

وذكرت التحريات التي أجرتها وحدة مباحث ملوي بإشراف العقيد جمال الدغيدي رئيس مباحث المديرية، أنه في يوم الحادث، استيقظت «أم هاشم» كعادتها وأيقظت أطفالها وخرجت من منزل والدها قاصدة طريقها المعتاد لمدارس أبنائها، لتنوي بعد ذلك الذهاب لمقر عملها بـ«مشغل»، وأثناء سيرها بالطريق فاجأها طليقها «أحمد» من خلف إحدى السيارات المتوقفة بالطريق، وأشهر في وجهها «سكين»، على حسب رواية أهلية المجني عليها في محضر الشرطة، وهددها بالتنازل عن النفقة ودفع مبلغ 100 ألف جنيه، مقابل حياتها هي وأبنائها، فرفضت فما كان منه إلا أن طعنها عدة طعنات، أمام أبنائه ووسط المارة، وفر هاربًا.

توجهت أسرة المجني عليها إلى مستشفى ملوي العام التي جرى نقل المصابة له، فتقرر تحويل الحالة إلى مستشفى أسيوط الجامعي لخطورتها، وبعد مرور 48 ساعة فارقت الحياة، متأثرة بإصابتها، وجرى إلقاء القبض على المتهم، وحُرر المحضر اللازم، وتولت نيابة بندر ملوي التحقيقات.

كواليس أغرب قضايا النفقة فى محاكم الأسرة

شهدت أروقة محاكم الأسرة العديد من القضايا والتفاصيل والحكايات الغريبة، بسبب الخلافات الزوجية الطاحنة التى دارت بين الزوجين، ووصلت للوقوف داخل أقسام الشرطة، وترصد «النبأ» في السطور التالية أغرب دعاوى النفقة من داخل محاكم الأسرة.

لأول مرة في تاريخ محاكم الأسرة، أقام زوج، يعمل محاميا دعوى نفقة زوجية ضد زوجته، طبقًا للمادة «151» من لائحة الأقباط الأرثوذكس، بسبب مروره بضائقة مالية، بينما الزوجة تعمل في وظيفة تتقاضى منها 15 ألف جنيه، إلا أنها ترفض مساعدته في مصاريف المنزل.

تتحصل وقائع النزاع في أن الزوج القبطي تزوج من زوجته بموجب صحيح العقد الكنسى لمتحدى الملة والطائفة طبقًا لشريعة الأقباط الأرثوذكس، ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج وأنجب منها طفلين، ثم دب الخلاف بينهما لأسباب مادية وأسرية وظروف اجتماعية، ومنعت الزوجة الطالب من رؤية أطفاله، وذلك بعد أن تدهورت الحالة المادية للطالب فقد تبطرت على المعيشة معه، وذلك لأسباب خارجة عن إرادة الطالب نظرا لتدهور حالة العمل، حيث إنه يعمل محاميا، ودخله لا يتعدى 2000 جنيه ولا يقوى على مصاريف بيته.

وبحسب الدعوى، ونظرا لظروف كورونا، فقد تعطل العمل بالمحاكم فترة طويلة أفقدت الزوج مصدر رزقه إلى جانب أنه ليس له تأمين اجتماعي ولا أي مصدر رزق خلاف عمله طبقا لما هو وارد من التأمينات الإجتماعية، وبالنظر لظروف المعيشة والالتزامات اليومية لمتطلبات الحياة والذي أصبح الزوج لا يقوى عليها، وأن الزوجة تعمل عملا إداريا في وظيفة لها دخل ثابت 15000 جنيه ومؤمن عليها من جهة عملها، كما أنها تمتلك سيارة فارهة فكان لزاما عليها سداد نفقة شهرية للزوج حيث إن الشريعة المسيحية واليهودية الذمة المالية فيها للزوج والزوج متحدة بعكس الشريعة الإسلامية التي جعلت الذمة المالية لكل من الزوج والزوجة منفصلة، والإسلام ألزم الزوج بالإنفاق مهما كان الوضع المالي لزوجته بعكس الشرائع الدينية الأخرى.

ووفقا للدعوى، لما كانت نص المادة 151 من لائحة الأقباط الأرثوذكس تنص على الآتى: «تجب النفقة على الزوجة لزوجها المعسر إذا لم يكن يستطيع الكسب وكانت هى قادرة على الإنفاق عليه»، وحاول الزوج مرارا وتكرارا بحث المعلن إليها بمساعدته بالإنفاق على المنزل بما تتحصل عليه مندخل شهرى حيث إنها تعمل بوظيفة تحصل منها على مرتب شهري 15 ألف جنيه سواء من راتب أساسي أو مكافآت أو بدلات بالإضافة للأعمال الإضافية التي تقوم بها المعلن عليها، إلا أنها رافضة دون أي مبرر وقد تركت أثرا على ذلك منزل الزوجية ضاربة بالقانون عرض الحائط.

وتضيف أوراق الدعوى: «علما بأن الزوج طيلة كل هذه الفترة الماضية كان يعمل ويجد ويقوم بالإنفاق على منزل الزوجية دون طلب أي مبالغ من راتبها، وأنها كل ما كانت تهدف إليه والزوج يكد عليها ويعانى عناء وشقاء عمله المرهق والذي أصبح الآن نصف عمل، أن تقوم بجمع راتبها الشهرى لنفسها وأكبر دليل على ذلك شراؤها سيارة أحدث موديل، فما ذنب ذلك الزوج سوى أنه ارتضى أن يعيش بما رزقه الله به من كسب إلا أن تلك الزوجة قد تبطرت عليه بعد أن ظلت طيلة ما يقرب من 8 سنوات تجمع ما تقبضه من راتب شهرى من جهة عملها متجاهلة تماما ونهائيا زوجها الذي أصبح بسببها متعثرا بسبب ظروف لا دخل لإرادته بها، وهو الأمر الذي حذا بالزوج لإقامة تلك الدعوى وإلزام الزوجة بالإنفاق على زوجها حيث إنه قد أصبح معسرا وهى ميسورة الحال طبقا لما نصت عليه لائحة الأقباط الأرثوذكس.

عريس فى المحكمة

شهدت محكمة الأسرة بمصر الجديدة، دعوى نشوز أقامها زوج، طالب فيها بإثبات خروج زوجته عن طاعته، بعد رفضها تنفيذ قرار الطاعة، بخلاف بلاغ حرره في قسم الشرطة، بعد أن لاحقته بدعوى إلزامه بسداد 600 ألف جنيه نفقة، وجنحة ضرب.

وأكد الزوج بدعواه: «لم أتخيل أن الزواج بتلك البشاعة، بعد أن وقعت في يد سيدة لا تعرف الرحمة، لأعيش فى جحيم منذ أول شهر زواج، بسبب سلبها أموالى وتعنيفها لى، ولكني تحملت على أمل حل الخلافات، لتقوم بعد 4 شهور زواج بالهروب وملاحقتي بدعاوى لإلزامي بسداد 600 ألف جنيه من أموالى، وتتركني مهددا بالحبس».

وأضاف: «بالرغم من حصولها على كافة حقوقها المالية، اتهمتني بأنني سيئ العشرة، وتخشى ألا تقيم حدود الله بعيشها معي، بخلاف جنونها وعصبيتها وقيامها بالانهيال على بالضرب وإلحاق بي إصابات بواسطة سلاح أبيض، وطلبها مني تعويضها بمبلغ مالى حال وقوع الطلاق بيننا».

رفض مربية الأطفال

وشهدت محكمة الأسرة بالجيزة شد وجذب بين زوجين، بسبب نشوب خلافات زوجية طاحنة بينهما، بعد أن لجأت الزوجة لملاحقة زوجها بدعوى متجمد نفقات عن سنوات زواجهما الخمسة، ودعوى طلاق للضرر، أثر رفضه توفير مربية لرعاية طفليها.

وأشارت الزوجة في دعواها بمحكمة الأسرة: «لم أجد من يحميني من التعرض للعنف الزوجي على يد من تزوجته عن حب، ولكن للأسف زوجي بعد الزواج داوم على ابتزازي ورفض الإنفاق على رغم يسار حالته المادية، بسبب تحريض والدته وطلبها مني الانفاق على متطلباتي من وظيفتي».

وأضافت الزوجة: «خشيت على نفسي من عنفه، وإصراره على إلحاق الضرر المادي والمعنوي بي، ورفضه الانفصال عني، وتهديده لي، وعدم تقديمه أي مساعدات ودعم سواء ماديا أو معنويا، وعندما اعترضت شهر بسمعتي، ونكث بوعوده لي».

شكوى زوج

«زوجتي طوال مدة زواجنا بددت أموالى، وعندما رفضت تصرفاتها قامت بخداعي وابتزازي وتهديدي بالطلاق وحرماني من أطفالي».. كلمات جاءت على لسان أحد الأزواج بدعوى نشوز ضد زوجته، أمام محكمة الأسرة بأكتوبر، بعد زواج دام 7 سنوات، اتهمها فيها بالخروج عن طاعته، وذلك بعد اشتراطها عليه سداد مبلغ شهري 80 ألف جنيه لها مقابل الصلح، ثم اكتشف قيامها بالذهاب لإقامة دعاوى حبس وتبديد.

وأضاف الزوج: «قامت بهجري وحرماني من رؤية أطفالى، بسبب اعتراضي على سلوكها وتبديدها لأموالي، ورفضت تحمل مسئولية معي، وقامت بطلب الطلاق، وعندما حاولت حل الخلاف وديا رفضت وطالبتني بسداد مبلغ مالي كبير لها».

خبير قانونى يكشف ألاعيب الأزواج للهروب من دفع النفقات

داخل طرقات محاكم الأسرة، هناك من تبحث عن حقها في النفقة، في مقابل من يبحث عن ثغرات في القانون حتى يتهرب من دفع النفقة التي تعد من المسائل التي تهم ملايين الأسر، ويظل الأزواج أبطال في مسلسل النفقة الزوجية، فإما تحصل الزوجة على نفقتها، أو يثبت الزوج أنها لا تستحق النفقة.

ويوضح المستشار القانوني إبراهيم عادل محامي أحوال شخصية، أهم الحالات التي يمكن فيها أن تسقط نفقة الزوجة طبقا للقانون المصري وأبرز المعلومات الخاصة بهذه الحالات قائلا، إن الزوجة لها الحق في نوعين من النفقات وهي كالآتي: «أولًا نفقتها الشخصية وهي النفقة المفروضة لها ما دام هي على ذمة الزوج، وتلك النفقة تسقط بالطلاق بكافة أنواعه سواء طلاق رضائي على يد مأذون أو عن طريق الطلاق القضائي برفع دعوى طلاق أو خلع، ثانيًا النفقة المفروضة لصغارها وهم في حضانتها، وتلك النفقة تسقط بسقوط حضانة الصغار منها وذلك يحدث بالزواج من أجنبي أو بإثبات سواء السمعة أو بإثبات الإهمال في حق الصغار.

وأضاف «عادل»: «هناك العديد من الطرق التي يتخذها الزوج للهروب من دين النفقة سواء بالهروب من المكان المقيم به وعدم علم الزوجة أو الطليقة بمحل سكنه الجديد فيصعب عليها تنفيذ الأحكام المفروضة لصالحهم ولصالح الصغار، كما أن الزوج قد يتلاعب في حجم دخله وذلك من خلال إصدار أساسي المرتب فقط ليكون قدر الدخل قليل مما ينعكس على النفقة المفروضة لصالح الزوجة».

قضاء ناجز

واستكمل المحامي: «هناك توجه من الدولة متمثلة في الحكومة ووزارة العدل بأن يكون هناك قضاء ناجز وعادل في ذلك النوع من القضايا فقضايا النفقات الآن لا تتخطى الـ6 أشهر وعلى الرغم من أن تلك المدة أيضا ليست بالقليلة، ولكن يرجع ذلك الوقت إلى زيادة عدد المتقاضين وكذلك عدد أنواع القضايا والتعسف في استغلال الزوجة أو من يكون وكيلًا عنها لحق التقاضي، فهناك أكثر من نوع للنفقات فنجد أن الزوجة أو من ينوب عنها حينما يقوم بإقامة الدعاوى يرفع كل دعوى على حدة بل وفي بعض الأحيان يقيم دعوى لكل طفل على حدة، فذلك يضيف عبئا على القضاء ويعطل إجراءات التقاضي لكثرة القضايا المنظورة أمام المحاكم».

وعن دعاوى الحبس للمتنعين عن سداد النفقة، قال المستشار إبراهيم عادل، إنه لا يوجد شروط لرفع دعوى الحبس سوى الامتناع عن سداد دين النفقة من الزوج ولكن قد عزز المشرع حق المرأة في المطالبة بدين النفقة فغلظ العقوبة في حين امتناع عن سداد دين النفقة لمدة ثلاث أشهر إلى أن يعاقب الممتنع بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وإذا تكرر الامتناع يترتب على ذلك يكون الحبس لمدة لا تزيد عن سنة هي العقوبة الوحيدة ولا بديل سواها، كما يترتب على ذلك الحكم وقف كافة الخدمات والتعاملات الحكومية وغير الحكومية من خلال حظر بطاقة الرقم القومي للمحكوم ضده على السيستم الحكومي للدولة، وذلك وفقًا لنص المادة رقم 1 من القانون رقم 6 لسنة 2020 الخاص بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937.

أفراد غير أسوياء

وفي سياق متصل، ترى الدكتورة شادية قناوي، أستاذ علم الاجتماع والعلاقات الأسرية، أن ارتفاع معدلات الجريمة يرتبط بشكل كبير بالظروف الاقتصادية والضغوط النفسية التي يتعرض لها الأفراد نتيجة عوامل عديدة، منها الفقر والقهر والظلم، سواء على المستوى الأسري أو الاجتماعي وأن الجريمة في أي مجتمع ترتبط بظروف المجتمع نفسه، لذا فزيادة معدل الجرائم في المجتمع المصري ترتبط بظروفه وخصائصه وكذلك المتغيرات التي حدثت به.

وأضافت، أن من أهم تلك الأسباب، هو ضعف الوازع الديني والفهم الخاطئ للدين، فالمجتمع الآن يترنح ما بين الإفراط أو التفريط فإما تشدد واهتمام بالمظهر وليس الجوهر وصحيح الدين، وإما تفريط وبعد عن الدين.

واستطردت: «كما أن هناك الكثير من الأخطاء التي تحدث في التربية، فالتربية هي حجر الأساس في تشكيل الشخصية وتنشئتها تنشئة سوية وغياب دور الآباء في التربية وانشغالهم بالحياة المادية ومحاولة توفير متطلبات الحياة وإهمال الإشباع العاطفي للأبناء، كما أن أخطاء التربية تقود إلى جيل منحرف».

وتابعت شادية قناوي: «وكذلك جرائم الثأر والانتقام، فمازالت ظاهرة الانتقام تحصد الأرواح وإن كانت بدأت في الانحسار، وذلك بسبب عادات وتقاليد موروثة، بالإضافة إلى الإدمان، فالمخدرات تزيد من معدل الرغبة لدى المتعاطي في القتل والسرقة وارتكاب الجرائم، وتدمير طريقة حكمه على الأمور، كما أن الإدمان يُعد من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى زيادة معدلات الجريمة».

واستكملت «قناوي»: «وكذلك البطالة والفقر والضغوط الاقتصادية التي تلعب دورًا أساسيًا في زيادة معدلات الجريمة والجهل، فكلما ارتقى المستوى الثقافي والتعليمي في المجتمع قلت معدلات الجريمة، بينما انتشار الجهل وغياب الوعي يؤدي إلى زيادة معدلات الجريمة، ذلك بالإضافة إلى غياب دور المدرسة في التوجيه والإرشاد، وثقافة المجتمع التي تشجع على العنف والجريمة والموروثات الثقافية الخاطئة».

وأكدت على أن هناك عدة عوامل أخرى مثل الإدمان والتربية غير السوية تساهم في تنشئة أفراد غير أسوياء، ويعاني المجتمع من سلوكياتهم المضطربة التي تظهر بشكل كبير في سلوكياتهم والجرائم التي يرتكبونها.

وأشارت إلى أنه لا بد من تصحيح المفاهيم الدينية ونشر روح السماحة والرحمة وقبول الآخر في المجتمع، وكذلك العمل على نسف جميع العادات والتقاليد المتوارثة التي تخالف صحيح الدين، وتخالف الإنسانية والرحمة والعدل، ويجب أن يكون للمدرسة دور في التوجيه والإرشاد وتقديم القدوة للطلبة، ومن الضروري تأهيل المقبلين على الزواج ليصبحوا آباء وأمهات قادرين على تنشئة جيل سوي وتوعيتهم بأسس التربية الصحيحة.