رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بعد وصول جرام عيار 24 إلى 1920 جنيها

ارتفاع أسعار الذهب يقود أموال الزكاة إلى الانكماش

الذهب ونصاب الزكاة
الذهب ونصاب الزكاة
  • زيادات أسعار الذهب الأخيرة ترفع نصاب الزكاة لأكثر من 160 ألف جنيه
  • إخراج زكاة المال على أساس 595 جرام فضة حل بديل   
  • «الهلالى»: يجب عدم حجب الآراء الفقهية عن العامة ومنحهم حرية الاختيار
  • عالم أزهرى: إخراج الزكاة على نصاب الفضة ينقذ الفقراء من العوز

تشهد الفترة الحالية حالة من الاضطرابات الاقتصادية، بسبب ظروف متنوعة، أبرزها التداعيات التي خلفتها جائحة كورونا، التي استمرت لنحو ثلاث سنوات، وتزامن مع نهايتها اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وما أدت إلى من خلل في إمدادات سلاسل الغذاء.

هذه التداعيات أدت إلى شح العملة الأجنبية، وبخاصة الدولار الأمريكي، وارتفاع الأسعار في جميع الاتجاهات.

ومن بين الأزمات التي تسببت فيها الاضطرابات الاقتصادية العالمية، تلك الحالة من التذبذب التي تعيشها السوق بسبب أسعار الذهب، التي تشهد الأسعار فيها ارتفاعات قياسية غير مسبوقة، حتى أن عيار 24، الذي يقاس عليه نصاب الزكاة، تجاوز 1920 جنيها.

وأمام هذا الارتفاع الكبير في أسعار الذهب، يواجه الفقراء تحديا جديدا، يتمثل في تراجع حصيلة أموال الزكاة، في ظل ارتفاع النصاب الشرعي لأدائها، حيث أصبح الآن نحو 165 ألف جنيه، وهو ما يعني أن من يملك مالا يقل عن هذا المبلغ غير مطالب بإخراج زكاة، الأمر الذي يقلل من عدد من تجب عليهم الزكاة، فتقل بالتالي حصيلة الأموال التي تدفع في هذا الباب المهم من أبواب سد احتياجات الفقراء، مما ينذر بمزيد من تعرضهم لمزيد من المعاناة. 

ما هو نصاب الزكاة؟

يمكن تعريف نصاب الزكاة بأنه القدر الذي إذا وصل إليه المال، ومر عليه عام كامل، وجبت فيه الزكاة، وهو يختلف باختلاف أنواع المال، فنصاب الذهب يعادل 85 جراما من الذهب، أما الفضة فيعادل، 595 جرامًا من الفضة.

كما أن لكل نوع من المال نصاب، إذا بلغه وجبت فيه الزكاة، ومن أنواع المال الذي تجب فيه الزكاة: النقود، وعروض التجارة، والدين، ونصابها الذهب، أو الفضة على اختلاف بين العلماء.

ويعد الذهب من عيار 24، هو المعتبر في تحديد نصاب الزكاة، باعتباره ذهبا صافيا، كما أن الفضة المعتبرة في تحديد نصاب الزكاة هي من عيار 99.9.

الأخذ بالذهب يخالف جمهور الفقهاء

فجر الدكتور سعد الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، مفاجأة بالتأكيد على أن الأخذ بنصاب الذهب في إخراج الزكاة، يأتي بناء على آراء فردية لبعض الفقهاء، وذلك على الرغم من أن الرأي القائل بتحديد الزكاة على نصاب الفضة، هو الذي يتفق عليه جمهور العلماء. 

وقال «الهلالي» لـ«النبأ»: «الظروف الحالية، تستدعي العودة إلى الأخذ بنصاب الفضة، في إخراج الزكاة، بدلا من الذهب».

وأضاف: «المفاجأة أن من قالوا بنصاب الفضة للزكاة، هم جمهور الفقهاء، ولم يقل أحد بنصاب الزكاة إلا في بعض الآراء الفردية لقليل من الفقهاء، لذا فإن الاعتماد على نصاب الذهب أخذ برأي ضعيف».

وتابع: «الظروف الراهنة تستدعي أن يتجه العلماء إلى تبيان الآراء الواردة في المسألة الواحدة للسائلين، وتركهم ليأخذوا بالأنسب لهم، وعدم فرض وصاية عليهم برأي دون غيره».

وطالب الدكتور سعد الهلالي بترك حق الاختيار للمسلمين، عبر تنويرهم بالآراء الواردة في المسألة الواحدة، حتى لا يخضعوا لوصاية رأي بعينه، يتبناه من يفتي لهم، لأنهم بذلك يكونوا أسرى لرأي شخص، وفهمه الخاص به، لحكم الدين في هذه المسألة، وهو ما يمثل تضييقا لواسع.

وأضاف: «لو أن علماءنا ذكروا من بادئ الأمر أن جمهور الفقهاء، يعترف بالفضة نصابا للزكاة، وأن عددا قليل من الفقهاء هو من أخذ بنصاب الذهب، لخرجنا من الخلاف الحالي، ولأصبح من اليسير إيجاد حل للحفاظ على حصيلة الزكاة». 

الحب مطلق وأمر رمزي".. سعد الهلالي يهنئ المصريين بعيد الحب | مصراوى
الدكتور سعد الهلالي

وانتقد الدكتور سعد الهلالي، الرأي الذي يمنع الانتقال بين المذاهب الفقهية، للأخذ بالأيسر للإنسان في كل مسألة على حدة، قائلا: «التنقل بين المذاهب الفقهية، ليس تنقلا من ملة إلى أخرى، وبالتالي يجوز الأخذ برأي من مذهب بعينه في مسألة، وبرأي من مذهب آخر في مسألة ثانية، ولا حرج لأننا بذلك نتنقل من فهم إلى فهم، وليس من دين إلى دين». 

وأتم «الهلالي» بالقول: «جميع الفقهاء لم يثبتوا على آراء واحدة طوال حياتهم، حسب تغير أحوال الناس، لذا فإنه يجب أن تتوافر المرونة في منح الناس الحرية في الأخذ بالآراء الفقهية المناسبة لهم، وعدم التقيد بآراء نخبة من العلماء يفرضون رؤيتهم دون غيرهم، حتى ولو كانت تصعب على الناس حياتهم، داعيا إلى عدم حجب الآراء الفقهية عن العامة».

أنصبة أخرى للزكاة

بدوره قال الدكتور إبراهيم أمين، من علماء الأزهر الشريف، لـ«النبأ»، إنه يجب توعية المواطنين، بالآراء الفقهية التي تبيح إخراج الزكاة على أنصبة أخرى بخلاف الذهب، مثل: الفضة، مؤكدا أن هذا سيرفع من حصيلة أموال الزكاة، ويزيد من فرص استفادة الفقراء، وإنقاذهم من العوز.

فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم أمين - dr.ibrahimamin | Giza
الدكتور إبراهيم أمين 

وطالب الشيخ إبراهيم، بأن يسعى كل فرد في مكانه إلى إيجاد الحلول الكفيلة بتخفيف الأعباء عن الفقراء، تنفيذا لأمر القرآن الكريم بالتعاون على البر والتقوى، ومصداقا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه».