رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«واقعة الكرباج» بمستشفى قويسنا تكشف..

ضياع حقوق ضحايا حوادث الضرب وكلمة السر «محضر ضد محضر»

واقعة الكرباج بمستشفى
واقعة الكرباج بمستشفى قويسنا

أثارت واقعة الاعتداء بـ«الكرباج» على طاقم التمريض والعاملات بمستشفى قويسنا المركزي بمحافظة المنوفية، مما نتج عنه إجهاض ممرضة وإصابة 8 أخريات؛ جدلًا واسعًا، وهو الأمر الذي اضطر إلى تدخل وزير الصحة بنفسه وتوجه إلى مكان الحادث؛ لمتابعة تداعيات الموقف، فضلًا عن إعلان جهات سيادية متابعتها عن كثب لما حدث؛ مع تأكيد كامل احترامها لمبدأ سيادة القانون خاصة بعد اتهام أحد أفرادها في الاعتداء.

تفاصيل «واقعة الكرباج»

وتمثلت الواقعة وفقا لطاقم التمريض المعتدى عليه، في حضور أحد الأشخاص لمستشفى قويسنا المركزي بصحبة زوجته التي تعاني من نزيف وطلب إسعافها، وحينما أبلغت الممرضات الزوج بأن أطباء النساء مشغولون في إجراء جراحة في الوقت الحالي، انهال الزوج وعدد من مرافقيه بالضرب على الممرضات والعاملات.

ونتج عن ذلك وفق ما قالته الممرضات بالمحضر المحرر للواقعة تعرض إحداهن للإحهاض، فضلًا عن إصابة 5 أخريات و3 عاملات، بينما المتهمون برروا ما فعلوه بأن طاقم التمريض لم يهتم بحالة المريضة التي كانت تنزف وتعمدوا التلكؤ في إسعافها.

محضر ضد محضر

لكن الغريب كان بعد الحادث بساعات حيث ظهر فيديو مسرب من اجتماع لمدير المستشفى الدكتور هيثم سلامة، ووكيل مديرية الصحة بمحافظة المنوفية الدكتورة رشا خضر، يقول خلاله مدير المستشفى للممرضات: «إن دوره ينتهي عند تقديم الأوراق لجهات التحقيق وليس مسئولًا بعد ذلك عن ما يحدث مع الممرضات»، وذلك في تهديد مبطن للممرضات بأنهم في حالة الإصرار على الشكوى سيتم الهجوم عليهم.

بينما الدكتورة رشا خضر كانت تقول للممرضات حسب ما ظهر في الفيديو، «إنها لم تطالبهم بالتنازل، لكن لو كملوا سيكون المصير هو محضر ضد محضر، لكن الناس عارفين غلطهم ومستعدين يعتذروا».

واقعة الاعتداء بـ«الكرباج» على طاقم التمريض والعاملات بالمستشفى حلقة جديدة في مسلسل مستمر من الاعتداء على العاملين بالمنشآت الطبية، لكنها أعادت وفق ما أظهرته مقاطع الفيديو التي انتشرت بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى الأذهان؛ واقعة اعتداء عدد من أمناء الشرطة بقسم المطرية على طبيبين بمستشفى المطرية التعليمي في ديسمبر 2015؟، وحينما حاول الطبيبان تحرير محضر ضد المعتدين؛ قيل لهما وقتها كما قالت وكيل وزارة الصحة بالمنوفية الدكتورة رشا خضر في الفيديو المسرب لها: «محضر ضد محضر» -أي- بمعنى أن «لو المعتدين اتحبسوا، أنتم كما تتحبسوا لحد التحقيق ما ينتهي».

كما تعيد هذه الوقائع إلى الأذهان حوادث الاعتداءات المشابهة والتي تحدث في الشارع المصري، وتسيطر عليها فكرة تحرير محضر ضد محضر، وهو الأمر الذي يتسبب في ضياع حقوق العديد من الأبرياء، فما الحل؟، في ظل وجود من يشارك المعتدين في تهديد الضحية كما شاهدنا في الفيديو المسرب لواقعة مستشفى قويسنا.

واقعة الصعيد

ففي إحدى القرى بالصعيد شهدت واقعة اعتداء شخص على زوجته، الأمر الذي اضطر والد الزوجة إلى التوجه إلى مركز الشرطة، وقيامه بتحرير محضر ضد زوج ابنته، يتهمه فيه بالتعدي على ابنته التي هي زوجة المتهم، بالضرب وإحداث إصابات بها، وبسبب رفض والد الزوجة التنازل على المحضر؛ ما اضطر والد الزوج بتحرير محضر يتهم فيه أشقاء الزوجة ليتم القبض على الجميع ولم يكن أمامهم حل إلا التنازل عن المحاضر أمام النيابة العامة ليتم إخلاء سبيلهم، ولكن في حالة عدم التنازل سوف يتم حبسهم جميعًا.

 المستشارة القانونية صابرين أحمد مصطفى المحامية

من ناحيتها تقول المستشارة القانونية صابرين أحمد مصطفى المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، «إنه منذ زمن في مصر وكل البلدان قبل وضع القوانين والمحاكم الحديثة، كان الضحية أو أهله في حالة وفاة الضحية يقدروا يتنازلوا عن الشكوى باعتبار إن الاعتداء أمر شخصي، وبالتالي فإذا كان الضحية شخص ضعيف يتم الضغط عليه للتنازل، لكن حينما قامت الدولة الحديثة وتم وضع القانون؛ أصبح التعامل مع المجرم على أنه معتدي على المجتمع، كما ذكر في القرآن الكريم: (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)، وبالتالي يتم محاكمته وعقابه حتى إذا تنازل الضحية أو أهله بالعقوبة المناسبة وفقًا للقانون».

واقعة مفتعلة

وأكدت المستشارة القانونية في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه لا يجوز للخصم أن يستند لواقعة مفتعلة على أساس أن يضغط بها على المعتدى عليه للتنازل عن القضية التي رفعها ضده، فهذا الأمر منتشر كثيرًا حيث تفاجأ في جنحة ضرب أن المعتدي يحرر محضر تاني يوم أو في نفس اليوم ضد المعتدى عليه بحيث يكسب جولة أمام القضاء، إضافة إلى أن المحامي المحرر له المحضر يسارع إلى أنه ينزل محضر المعتدي قبل المجني عليه لكي يحصل على حكم عليه، وهذا لا يجوز قانونًا لكن هذا الأمر موجود على أرض الواقع.

وتضيف المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، أنه لا يجوز شرعًا أن يعتدي شخصا على آخر، ثم يدعي عليه أو يفتعل واقعة للضغط عليه للتنازل عن القضية التي حررها المجني عليه ضده، مؤكدة أنه وفقًا للشرع من أفسد شيئًا فعليه إصلاحه، أو تعويض صاحب الضرر عن ما أصابه، فمن المفترض أنه عندما يحدث شخصا ضررًا بأحد فلا بد أن يجبر هذا الضرر، وذلك بإجماع الفقهاء والأئمة الأربعة.

تهديد مبطن

وتكمل: «لكن ما يحدث حاليًا من التهديد المبطن للضحايا بطريقة محضر ضد محضر فهذا تهديد للدولة والقانون والمجتمع كله، ويجب وقفه وعقاب من يستخدمه، وتدخل منظومة العدالة لكي تقول إن هناك قانونا يسري على القوي قبل الضعيف».

عادة ما تكون هذه الوقائع لـ«أتفه الأسباب» بهذه الكلمات يصف مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام سابقًا، اللواء رأفت الشرقاوي، خلال حديثه لـ«النبأ» وقائع الاعتداءات المتبادلة في الشارع المصري سواء بين المارة أو الأهالي أو الجيران لخلاف على إما أولوية المرور، أو ركن سيارة، أو خلاف بين الجيران على لهو الأطفال؛ أو أي أسباب أخرى واهية، ليسارع فيها الطرفان لتحرير محضر بمركز أو قسم الشرطة المختص ليثبت كل طرف منهما في محضر اتهام بعضهم البعض بتعدي كل منهما على الآخر ليكون وسيلة ضغط من كلا الطرفين على الآخر للتنازل عن المحضر، وعدم تعرضهما للمسؤولية القانونية.

مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام سابقًا اللواء رأفت الشرقاوي

ويشير مساعد وزير الداخلية بقطاع الأمن العام سابقًا، إلى أن النيابة العامة في هذه الحالة تُكلف إدارة البحث الجنائي بإجراء التحريات من خلال جمع المعلومات وفحص الواقعة لبيان حقيقتها والوقوف على ملابساتها، وصحة ما حدث فيها؛ دون الالتفات لشيء سوى إعطاء كل ذي حق حقه، وتطبيق نصوص القانون على الحالة المعروضة.

ودعا «الشرقاوي» إلى العودة إلى أخلاق المصريين من الشهامة والأخلاق والطابع الحسن الذي اعتاد عليه المواطنون باعتبار مصر مهد الحضارات وقبلة الأديان، وملجأ لكل ضعيف ومستغيث، ومتابعًا: «دعونا نلتمس العذر فيما بيننا فالأمور ليست للصراعات وإنما بالخلق الكريمة والمعاملة الحسنة تُحل كل الأمور».

وناشد مساعد وزير الداخلية بقطاع المن العام سابقًا، جميع مؤسسات الدولة، الدينية والاجتماعية والإعلام، والأندية ومراكز الشباب، والمدارس والجامعات، بتوعية المصريين وحثهم على الدين الوسطى، وحسن الخلق، والشهامة والجدعنة التي يتميز بها المصريون مسلمون أو مسيحيون؛ مؤكدًا أن مصر بلد أصحاب حضارة سبعة آلاف سنة.