رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مطاريد السوشيال ميديا فى ورطة..

قصص «تريندات» وضعت المشاهير خلف القضبان

صاحب واقعة كشري التحرير
صاحب واقعة كشري التحرير وقمر الوكالة

الشهرة المزيفة وتصدر التريند أصبحا هدفًا يلاحق بعض المواطنين الذين ألقوا بأنفسهم فى مستنقع «السوشيال ميديا» دون ضوابط؛ لتطل علينا يوميًا «فيديوهات» ليس لها أى معنى سوى أن أصحابها لديهم دوافع قوية للانسياق إليها دون أن تكون منطقية أو ذات هدف.

وتشتعل ساحة الرأي العام بين الحين والآخر بقضية معينة تحظى بشيء من الاهتمام سواء بالرفض أو التعاطف من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الأغلب، يتفاجأ المجتمع بأكذوبة كبيرة في القصة واختلاقها من أصحابها بحثًا عن الشهرة و«تصدر التريند»، إلا أن الرياح غالبًا تأتي بما لا تشتهي السفن، حيث يتساقط مشاهير التريند بسبب رفض المجتمع لهم أو تعرضهم للعقوبات القانونية.

أبطال من ورق تصدروا محركات البحث، وكل منهم حقق حلمه في الظهور والانتشار والشهرة، التي يحلم بها الكثيرون، ولكن خدعهم جنون الشهرة وكان «التريند» سببًا لإدانتهم جميعًا، وأودى بهم إلى خلف القضبان في تهم مختلفة، أزاح «التريند» الستار عنها. 

وتسرد «النبأ» خلال السطور القادمة، أبرز حالات «مشاهير العصر» الذين ظهروا بقوة على ساحات السوشيال ميديا، ثم دفعوا ثمن شهرتهم خلف القضبان.

ليلة القبض على «بطل واقعة الكشري»

قصة جديدة أثارت استفزاز رواد التواصل الإجتماعي بعد أن ظل محمد عادل «عامل النظافة» يلاحق المصريين على مدار أكثر من شهر تقريبا وأصبح حديث «السوشيال ميديا» في مصر، حيث جذب قلوب المصريين بعد طرده من محل كشري التحرير بسبب ارتدائه ملابس عامل نظافة.

وكانت واقعة الطرد فاتحة الخير على عامل النظافة، فأسرع أصحاب القلوب الرحيمة لتقديم الخدمات وعروض العمل للشاب الذي تعرض للتنمر والطرد بسبب وظيفته.

ومنهم الفنان المصري أحمد العوضي الذي قدم له دعوة على مأدبة عشاء، والإعلامية المصرية مي حلمي التي علقت على واقعة طرده عبر صفحتها الرسمية بموقع «فيسبوك»، قائلة: «حد يوصلني بالراجل الجدع ده، هسفره دبي على حسابي وهحجزله في أغلى مطعم عشان هو بني آدم ويستحق، أتمنى توصلوني بيه ويقبل عزومتي».

ومؤخرًا، أعلن المطرب عصام شعبان عبدالرحيم، عن رغبته في إنتاج أغنية جديدة له تحمل اسم «أزأز واجري» بمشاركة «عامل النظافة».

كما انهالت عروض العمل على عامل النظافة الشاب، وتبدلت أحواله بشكل لافت بسبب ظهوره المتكرر في مواقع التواصل الاجتماعي وظهر في أكثر من إعلان مستغلًا واقعة الطرد في تحقيق أموال وفرص عمل.

وقدمت قناة تلفزيونية وظيفة للشاب المطرود الذي بات حديثًا لا ينقطع على المنصات الإعلامية، وأصبحت شعبية «عادل» سلاحا عكسيا ضده بعدما أعلن الفنان إدوارد والذي يقدم برنامج على قناة «اليوم»، أن عامل النظافة رفض أن يحل ضيفًا عليه في برنامجه رغم أنه عرض عليه مبلغ 1000 جنيه مقابل الظهور.

لم تكن واقعة الرفض الوحيدة التي جعلت عادل في مرمى النيران، حيث طالته سهام النقد على خلفية حضوره مراسم عزاء المحامي المعروف فريد الديب مصطحبًا معه «بودي جادر»، الأمر الذي أدى إلى اتهامه باستغلال الشهرة لصالح تحقيق مكتسبات أخرى.

ومع تزايد ظهور عامل النظافة وحرصه على التواجد في أماكن غير مسموح له بالتواجد فيها، تعرض للطرد من «لوكيشن» التصوير الخاص بالفنانة سمية الخشاب، حيث حرص على الحضور بداعي أنه يرغب في دخول مجال الفن من خلالهم غير أن الأمر أدى إلى طرده إلى الخارج
كما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي عددًا من الصور لـ«صاحب واقعة الكشري»، داخل مقر شركة إنتاج شهيرة، يوقع على أوراق قال البعض إنها عقد جديد له كمذيع راديو.

كما ظهر في فيديو دعائي قصير يروج فيه للبرنامج الذي سيقدمه -على حد قوله- لصالح شركة «MA» لصناعة السينما والإنتاج الفني والإعلامي.

وأخيرا ألقت السلطات الأمنية المصرية بدورها القبض على عامل النظافة المشهور، بعد تأكدها من صدور حكمين قضائيين ضده غير نهائيين، لاتخاذ الإجراءات القانونية حياله أحدهما للقتل الخطأ والآخر للتبديد، واصطحبته إلى قسم أبو النمرس لقضاء ليلته في القسم قبل العرض على النيابة العامة.

وكشفت مصادر أمنية أن عامل النظافة صادر بحقه أحكام غير نهائية بتهمة قتل خطأ، في حادث بمنطقة القاهرة الجديدة، بالإضافة إلى حكم تبديد، وتم نقل عامل النظافة المتهم إلى قسم شرطة أبو النمرس، ومنه إلى محكمة القاهرة.

«قمر الوكالة»

وفي السياق ذاته، ظهرت فتاة تدعى «قمر» في فيديوهات كثيرة على «السوشيال ميديا»، تروج لمنتجات تجميل بأسعار لا تقارن بما يتم بيعها في الصيدليات، ما جعل الكثير من خبراء التجميل وأطباء الجلدية يحذرون من استخدام تلك المنتجات المغشوشة.

اشتهرت باسم «قمر الوكالة» وحققت فيديوهاتها ملايين المشاهدات وتسببت طريقتها الخاطئة لنطق الكلمات فى شهرتها، ولم تهنأ تلك الفتاة كثيرًا بالشهرة التي نالتها، ولم تحقق من خلفها أي مكاسب كما توقعت، بل كانت سببا في القبض عليها وتوقف تجارتها، حيث تضررت بعض الفتيات بعد شرائهن منتجات «قمر» واتهمنها ببيع منتجات مغشوشة.

وكشفت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية ملابسات ما تم تداوله على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن إحدى الفتيات تدعى «قمر»، وعثر بحوزتها على كمية من مستحضرات التجميل مجهولة المصدر والمخالفة للمواصفات.

«الجملي هو أملي»

وخلال شهر يوليو، تصدر بائع كبدة في المطرية «التريند»، فبات اسمه ملء السمع والبصر، واشتهر ببيع مأكولات بأسعار زهيدة، وبات مقصدًا للكثيرين بعدما نال شهرة كبيرة، حيث انتشر فيديو تحت عنوان الجملي هو أملي، يظهر فيه صاحب محل كبدة يبيع السندوتشات بـ5 جنيهات وهو أقل من قيمته الحقيقية، ما تسبب في طرح تساؤلات كثيرة حول مصادر المأكولات بالمحل ومدى نظافته ومطابقته للمعايير الصحية.

وقامت الأجهزة الأمنية بالقاهرة، حينها بالتنسيق مع الجهات المعنية باستهداف المحل المشار إليه، وتبيّن عدم وجود التراخيص اللازمة له، وعدم حمل العاملين به لشهادات صحية، وتم غلقه وتشميعه ورفع الإشغالات.

كما تم ضبط صاحب المحل ووجهّت جهات التحقيق له تهم إدارة مُنشأة دون ترخيص، وعدم الحصول على الشهادات الصحية له وللعاملين معه في المحل.

مدرسة الأحياء

حالة من الجدل أثارتها معلمة شابة تدعى «أسماء عماد»، عندما ظهرت أمام سنتر للدروس الخصوصية يحيط بها عدد من «البودي جاردات» وصل إلى 20 شخصًا، ما تسبب في حالة من الغضب على السوشيال ميديا، حيث استهجن الكثيرون ما تفعله المدرسة، وكذلك حالة التكدس على حضور الحصص التي تقدمها.

وتم القبض على المدرسة، رفقة زوجها و4 من البودي جارد، وأظهرت التحقيقات الأولية التي تم إجراؤها حول الواقعة أن المدرسة التي أثارت الجدل حاصلة على بكالوريوس علوم قسم أحياء ولا تعمل في أي مدرسة.

صيدلانية الشرقية وحكاية الحجاب

واستمرارًا لحالات الجدل التي أثيرت مؤخرًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أثارت طبيبة صيدلانية جدلا واسعا في الشرقية بعد تعرضها للضرب والتنمر من قبل زملائها بالوحدة الصحية في مركز الزقازيق، وذلك بسبب عدم ارتدائها الحجاب، وهو الأمر الذي دفع الجهات المعنية للتحقيق لكشف الملابسات وعرض الحقائق.

وسرعان ما ألقى أمن الشرقية القبض على الصيدلانية إيزيس مصطفى، وكشفت التحقيقات كذب اتهامات الصيدلانية ومعاملة زملائها بتعالٍ.

وأكدت التحقيقات، أن فحو الاتهام الكاذب جاء بسبب الشطب على الطبيبة، بدفاتر الحضور والانصراف حال تغيبها أو تأخرها عن العمل، وهو ما دفعها للادعاء الكاذب والمكايدة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة.

ادعاء المرض بالكذب

وفي يناير 2021، ألقت قوات الأمن بكفر الشيخ، القبض على محمد قمصان ووالدته للتحقيق معهما، بتهمة الكذب والاستغلال للربح وإثارة البلبلة.

وادعى «قمصان» انتشار السرطان في جسده كله، بعد 4 سنوات من محاربته، واكتشافه مؤخرًا أنه مريض «لوكيميا»، وتطورت حالته لتصل إلى الكبد وجدار المعدة، إلا أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وأصدقاء «قمصان» كشفوا عبر العديد من الوسوم كذب ادعاءات «قمصان» بموافقة والدته، مؤكدين أن إدعاءه للمرض جاء بهدف الشهرة وزيادة عدد المتابعين على صفحاته مواقع التواصل، وهو ما اعترف به أمام جهات التحقيق.

هوس الشهرة والحرمان العاطفي

من جانبه يقول الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسى، إن أسباب هوس الشهرة تعود للحرمان العاطفى، فهؤلاء الأشخاص يحاولون البحث عما يعوض هذا الحرمان بأى صورة حتى يكونوا حديث الآخرين.

وأضاف «فرويز»، أن بعض الأشخاص ليس لديهم مانع فى عمل أى شيء والتنازل عن القيم والأخلاقيات لمجرد الظهور، معقبًا: «هؤلاء تسيطر عليهم فكرة هما اللى بيطلعوا على السوشيال ميديا أحسن منى».

وتابع استشارى الطب النفسى، أن الأمر قد يتعدى الفيديوهات التافهة ويصل فى بعض الأحيان إلى فيديوهات معيبة، فقط من أجل الوصول «اللايك والكومنت».

وأشار «فرويز» إلى أن علاج تلك الظاهرة، يختلف وفقًا للسبب فبعض هؤلاء يمارس ذلك بحثًا عن المال حيث إن المشاهدات تجلب لهم الربح وآخرون لديهم فراغ وقت والبعض منهم لديه فراغ عاطفى، إذًا لا بد من معرفة الأسباب لإتمام العلاج بشكل سليم.

واختتم الدكتور جمال فرويز، حديثه قائلًا، إن السوشيال ميديا وُجدت لتقارب الشعوب، أما الآن فقد أصبحت أداة لتدمير الشعوب وأصبح لها تأثير سلبى على المجتمع والقادم أسوأ.

اختراق الخصوصية

وفي السياق ذاته، أكد الدكتور رضا إبراهيم أستاذ علم الاجتماع، أن «التريند» يصنعه الناس أنفسهم وليس من قام بعمله، فالمشاهدات العالية لفيديوهات «التيك توك» و«اليوتيوب»، وغيرها من يصنعها هو الجمهور نفسه وهذه هى الخطورة.

وأشار الدكتور رضا إبراهيم، إلى أن بعض هذه المحتويات يعد ظاهرة خطيرة لأنها تخترق الخصوصية، وتنشر محتوى ليس له فوائد إيجابية إلا نادرًا لأن الهدف منها هو المشاهدات فقط، فيقوم مقدمها بعمل شيء غريب أو يستغل أشياء تجذب الآخرين وقد تكون لا أخلاقية.

وأوضح «إبراهيم»، أن التريند ظاهرة فى منتهى الخطورة ولكن الدوافع الاجتماعية والنفسية والأخلاقية التى تجعل الناس يتابعون ذلك فهو يحتاج إلى تقنين الموضوع بشكل أكثر جرأة، فمثلا لا بد من منع التريند فيما ينظر أمام القضاء، كذلك بعض الأمور التى تتعلق بالاقتصاد والتنمية والسياسة، وبعض المسائل الدينية والتى يمكن ان تؤدى إلى نزاعات كبيرة، كما أن التريند له ضحايا من الأشخاص أنفسهم.

واختتم الدكتور إبراهيم رضا حديثه، مؤكدًا أن التريند وغيره من الظواهر الكثيرة يحتاج إلى دراسات علمية لحماية المجتمع، والمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية وحده غير كاف لدراسة المشكلات القومية والاجتماعية، متابعًا: «لذا نتمنى من الدولة تقنين إنشاء مراكز بحثية اجتماعية تكون تابعة للمؤسسات أو الجامعات وأن يكون هناك مركز تابع لرئاسة مجلس الوزراء».