رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

محمود فؤاد لـ«النبأ»: لا نملك سياسات صحية معروفة.. ولدينا سوق مواز لبيع الأدوية.. (حوار)

محمود فؤاد مدير مركز
محمود فؤاد مدير مركز المصري للحق في الدواء

المنطقة العربية لا تملك القدرة على اكتشاف الأدوية الإستراتيجية 

92 % من الأدوية يتم تصنيعها بمصر.. ونواجه أزمة نقص بالأدوية المستوردة

مبادرة مليون صحة عمل تاريخى للمصريين.. وأزمة قوائم الانتظار عادت من جديد

التسعير فى مصر لا يتم على أسس عادلة.. وخاطبنا الرئيس بتشكيل لجنة لإعادة نظره

الشركات لا تملك فرصة حقيقية للتصدير.. ومدينة الدواء ستكون بوابة مصر خلال 10 سنوات

السوق به 10% من الأدوية المغشوشة.. وهناك 16 تطبيقا منها «فيزيتا» لبيع الأدوية غير معروف هويتها

 

قال محمود فؤاد، مدير مركز المصري للحق في الدواء، إن مصر لا توجد بها سياسة صحية مناسبة للمصريين، مشيرًا إلى أن هناك الكثير من الأزمات التي تستوجب حلها من جانب الدولة، مشيدًا في الوقت ذاته بالمبادرات التي أطلقها الرئيس، خاصة مبادرة «مليون صحة»، واصفًا إياها بـ«التاريخية».

وأضاف في حوار لـ«النبأ»، أن أزمات ارتفاع سعر الدولار تؤثر على 10% فقط من الأدوية وهي المستوردة، أما الباقي فيتم تصنيعه محليًا، محذرًا من تطبيقات غير قانونية لبيع الأدوية المغشوشة التي وصل عددها لـ16 تطبيقًا، وإلى نص الحوار..

كيف تقيم أداء الحكومة في التعامل مع القطاع الصحي؟

الصحة بشكل عام في مصر بلا سياسات طويلة الأمد بناء على عدد السكان وخريطة الأمراض الموجود فيها، فمبدأ الرعاية الصحية في مصر للأسف الشديد ليس على ما يرام، فلدينا مشاكل كبيرة بدايتها عدم وجود ميزانية مخصصة مثل ما نصت المادة رقم «14» في الدستور، والتي نصت على 3% ثم ترفع كل عام 1% ولا يحدث ذلك، رغم زيادة عدد السكان، بالإضافة إلى التردي في تقديم الخدمات فهناك أكثر من 600 مستشفى حكومي و81 تعليميا، و87 جامعيا، إلا أن الوضع ليس جيدًا فكثيرا ما نسمع عن عدم توفر دواء، أو غياب الأطباء، وأن غرف التحاليل والإشاعات ليست على ما يرام، فقد نجد  نقصا في الأجهزة، مثل جاما غير الموجود إلا في منطقة وحيدة في القاهرة وهي معهد ناصر، والذي يتطلب الحجز والانتظار لمدة  تصل لـ3 أشهر، فنحن لا نملك أي سياسات صحية معروفة.

ولكن الدولة بدأت تطبيق منظومة التأمين الصحي الشاملة؟ 

قانون التأمين الصحي الشامل ليس له علاقة بالهيكل الخاص بالصحة، فمصر بحاجة لسياسة جديدة تنسف القديم، ونعمل الجديد ومع قانون التأمين الصحي نقدر نقول إن هناك سياسات صحية مناسبة للشعب.

وماذا عن المبادرات الرئاسية في مجال الصحة وتأثيراتها؟

المبادرات الرسمية والتي تكون بتكليف من رئاسة الجمهورية، حدث بها تنفيذ بنسبة جيدة جدا، والدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة السابقة، أدت شيئا جيدا بتنفيذ كل المبادرات وخاصة 100 مليون صحة، والتي نستطيع أن نقول إنها عمل تاريخي للمصريين، ثم مبادرات السمنة والتقزم والكشف المبكر عن السرطانات، ووصلت تلك المبادرات لحوالي 12 مبادرة نستطيع أن نقول لو استغلتها الحكومة بشكل جيد فسيكون لدينا سجل طبي للمصريين، وهذا لم يكن موجودا قبل ذلك.

 كيف أثرت الأزمات العالمية على أسعار الدواء؟ 

الدواء صناعة 95% منها يأتي استيرادا من الخارج، من أول المادة الفعالة وحتى الأحبار التي يتم استخدامها في الكتابة على أشرطة الدواء، وهذا لا يقتصر على مصر فقط ولكن يشمل جميع المنطقة العربية التي تعتمد على الاستيراد من الخارج، وبالتالي فإنها تتأثر بأسعار الصرف وأسعار الدولار، وهذه تعد الإشكالية الحقيقية التي تواجهنا، مما قد يترتب عليه عدم وجود أدوية استراتيجية حقيقية.

هل يعني ذلك أننا قد نواجه خطورة في توفير الدواء؟

مصر أمنت نفسها من الدواء، لأنه بنسبة 92% منها يتم تصنيعه داخل مصر، وهذا شيء جيد، وهناك من 8 إلى 10% تأتي مستوردة وهي أدوية ذات استراتيجية خاصة ببرندات الشركات العالمية التي تتطلب تكنولوجيا غير موجودة في مصر وبالفعل أسعار الصرف تسببت في مشكلة كبيرة.

كيف ترى صناعة الدواء في مصر؟

صناعة الدواء في مصر أصبحت أشبه بالقطر الديزل لا تتوقف، ولا تخسر  بالعكس حققت مكاسب تقدر بحوالي 68 مليار جنيه العام الماضي، وهذا العام تعدينا الـ75 مليار جنيه مصري، بخلاف أرقام الشرطة والقوات المسلحة والمناقصات بوزارة الصحة التي لا نعلمها، فصناعة مربحة وجاذبة للاستثمارات وحققت نمو في 2022 وصل إلى 12%، وبها استثمارات تأتي من كل دول العالم لأنه سوق كبير جدًا به 110 ملايين شخص، ففكرة توطين الصناعة قائمة بالفعل لأن لدينا مصانع لإنتاج الدواء، ولكن المنطقة العربية بجلالة قدرها لا تملك القدرة على اكتشاف دواء لأنها تحتاج إلى منظومة بحث علمي، وفرق علمية وإنفاق أموال لمدة 10 سنوات للخروج بنتيجة، ولكن هناك إشكالية ترتبط بهذه الجزئية.

ما هي تلك الإشكالية؟

الدواء في مصر مشكلته الوحيدة السعر، فسعر الدواء المصري غير مناسب للشعب المصري، فهناك أكثر 16 ألف صنف من الدواء موجود منه فعليا حوالي 8 آلاف والباقي أدوية قديمة، وليست ذات جدوى، ولكن التسعير في مصر بحاجة لنظرة لأنه لا يتم على أسس عادلة بالمرة، وأحيانًا يتم حسب نفوذ الشركة، وحسب أشياء أخرى ليست لها علاقة بقيمة الدواء، حتى أنه في شهر مارس الماضي تقدمنا بمذكرة لرئيس الجمهورية نطالب بتشكيل لجنة محايدة من أساتذة الصيدلة، وأساتذة الإحصاء والخبراء والتكاليف ليتم إعادة تسعير الأدوية الموجودة بالسوق، وأنا كنت متأكدا أن السعر سيقل الثلث لأن هناك أدوية في مصر أسعارها أعلى من أوروبا، والخليج.

ولكن لماذا تكشف الأرقام عن ضعف قيمة التصدير في مجال الأدوية؟ 

بالنسبة للتصدير لا يوجد لدينا فرص حقيقة في هذا المجال، لأنه لا توجد شركات معنية بهذا الموضوع أما لعدم وجود بحث علمي أو أن بعضهم اكتفى بالسوق المحلي، وتقريبًا نحن نصدر بحوالي 400 مليون دولار في الوقت الذي تصدر فيه الأردن بقيمة مليار دولار و800 مليون لأن لديها أبحاث وشركات كبرى استطاعت أن تسجل في أوروبا وأمريكا، لأن هناك أزمة في الشركات المصرية، وهي أن الجميع يقلد بعضه فلا أحد يحاول الابتكار أو عمل منظومة بحث علمي بالإضافة إلى أن الدولة غير مهتمة بتلك المنظومة. 

كيف ترى تأثير إنشاء مدينة الدواء في تلك الصناعة؟

مدينة مهمة جدا ستكون بوابة لمصر خلال من 5 لـ10 سنوات لتوريد الأدوية لإفريقيا وهذه استثمارات مهمة، تمكنا من السيطرة على أسواق، موجودة في إفريقيا، خاصة أن الدواء المصري لديه سمعة جيدة، لأن مصر تعمل في هذا المجال منذ 1933، والمفترض أن تلك المدينة تسهل المشاكل المتعلقة بالبيروقرواطية التي وقعت بها الشركات الفترات الماضية، بالإضافة إلى حل أزمات التسجيل أون لاين والتسعير، وتسهيل الإفراج الجمركي.

انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة الأدوية المغشوشة فما السبب؟ 

في مصر هناك مشكلة كبيرة، فالدواء في العالم كله هناك منفذ واحد لبيعه وهو الصيدلية، ولكن بعد انتشار الإنترنت في العالم، منظمة الصحة العالمية، اكتشفت أن الأدوية المغشوشة بلغت 10%، وهو ما أكده الدكتور عادل العدوي حينما كان وزيرا للصحة، وبهذا لو قلنا إن السوق يصنع بقيمة 60 مليونا فذلك يعني أن هناك مليار جنيه أدوية مغشوشة، ومع تعاظم الإنترنت والفيسبوك نجد أن الموضوع لم يعد مقتصرًا على صفحات تبيع أدوية فقط ولكنه تضخم وأصبح هناك تطبيقات، فحتى اليوم هناك 16 تطبيقا لبيع الدواء وغير معروف هويته.

تفسيرك لعدم وجود خطة لوقف هذه الممارسات من جانب الدولة؟ 

هذه التطبيقات غير قانونية، وموجودة بمصر لعدم وجود قانون، وبالتالي غير مسجلة بوزارة الصحة، والدكتورة هالة زايد أرسلت جوابا بخصوص تطبيق مهم جدًا تسبب في فوضى كبيرة جدًا وهو تطبيق فيزيتا، وتقدمت بسؤال لكل من اللجنة الوطنية للإعلام وجهاز حماية المستهلك عن ماهية فيزيتا، وهل شركة أم مصنع حتى يبيع دواء وللأسف لم يحدث أي شيء، كما تقدمت نقابة الصيادلة ببلاغ للنيابة العامة بشأن التطبيقات بشكل عام، ونحن تقدمنا ببلاغ ضد 16 تطبيقا يبيعون أدوية مجهولة وغير معروف أماكن صنعها، ولم يحدث أي جديد.

برأيك ما سبب انتشار هذه الظاهرة؟ 

وللأسف بهذه الإشكالية نحن نساعد على وجود سوق مواز رسمي رغم أن الدواء مجهول لا نعرف مصدره.. كما أن السؤال هنا أين حق الدولة والضرائب؟، فهناك تطبيقات تربح من الشعب المصري دون أن تدفع حق.