رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الإفتاء تلقي الضوء على العلاقة بين سيد قطب وفكر الخوارج

النبأ

نشرت صفحة " الإرهاب تحت المجهر" التابعة لدار الإفتاء، منشورًا تضمن: عند التفتيش ما وجدنا لسيد قطب سلفًا يسبقه إلى هذا الفهم التكفيري إلا الخوارج، قال الإمام الآجري في «الشريعة»: «حدثنا أبو بكر بن أبي داود، قال: حدثنا المثنى بن أحمد، قال: حدثنا عمرو بن خالد، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: ﴿وأخر متشابهات﴾، قال: أما المتشابهات فهن آيات في القرآن يتشابهن على الناس إذا قرءوهنَّ من أجل ذلك يضل من ضل ممن ادعى هذه الكلمة كل فرقة يقرءون آية من القرآن ويزعمون أنها لهم أصابوا بها الهدى».

وأكدت الدار ان الأزهر الشريف هو الوعاء الحافظ الأمين الذي وعى مناهج أئمة العلم من ابن عباس رضي الله عنه مع من تبعه وورثه وجاء من بعده من أئمة العلم عبر الأعصار من السادة العلماء المتبحرين الأمناء على الوحي المتضلعين من العلوم الخادمة له المستبصرين بمقاصده القائمين على تنقيح علومه المتتبعين لكل ما يبرز في أي زمن من مناهج مضطربة وتيارات متطرفة ليقوموا بواجب زمانهم من التبصير في الدين وإزالة ما أُلصق به من أفهام مضطربة وردع من يتهجم على الوحي والعلم دون زاد من المعرفة وإن كان تقيًّا صالحًا متعبدًا.

وبمناسبة الدعاوى التحريضية من جانب الإخوان وانصارهم للخورج يوم 11/11،أكدت دار الإفتاء، أن الاعتداء على المرافق العامة؛ كالطرق والمحاور المرورية، بتخريبها أو سرقتها أو بأي نوع من أنواع الاعتداء؛ عمل مُحَرَّم شرعًا، وفعل مُجَرَّم قانونًا؛ وفاعل ذلك آثم شرعًا، ويجب على ولي الأمر الضَّرْب على يده بالعقوبة الرادعة له ولأمثاله.

وقالت دار الإفتاء، إن حفظ المال من المقاصد التي راعتها الشريعة الإسلامية، وقد أَمَرنا الله تعالى بالمحافظة على المال لأنَّه قوام الحياة؛ فقال تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: 5]؛ ففي هذه الآية نهيٌ للأولياء عن أن يؤتوا الذين لا رُشْد لهم أموالهم فيضيعوها.

وذكرت أن ملكية المال خاصة وعامة؛ فالخاصة هي المتعلقة بآحاد الأفراد، والعامة هي المتعلقة بمجموعهم؛ بحيث يُنتَفَع بها دون اختصاص فرد معين بها؛ كالطرق والجسور والمنشآت العامة.

وكلٌ مِن هذين النوعين له حرمة وصيانة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» رواه مسلم. ففي الحديث إخبارٌ بتحريم الدماء والأموال والأعراض، وهو معلوم من الشرع علمًا قطعيًّا.

وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّ الله كَرِه لكم ثلاثًا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال» متفق عليه.

الاعتداء على المال العام

وتابعت: لكنَّ الاعتداء على المال العام -ومنه المرافق العامة للدولة- أفحش وأسوأ من الاعتداء على المال الخاص؛ فبالإضافة إلى أنَّه عمل مُحَرَّم شرعًا؛ فإنه أيضًا اعتداء حاصل على مجموع الأفراد، فلا يتوقَّف أثره السلبي على فردٍ بعينه، بل يعود على المجتمع ككل؛ لذا جاء الوعيد الشديد للذين يتصرفون في المال العام بما لا يرضاه الله تعالى؛ فعن خولة الأنصارية قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إن رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ في مال الله بغير حق؛ فلهم النار يوم القيامة» رواه البخاري.

والتَّخَوُّض: هو التَّصرُّف والتَّقلُّب، والمعنى: يتصرَّفون في مال الله بما لا يرضاه، وهو شامل لكل مُتَصرِّف بالمال في وجوه مَغاضِب الله تعالى؛ يقول ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (6/ 219، ط. دار المعرفة): [لا ينبغي التَّخَوُّض في مال الله ورسوله والتصرف فيه بمجرد التشهي.. قوله: (يتخوضون -بالمعجمتين- في مال الله بغير حق) أي: يتصرَّفون في مال المسلمين بالباطل] اهـ.

كما أنَّ تخريب المرافق العامة إفناءٌ للقيم والأخلاق التي لا عِوَض لها ولا تعدلها قيمة؛ فهو من الإفساد في الأرض، وقد نهى الله تعالى عن الإفساد وتَوعَّد الله المفسدين، وأخبرنا أنَّه لا يصلح عمل المفسدين؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ [الأعراف: 56].

كما أخبرنا تعالى في كتابه أنَّه لا يحب الفساد؛ فقال عز وجل: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [البقرة:205].

يقول الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (3/ 18، ط. دار الكتب المصرية): [والآية بعمومها تعم كل فسادٍ كان في أرضٍ أو مالٍ أو دِيْن] اهـ.

وللنهي عن الفساد في الأرض؛ جَعَل الفقهاءُ مَنْ يقوم بالترويع وتدمير الممتلكات والمنافع -عامة أو خاصة- في المجتمع المسلم داخلًا في مفهوم "الحرابة"، والحرابة هي: قطع الطريق أو الإفساد في الأرض، والمتلبِّس بها مستحق لأقصى عقوبات الحدود من القتل والسرقة والزنا؛ لأنه إفساد منظَّمٌ يتحرك صاحبه ضد المجتمع؛ قال تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33].

وذكرت أنه يجب الضرب على يد القائم المتلبس بتخريب الممتلكات العامة للدولة؛ وذلك بتوقيع العقوبة اللائقة الرادعة له ولأمثاله ممن يسعون في الأرض فسادًا، ويعملون على خراب الأرض لا بنائها وإعمارها، ونظيره في الإثم وصِنْوه في الإجرام والفساد: مَن يُحرِّضه على ما يفعل، وكذلك مَن يشجعه ولو بشطر كلمة، أو مَن ينفي عنه اللائمة أو يحاول إعذاره؛ لأنَّ كلا منهم متعاونٌ معه داعم له في فساده؛ والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]، وقد قيل: "الدال على الشر كصانعه".

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ الاعتداء على المرافق العامة؛ كالطرق والمحاور المرورية، بتخريبها أو سرقتها أو بأي نوع من أنواع الاعتداء؛ عمل مُحَرَّم شرعًا، وفعل مُجَرَّم قانونًا؛ وفاعل ذلك آثم شرعًا، ويجب على ولي الأمر الضَّرْب على يده بالعقوبة الرادعة له ولأمثاله.