رئيس التحرير
خالد مهران

ادم خضر.. " المرأة ضحية سي السيد "

ادم خضر
ادم خضر

 

فتشت عن حقوق المرأة في مصر الفرعونية فوجدت مكانتها تصل إلى التقديس فهي الطاهرة اليدين والعظيمة في القصر وسيدة الحب والجمال وعظيمة البهجة، 
وفتشت عنها في مصر المعاصرة فوجدت نصف الشعب يعدها روحًا خلقت للإنجاب ووسيلة للذة الجنسية، مكانها البيت حتى تُطعم وتغسل الملابس وتنظف الأركان ليعود الرجل من عمله فيجدها مستعدةً لرغباته وما يتمنى من شهوات بحجة العناء الذي رآه طوال يومه، فهو الذي يأتي بالمال وهو الذي يعمل، أما عنها فهي الآلـة التي جاءت إلى الدنيا لخدمته، ليس لها الحق في العمل، ولا تخرج من غرفة إلى غرفة دون استئذان، لا تتحدث مع من لا يحب زوجُها، ليس لها الحق في الحصول على الليسانس أو الماجستير أو الدكتوراة، حتى طال العمر بها وظهرت الهالات السوداء تحت عينيها وتساقط شعرها بغزارة وزاد وزنها وفقدت رشاقتها وأصبحت تتثاءب بشكل مستمر؛ فيبدأ سي السيد في البحث عن البديل، امرأةً أخرى تشبع شهواته فيما تبقى من عمره، تلك الفكرة المشبعة بالجهل المتوارث التي جعلت المرأة ضحيةً في مجتمعنا وسببت المفاسد بين الأسر، وفي الحقيقة أنا لا أعتبر المرأة مجرد نفس بشرية خلقت لتكون وعاءً للإنجاب بل أعتبرها علامة من علامات الجمال الكوني، امتزجت بالتضاريس فأثرت فيها وتأثرت بها، فقد أخذت من الشمس ضياءها ومن القمر نوره ومن السُحب هدوءها، وإذا مرت بالبحار أخذت ميوعتها وإذا جاء فصل الربيع أخذت منه صفاءه، وإذا جاء الصيف امتزجت بحرارته فزاد حماسها وفي الخريف امتزجت بنباتاته فأخذت من الميرمية قدرتها على تعزيز المناعة، وأخذت من ليالي الشتاء رائحتها، ونتيجة لذلك قدمها الله إلى كوكب الأرض هديةً حتى تؤنسنا وتسعدنا، ولو كانت زمام الدولة في يدي لوضعت تمثالًا لكل امرأة في شوارع المحروسة، فهي لم تُخلق لشئون البيت فقط ولا لتحقيق شهوة ما، بل خلقت لتضيف للحياة جمالًا ووقارا، وكان التاريخ الإسلامي خير منصف للمرأة وحريتها وعدم تقييدها، ففي عصر صدر الإسلام لم تكن المرأة حبيسة الجدران أو وسيلة للإنجاب فقط، بل كانت تنافس الرجل في صناعة المجد وتولي المهام الصعبة كما فعلت هند بنت عمرو ابن حرام عندما شاركت زوجها وأخاها وابنها في غزوة أحد واستشهدوا في أرض المعركة فحملتهم على بعير وذهبت لتدفنهم، وعندما وقفت زينب بنت علي بن أبي طالب في وجه يزيد بن معاوية وفاقت الشعراء عندما كتبت رثاءً في أخيها المغدور وغيرها من النساء التي فاقت الرجال في الشعر والأدب والبلاغة، ولعل ما يدعو إلى السذاجة هو ترك جميع المنكرات والآثام والاعتصام بالدين فقط في أمر الزوجة الثانية لإثبات عدم أحقية الزوجة الأولى في الاعتراض على فكرة الزواج، هذا هو المجتمع الشرقي البليد الخشن الذي يرى فيه الرجل أن المرأة إذا فقدت قدرًا من جمالها يجب أن تبدل بأخرى، لقد تشابهت أفعاله مع المثل الشعبي " تقتل القتيل وتسير في جنازته " فلقد تناسى أيام معاناتها مع الحمل الذي تسبب في زيادة وزنها وقلة رشاقتها، ونسي قلقها على مولودها الأول، الأمر الذي تسبب في ظهور الهالات السوداء وتساقط الشعر والحالات النفسية التي انتابت قلبها بعد الولادة ومرورًا بالتربية وإدارة البيت وتعليم الأبناء وثقافتهم، فبأي حق سيسمح لنفسه بتبديلها إلا إذا كان ذا أصل خسيس، أخذها من والدها لؤلؤة تتلألأ في علياء السماء وتركها وحيدة بائسة مريضة، ألم تؤنس وحشتك يوما؟  ألم تستر عورتك مرّات، سلّمت لها أبناءك وذهبت بعد عملك للجلوس في المقاهي والحانات تاركًا لها فراغ المنزل ووحشته فأنارت عقولهم وأخرجت لك الطبيب والمُعلم والمهندس لتتباهى بهم أمام الخلق، بماذا ستجيب ربك حينما يسألك: أأذللتها واحتقرتها أم كنت لها من المكرمين؟