رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بايدن في إسرائيل والسعودية وبوتين في إيران.. ماذا يحدث في الشرق الأوسط؟

بايدن في إسرائيل
بايدن في إسرائيل والسعودية وبوتين في إيران

بالتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى الشرق الأوسط، أكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيزور طهران في 19 تموز/يوليو الحالي.

وأوضح بيسكوف أنّ الرئيس بوتين سيجري محادثات مع نظيريه الإيراني إبراهيم رئيسي والتركي رجب طيب إردوغان، في إطار اجتماع قادة الدول الضامنة لعملية أستانة بشأن التسوية السورية. 

وتابع: "رحلة الرئيس إلى طهران قيد الإعداد بالفعل، سيكون هناك اجتماع لرؤساء الدول الضامنة لعملية أستانا للترويج بشأن التسوية السورية. وإضافة إلى الاجتماع الثلاثي، بالطبع ستكون هناك أيضًا اجتماعات ثنائية ومحادثات منفصلة مع الرئيس التركي"،  مضيفًا: "أمس صرّحنا عن الاتصالات رفيعة المستوى بين بوتين وإردوغان، وسيعقد الاجتماع هناك".

وكانت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء نقلت، في وقت سابق، تصريح رئيس لجنة الاقتصاد في البرلمان الإيراني محمد بور إبراهيمي بأنّ الرئيس بوتين سيزور إيران الأسبوع المقبل.

وقال إبراهيمي إنّ "من المرجح أن تركز المشاورات المحتملة بين بوتين ورئيسي على تطوير التعاون الاقتصادي بين إيران وروسيا".

وقال ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين أن موسكو تأمل ألا تؤدي "دبلوماسية النفط" للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى قلب السعودية ضد روسيا خلال زيارته للشرق الأوسطن.

وقال بيسكوف في تصريحات صحفية: "نحن نقدر العمل الذي يمكننا القيام به مع شركائنا (في إطار اتفاقيات أوبك+)، بما في ذلك مع شركاء بارزين مثل المملكة العربية السعودية.. نحن نقدر عاليا اهتماماتنا وتفاعلنا مع الرياض، وطبعًا نأمل ألا يكون تطوير علاقات الرياض مع عواصم العالم الأخرى موجهًا ضدنا".

وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، إن بلاده تعتزم تعزيز التعاون مع إيران وذلك لتوحيد الجهود لمواجهة الضغوط الخارجية التي يفرضها خصوم موسكو وطهران.

وأضاف بوغدانوف، خلال مؤتمر «روسيا وإيران: أوجه تشابه تاريخية وعلاقات في القرن السادس عشر – القرن الحادي والعشرين»: «نحن نرى في إيران شريكا يمكن الوثوق به، ويتشابه معنا في التفكير في سياق التغيرات العالمية المرتبطة بتشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب ومحاولات الغرب الجماعي لمقاومة هذه العملية الموضوعية بكل الوسائل».

وتابع نائب الوزير الروسي أن إيران تعتبر شريكا موثوقا لموسكو مؤكدًا أن «أفضل رد على التحديات التي يفرضها خصومنا، هو تعميق التعاون بشكل أكبر بين الدول المستقلة، ومن بينها روسيا وإيران، على الرغم من محاولات خصومنا. ويسعدنا أن نرى مثل هذا التصميم من كلا الجانبين».

وشدد بوغدانوف على أن «روسيا وإيران ليس فقط دولتين متجاورتين بل وشريكتين مهمتين في الشؤون الدولية».

ويأتي إعلان الزيارة بالتزامن مع قول مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إنّ لدى بلاده معلومات تفيد بأنّ طهران تستعد لتزويد موسكو بمئات الطائرات المسيرة، وتدريب جنود روس على استخدامها. 

ويربط محللون بين زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى منطقة الشرق الأوسط وزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إيران، مشيرين إلى أن زيارة بوتين لإيران تأتي ردا على زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة، كما تأتي هذه الزيارات المتبادلة في إطار تنافس المحاور على المنطقة في سياق دولي يتأثر يوميا بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية خاصة على مستوى التزود بموارد الطاقة.

ماذا قالت الصحف الإيرانية عن الزيارتين؟

وقد اهتمت الصحف الإيرانية، بشكل لافت بزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة، والإعلان عن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران.

وتناولت صحيفة "ستاره صبح" في مقالها الافتتاحي أهداف زيارة كل من الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى إيران، وذكرت أن زيارة بوتين إلى طهران يمكن اعتبارها أنها تأتي ردًا على زيارة بايدن، حيث يحاول الرئيس الروسي أن يضع نفسه أمام رئيس أكبر قوة في العالم، ويظهر أن دور روسيا في منطقة الشرق الأوسط لا يقل عن الدور الأمريكي.

وأشارت صحيفة "وطن امروز"، المقربة من الحرس الثوري، إلى الزيارة المقبلة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران، وقالت إن العلاقة بين إيران روسيا ومنذ مجيء الرئيس الأصولي إبراهيم رئيسي تشهد تطورا ملحوظا، مشيرة إلى كثرة الزيارات المتبادلة بين المسؤولين الإيرانيين والروس، والتي كان آخرها زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل يومين من انعقاد جولة جديدة من المفاوضات في الدوحة، والتي انتهت بالفشل وتبادل للاتهامات بين إيران والولايات المتحدة.

كما ذكرت الصحيفة أن تزامن زيارة بوتين إلى إيران مع زيارة بايدن إلى المنطقة تحمل رسالة مفادها أن هناك تحالفا ضد الغرب يضم دولا من بينها إيران وروسيا، وسيكون هذا التحالف أكثر نشاطا مقابل الخطط الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية.

محاولة لتهدئة دول الخليج وإسرائيل

وقال مدير معهد الدراسات الاستراتيجية والتنبؤات بجامعة الصداقة الشعبية في روسيا (RUDN)، ديمتري إيجورشينكوف: "لطالما اكتسبت روسيا سمعة كشريك موثوق به للعالم العربي".

وأضاف أن "موسكو بنت علاقات قوية وطويلة الأمد مع جميع الدول العربية، ولهذا السبب لسنا بحاجة إلى الرد على كل نشاط من أنشطة الولايات المتحدة في هذه المنطقة".

وشدد على أن الشرق الأوسط هو واحد من المناطق الرئيسية في العالم، ومن الواضح أن زيارة بايدن ناجمة إلى حد كبير عن اعتبارات عملية.

وأوضح: "الواقع أن مثل هذه السياسة الأمريكية غير الحذرة، وغير المدروسة تجاه روسيا والدول العربية في السنوات القليلة الماضية أدت إلى اقتراب اقتصاد الولايات المتحدة وطاقتها من الفشل".

الخبير الروسي قال أيضا: "يمكن اعتبار زيارة بايدن، بمثابة خطوة في متناول اليد فقط لإصلاح الضرر الذي لحق بسمعة السياسة الأمريكية في المنطقة العربية".

وأكد على أن الزيارة تأتي في مرحلة جديدة جذريا في التاريخ، وجولة تجري على خلفية المهام التقليدية، التقارب بين إسرائيل والدول العربية والتهديد الإيراني. 

وعن توقعاته لنتائج التحرك الأمريكي، قال إيجورشينكوف، إن الولايات المتحدة سوف تحاول التأثير على الرأي العربي حيال الأزمة الأوكرانية الروسية، لكن من غير المتوقع أن تنجح.

وأوضح أن الجولة محاولة لتهدئة دول الخليج وإسرائيل بعد شعورهم بالقلق إزاء الوضع حول إيران، وفشل محادثات فيينا النووية، وإخفاء فشل الولايات المتحدة في فعل أي شيء حيال البرنامج النووي الإيراني.

روسيا لديها علاقات قوية مع العالم العربي والخليج

من جانبه، يرى الإعلامي السعودي بندر الدوشي، الخبير في العلاقات الدولية، أن دول الخليج تدرك تماما أنه يجب عليها تنويع تحالفاتها في ظل توجه الاهتمام الأمريكي بآسيا وتركيز أصولها العسكرية هناك.

وقال إن روسيا لديها علاقات قوية مع العالم العربي والخليج، ولديها وجود عسكري في المنطقة، مستبعدا أن تتأثر علاقات دول الخليج بروسيا بعد زيارة بايدن، مشيرا إلى أن الدول الخليجية لديها توازناتها واستراتيجيتها وخططها الاقتصادية، وليس من مصلحتها الاصطفاف مع أي دولة كبرى ضد أخرى.

وأضاف: "أعتقد أن هناك نضجا في العلاقات بين الخليج وأمريكا، وكل طرف يتفهم احتياجات الآخر ومصالحه الاستراتيجية".

المواجهة الكبرى بين روسيا والغرب.. صراع مصالح

وفي تصريح لقناة «دويتشه فيلا» الألمانية أصر أستاذ تسوية الصراعات الدولية محمد الشرقاوي على ضرورة الربط بين زيارة بايدن للسعودية وزيارة بوتين لإيران، مشيرا إلى أن كلتا الدولتان هما "عظميان في منطقة الخليج وتخوضان صراع مصالح منذ سنوات".

وقال الشرقاوي إن المسافة بين روسيا والغرب بصدد التقلص بوجود بايدن في السعودية وبوتين على الضفة الإيرانية للخليج العربي في طهران وهو في رأيه يرمز إلى "المواجهة الكبرى بين روسيا والغرب" التي حذرت منها الخارجية الروسية.

وأشار الشرقاوي إلى أن العلاقات الثلاثية بين موسكو وأنقرة وطهران تجاوزت "مثلث الغزل السياسي" لتدخل "مثلث العتاد العسكري" في إشارة إلى صفقة المسيّرات الإيرانية التي كشف عنها البيت الأبيض.

ووصف الشرقاوي سياسة بوتين بما يسمى في العلوم السياسية بـ "المتوازيات الاستراتيجية". وأضاف أن بوتين يلعب هذه الورقة منذ مدة مستشهدا بالمنتدى الاقتصادي الذي تم عقده في سان بطرسبورغ ردا على اجتماع 40 دولة في رامشتاين في ألمانيا، واجتماع الدول المطلة على بحر قزوين الذي دعا له بوتين ردا على قمة الناتو الأخيرة في مدريد.

وأوضح الشرقاوي أن زيارة بوتين لطهران تندرج في نفس إطار "التعامل بندية الذي يرغب بوتين في فرضه على الغرب".

وكشف الشرقاوي عن أن كلا من بايدن وبوتين يسابقان الزمن الآن لحشد الدعم والتأييد في علاقة بالحرب الروسية الأوكرانية، مضيفا أن "تعامل الرياض وأبوظبي ببرود مع العقوبات الغربية على روسيا خلق انطباعا لدى الغرب بأن الروس استمالوا قادة الخليج" وهو ما جعل بايدن في نظره "يقدم تنازلات لولي العهد السعودي محمد بن سلمان".

ويضيف الشرقاوي أن "بوتين يعلم في المقابل أنه إذا دقت ساعة المواجهة الكبرى مع الغرب فإنه لن يكون أمام دول الخليج خيارات كبرى غير الاصطفاف وراء الغرب". لذلك يسعى بوتين في تقديره إلى "تمتين علاقته بالحلف الآخر المعادي للغرب في الشرق الأوسط والذي تتزعمه إيران".

وحذر المحلل السياسي التركي، علي باكير في تصريحات إعلامية من إقحام تركيا في هذا الحلف الإيراني الروسي مشيرا إلى أن تركيا هي عضو بارز في حلف شمال الأطلسي ولن يكون بإمكانها إلا الاصطفاف وراء الغرب في المواجهات الكبرى.

وأشار باكير إلى أن حضور أردوغان القمة الثلاثية المرتقبة إنما يندرج في إطار "السياسة التركية البراغماتية" لحماية مصالحها الاستراتيجية خاصة في ما يتعلق بسوريا والمسألة الكردية.

واستبعد باكير أن يطلب بوتين من نظيره التركي تزويده بأسلحة متطورة كما تروج بعض الأوساط الإعلامية.