رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

المؤرخة الكبيرة الدكتورة فتحية النبراوي.. وداعًا

الدكتور محمد عبد
الدكتور محمد عبد السلام أبو خزيم

في فجر يوم الأربعاء 29 يونيو 2022م صعدت الروح الطاهرة إلى ربها، روح المؤرخة الكبيرة والمحققة القديرة والعالمة الجليلة الأستاذة الدكتورة فتحية عبد الفتاح النبراوي، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر عن عمر جاوز الثانية والثمانين سنة.


وفقدت الإنسانية برحيلها امرأة فريدة وهبت حياتها للعلم والبحث والتحقيق والتدقيق، وتركت تراثًا علميا ثريًا للأجيال.


رحلت السيدة الجليلة الطيبة التي كانت آية في الخُلق الحسن والتواضع الجم والإنسانية المعطاءة ونفع الناس وقول الحق ونصرة الضعيف وإغناء المحتاج.


رحلت السيدة العظيمة التي كانت تجد سعادتها في تعليم طلابها والإشراف على بحوثهم ورسائلهم الجامعية حتى مع مرضها وشدة آلامها في أيامها الأخيرة.


ولدت الدكتورة فتحية النبراوي في 17 يناير 1941 بمدينة الإسكندرية، وتلقت تعليمها قبل الجامعي في مدارس محافظة الإسكندرية، ثم التحقت بكلية الآداب جامعة الإسكندرية؛ لتحصل على الليسانس من قسم التاريخ بتفوق كبير عام 1962، وتصر على استكمال دراساتها العليا، وتسافر كأول مبعوثة من جامعة الأزهر إلى جامعة كمبردج ببريطانيا؛ لتحصل على درجة الدكتوراه في التاريخ والحضارة الإسلامية عام 1971، وتعود للعمل مدرسا في كلية البنات الإسلامية في العام ذاته، ثم ترقى لدرجة أستاذ مساعد عام 1977، ثم لدرجة الأستاذية عام 1982 في كلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر.


وسافرت رحمها الله معارة للعمل بالمملكة العربية السعودية مرتين، الأولى في سبعينات القرن الماضي، وشغلت فيها منصب رئيس قسم التاريخ بكلية التربية للبنات بالرياض، والثانية في ثمانينات القرن الماضي، وشغلت فيها منصب عميدة كلية البنات بالدمام في الفترة من 1984-1986، ثم عميدة كلية الآداب للبنات بالرياض في الرياض في الفترة من 1986-1990 ؛ لتعود بعدها إلى مصر، وتواصل عطاءها العلمي والمجتمعي.


وقد كان للراحلة الكبيرة أدوار بارزة وجهود مشكورة في عضويتها باللجان العلمية للترقيات، ومجلس إدارة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، ومجلس إدارة معهد الدراسات البردية بجامعة عين شمس، والمجمع العلمي المصري، واتحاد المؤرخين العرب، والجمعية التاريخية السعودية، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، ومركز تحقيق التراث بجامعة الأزهر.
ولتمكنها الشديد من اللغة الإنجليزية كانت تنتدب للتدريس في كلية الألسن بجامعة عين شمس، وفي كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر لتدريس النصوص التاريخية باللغة الإنجليزية ومناهج البحث التاريخي باللغة الإنجليزية لسنوات عديدة.


وانتشرت مؤلفاتها الكثيرة وذاع صيتها في العديد من البلدان العربية حتى صارت مراجع معتمدة للكثير من المقررات الدراسية في التاريخ والحضارة الإسلامية.


ومن أبرز مؤلفاتها: دراسات في السيرة النبوية، ودراسات في عصر الخلفاء الراشدين، وتاريخ النظم والحضارة الإسلامية، والعلاقات السياسية الإسلامية وصراع القوى الدولية، وتطور الفكر السياسي في الإسلام، وعلم التاريخ: دراسة في مناهج البحث.


فإلى جنة الخلد أيتها الرائدة الفريدة كفاء ما قدمتِ من عمل صالح لن ينقطع، فقد تركتِ من بعدك الصدقة الجارية، والعلم الذي ينتفع به، والأبناء البررة الذين تربوا وتتلمذوا ونهلوا من معينك السخي ونبعك الصافي، وهم يدعون لك أن يرحمك الله رحمة واسعة، وأن يتقبلك في الصالحين، وأن يسكنك منازل الأبرار والصديقين.