رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

السفير جمال بيومي لـ«النبأ»: عدم إدانة مصر للغزو الروسي لأوكرانيا كان سيعني موافقتهاعلى احتلال فلسطين والجولان من قبل إسرائيل

الروس لن يضحوا بمصالحهم
الروس لن يضحوا بمصالحهم مع مصر بسبب إدانتها لغزو أوكرانيا

تصويت مصر لصالح قرار يدين الضربات العسكرية الروسية علىى أوكرانيا في الأمم المتحدة، أثار الكثير من الجدل وطرح الكثير من الأسئلة حول مدى تأثير هذا القرار على العلاقات المصرية الروسية والأمريكية والغربية، لا سيما وأن مصرترتبط مصر بعلاقات سياسية واقتصادية وعسكرية استراتيجية وقوية مع كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية، لا سيما الدول الأوروبية المؤثرة على الساحة العالمية مثل فرنسا وألمانيا وإنجلترا.

وهناك تشابك بين مصر وهذه الدول في الكثير من الملفات الساخنة والحساسة والجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، والتي تؤثر بشكل مباشر على أمن مصر القومي، أبرزها، الملف الليبي والفلسطيني والسوري واليمني، وملف العلاقات العسكرية، كما تلعب هذه الدول دورًا مهمًا ومؤثرًا في ملف سد النهضة الإثيوبي، وهو الملف الذي يؤثر بشكل مباشر على أمن مصر المائي.

كما ترتبط مصر بمصالح اقتصادية كبيرة مع هذه الدول، لا سيما الجانب الروسي، حيث تقوم روسيا بتنفيذ المحطة النووية في منطقة الضبعة، وهو الحلم الذي ينتظره المصريون منذ عقود، كما تمتلك روسيا استثمارات بمليارات الدولارات في المنطقة الحرة لقناة السويس، ويمثل السياح الروسي رقمًا مهمًا في الميزان التجاري لمصر وتوفير العملة الصعبة، كما أن التحالف العسكري بين مصر وروسيا في مجال مكافحة الإرهاب ومحاربة الجماعات المتطرفة أصبح مثال يحتذى به، وكلها ملفات ومصالح تؤثر بشكل مباشر على الأمن القومي المصري.

الرئيس السيسي والرئيس بوتين

الروس لن يضحوا بمصالحهم مع مصر بسبب إدانتها لغزو أوكرانيا 

يقول السفير، جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الموقف المصري من الأزمة الأوكرانية متوازن جدا، مشيرا إلى أن مصر ضد احتلال دولة لدولة جارة لها، لافتا إلى أن موافقة مصر على ما يقوم به الروس في أوكرانيا من منطلق أنهم اصدقائنا ونحصل منهم على القمح، يعني أن مصر موافقة على غزو العراق وعلى ما يحدث في فلسطين وعلى احتلال الجولان من قبل إسرائيل، موضحا أن السياسة الخارجية المصرية تقوم على الأخلاق وليست سياسة ميكافيلية، وكل من خالف السياسية المصرية طبقها بعد عشرات السنين، على سبيل المثال الأمريكان عادوا مصر بسبب علاقتها مع الصين في عهد الرئيس جمال عبد الناصر،  الصين أصبحت الأن أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة الأمريكية.

وأضاف«بيومي»، لـ«النبأ»، أن مصر ضد احتلال دولة لأراضي دولة جارة، ولكن في نفس الوقت هو يرى أن الغرب تمادى في تحدي كرامة الروس، ونسى أن بوتين ليس جورباتشوف، وأن روسيا الأن ليست هي روسيا في عهد جورباتشوف، فروسيا الأن أقوى اقتصاديا، مشيرا إلى أن ما يحدث الأن في الصراع الروسي الغربي هو العودة لسياسة «حافة الهاوية»، مؤكدا على أن الروس لن يضحوا بعلاقتهم مع مصر بسبب إدانتها لغزو أوكرانيا، لا سيما وأن الروس في موقف لا يسمح لهم بخسارة المزيد من الدول، مستبعدا أن يؤثر الموقف المصري مما يحدث في أوكرانيا على التعاون بين البلدين في ملفات مثل، سوريا وليبيا واليمن، مؤكدا على أن الروس سوف يفصلون بين موقف مصر مما يحدث في أوكرانيا ومصالحهم مع مصر في الكثير من ملفات المنطقة.

وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، على أنه من المستحيل أن يؤثر الموقف المصري على المشروع النووي في الضبعة الذي ستقوم روسيا بتنفيذه، مشيرا على أن روسيا سوف تحصل على ما يقرب من 30 مليار دولار من هذا المشروع، وبالتالي من المستحيل أن تضحي بهذا المبلغ الضخم، لافتا إلى أن قيمة هذا المشروع في 1985 كانت حوالي 2،3 مليار دولار، موضحا أن الموقف المصري سوف يكون له تأثير ايجابي على العلاقات بين مصر وكل من الولايات المتحدة الأمريكية والأوربيون، مشيرا إلى أن أكثر من 70% من تصويت مصر في المنظمات الدولية والإقليمية ضد الولايات المتحدة أو عكس تصويتها، لافتا إلى أن الاتحاد الأوربي يقدر كثيرا دور مصر في مكافحة الجريمة المنظمة ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وغسيل الأموال، مستبعدا أن يؤدي هذا الموقف المصري إلى تخفيف الضغوط الأمريكية والغربية على مصر في ملف حقوق الإنسان، موضحا أن هذه الدول ملتزمة دستوريا وبرلمانيا على فتح هذا الملف، لكن مصر تتعامل بندية في هذا الملف في الغرف المغلقة، لافتا إلى أن حقوق الإنسان بالنسبة لأمريكا والغرب هي حقوق المثليين جنسيا والعلاقات غير المشروعة، مؤكدا على أن مصر ملتزمة بحقوق الإنسان طبقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وشدد «بيومي»، على أن الحل الأمثل الذي يتوقعه هو أن يوقف الغرب مسألة ضم أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي«الناتو»، ووقوفها على الحياد بين روسيا والغرب، مقابل أن يقوم الروس بوقف الحرب والانسحاب من أوكرانيا، مع ضرورة تكثيف الدبلوماسية ودخول أطراف خارجية مثل مصر واليابان كوسطاء لحل هذه الأزمة، مؤكدا على أن اتباع أمريكا والغرب لسياسة «الكيل بمكيالين» ليست جديدة وهي موجوة ومستمرة والغرب معترف بها، مشيرا إلى أن الإعلام الغربي يحاول اظهار الصراع على أنه بين «الديمقراطيات والديكتاتوريات»، من أجل تحسين بضاعة الغرب، لافتا إلى أن الدبلوماسية المصرية معروف عنها أنها دبلوماسية «رذلة»، وتتعامل مع الدول الأخرى بندية.

مصر تدين الضربات الروسية وترفض نهج توظيف العقوبات الاقتصادية خارج إطار آليات النظام الدولي متعدد الأطراف

وزير الخارجية سامح شكري

وكانت وزارة الخارجية المصرية، برئاسة سامح شكري، قد أعلنت الأسباب التي دفعت مصر إلى التصويت في الأمم المتحدة، بإدانة الضربات الروسية في أوكرانيا.

وأوضحت الوزارة أن مندوب مصر الدائم في نيويورك شرح تصويت مصر حول القرار الصادر عن الجمعية العامة بشأن أوكرانيا، قائلًا إن «تصويت مصر جاء انطلاقا من إيمانها الراسخ بقواعد القانون الدولي ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة».

وأوضح البيان أن البحث عن حل سياسي سريع لإنهاء الأزمة عبر الحوار وبالطرق السلمية ومن خلال دبلوماسية نشطة يجب أن يظل نصب أعيننا جميعا، والهدف الأساسي للمجتمع الدولي بأسره في التعامل مع الأزمة الراهنة، ومن ثم يتعين إتاحة الحيز السياسي الكفيل بتحقيق ذلك الهدف الأساسي.

وأكدت مصر أنه لا ينبغي غض الطرف عن بحث جذور ومسببات الأزمة الراهنة، والتعامل معها بما يضمن نزع فتيل الأزمة وتحقيق الأمن والاستقرار.

وأكدت مصر رفضها نهج توظيف العقوبات الاقتصادية خارج إطار آليات النظام الدولي متعدد الأطراف، من منطلق التجارب السابقة، والتي كان لها آثارها الإنسانية السلبية البالغة، وما أفضت إليه من تفاقم معانات المدنيين طوال العقود الماضية.

وذكرت أنه من الواجب أن تتحلى كل الأطراف بالمسؤولية الواجبة لضمان تدفق المساعدات الإنسانية لكل محتاج، دون أي تمييز أي كفالة مرور المقيمين الأجانب بانسيابية عبر الحدود، حيث وردت بعض التقارير عن معاملات تمييزية.

وجددت مصر التحذير من مغبة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الراهنة على الاقتصاد العالمي برمته، والذي ما زال يعاني من تداعيات الجائحة، ولعل الاضطراب المتزايد في سلاسل الإمداد وحركة الطيران الدولي أبلغ دليل على ذلك، حسب البيان.

وذكر البيان أن فاعلية ومصداقية قدرة آليات العمل الدولي متعدد الأطراف في مواجهة التحديات والأزمات المتلاحقة إنما يعتمد على تناول جميع الأزمات الدولية، وفقا لمعايير واحدة وثابتة متسقة مع مبادئ الميثاق ومقاصده، دون أن تمر عقود تم خلالها تكريس الأمر الواقع والمعاناة الإنسانية.

وكانت مصر قد أكدت على لسان، مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة فى نيويورك، السفير أسامة عبد الخالق، عن أنها تتابع بقلق بالغ التطورات الأخیرة، والتي باتت تنذر بالمزيد من التصعيد وخروج الأمور عن السيطرة والقدرة على الاحتواء.

وشدد وفد مصر خلال جلسة مجلس الأمن، على ضرورة العمل على التهدئة، وعدم التصعيد وتغليب الحلول الدبلوماسية وتكثيف المساعي السياسية وإبداء المرونة الواجبة من جانب كافة أطراف الأزمة، بهدف سرعة تسوية الأزمة سياسيًا بما يخاطب شواغل كل الأطراف.

وحذر السفير أسامة عبد الخالق من مغبة الآثار الإنسانية والاقتصادية والسياسية للأزمة.

وناشدت مصر عبر ممثلها كل الأطراف المعنية إعلاء صوت الحكمة والرشد والتحلي بالمسئولية الواجبة، لخلق المناخ المواتي لإيجاد تسوية للأزمة الراهنة.