رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أسرار نجاة المصريين من مخطط الدمار الشامل وإسقاط الدولة بـ«الخراب العربي»

ثورات الربيع العربي
ثورات الربيع العربي


مع كل ذكرى تمر على ما يسمى بـ«ثورات الربيع العربي» تزداد الأمور سوءا في الدول التي اندلعت فيها هذه الثورات، ما عدا مصر، الدولة الوحيدة التي نجت من شرور هذه الثورات وتوابعها المدمرة.

وتأتي الذكرى الحادية عشر لهذه الثورات لتؤكد على أنها ثورات الدمار العربي وليست ثورات الربيع العربي كما يطلق عليها البعض، حيث ما زالت دول مثل سوريا وليبيا واليمن وتونس تعاني وتدفع ثمنا باهظا نتيجة هذه الثورات، حيث تسيطر الميليشيات والجماعات الإرهابية المسلحة والمرتزقة على مساحات شاسعة من تلك الدول، لتحل بذلك محل الجيوش الوطنية التي تم إسقاطها وتفكيكها، وبعض هذه الدول تم تقسيمها إلى دويلات، وهناك دول تم احتلالها من قوى خارجية.

تدمير البنية التحتية وإسقاط الجيوش الوطنية
وحسب الكثير من الاحصائيات فإن الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها هذه الدول بسبب هذه الثورات تقترب من تريليون دولار، بالإضافة إلى ملايين القتلى والمشردين واللاجئين، فضلا عن تدمير البنية التحتية وإسقاط الجيوش الوطنية.

ففي 2018 قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن الخسائر الناجمة عن الأحداث التي وقعت في بلدان مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن ضخمة، وأن التقييمات الدولية تشير إلى أن الخسائر الناجمة عن تدمير البنية التحتية هي 900 مليار دولار في البنية التحتية، وخلفت هذه الأحداث أكثر من "مليون و400 ألف" قتيل، وأكثر من "15 مليون لاجئ".

مأساة وليس ربيعا
وفي عام 2020، قال أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية إن خسائر ليبيا الاقتصادية منذ 2011 وصلت إلى 500 مليار دولار، مستشهدا على ذلك بتقرير صدر الأحد عن مؤسسة اقتصادية تابعة للأمم المتحدة.

وأكد، أنه "لو استمرت الأوضاع المتدهورة في ليبيا لمدة خمس سنوات أخرى سيصل الإهدار والخسائر إلى تريليون دولار".

وأشار إلى أن ما حدث في عام 2011 من احتجاجات في الدول العربية مأساة كبيرة، رافضا وصف هذه الأوضاع بأنها ثورات الربيع العربي.

وأضاف: "ما حدث في 2011 مأساة وليس ربيعا، والربيع هو أن تتفتح الزهور والورود، ولكن ما رأيناه في المنطقة العربية لا يصدق، فالقتل انتشر بصورة كبيرة".

ثورة الياسمين تعود إلى المربع الأول
أما في تونس، فتأتي الذكرى الحادية عشر لثورة الياسمين، وسط انقسامات سياسية حادة وأزمات اقتصادية طاحنة، لاسيما بعد الإجراءات الاستثنائية التي فرضها الرئيس قيس سعيد، والتي جمد بموجبها البرلمان وحل الحكومة، حيث يقول البعض إن هذه الاجراءات أعادت البلاد إلى المربع الأول، حيث يرى البعض أن قرارات الرئيس قيس سعيد تمثل "انقلابًا" على الديمقراطية، فيما يعتبرها آخرون "تصحيحًا لمسار الثورة التونسية".

ويؤكد مراقبون أن البلاد شهدت انتشارًا للفكر المتشدد، وتشكيل تنظيمات متطرفة مسلحة بعد الثورة، أربكت الأمن العام في البلاد بهجمات استهدفت سياحًا ورجال أمن وعسكريين. كما هزت الاغتيالات السياسية البلاد، وفرضت السلطات حالة طوارئ لا تزال سارية إلى اليوم. كما دفعت ندرة الوظائف العديد من الشباب إلى الهجرة عبر البحر بطريقة غير قانونية باتجاه السواحل الأوروبية.

ويتفق معظم التونسيين، على أن أكبر إنجاز للثورة التونسية، ربما يتمثل في ازدهار مناخ الحريات، بعد سنوات القمع، التي شهدتها فترة حكم الرئيس الراحل، زين العابدين بن علي، لكن وبجانب هذا الانجاز في مجال الحريات، فإن الوضع على الجانب الاقتصادي يبدو على العكس تماما، حيث تعيش تونس فشلا ذريعا في المجال التنموي والاقتصادي.

ويعتبر المراقبون، أن الانتكاسة في المجالين الاقتصادي والتنموي، هي نتيجة طبيعية، للأزمات التي واجهتها الثورة التونسية، على مدى السنوات الماضية، وأن التحدي الأكبر، ما يزال قائما، ويتمثل في تلبية طموحات الشعب التونسي، في جني ثمار الثورة اقتصاديا وتنمويا، عبر تخفيض مستويات البطالة والفقر.

وأظهر استطلاع رأي لصحيفة "الجارديان" البريطانية أجري في عدة دول عربية، أن تونس تعيش خيبة أمل عميقة، حيث قال 27% من التونسيين الذين شملهم الاستطلاع إنهم في وضع أفضل مما قبل الثورة، لكن نتيجة لركود النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، التي تفاقمت بسبب جائحة كوفيد -19، فقد اعتبر نصف التونسيين أنهم الآن في وضع أسوأ.

وتشير إحصاءات إلى أن معدلات البطالة في تونس شهدت ارتفاعا من 13 بالمئة في عام 2010، إلى 16.2 بالمئة في 2020، وإلى35.7 بالمئة بين فئة الشباب في وقت تسجل فيه البلاد، ركودا اقتصاديًا بنسبة 9 بالمئة، وعجزًا في الموازنة بنسبة 13.4 بالمئة، ودينًا عامًا يقترب من 90 بالمائة من الناتج المحلي.

ووفقا لمراقبين، فإن هناك العديد من العوامل، التي ساهمت في عدم تحقيق اختراق اقتصادي في تونس، على مدى السنوات التي أعقبت الثورة، وجلها يتعلق بعدم الاستقرار الحكومي الذي شهدته البلاد، وتأثيره على مناخ الاستثمار، وقد أدى التناحر بين الأحزاب السياسية في الداخل، من وجهة نظر المراقبين، إلى إيجاد حالة من عدم الاستقرار، ومن ثم تأخير ظهور أي فوائد تنموية للثورة.

ورغم الصورة القاتمة، على الجانبين الاقتصادي والتنموي في تونس، على مدى السنوات الماضية التي أعقبت ثورة الياسمين، إلا أن مراقبين تونسيين، يبدون تفاؤلا بالمرحلة القادمة، لاسيما مع قدوم الرئيس الأمريكي الديمقراطي جو بايدن، الذي يرون أنه سيكون داعما للتجربة التونسية.

ليبيا غارقة في فوضى سياسية وأمنية وحروب أهلية
وحسب مراقبين، فبعد كل هذه السنوات على الثورة «17 فبراير» التي أطاحت بحكم معمر القذافي، لا تزال ليبيا غارقة في فوضى سياسية وأمنية وحروب أهلية وانقسامات وانتشار للسلاح والميليشيات تفاقمها التدخلات الخارجية.

ويرى المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل إن "17 فبراير" كانت لها "عواقب وخيمة ومروعة"، انتشر على إثرها "العنف والفوضى والفساد، واستقوى الإرهاب في الدولة التي تمزقت أوصالها، وتهتك فيها النسيج الاجتماعي، وانتشرت بها الجماعات المسلحة والسلاح الفالت، كما أصبحت محل موجات من الهجرة غير الشرعية التي زادت من انزعاج الجيران الأوروبيين وأحقادهم تجاه ليبيا".

وأضاف عقيل، أن "17 فبراير"، أنتجت "نخبة سياسية باعت سيادة الدولة لأطراف أجنبية"، وصار "المكون الأجنبي" في صناعة القرار الليبي مرتفعا، بينما "تسرح الأجهزة المخابراتية من كل دول العالم" في ربوع ليبيا.

ولفت إلى ما تعرضت له الدولة من "النهب المنظم" على يد المجموعات المسلحة طوال السنوات الماضية، حتى أصبحت تشكل "مافيات" مع البنوك"، تبيع من خلالها للمواطنين أرصدتهم، بمعنى أن المواطن لا يستطيع أن يتحصل على أمواله إلا بعدما تجتزئ منه تلك المجموعات "حصتها".

وقال: "ما يحدث في ليبيا منذ أحداث فبراير حتى الآن تديره أجندة خارجية.. دول دعمت الميليشيات ووفرت لها السلاح.. ولولا انتشار السلاح لم تكن ليبيا وصلت لما هي عليه الآن".

في 2020، قدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «إسكوا»، الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها ليبيا منذ منذ اندلاع الثورة بنحو 576 مليار دولار أميركي، محذرة من ارتفاع الكلفة بشكلٍ حاد إذا لم يُوقع اتفاق سلام قريبا، فوفقا لتقديرات «إسكوا»: «إذا استمرّ الصراع حتى العام 2025 قد تصل الخسائر إلى أكثر من تريليون دولار.

كما كشف تقرير صادر عن معهد الاقتصاد والسلام الأسترالي، أن الأنشطة الإرهابية كلفت ليبيا 492.3 مليون دولار سنويا خسائر لتحتل المركز الخامس عالميا، في دفع فاتورة الإرهاب.

وأكد التقرير أن الخزينة الليبية تكبدت خسائر تقدر بحوالي 4.9 مليار دولار خلال فترة الصراع بسبب الخسائر الناجمة عن الحوادث الإرهابية.

سوريا.. قتل وتشريد ونزوح الملايين
وحسب تقارير دولية فإن الحرب في سوريا أدت إلى قتل ونزوح وتشريد الملايين، وألحقت أضرارا هائلة بالبنى التحتية واستنزفت الاقتصاد وقطاعاته المنهكة، وحسب الأرقام الموثقة دوليًا، فإن 387 ألف شخص على الأقل قتلوا منذ اندلاع الثورة السورية، وأن قرابة 5.6 مليون نسمة فروا خارج سوريا، معظمهم إلى دول الجوار لا سيما تركيا ولبنان والأردن، كما أن هناك 6.7 مليون سوري فروا من منازلهم على وقع المعارك والهجمات المتكررة، ويعيش كثيرون منهم في مخيمات، كما أن هناك أكثر من 2.4 مليون طفل سوري خارج النظام التعليمي، فيما تقدّر الأمم المتحدة أن مليوني سوري يعيشون في فقر مدقع.

وبحسب الإحصاءات الدولية فإن هناك 12.4 مليون شخص داخل سوريا يكافحون لإيجاد طعام يسدّ رمقهم كل يوم، وفق برنامج الأغذية العالمي، كما أن 60% من أطفال سوريا يواجهون الجوع، بحسب منظمة «سايف ذي تشيلدرن». كما أن هناك نحو 13.4 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وفق الأمم المتحدة.

أما على الصعيد الاقتصادي، فقد بلغت الخسائر المالية نحو 442 مليار دولار منذ اندلاع النزاع السوري حتى عام 2019، تكبد قطاع النفط السوري خسائر بلغت 91.5 مليار دولار، بحسب أرقام صادرة عن الحكومة السورية، كما سجلت الليرة التركية انهيارًا أمام الدولار الأمريكي بلغت قميته 98% خلال السنوات الماضية، كما تدنت الرواتب حتى أصبح 20 دولارا هو متوسط الراتب الشهري للموظفين الحكوميين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، فيما يصل إلى 50 دولارًا في القطاع الخاص، كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية 33 مرة، مقارنة بآخر 5 سنوات قبل النزاع، ومن ذلك فثمن الخبز ارتفع 60 ضعفًا.

أما على صعيد البينة التحتية في سوريا، فقد تم تدمير 70% من محطات الكهرباء وخطوط إمداد الوقود، كما أن ثلث المدارس في سوريا على الأقل دمرت أو تحولت إلى أوكار للمقاتلين في سوريا.

وبحسب الأرقام السورية الرسمية فإن سوريا بحاجة إلى أكثر من 400 مليار دولار لإعادة إعمار ما دمرته الحرب أو النزاع المندلع منذ عام 2011.

اليمن.. أسوأ أزمة إنسانية
وفي الذكري الحادية عشر للثورة اليمنية، تشهد البلاد أسوأ أزمة إنسانية، يتصدر اليمن قوائم الأمم المتحدة للفقر والمجاعة والفساد، وانتشار أمراض وبائية وفتاكة مثل الكوليرا وحمى الضنك وغيرها في مختلف المناطق.

وترى الكثير من المنظمات الدولية والمراقبين أن الأوضاع في اليمن لا تزال تستمر في التدهور، وأن الأمور باتت تزداد تعقيدا أكثر في الوصول إلى حل نهائي يعيد السلام إلى "اليمن السعيد"، لاسيما بعد سيطرة الميليشيات الحوثية بدعم من إيران على العاصمة صنعاء.

مصر.. من الوفاة إلى النهضة والازدهار
الدولة الوحيدة التي نجت من ويلات «الربيع العربي» المدمرة، هي مصر، كما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن ثورة يناير كانت شهادة وفاة للدولة المصرية، وذلك نتيجة التحديات التي كانت موجودة، وقال الرئيس "الثورة كانت إعلان لشهادة وفاة الدولة المصرية أنا بقولها دلوقتي بعد ما الدنيا عدت نتيجة التحديات".

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن حجم الخسائر المباشرة التي تكبدتها مصر عام 2011 بلغ 400 مليار دولار بما يعادل 6 تريليونات جنيه، وأشار الرئيس السيسي إلى أن مصر كادت أن تتعرض وقتها إلى الدمار نتيجة توصيف غير حقيقي للواقع.

وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن مصر بها 6 ملايين شخص هاجروا إليها نتيجة الصراعات والفقر في دول قريبة منا، مضيفا:" لم نمنعهم ولم نقم لهم مخيمات، ولم نطلق عليهم "لاجئين"، لكن تم دمجهم في المجتمع".

وقال: « هناك دول تسعى لتخريب الدول الأخرى من خلال التآمر وخلق الصراعات والمشاكل، متسائلا: «هل هناك دولة عربية نجت من الخراب غير مصر.. خريطة المنطقة وحالة الخراب والدمار بها ومعسكرات اللاجئين التى بها ملايين البشر.. يا ترى ما هو تأثير استمرار مواطنين فى معسكر لاجئين لمدة 10 سنوات على الأجيال التى تعيش فى هذه المعسكرات»، مضيفا أن هناك ملايين اللاجئين فى العديد من الدول العربية المجاورة وهناك بعض الدول التى يعيش بها ما بين 2 و3 ملايين لاجئ بجانب اللاجئين فى المعسكرات».

وأضاف الرئيس متسائلا: «من قام بهدم هذه الدول؟ أليس هذا حق من حقوق الإنسان بعدم التدخل فى شئون الدول حتى لا نخربها ونترك مواطنيها يعانون ويعيشون المجهول وهو ما حدث بالفعل فى دول عربية مجاورة مثل ليبيا والعراق وسوريا والصومال.. وكانت مصر ستلقى مصير هذه الدول وكانت معرضة للخراب والدمار». «أخشى أن يكون التنافس السياسي والمصالح تؤثر على الإجراءات التي تتم وبالتالي تروح دول في الرجلين ودول تتخرب لـ50 و100 سنة جايين».

وحسب خبراء ومراقبين، فإن ما يحدث من إنجازات على أرض مصر الآن يصل لحد المعجزات، فمصر التي كانت مهددة بأن تصبح مثل سوريا وليبيا واليمن والعراق، تحولت إلى نموذج يحتذى به في النهضة والتنمية الاقتصادية، وتحولت إلى واحة للأمن والاستقرار.

ضاعت الثورة وتاهت المعارضة ولم يسقط النظام
يقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن الوضع قبل هذه الثورات وصل إلى حد السخط الشعبي الشديد وحالة من الغضب من الأحوال المعيشية والاقتصادية وضيق مساحة الحريات وانتشار ظاهرة توريث الحكم في أنظمة جمهورية، وأصبحت الفرص المتاحة للعمل السياسي مخنوقة، وأصبح هناك زواج غير شرعي بين رأس المال والسلطة، هذه الظواهر كانت موجودة في معظم الدول العربية منذ بداية القرن الواحد والعشرين وتضخمت مع مرور الوقت حتى وصلت إلى الذروة وأصبح أفق التغيير في حالة انسداد، من هنا بدأت حركة الجماهير، وبدأت المطالبة بالإصلاح، ولكن عندما تم رفض هذا المطلب من قبل الأنظمة وتمت مواجهته بالعنف والقوة تحول مطلب الإصلاح إلى مطلب تغيير نظام الحكم.

وأضاف «حسن»، أن هذا الحراك الشعبي لم يأخذ مساره الطبيعي لعدة أسباب منها، تدخل عدد من القوى الدولية والإقليمية والمحلية، هذا التدخل حول مسار الثورة داخل كل بلد عن هدفها، تحولت إلى أهداف إقليمية ودولية، وهذا أعطى الفرصة لكارهي الثورة لوصفها بأوصاف قبيحة، إلى أن تحولت الثورة إلى صراع بين مختلف القوى السياسية، مشيرا إلى أن الأوضاع في تونس عادت إلى المربع الأول بسبب بعض التدخلات، لافتا إلى أن النظام في سوريا كان يستهين بالثورة أو التمرد وتلكأ في التغيير مع وجود رغبة من أطراف إقليمية على اسقاط النظام، فتم إدخال مرتزقة مدعومين وممولين ومسلحين من قوى إقليمية ودولية لاسقاط النظام، على رأس هذه القوى تركيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، وبالتالي ضاعت الثورة السورية وتاهت المعارضة ولم يسقط النظام لأنه احتمى بروسيا وإيران، وتحول الوضع في سوريا إلى حرب بالوكالة.

وتابع مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الوضع في ليبيا قريب من الوضع في سوريا مع بعض الاختلافات مثل، وجود حكومتين وجيشين ووجود ميليشيات محلية تابعة للقبائل والجماعات الإسلامية وداعش، وخارجية تابعة لتركيا وروسيا، وغيرها من القوى الخارجية، وبالتالي تحولت ليبيا إلى ساحة لصراع القوى الإقليمية والدولية، وبالتالي الليبيين ابتعدوا عن الثورة وبددوا الثروة، لافتا إلى أن حل الصراع في اليمن مرتبط بعودة الولايات المتحدة الأمريكية للاتفاق النووي مع إيران، موضحا أن إعادة توحيد اليمن يحتاج إلى وقت.

العلاقات الدولية كلها قائمة على المؤامرات
ويقول السفير محمد الشاذلي، سفير مصر السابق في السودان وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن حصاد ثورات الربيع العربي بعد مرور 11 عاما على قيامها يختلف من دولة لأخرى، مشيرا إلى أن الحصاد في مصر ايجابي لأن هذه الثورة وضعت حدا لحكم شاخ وهرم وبدأ يتجه اتجاهات معاكسة لرغبة الشعب مثل التوريث، كما وضعت حدا لحكم جماعة الإخوان من خلال اليقظة الشعبية وتصحيح المسار في 30 يونيو 2013.

وعن الوضع في ليبيا، قال «الشاذلي»، إن نظام القذافي الاستبدادي سقط وجاء من بعده الطوفان، فقضى على الأخضر واليابس في البلد، مشيرا إلى أن الوضع في تونس ما زال في حالة مخاض، ولكن المحصلة النهائية في تونس ستكون إيجابية، موضحا أن العلاقات الدولية كلها قائمة على المؤامرات، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تآمرت على الاتحاد السوفيتي حتى تفكك وتحلل، الدول الغربية تآمرت على الدولة العثمانية حتى سقطت، الدول الغربية تآمرت على العرب ومررت سايكس بيكو ووعد بلفور، والآن الولايات المتحدة تتآمر على الصين، وبالتالي إذا اعتقد العرب أن كل من حولهم ملائكة ولا يسعون إلى إلحاق الضرر بهم فهم سذج، الحياة والعلاقات الدولية كلها مؤامرات، ولكن لا يجب التحجج بأن ما يحدث في العالم العربي من خراب ودمار سببه المؤامرات، ولن يجب على العرب أن يحصنوا أنفسهم من هذه المؤامرات، مؤكدا على أن نجاح هذه المؤامرات يعني الفشل، وبالتالي على العرب أن يكونوا واعين لما هو حولهم في العالم وأن كل الدول تتعرض للمؤامرة، الصين تتعرض للمؤامرة، روسيا تتعرض لمؤامرة، الولايات المتحدة الأمريكية تتعرض للمؤامرة، والعرب يتعرضون للمؤامرة، ولكن عليهم أن يحافظوا على كيانهم، مؤكدا على أن التاريخ لا يتوقف، وأن أسباب وظروف الثورات ما زالت موجودة في سوريا والعراق ولبنان وليبيا واليمن، وبالتالي قصة الثورات لم تنته.