رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الصوت والضوء في الأهرامات

عمرو هاشم ربيع
عمرو هاشم ربيع

«الصوت والضوء» هو تقنية حديثة أصبحت تستخدم فى المناطق الأثرية المصرية، بغية شرح وتوضيح طبيعة المناطق الأثرية من حيث النشأة والتاريخ والبيئة.
تستخدم تقنية الصوت والضوء فى مصر فى خمس مناطق هى معبد الكرنك فى الأقصر، ومعبد فيلة فى وسط أسوان، ومعبد أبو سمبل جنوب أسوان، ومعبد إدفو شمال أسوان، ومعبد الكرنك المفتوح والأكبر فى العالم فى الأقصر، وأخيرًا عرض الصوت والضوء فى الأهرامات.
العروض متاحة للمصريين والعرب بالعربية والأجانب باللغات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والإسبانية، وتبدو أسعارها متاحة فهى 80 جنيها للمصريين والعرب باستثناء المقاعد الأمامية فهى 100 جنيه. وتنقل العروض فى منطقة الأهرامات للمصريين مساء كل يوم خميس، وهى متاحة لهم أيضًا طوال أيام الأسبوع مترجمة، عندما تنقل للأجانب بلغة بلادهم.
فى الأهرامات يتميز عرض الصوت والضوء بالجمال الشديد، فهو الأقدم من حيث عروض الصوت والضوء فى مصر. فقد بدأ العمل به عام 1961، ومنه انتقلت العروض المشابهة إلى الكرنك عام 1972 فى عهد محمد عبدالقادر حاتم وزير الثقافة، وهكذا تم تعميم التجربة إلى المعابد الثلاثة الأخرى أبو سمبل وفيلة وإدفو.
فى الأهرامات يجلس المشاهد مباشرة ودون حواجز أمام الأهرامات، وهى إحدى عجائب الدنيا السبع، وكذلك أبو الهول، استمر العرض الذى أمتع الكثيرين نحو 50 دقيقة، شاهد وسمع فيها الناس تاريخ بناء الأهرامات الثلاثة خوفو وخفرع ومنقرع، وكيف نقلت الأحجار الضخمة لبناء تلك الأهرامات، ومراكب الشمس والغرض منها، والأهرامات الصغيرة الأخرى التى بنيت بمصر لاحقًا، وتاريخ بناء تمثال أبو الهول، ولماذا كسرت أنفه، ولماذا كان جسده على شكل رأس إنسان، وباقى جسده على شكل أسد.
ولما كانت مسألة بناء الأهرامات عمليًا لا تتجاوز الـ 15 دقيقة، فقد أفلح القائمون بالعرض لإطالة العرض إلى 50 دقيقة من خلال حديث الصوت والضوء عما تلى بناء الأهرامات وتمثال أبو الهول؛ حيث تناول زيارة الفراعنة من الأسرات التالية للدولة القديمة التى بنيت خلالها الأهرامات، فهذه زيارة أمنحتب الثالث وأمنحتب الرابع (أخناتون) وكذلك توت عنخ آمون حفيد أمنحتب الثالث، وتلك زيارات تحتمس الثالث وهكذا إلى منطقة الأهرامات. ثم عرج الشرح على طلاسم ونقوش كثيرة على جدران الأهرام والمعابد لم تكن مفهومة على الإطلاق، إلى أن تم فك رموزها عبر العالم الفرنسى شمبليون فى عهد الحملة الفرنسية على مصر، والذى استطاع قراءة اللغة الهيروغليفية واللغة الديموطيقية.
على أن عرض الصوت والضوء فى الأهرامات كما له إيجابياته فإن له مثالبه، والتى يمكن بسهولة تلافيها، وهى سلبيات رغم أن أغلبها شكلية وأقلها فى المضمون، إلا أنه بدونها جميعًا سيتحول العرض من مظهر ممل إلى مبهر.
فأولا، إن العرض الذى استخدم تقنية الصوت والضوء منذ العام 1961 لم يستطع تطوير نفسه مستغلا التقنيات الحديثة التى ظهرت فى العقدين الأخيرين من مجسمات وأشعة ليزر وغيرها، وتلك التقنيات تستغل أفضل استغلال فى افتتاح الدورات الأوليمبية وكأس العالم للكرة واحتفالات رأس السنة الميلادية فى عواصم مختلفة وغيرها.
ثانيًا، إن منطقة العرض غير مجهزة تجهيزًا كافيًا وملائمًا، فمبجرد أن يبدأ العرض تجد سيارات تمر خلف الأهرامات وتقطع الطرق الواصلة بينها، وهى تضىء أنوارها فى وجهه المشاهد، وهى غالبًا سيارات حكومية، لأن الطرق خلف الأهرامات غير مخصصة للعامة. المهم أن هذا المظهر يتسم بكونه مشهدًا سيئًا وغير حضارى وينم على عدم احترام العرض برمته. أيضًا يجد الجالس الكلاب الضالة أثناء العرض تتجول حول الأهرامات وتركض من هناك حتى تصل إلى أقدام المشاهدين.
ثالثًا، هناك مشكلة كبيرة مرتبطة بصوت القائمين على العرض فبدلا من الأصوات الرخيمة التى كانت تسمع فى الكرنك للفنانات والفنانين أمثال محمود ياسين وعبدالرحيم الزرقانى وزوزو نبيل وأشرف عبدالغفور وغيرهم وغيرهم. تجد اليوم فى عرض الصوت والضوء بالأهرامات أصواتا غريبة لشباب يستطيع المستمع لهم أن يخرج عن المزاج ويتشتت ذهنه خارج العرض.
رابعًا، فإنه من حيث المضمون فإن العرض يفتقد إلى معلومات مهمة، يمكن بعد وضعها الاستغناء عن أى حشو. فمثلا، كيفية بناء الأهرامات؟ والغرض الفلسفى الذى بنيت وشيدت من أجله؟ وما هى المادة التى تتكون منها أحجار الأهرامات؟ وكيف كانت رحلتها من صعيد مصر إلى هذا المكان؟ وما هى الحجرات التى بنيت داخل الأهرامات؟.
نقلا عن "الشروق"