رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

منها حذف خانة الديانة وازدراء الأديان.. قائمة بأهم 6 قوانين تستعد الحكومة لتعديلها العام الجديد

مجلس النواب
مجلس النواب

مثّل اعتماد الدولة للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وإعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، في الخامس والعشرين من شهر أكتوبر الماضي، إلغاء حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، إلقاءً لحجر في الماء الراكد، ما فتح باب النقاش المجتمعي والسياسي حول اتخاذ حزمة أخرى من القرارات والتشريعات لإصلاح الملف الحقوقي بالبلاد.



«النبأ» فتحت هذا الملف المثير للجدل إيمانًا منا بأهمية طرح بعض الأسئلة الشائكة تعزيزًا لما يقوم به صُناع القرار بالبلاد من فتح الآفاق العامة، واتجاه الدولة لاتساع مساحة الحرية الممنوحة للمواطنين اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا.



تعقب ذلك ظهور مناقشات جادة على الساحة السياسية والتشريعية والنيابة في مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية، حول مصير عدد من القوانين والتشريعات الموجودة بعد إطلاق الرئيس السيسي، الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ضمن رؤية مصر 2030، والتي تهدف إلى تطوير سياسات وتوجهات الدولة في التعامل مع عدد من الملفات المتعلقة بحقوق الإنسان وتعظيم الحريات المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وترسيخًا لما تقوم به الدولة في مجالات دعم حقوق المرأة والطفل والشباب وكبار السن وأصحاب الهمم وجميع فئات المجتمع تحت مُسمى «الجمهورية الجديدة».



إشكالية حذف خانة الديانة



شهد حفل إطلاق الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان حلقة نقاشية جادة في حضور الرئيس السيسي، بين الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، ووزير العدل المستشار عمر مروان، حول إشكالية وجود خانة الديانة في بطاقة الرقم القومي، وطالب «عيسى» بحذفها قائلًا: «خانة الديانة شيء مش متصور، اتفرض سنة 56 ولا أعتقد أن نبقى على خانة الديانة، مليش دعوة بدين المواطن خالص.. فلا علاقة المسئول بديانة من أمامه، هذه القرارات تبدو أحيانًا تصدم البعض لكنها قرارات حقيقية تبني دولة مدنية ديمقراطية ومواطنة بشكل كامل نستطيع أن ننافس بها».



ورد المستشار عمر مروان وزير العدل على الفور قائلًا: "خانة الديانة هي إثبات رسمي للديانة لأنه توجد حقوق زي الطلاق والزواج والميراث ودي مهمة في ترتيب هذه الحقوق بالنسبة للمسلمين والأقباط، أمور الأحوال الشخصية ليس لها قانون واحد في مصر للمسلمين والأقباط ولكل منهما قانون خاص به، والدستور نفسه يقر بحقوق كل ديانة في تنظيم أمورها".



وأكد وزير العدل إن وجود خانة الديانة في البطاقة أمر ضروري؛ لوجود تشابه أسماء بين المسلمين والمسيحيين في البلاد، وتساءل عن عن كيفية تصرف المواطنين في تلك الأحوال بدونها، مؤكدًا أن إزالتها نهائيًا أمر غير جائز، متابعًا: «قبل ما يكون في مأذون الناس كانت بتتجوز إزاي؟ لما بنتطور والأعداد تزداد نحتاج الإثبات القانوني الرسمي، كل ما الدولة تطلع قدام نرجعها للوراء؟ لا بد من وجود وسيلة قانونية محترمة تحدد الديانة لتسهيل التعامل مع الحقوق».




ودخل على الخط في تلك المسألة الجدلية النائب منصف نجيب، وكيل لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، ليؤيد موقف إبراهيم عيسى مؤكدًا أن حذف خانة الديانة يرسخ مبادئ المواطنة بين أفراد المجتمع، مؤكدًا أن وجودها من عدمه غير مؤثر على صاحب البطاقة أو الجهات الحكومية.



واقترح «نجيب» فكرة لحل أزمة التعامل مع المواطنين في حالات الزواج وما شبه ذلك بتخصيص رقم سري داخل بطاقة الرقم القومي يكشف كافة البيانات المتعلقة بالشخص حامل البطاقة بمجرد إدخاله على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالدولة والجهات الحكومية بدون ذكر الديانة في البطاقة بشكل صريح، واستطرد حديثه قائلًا: «أسماء المسيحيين بعد فترة الثمانينات بتتعرف من غير النظر في البطاقة».



على الجانب الآخر، ترى النائبة عبلة الهواري، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، أن إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي بمثابة طمس للهوية المصرية ويتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان، وتابعت: «في البداية خلينا نتسائل أصحاب تلك المطالبات ما هي فلسفة إلغاء خانة الديانة؟ ففي مصر لا يوجد تمييز على الإطلاق في وجود خانة الديانة في البطاقة، فهذا أمر هام يحدد الهوية الدينية لكل مواطن ولا أحد متضرر من ذلك، كل شخص فخور بدينه سواء المسلم أو المسيحي ولا أحد يخجل أو يرغب في إخفاء ديانته فهي طول عمرها موجودة ولا تحدث أي مشكلة».



وأضافت «الهواري» أن هذا المطلب ليس جديدًا بل نادى به البعض خلال السنوات الماضية، مشيرة إلى أنه لم يلقى قبول المواطنين؛ لعدم جدواه.



وأوضحت، أن هذا المقترح يثير الجدل دومًا في وقت الدولة تحتاج فيه التركيز على أمور أهم بكثير من ذلك، متابعة: "لا أحد يشتكي من وجود خانة الديانة في البطاقة، كما أن وجودها ضروري في بعض القضايا  المُتعلقة بالأحوال الشخصية كالزواج والطلاق". 



وأكدت عضو تشريعية النواب، أن الأمر لا يتعلق بالتمييز مُطلقًا، واستطردت: «التمييز دا معناه أن شخص يحصل على حق أو ميزة تختلف عن الآخرين، وهذا أمر غير موجود في مجتمعنا، المواطن المسيحي يتعامل نفس معاملة المواطن المسلم، سواء في الحقوق أو الواجبات».



وفي سياق آخر توقعت «الهواري» زيادة أعداد المفرج عنهم خلال الفترة القادمة خاصة بعدما تم اعتماد التشكيل الجديد للمجلس القومي لحقوق الإنسان، ووفقًا لمبادئ ومحاور الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.



وأكدت أنها طالبت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أن تتبنى الاستراتيجية ومن خلال أعضاء اللجنة سيتم تحديد القوانين والتشريعات المطلوبة لتحقيق تلك الاستراتيجية على أرض الواقع، خاصة المحور الثاني المعني بتمكين المرأة والشباب وذوى الإعاقة وحقوق الطفل.



كما طالبت «الهواري» بوضع آلية وطنية لتنفيذ أحكام النفقة لكونها أحد أهم حقوق المرأة، مشيرة إلى أن بنك ناصر بالفعل يقوم بتنفيذ أحكام النفقة ولكن من تاريخ إخطاره وليس من خلال تاريخ إصدار الحكم، وتابعت: «في حالة إخطار البنك بعد إصدار الحكم بعام فالنفقة خلال هذا العام ضائعة على صاحبتها، فيجب أن نقوم بتشريع قانون موحد للأسرة، وبمجرد أن يقع الطلاق يتم صرف نفقة مؤقتة يقدرها القاضي تصرف بشكل مؤقت لحين الحكم بالنفقة الدائمة».



وأضافت النائبة عبلة الهواري، إنها تقدمت بمشروع قانون بشأن تجريم زواج الأطفال من خلال قانون مستقل، فزواج الأطفال أصبحت جريمة تتفشى بشكل كبير خاصة في المحافظات الحدودية وجنوب الصعيد، واستطردت: «يجب أن نتحرك الآن لمنع تلك الجريمة، فالقانون الذي قمت بتقديمه ينص على معاقبة المأذون الذي يتمم هذا الزواج بفصله عن العمل بالإضافة إلى حرمان الأب من الولاية على أبنائه ويعرض لعقوبة الحبس عامين وغرامة مالية تصل إلى 50 ألف جنيه ومعاقبة الزوج أو من شارك أو حرض على هذا الزواج بالسجن والغرامة أيضًا».



والتقط أطراف الحديث المحامي بالنقض أشرف ناجي، معتبرًا أن خانة الديانة هي ضرورة لتطبيق القانون والدستور وليست مجرد معلومة في البطاقة، حيث تنص المادة الثالثة من الدستور المصري على مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية، وبالتالي فخانة الديانة هامة جدًا لتطبيق مواد القانون والدستور ولا يجوز حذفها لأنه يترتب على ذلك نتائج لا يمكن تداركها.



وأضاف أن أهمية خانة الديانة تكمن في احترام كل شخص لديانة الآخر حيث لا يتجاوز شخص ما في أي ديانة أو ينتقدها أو يهاجمها بحجة أنه من نفس الديانة طالما لم تكتب ديانته في بطاقة الرقم القومي، موضحًا أنها ضرورة أيضًا في تطبيق الشريعة بشأن الزواج والطلاق والميراث لعدم جواز زواج المسلمة بغير المسلم وكذلك وجود اختلافات عديدة في أمور الطلاق والإرث، ففي تلك القضايا يلجأ كل شخص إلى دينه وبنود قانون الأحوال الشخصية.



وأكد أشرف ناجي، على ضرورة بيان الديانة لصحة الشهادة في الأحوال الشخصية حيث لا تجوز الشهادة في الأحوال الشخصية للمسيحي على المسلم ولا يجوز للمسلم كذلك الشهادة على المسيحي.



وتابع: «إذا لم تكتب خانة في شهادة الميلاد يترتب على ذلك نتائج خطيرة مستقبلًا، حيث لن نستطيع مستقبلًا معرفة ديانة الشخص إذا كان مسلم أو مسيحي». 



واستطرد حديثه لـ«النبأ» متسائلًا: «كيف يستقيم تطبيق القانون والدستور ونحن لا نعرف ديانة أي شخص على وجه رسمي بمجرد الإطلاع على تحقيق شخصيته؟».



واستكمل: «أضف إلى كل ذلك القانون والدستور يساوي بين جميع المصريين في الحقوق والواجبات ولا يجوز التفرقة بينهم لأي سبب كان حتى بسبب الدين فلماذا يطالب البعض بإلغاء خانة الديانة إذا كان هناك مساواة قانونية فعلية في الحقوق والواجبات بين المسلم والمسيحي، ويطبق عليهم ذات القانون ولا فرق بينهم والفروق الوحيدة تكمن في الأحوال الشخصية».



واختتم «ناجي» في هذا الشأن معتبرًا تلك المطالب تسيء بشكل كبير لمصر، مؤكدًا أن البعض يحاول تصوير أن مصر بها اضطهاد وتمييز وعنصرية على أساس ديني وهذا غير صحيح نهائيًا، المصريين متحابين شعب واحد بقطبيه مسلمين ومسيحيين، نسيج واحد، ودم واحد مترابطين إلى يوم الدين».



تجريم التسول وخطف الأطفال



وعن حقوق الأطفال والقضاء على ظاهرة استغلالهم في أعمال التسول بالشوارع، تقول النائبة عبلة الهواري، إنها تقدمت بمشروع قانون إلى مجلس النواب؛ لتجريم أعمال التسول وتشديد عقوبة خطف الأطفال بقانون العقوبات بغرض استخدامهم في الشحاذة، مشيرة إلى أن تلك الظاهرة تفاقمت داخل الشارع المصري ويجب القضاء عليها في ظل مشروع «الجمهورية الجديدة» التي يتبناها الرئيس السيسي.



وأضافت أنها تركز في القانون على الحد من ظاهرة خطف الأطفال واستخدامهم في الشحاذة واستجداء المارة، بتشديد العقوبة، خاصة أن هناك بعض العناصر الإجرامية تقوم باختطاف الأطفال وإحداث عاهات بهم للتمعن في ارتكاب الجريمة وإقناع المواطنين بالحاجة إلى المال.



وأوضحت «الهواري» أن المتسول في القانون الجديد يُعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، أما الأطفال أرجع القانون التعامل بشأن عقابهم إلى قانون الأحداث، متابعة: «تغريم المتسول غير رادع بالمرة ويجب حبسهم لعدم تكرار الجريمة مرة أخرى».



وأشارت عضو لجنة التشريع بمجلس النواب، إلى أن العقوبة في النهاية تقديرية للقاضي الذي ينظر في القضية، فإذا اقترنت جريمة التسول بجريمة أخرى كالسرقة أو الخطف، ستكون ظرفًا مشددًا.



ازدراء الأديان



وتطل برأسها الفقرة «و» من المادة «98» من قانون العقوبات المُتعلقة بـ«ازدراء الأديان» بين الحين والآخر داخل جدران مجلس النواب، فمع كل دور انعقاد بالمجلس تطرح تلك الفقرة وسط مطالبات بحذفها لاعتبارها جملة فضفاضة يشوبها عوارًا دستوريًا - حسبما يرى المعارضون لها -.



وتنص المادة على الآتي: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تتجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه، كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة، لقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية».



ففي نوفمبر من عام 2016 تقدمت الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب سابقًا، بمشروع قانون لإلغاء عقوبة ازدراء الأديان من قانون العقوبات، معتبرة تلك المادة ديكتاتورية بائسة تصادر على الفكر وتخالف المادة «67» من الدستور المصري التي تكفل للمواطنين حرية الإبداع والتفكير، بينما يرى الرافضين لفكرة إلغاء عقوبة مُزدري الأديان أن المادة «67» تتعلق بالإبداع الفني وليس الخوض في الأمور الدينية.



من جانبها توضح النائبة عبلة الهواري، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، لـ«النبأ» موقفها الرافض بشكل قاطع المساس بالمادة المُتعلقة بعقوبة مُزدري الأديان، قائلة: «لا يصح المساس بقانون إزدراء الأديان، فكيف يمكننا إعفاء شخص من عقوبة بعد قيامه بإزدراء دين سماوي أو إهانة أولياء الله الصالحين أو الاعتداء على قدسية الاعتقاد الديني والإساءة للدين؟».



على الجانب الآخر يرى البرلماني السابق جمال الشريف، أن أزمة المادة المتعلقة بجريمة ازدراء الأديان ليست في النص نفسه إنما في طريقة تطبيقه، وتابع: «تلك الجريمة يتم إحالتها إلى المحاكم الجزئية وهذا أمر غير مناسب ولا يلائم الفعل، فيحدث دائمًا الغلط بين التحقير من الأديان السماوية كسلوك إجرامي مُتعمد وبين حرية الفكر والإبداع».



وأشار «الشريف» إلى ضرورة تعديل المادة باعتبارها جنحة وأن تتم إحالتها للنظر أمام محاكم الجنايات على أن تقوم هيئة المحكمة المختصة بالاستعانة بعلماء الدين للفصل في الفعل الإجرامي هل بالفعل أساء إلى الدين أم أنه رأي ناتج عن فكر حتى لا نعرض مفكرينا ومُبدعينا للحبس».



بدورها ترى الحكومة المصرية مُتمثلة في وزير العدل، المستشار عمر مروان، أن المادة العقابية التي تنص على عقاب مُزدري الأديان وضعت حدًا للممارسات الشاذة التي كانت تُمارس بحق الأديان السماوية.



وتابع وزير العدل قائلًا: «تخيلوا معي في حالة عدم وجود تلك المادة، هنلاقي كل واحد عيارة يفلت ويتكلم زي ما هو عاوز ويسيء للآخرين ولا يراعي مشاعر الآخرين وحرية معتقداتهم، ليه أساسًا تنتقد معتقدي أو تجرح فيه، لا يصح أي حد يجي يشكك في عقيدتي ويقول أصل دي حرية، مينفعش حد يتعدى على حريتي ويقول أنا كده، دي مش حرية، مفيش حرية مطلقة، كل حرية ولها قيودها».



وأوضح الوزير أن إعلان العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وهو مصدر تشريعي دولي كبير، ينص على حرية الأشخاص في إبداء آرائهم ولكن وضع ضابطين مهمين وهما حماية حقوق الآخرين وسمعتهم، والمحافظة على الأمن القومي والنظام العام في البلاد، ففي حالة الحاجة لإبداء الرأي والنقض فهو أمر مقبول ولكن في حدود الإطار الموجود في الدولة».



وفي نفس السياق يرى أشرف ناجي المحامي، أن المادة المُتعلقة بعقاب مُزدري الأديان مادة هامة جدًا ووجودها حتمي في القانون؛ لتهدئة الشارع المصري في حالة إساءة أي شخص للأديان السماوية حيث أن الوازع الديني قوي في مصر، وموضوع قانون ازدراء الأديان من الأمور الشائكة والهامة؛ لكونها تمنع ضعاف النفوس والمتشددين من التطاول على الأديان، بل وتمنع الكثيرين ممن يزعمون أنهم تنويريون أو مجددو الخطاب الديني من التطاول وازدراء الأديان تحت مسميات مُستحدثة، وبالتالي فهناك خطورة جسيمة من إلغائها فقد يؤدي إلى اندلاع فتن ومشاكل كثيرة بالمجتمع.



وتابع: «كل مواطن يحترم ديانة الآخر وغالبية الشعب مُتدين بطبعه ولكن السؤال الهام كيفية السيطرة على ضعاف النفوس والمتشددين حال إلغاء هذه المواد القانونية الهامة ألا يؤدي إلى تكدير الأمن والسلم العام حيث يقوم كل طرف بالدفاع عن دينه بنفسه بدلًا من تصدي الدولة الحازم والسريع والقوي دائمًا في هذه الأمور والتي تؤدي إلى السيطرة على الأمور في بدايتها والحفاظ على الشعب وحمايته من أخطاء البعض من التطاول على الأديان».

 

وأنهى حديثه في هذا الشأن بالإشارة إلى اهتمام الرئيس السيسي خلال فترة حكمه، باحترام الأديان والمساواة بين قطبي الشعب المصري مسلمين وأقباط، وتطبيق القانون على كل من تسول له نفسه التطاول على الأديان السماوية في مصر، وهناك حالات كثيرة تم الحكم عليها لارتكاب جريمة ازدراء الأديان وكان الحكم رادعًا للكثيرين حتى لا يتطاول أحد مجددًا.



روشتة قانونية للإصلاح



وعن وضع خطة ورؤية قانونية شاملة لإصلاح الملف الحقوقي بالبلاد، وتوسعة آفاق المجال العام ومنح حرية أشمل للرأي والإبداع، يقول أشرف ناجي، المحامي بالنقض، إن البلاد لا تحتاج لسن الكثير من القوانين والتشريعات بعد اعتماد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، مؤكدًا أن إصلاح الملف الحقوقي المصري يبدأ بإلغاء مجموعة من القرارات والتعليمات التي صدرت في العهود السابقة والالتزام بالقوانين السارية.



وأضاف أنه يجب أن يتم الالتزام بتطبيق قانون الإجراءات الجنائية بشأن إجراءات استيقاف المواطنين والقبض عليهم إلا لمبررات قانونية حددها القانون بشكل واضح.



وأشار إلى أهمية إعطاء المواطن حقه في النقد والاعتراض، حسبما نص الدستور المصري على أن حرية الرأي مكفولة للجميع، وتابع: «على أرض الواقع هناك قيود كثيرة على حرية الرأي رغم أن القانون أباح ذلك في إطار النقد الموضوعي البناء دون الإساءة أو التجريح.



وأوضح أن خلال السنوات الماضية صدرت العديد من القرارات حول حظر التصوير سواء في جلسات المحاكم والمستشفيات والمدارس دون الحصول على إذن مُسبق، مستطردًا: «كيف إذن يستطيع المواطن كشف السلبيات وأخطاء الموظفين والإداريين في تلك الأماكن دون رصدها وتوثيقها».



وطالب «ناجي» بزيادة دورات التوعية لرجال الشرطة وذوي الضبطية القضائية في كافة أجهزة الدولة حول التعامل مع المواطنين؛ حفاظًا على ما حققته الأجهزة الشرطية من تطور كبير خلال السنوات الأخيرة.



وتابع: «من أهم الأمور للاهتمام بحقوق الإنسان هي التخفيف على المواطنين بسرعة إنجاز أعمالهم في المصالح الحكومية المختلفة حيث أصبح المواطن يعاني كثيرًا عند التعامل مع موظفي الحكومة بسبب سوء المعاملة من قِبل الموظفين، وتعطيل مصالح المواطنين لأسباب غير مفهومة وعليه يجب توعية الموظفين بحدود وظيفتهم وطريقة التعامل مع المواطن».



أشرف ناجي يرى أن كثرة التعليمات الصادرة من المسؤولين الحكوميين كالمحافظين ورؤساء الأحياء تحدث أزمة كبرى في الجهاز الإداري بالدولة وهو ما يؤدي إلى تعطل مصالح المواطنين وتبعدنا عن سيادة القانون، قائلًا: «في كل جهة حكومية نجد رئيسها يقوم بإصدار التعليمات ويفاجأ المواطن بخروج تعليمات متضاربة من جهة لأخرى، لذلك أن نكتفي بإصدار التعليمات ونلتزم بالقوانين».



الحبس الاحتياطي



إلغاء حالة الطوارئ بالبلاد اعتبرها مراقبو الشأن العام وبعض السياسيين خطوة إيجابية نحو «الجمهورية الجديدة» التي يثبت مبادئها الرئيس السيسي، نحو بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة؛ ليعقبها مطالبة أعضاء أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية، تعديل القوانين المُتعلقة بالحبس الاحتياطي، بألا تزيد مدة الحبس الاحتياطي عن 6 أشهر كحد أقصى، وأن يقتصر تطبيق إجراءات الحبس الاحتياطي على الأغراض المخصصة لها كضمان عدم العبث بالأدلة، وتغيير شهادة الشهود، وهروب المتهمين الذين يمثلون خطرًا على الأمن القومي.



من جانبه يقول أشرف ناجي، المحامي بالنقض، إن الحبس الاحتياطي من الأمور التي تحاول الدولة جاهدة في تعديلها؛ لكونها عقوبة مُقيدة للحرية قبل ثبوت الجريمة  بمجرد توافر أدلة كافية ضد المتهم، مشيرًا إلى أنه في الكثير والكثير من القضايا يتم تبرئة المتهم بعد أن يكون قد أمضى مدة كبيرة في الحبس الاحتياطي.



وعن الإجراءات الواجب اتخاذها بشأن تعديل مواد الحبس الاحتياطي والتدابير الاحترازية، يوضح «ناجي» أنه يجب على الدولة استبدال الحبس الاحتياطي بعقوبات بديلة كإلزام المتهم بعدم مغادرة منزله أو الحي الذي يسكن فيه خصوصًا في الجرائم الاقل خطورة، واقتصار الحبس الاحتياطي على الجرائم الخطيرة مثل القتل والمخدرات والسرقة والخطف والاغتصاب والتحرش وجرائم الإرهاب والتزوير والإتجار في العملة والآثار، وجرائم الاعتداء على المال العام.



ويضيف أنه يجب تقليل مدة الحبس الاحتياطي الموجودة بالقانون حاليًا، بحيث لا تزيد في مجملها عن ثلاثة أشهر يتم بعدها التصرف في القضية بالإحالة إلى المحكمة المختصة في كل الأحوال، وسرعة انتهاء التحقيقات في القضايا المحبوس على ذمتها متهمين سواء بالإحالة أو الإفراج عن المتهمين المحبوسين.



وأشار إلى أهمية العمل على الاستفادة من المسجونين بعد قضاء ربع العقوبة بتشغيلهم في استصلاح الأراضي الصحراوية خصوصًا حَسنِي السير والسلوك منهم وهو ما يعتبر بديلًا عن قضاء مدة العقوبة في سجون مغلقة، بالإضافة إلى فتح مصانع ومزارع إنتاج حيواني للمساجين ليكونوا قوة إنتاج بدلًا من قوة استهلاك ولا يكونوا عبئًا على الدولة وتشغيل الصالح منهم بعد الإفراج عنه بتلك المصانع.



وتابع: «علاوة على ذلك يجب أن يكون هناك سجون عقابية شديدة ضد المسجونين في جرائم بشعة، لأن القول دائمًا بأن السجون أصبحت مركزًا للتأهيل والإصلاح هو أمر فيه ظلم نفسي واجتماعي كبير للمجني عليهم والمتضررين من مُرتكبي الجرائم، لأن السجن يجب أن يكون رادعًا للمحبوس، وليس مجرد ترفيه وكأن المسجون يُقيم في فندق كما تم تصويره عند افتتاح مجمع سجون جديد بوادي النطرون».



واستطرد حديثه: «حقوق المسجونين ومنحهم حياة آدمية أمر لا خلاف عليه، ولكن يجب التفرقة بين المسجونين شديدي الخطورة والمسجونين الأقل خطورة أو الذي تم سجنه لأول مرة بسبب ظروف اجتماعية ومادية».