رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خفايا انتشار بيزنس «الولادة القيصرية» بالمستشفيات المصرية

الولادة القيصري
الولادة القيصري



تلجأ كثير من السيدات خلال الفترة الأخيرة إلى الولادة القيصرية دون "دواع طبية" بدلا من الولادة الطبيعية، ظنًا منهن أنها الأسهل والأسرع، متجاهلات المخاطر والكوارث التي يسببها هذا النوع على صحة الأم والجنين، حتى أصبحت مصر الأول عالميا في انتشار تلك الظاهرة، متقدمة على البرازيل التى تحتل المرتبة الأولى في عامين 2017 و2018.

ووضعت منظمة الصحة العالمية قاعدة لنسب الولادة القيصرية بألا تتجاوز في أي مجتمع عن 15% إلا أن مصر نسبة الولادة القيصرية في مصر طبقا لآخر مسح سكاني تم إعلان نتائجه في ٥ مايو ٢٠١٥ هي ٥٢ ٪، وتشير الإحصائيات إلى أن أعلى محافظة في نسبة الولادة القيصرية هي بورسعيد بنسبة ٧٧ ٪، بينما تعتبر محافظة مرسي مطروح أقل نسبة ولادة القيصرية حيث بلغت 26 %، وبلغت نسبة الولادة القيصرية في المستشفيات الحكومية 45 %، بينما بلغت النسبة في المستشفيات الخاصة 66 %.

ووفقا لأبحاث نشرت مؤخرا، فإن أضرار الولادة القيصرية موجودة، ولا يمكن إغفالها، وذلك لإنها عملية جراحية لها نسبة من المخاطر دون شك، ولذا فإن التقرير يذكر معظمها والتى من أهمها أن يصاب الجرح الخاص بالقيصرية، مما يسبب تورمات شديدة به والتهابات واحمرار للجلد مكانه، وكذلك قد يخرج من الجرح بعض الإفرازات فضلا عن الأوجاع والآلام التى تصيب بعض الحالات، وفي بعض الحالات الأخرى تكون أضرار الولادة القيصرية تشمل النزيف الشديد فى بعض الحالات الذى قد يصل حد الحاجة لنقل الدم للمريضة.

ومن أبرز أضرار الولادة القيصرية أيضا أن تصاب بطانة رحم المرأة مما يسبب لها أعراضا منها إفرازات مهبلية غير عادية، إضافة إلى إمكانية إصابة السيدة بحالة من النزيف المهبلي القوي، فضلا عن ارتفاع درجات الحرارة أي الحمي، إضافة لأوجاع وآلام البطن، ومن الممكن أن تصاب السيدة أيضا بتلف فى المثانة، أو تلف فى الأنابيب كذلك، مما قد يدخلنا فى جراحة أخرى، إضافة إلى أن أبرز أضرار الولادة القيصرية أيضا أنها قد تسبب لبعض الحالات تجلطا فى الأوردة أو تجلطات دموية فى الساق، ومن الممكن أن يسير إلى الرئتين مخلفا انسدادا رئويا وهي حالة نادرة الحدوث بشكل عام.

من أبرز أضرار الولادة القيصرية علي الطفل أيضا أنها قد تتسبب فى إحداث جرح سطحي لجلده عند الولادة، فضلا عن مشكلات وصعوبات فى التنفس لديه خاصة من يولد مبكرا قبل موعده، وهو ما يستلزم متابعة فى المستشفى وحتى بعد خروج الطفل في المنزل، فإذا حدثت اضطرابات وصعوبة تنفس لابد من طلب الطوارئ فورا، وقد تسبب القيصرية مشكلات مستقبلية للمرأة ندبات الرحم، صعوبات فى المشيمة، وامكانية ولادة جنين ميت.

النسبة العالية لانتشار تلك الظاهرة، جعلت البرلمان، يخرج على خط الأزمة، مطالبا لوضع حد لهذه الظاهرة، واصفا إياها بالبيزنس.

طلب إحاطة
وتقدمت النائبة إيناس عبد الحليم، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة، للمستشار الدكتور حنفي جبالى، رئيس مجلس النواب، وموجه للحكومة، بشأن وجود ضحايا نتاج بيزنس الولادة القيصرية في مصر.

وأكدت عبد الحليم، خلال طلب الإحاطة، أن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميًا بنسبة 63% في عمليات الولادة القيصرية بحسب دراسة سابقة نشرت في صحيفة الجارديان، ويأتي ذلك بالرغم من أن منظمة الصحة العالمية وضعت قاعدة لنسب الولادة القيصرية بألاّ تتجاوز في أي مجتمع عن 15%، إلا أن مصر تخطته بمراحل، بسبب رغبة المستشفيات والأطباء في تحصيل أموال أكثر.

وأكدت عضو مجلس النواب، أن الكثير من ذوات «الحمل الحرج»، يقعن فريسة لبيزنس الولادة القيصرية، مما يعرضهن لفقدان الجنين جراء إهمال الطبيب وكذلك أضرار صحية تصل إلى الوفاة، لافتة إلى أن المستشفيات تصر على إجراء ولادة قيصرية لتحقيق أرباح هلامية، رغم أن الأنسب لهذه الحالات هي الولادة الطبيعية.

وطالبت البرلمان من الحكومة، بكثيف حملات التوعية بآلية التعامل مع الحمل الحرج بمختلف حالاته، والقضاء على بيزنس الولادة القيصرية، من خلال إلزام المستشفيات الخاصة والأطباء بآلية التعامل مع الحمل الحرج، وأن يتم تفضيل الولادة الطبيعية ما لم تكن الحالات تتطلب ذلك.

التوعية هي الحل
وفي هذا السباق، قال الدكتور عمرو حسن، المقرر السابق للمجلس القومي للسكان، وأستاذ مساعد النساء والتوليد والعقم بكلية طب قصر العيني، إن قضية الولادة القيصرية انتشرت بصورة كبيرة جدا بين السيدات في الآونة الأخيرة، لافتا إلى أنه لا يمكن سن قانون أو تشريع للحد من هذا النوع من الولادة.

وأضاف حسن، في تصريح خاص لـ "النبأ"، أن الجانب التوعوي بمميزات الولادة الطبيعية للسيدات والحوامل هو ما يجب التركيز عليه من أجل مواجهة ظاهرة انتشار عمليات الولادة القيصرية دون داع لها.

وأوضح أنه يجب على السيدات أن تلجأ للولادة الطبيعية لما لها من مميزات كبيرة، ولكن ما يحدث الآن هو أن المرأة الحامل عندما تذهب للطبيب هي من تطلب أن تكون الولادة قيصرية وليست طبيعية دون أن تدري مميزات الولادة الطبيعية أو عيوب القيصرية.

وأشار الدكتور عمرو حسن، إلى أنه يجب الارتقاء بمستوى الأطباء فيما يتعلق بالولادة الطبيعية لتمكينهم من القيام بها دون مشقة أو خوف. مشيرا إلى أن الجزء الدارج الآن هو أن السيدات هن من يختار الولادة القيصرية في إطار الاستسهال والخوف من أوجاع وآلام الولادة الطبيعية.

وتابع أن دكتور النساء يختار الحل الآمن والأسهل والأسرع وهو اللجوء للولادة القيصرية، وينتهي الأمر في غضون نصف ساعة أو ساعة ثم تذهب المرأة لمنزلها في نفس اليوم.

وطالب الدولة بالقيام بدورها في الرقابة والمتابعة للقضاء على أماكن أو عيادات بير السلم للولادة والتي تعرض الحالات لمخاطر كبيرة جدا وقد ينتج عنها مضاعفات غير متوقعة، حيث إن هذه المناطق غير مجهزة طبيا بشكل مناسب ولا تضم الخبرات البشرية المناسبة واللازمة والكفء من أجل القيام بعملية التوليد الطبيعي.

وقال الدكتور عمر حسن، إن عملية الولادة يجب أن يكون حاضرا فيها أطباء للتخدير والنساء والأطفال بخلاف طاقم التمريض وذلك حتى تمر بسلام ويتم التعامل مع أي طارئ في حينه حفاظا على سلامة الأم والجنين، موضحا أن هذه التجهيزات لا تتوافر إلا في المستشفيات الكبيرة سواء الحكومية أو الخاصة.

وأوضح أنه طبقا للمسح السكاني الأخير لمصر، كانت تحتل المركز الثالث عالميا في عمليات الولادة القيصرية حيث وصلت النسبة لـ 52% في مصر، وتم نشر مقال دولي في عام 2018 يتحدث عن أن مصر هي الدولة رقم واحد في العالم في عمليات الولادة القيصرية بنسبة تجاوزت 62%.

وواصل الدكتور عمرو حسن: مصر الآن هي الدولة الأولى عالميا في عمليات الولادة القيصرية، وهو الأمر الذي يحتاج إلى وقفة جادة وحاسمة لتخفيض هذه النسب إلى معدلا\ت أقل من ذلك.

وطالب الأطباء بضرورة توعية السيدات في المستشفيات والعيادات بمزايا الولادة الطبيعية في المقام الأول حتى وإن كانت السيدة ترغب في العملية القيصرية، موضحا أنه في النهاية يكون الأمر من اختيار السيدة.

وأكد الدكتور عمرو حسن، على أن هناك أسباب معينة منها بنية الأم أو حجم الجنين أو في حالات مرض الأم يمكن أن يكون اختيار الولادة القيصرية هو الأفضل والأكثر أمانا للأم والجنين من الولادة الطبيعية.