رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الموت لا يغيب الأبطال.. تفاصيل أخطر 50 سنة في حياة المشير طنطاوي

النبأ

 

لقن شارون درسا لا ينسى خلال حرب أكتوبر  

 

قاد مصر إلى بر الأمان بعد ثورة 25 يناير  

 

السيسي: مصر فقدت رجلا من أخلص أبنائها وأحد رموزها العسكرية  

 

«فرج»: أفشل مخطط الإخوان المسلمين لإسقاط الدولة

 

«رشاد»: تحمل عبئا كبيرا لمدة 15 شهرا

 

 

رحل المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع الأسبق، الذي قاد مصر في فترة عصيبة من تاريخها بعد ثورة 25 يناير 2011 حتى أوصلها لبر الأمان، رحل هذا الرجل تاركا وراءه الكثير من البطولات والمواقف الوطنية المشرقة، فيكفى أنه قاد مصر إلى بر الأمان بعد ثورة 25 يناير 2011 التي كادت أن تكتب شهادة وفاة الدولة المصرية.

 

 «النبأ»، تلقى الضوء على بعض بطولات هذا الرجل العظيم ومواقفه الوطنية المشرفة، حيث تعتبر معركة «المزرعة الصينية» في حرب 1973 من أشهر المعارك التي قادها المشير طنطاوي طوال مسيرته العسكرية في الدفاع عن الوطن.

طنطاوي يروي قصة معركة المزرعة الصينية

وقد روى المشير محمد حسين طنطاوي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الأسبق، دور الكتيبة 16 مشاة التي كان يتولى مسؤوليتها في حرب أكتوبر المجيدة، مشيرا إلى أنّها من أول الكتائب التي عبرت قناة السويس، وحتى قبل العبور عبر عناصر «اقتناص الدبابات»، وهي من العناصر الرئيسية التي رفعت علم مصر قبل عبور «القوات الرئيسية».

واستشهد المشير طنطاوي في فيديو له أذاعته القوات المسلحة المصرية حين كان برتبة «عميد» بعد الحرب، بكتاب «عيد الغفران»، مشيرا إلى أنّه على بضعة كيلو مترات من قناة السويس كانت هناك معركة دائرة داخل «المزرعة الصينية» وهي موقع شرق مدينة الإسماعيلية، حيث تعثرت القوة الإسرائيلية بعد 48 ساعة من مهاجمة الموقع، لتدفع بعناصر مشاة ومظلات.

وتابع «طنطاوي»، أنّ القائد الإسرائيلي ذكر في الكتاب أنّهم قالوا إنّ وحدته تضم تحصينات مضادة للدبابات وتعيق تنفيذ مهمتهم، وتقدمت ليلا حتى بضع مئات من الأمتار، إلا أنّ وابلا من الرصاص كان في استقبالهم، والمعركة احتدمت طوال الليل، موضحا أنّ إخلاء الجرحى استمر طوال الليل، حتى أنّ فرق الإغاثة القادمة لهم تعرضت لخسائر، وعملوا على إنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر إرسال قوة مدرعة لإخلاء من تبقى على قيد الحياة.

ولفت إلى أنّه لم يكن قد نام لمدة 48 ساعة، ليذهب للنوم قبل هجوم القوات الإسرائيلية، وعقب رؤية العناصر في أجهزة الرؤية الليلية وهي تحاول عبور الألغام، وجّه عناصره بتركيز النيران نحو منطقة ثغرة الألغام وعدم إطلاق النار إلا بإشارة منه، ووجهت أسلحة الكتيبة والمدفعية والهاون والأسلحة المضادة للطائرات تجاه الثغرة، ومن ثم لم يستطيعوا أن ينسحبوا أو يهجموا.

وأوضح أنّ المواجهة استمرت على مدار ساعتين ونصف الساعة، ومن حسن حظ القوات الإسرائيلية أنّ الضباب ظهر نهارا ليجعل تركيز النيران ليس بالكفاءة الكافية، ما مكنهم من سحب خسائر وبعض من تبقى على قيد الحياة، مضيفا: «كان همي مرجعش ولا فرد من اللي جم للموقع عايش».

وأشار إلى أنّ الكتيبة التي تولي قيادتها لم تتكبد أي خسائر سوى شهيد واحد أثناء عبور قناة السويس.

الرهائن وصلوا يا أفندم

"الرهائن وصلوا يا أفندم".. مقولة شهيرة للمشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع آنذاك، قالها للرئيس الراحل حسني مبارك على الهواء مباشرة بعدما نجحت القوات المسلحة المصرية في تحرير رهائن مصريين وأجانب جرى اختطافهم في 19 سبتمبر 2008 في منطقة جبل عوينات الصحراوية النائلة.

ووفق ما أظهره التلفزيون المصري كان مبارك وسط جمع غفير من المسؤولين ورجال الدولة، حتى وصل إليه المشير طنطاوي ليزف إليه نبأ تحرير الرهائن ووصولهم في طائرة شينوك إلى مطار شرق العوينات.

وفي 19 سبتمبر 2008 خطف مسلحون 19 مصريًا وأوروبيًا في منطقة جبل العوينات على الحدود مع السودان وليبيا، وظل الرهائن مختطفين لمدة 10 أيام قبل أن تنجح القوات المصرية الخاصة بالقيام بعملية في معسكر داخل الأراضي التشادية بالقرب من الحدود مع السودان.

وحسب فرانس 24 كانت مجموعة الرهائن تضم 5 ألمان و5 إيطاليين وامراة رومانية واحدة إضافة إلى ثمانية مصريين هم أربعة سائقين ومرشدان سياحيان وأحد جنود حرس الحدود ومالك شركة السياحة التي نظمت هذه الرحلة.

وظهرت لقطات حية بثها التلفزيون في ذلك الوقت لاستقبال الجيش المصري للرهائن المصريين والأجانب بالورود، ثم إيداعهم في مستشفى المعادي العسكري لتلقي العلاج.

وأعلن المشير طنطاوي للرئيس أن نحو نصف أعضاء المسلحين قد قتلوا بواسطة القوات المصرية الخاصة. وهو ما أكدته الرئاسة السودانية آنذاك حيث أكدت أن الجيش قتل نحو 6 من الخاطفين المنتمين إلى إحدى الفصائل المتمردة في إقليم دارفور السوداني.

الرئيس ينعي المشير

نعى الرئيس عبد الفتاح السيسي، المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع الأسبق، وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، في بيان صادر من رئاسة الجمهورية: «فقدت مصر رجل من أخلص ابنائها وأحد رموزها العسكرية الذي وهب حياته لخدمة وطنه لأكثر من نصف قرن.. المغفور له المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي الأسبق».

وأضاف الرئيس السيسي عن المشير محمد حسين طنطاوي: «بطلًا … من ابطال حرب اكتوبر المجيدة ساهم خلالها في صناعة اعظم الامجاد والبطولات التي سُجلت بحروف من نور في التاريخ المصري.. قائدًا … ورجل دولة تولى مسؤولية إدارة دفة البلاد في فترة غاية في الصعوبة تصدى خلالها بحكمة واقتدار للمخاطر المحدقة التي أحاطت بمصر».

واختتم بيان رئاسة الجمهورية: «إن الرئيس عبد الفتاح السيسي، إذ ينعي للأمة رجلًا كانت له صفات الابطال، فإنه يعرب باسمه وباسم شعب مصر وحكومتها عن خالص عزائه ومواساته لأسرة الراحل المشير محمد حسين طنطاوي، ويدعو المولى عز وجل أن يتغمده برحمته ويسكنه فسيح جناته جزاء صالح أعماله للوطن».

وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى، إطلاق اسم المشير محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع الأسبق، على قاعدة الهايكستب العسكرية، وأضاف الرئيس السيسى خلال افتتاح عدد من المشروعات القومية لتنمية شبه جزيرة سيناء: "المشير حسين طنطاوى توفى في نفس يوم وفاة الزعيم أحمد عرابى.. وتم إعلان الحداد الرسمي والوطنى بهذه المناسبة.. وأيضا إطلاق اسم المشير حسين طنطاوى على قاعدة الهايكستب العسكرية تقديرا واحتراما لدور هذا الراجل العظيم في تاريخ مصر.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد أشاد بالمشير محمد حسين طنطاوي، حين قال في إحدى الندوات التثقيفية للقوات المسلحة: «إنّ التاريخ سيتوقف أمام الدور الجليل الذي أداه المشير محمد حسين طنطاوي لحماية الوطن والحفاظ عليه والتحمل للعبور بسلام بمرحلة من أصعب المراحل التي مرت بمصر»، مضيفًا: «تولى الأمر في ظروف في منتهى القسوة وبفضل الله ربنا مكنه من أن يتجاوز بمصر من هذه الظروف».

أحد رموز العسكرية المصرية

يقول اللواء سمير فرج، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن مصر فقدت رجلا من أخلص أبنائها وأحد رموز العسكرية المصرية الذي قدم لمصر وشعبها أعمالا عظيمة، مشيرا إلى أن المشير محمد حسين طنطاوي الذي ولد 31 أكتوبر عام 1935، تخرج في الكلية الحربية عام 1956، واشترك في خمسة حروب لصالح مصر، حرب 1956، وحرب 1967، وحرب الاستنزاف، وحرب 1973، ثم حرب الخليج عام 1991 بصفته رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، وكان له دور عظيم في حرب أكتوبر 1973، في معركة المزرعة الصينية، عندما حاول اريل شارون أن يخترق دفاعات الكتيبة 16 التي كان المشير طنطاوي قائدا لها، لكي يصل إلى غرب القناة، وهذه المعركة استمرت يوما ونصف، فشل شارون في اقتحام الكتيبة 16 والوصول إلى البر الغربي لقناة السويس، هذا الرجل العظيم يحسب له أنه قاد مصر في أحلك لحظاتها في العصر الحديث في ثورة 25 يناير 2011 لمدة 20 شهر، وخرج بها إلى بر الأمان، ولم يتم إطلاق رصاصة واحدة، وأفشل مخطط الإخوان المسلمين في هذا التوقيت من أن تتحول مصر إلى نهر من الدماء، وقد أكد المشير طنطاوي على هذا الكلام، وقد مرت مصر عظيمة سليمة من هذه الفترة، مقدما التحية للمشير طنطاوي الذي قدم الكثير للشعب المصري وللقوات المسلحة.

وأشار، إلى أن المشير طنطاوي شارك في أشهر المعارك بحرب أكتوبر بما يُعرف بمعركة المزرعة الصينية، مضيفا أن المشير طنطاوي كان قائد الكتيبة 16 في شرق القناة عندما حاول شارون أن يقتحم موقع كتيبته ليعود إلى الضفة الغربية للقناة لكي يحاصر الجيش الثاني.

ولفت إلى أن معركة المزرعة الصينية استمرت يوما ونصف اليوم وكانت عنيفة ذكرها شارون في عشر صفحات في كتابه المشهور «الغزالة» وصمدت كتيبة المشير طنطاوي ولم ينجح القائد الإسرائيلي في اقتحام قناة السويس.

وأكد اللواء الدكتور سمير فرج، أن المشير طنطاوي كانت له يد الفضل في حياة خمس دفعات من العسكريين حينما كان مدرسا بالكلية الحربية، منوها بأن المشير طنطاوي أنشأ وطور الكلية الحربية الجزائرية، متابعا أنها كانت أول كلية حربية في الجزائر بعد الاستقلال.

وشدد  فرج، على أن المشير طنطاوي له قيمة كبيرة جدا بأن قاد مصر 20 شهرا بعد ثورة 25 يناير، مضيفا أن المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي حافظ على استقرار مصر.

قاد مصر إلى بر الأمان

ويقول اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات الأسبق، إن المشير محمد حسين طنطاوي كان له باع كبير جدا في القوات المسلحة، وتحمل عبئا كبيرا جدا بعد ثورة 25 يناير 2011، وقاد مصر إلى بر الأمان باقتدار شديد في ظل دولة منهارة تماما وتغلب على مشاكل جماعة الإخوان المسلمين التي استهدفت اسقاط الدولة، وتتبع سياسية الأرض المحروقة، وبالتالي المرحوم طنطاوي أدى دورا بارزا في مقاومة كل المؤامرات التي حاولت اسقاط الدولة في فترة ما بعد ثورة 25 يناير، مشيرا إلى أن المشير محمد حسين طنطاوي كان معروفا منذ إن كان في القوات المسلحة أنه انسان يرعى كل ضباط القوات المسلحة ولم يتأخر في خدمة أي فرد في القوات المسلحة، وكان معروفا عنه أنه رجل خير ويشعر بالأخرين.