رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الخريطة الكاملة لمناطق نفوذ «سمكرية البني آدمين» في مصر

سمكرية البني آدمين
سمكرية البني آدمين


أثارت واقعة «سمكري البني آدمين» جدلًا واسعًا على الساحة المصرية خلال الفترة الماضية خاصة بعد القبض عليه، والتأكد أن المركز الذي يديره غير مرخص وأن كان يستغل الفنانين لعمل دعاية له، وتمكنت الأجهزة الأمنية من إغلاق المركز بمدينة نصر، وتشميعه، واتهام صاحبه باستبدال المهنة في بطاقة الرقم القومي من خريج كلية التربية الرياضية إلى طبيب علاج طبيعي وتزوير شهادة التخرج الخاصة به، وتمت إحالته إلى النيابة التي أمرت بحبسه على ذمة التحقيقات.

والغريب في الأمر، أن «سمكري البني آدمين» نشر على حساباته الخاصة على مواقع التواصل العديد من الصور ومقاطع الفيديو مع العديد من الفنانين والمشاهير وهو يقدم لهم العلاج الطبيعي، مثل: (أمير كرارة، ومنة فضالي، وحمادة هلال، وماجد المصري، ومي سليم) وغيرهم، في حين أن الفنانة ساندي نشرت تحذيرًا عبر حسابها على إنستغرام، قالت فيه: «ده نصاب، وعملي إصابة كانت هتعملي شلل رباعي، منه لله يمهل ولا يهمل، وحسبي الله ونعم الوكيل، وده تحذير يا جماعة، مش أي حاجة الفنانين، أو الأنفلونسرز، يعلنوا عنها تعملوها أرجوكم».

كما حذرت النقابة العامة للعلاج الطبيعى، المواطنين، في بيان صحفي من التعامل مع «يوسف.خ» المعروف بـ«سمكرى البنى آدمين»، لانتحاله صفة أخصائى العلاج الطبيعى، مشيرة إلى أنه بالتعاون مع مباحث الأموال العامة، تبين قيامه بتزوير البطاقة الشخصية وغير مسجل بالنقابة العامة للعلاج الطبيعى.

وقال نقيب أخصائي العلاج الطبيعي إنّ الأزمة تكمن في البعض عندما يدخل مركز وهمي ويجد تجهيزات عالية يعتقد أن المتواجد بها أطباء، كما أنه ينخدع من الدعاية التي يقوم بها بعض الفنانين أو المشاهير لهم والتي يقع فيها فريسة البسطاء، وعاد الفنانون اعترفوا أنهم وقعوا ضحايا لهؤلاء منتحلي الصفة.

السطور السابقة تكشف عن «سبوبة» المراكز الوهمية لـ«سمكرية البني آدمين» والتي من الممكن أن تتسبب في عجز للإنسان، ترصدها «النبــأ الوطنيٍ» خلال السطور التالية، بالإضافة إلى الخريطة الكاملة لـ«سمكرية البني آدمين» في مصر، خاصة بعدما كشفت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة مؤخرا بعد مداهمتها لعدد من مراكز العلاج الطبيعى الخاص بعلاج آلام العظام والسمنة والنحافة عن أن أشخاصًا يديرونها بدون ترخيص، فضلًا عن أن سعر الجلسة الواحدة «مساج، حجامة، علاج بالأعشاب» تبدأ من 400 إلى 800 جنيه في الجلسة الواحدة، وتوجد في العديد من المحافظات على مستوى الجمهورية.

وفي هذا الصدد، نجحت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية في إغلاق أكثر من 23 مركزًا وهميا خاصًا بالعلاج الطبيعي أو فيما يعرف بـ«سمكري البني آدمين» فقط، على مستوى الجمهورية خلال الفترة الأخيرة، وتبين أن من يديرها أشخاص غير مؤهلين، وكشفت معلومات عن أنه تم إغلاق أكثر من 300 مركز وعيادة على مدار الثلاث سنوات الأخيرة الماضية تعمل بهذا الشأن.

بينما أغلقت الجهات الرقابية ما يزيد على 1500 مركز ومنشأة طبية سواء المتعلقة بالإدمان، أو فيما يتعلق بمراكز العلاج الطبي الخاصة بـ«سمكرية البني آدمين» لمخالفتها الشروط والقانونية وعملها بدون ترخيص، ففي الإسكندرية أغلقت إدارة العلاج الحر بمديرية الشؤون الصحية بالمحافظة، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، 35 منشأة طبية من بينها عيادة خاصة وتخصصية، ومعمل للتحاليل الطبية، ومركز علاج طبيعي، ومركزين للأسنان ومحل نظارات لعدم حصولها على ترخيص قبل مزاولة نشاطها، كما تقرر غلق عيادات تخصصية ومركز علاج طبيعي لوجود أدوية وكيماويات غير مصرح بها داخل المنشأة تم تحريزها بواسطة التفتيش الصيدلي المصاحب للحملة، منهم 5 مراكز غير مرخصة لعلاج الإدمان، وحولت عددًا من العاملين بها لأقسام الشرطة، لارتكاب مخالفات جسيمة في حق المرضى وتعريض حياتهم للخطر.

وفي محافظة الجيزة، أصدر اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة قرارًا بغلق 220 منشأة طبية، تشمل عيادات تخصصية ومعامل تحاليل ومراكز صحية وعلاج طبيعي وتغذية علاجية ومراكز إشاعات وعلاج إدمان وبنك دم وحضانات وغرف عمليات بمستشفيات بنطاق المحافظة، لإدارتها وتشغيلها بدون ترخيص وضبط عدد من المخالفات بها.

كما أعلنت وزارة الصحة والسكان إغلاق 1259 منشأة طبية خاصة مخالفة، تنوعت بين مستشفيات وعيادات ومراكز بـ 26 محافظة خلال الشهر الماضي، وذلك ضمن الحملات الدورية المكثفة التي تشنها الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص بوزارة الصحة، في إطار حرص الوزارة على صحة وسلامة المرضى.

وأكد خبراء في القانون أن جميع المهن الطبية تخضع لقانون الأطباء وقانون المهن الطبية والذي يضع عددا من الضوابط للسماح بتشغيل أي مؤسسة أو عيادة أو مركز طبي والتي من بينها إعطاء ترخيص للمكان وللطبيب، وهي الجهة المشرفة كل المنشآت الطبية، مشددين على أن مخالفة الاشتراطات التي نص عليها القانون سواء المهن الطبية أو قانون الأطباء يعد جنحة ما لم يرتكب صاحب المنشأة جناية سواء وفاة أحد المرضى أو التسبب في عاهة مستديمة، وأن من بين الإجراءات التي ينص عليها القانون غلق وتشميع المكان الذي تم رصده، وهو ما حدث بالفعل في وقعة «سمكري البني ادمين» حيث ارتكب عدة جرائم، منها: ممارسة الطب بدون ترخيص، إقامة منشأة دون ترخيص كذلك التسبب في إصابة بعض المرضى، في حين أن الجهات المشرفة على المنشآت الطبية وهي وزارة الصحة ونقابة الأطباء، تتولى اتخاذ إجراءات ضد أصحاب المنشآت الطبية الوهمية والمخالفة.

ووفقا للمادة (2) من القانون رقــم (3) لسنة 1985 الصادر بتاريخ 21 مارس 1985 بشأن تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعي، يشترط للحصول على ترخيص مزاولة مهنة العلاج الطبيعي أن يكون طالب الترخيص مصريا الجنسية أو من رعايا الدول التي تعامل المصريين بالمثل، وأن يكون حاصلا على أحد المؤهلات الدراسية «بكالوريوس العلاج الطبيعي من إحدى الجامعات المصرية، بكالوريوس العلاج الطبيعي من معهد التربية الرياضية قبل العمل بهذا القانون، دبلوم البعثة الداخلية في العلاج الطبيعي من معهد التربية الرياضية قبل العمل بهذا القانون، شهادة أجنبية معادلة لأي من الشهادات السالف ذكرها وفقا للقوانين واللوائح الخاصة بذلك»، بالإضافة إلى أن يكون هذا الشخص محمود السيرة حسن السمعة، وألا يكون سبق الحكم عليه بعقوبة جناية أو جنحة في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو متعلقة بمزاولة مهنة الطب أو إحدى المهن المرتبطة بها دون ترخيص، وذلك كله ما لم يكن قد رد إليه اعتباره.

ونصت المادة (11) على أنه مع عدم الإخلال بالأحكام الواردة في القانون رقم 415 لسنة 1954 في شأن مزاولة مهنة الطب، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أحكام المواد الأولى والثامنة والتاسعة من هذا القانون وتضاعف العقوبة في حالة العود.

كما نصت المادة (10) من القانون رقم 415 لسنة 1954 في شأن مزاولة مهنة الطب على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تزيد على 200 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من زاول مهنة الطب على وجه يخالف أحكام هذا القانون، وفى حالة العودة يحكم بالعقوبتين معا.

وفقا للمادة 11 من قانون مزاولة مهنه الطب، فإنه يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة، كل شخص غير مرخص له في مزاولة مهنة الطب يستعمل نشرات أو لوحات أو لافتات أو أي وسيلة أخرى من وسائل النشر إذا كان من شأن ذلك أن يحمل الجمهور على الاعتقاد بأن له الحق في مزاولة مهنة الطب، وكذلك كل من ينتحل لنفسه لقب طبيب أو غيره من الألقاب التي تطلق على الأشخاص المرخص لهم في مزاولة مهنة الطب وكذلك كل شخص غير مرخص له في مزاولة مهنة الطب وجدت عنده آلات أو عدد طبية ما لم يثبت أن وجودها لديه كان لسبب مشروع غير مزاولة مهنة الطب.

من ناحيته، يقول الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية إن المرضى، تحت وطئت المرض والرغبة في الشفاء خصوصا عندما تكون الآلام شديدة يحاولون الخروج من أزمتهم الصحية بأي طريقه حيث يبحث عن سبيل للنجاة للتخلص من الآلام، وهذا ما حدث في قضيه «سمكري البني آدمين» دائما الإنسان الذي لديه مشاعر مرهفة سهل السيطرة عليه، لدرجه أنه يفعل أشياء دون دراية مع أنه يعلم ما يحدث ويقدر أنها خطأ لكنه يتصرف بصورة لا إرادية نتيجة السيطرة عليه وجدانيا وهذا ما يحدث مع ضحايا الدجالين والمشعوذين «اللايف كوتش» والقائمين على مراكز العلاج الطبيعي غير المرخصة، وغيرهم.

ويضيف استشاري الصحة النفسية لـ«النبأ» أن النصابين يستخدمون وسائل الترويج والإعلان والإغراق المعلوماتي للإعلان عن نشاطهم بشكل أو بآخر مستخدمين محفزات قويه للسيطرة على الضحية، فهم يخاطبون الوجدان ليتشبع الضحية بفكر معين، ليبدأ بعد ذلك في ممارستها، بالإضافة إلى توفير المناخ المناسب له ويكون مناخا محفزا فيه تشجيع وإثارة وتصوير فيديو وناس تصفق وآخرون يضحكون، مثل الشيخ الذي يقرأ وحوله «شمشرجية» يرددون: «الله يفتح عليك يا شيخ» إنما المناخ المحيط بجو التلاوة هو الذي يعطي إيحاء بأن الشيخ مبدع فيخرج كل الناس مبسوطة وتتحدث عن أن الشيخ قرأ «ربع قرآن حلو جدًا»، ونفس الحال بالنسبة لـ«سمكري البني آدمين» بأن يستخدم أدوات المساج بالإضافة إلى تهيئة مناخ مناسب ليشعر المريض بحالة نفسية جيدة، مما يسهل السيطرة عليه عن طريق استخدام وسائل الجذب والترويج والاستقطاب والترغيب التي يعرض على الضحايا قبل الجلسة.

ويكمل: «النصابين لهم استراتيجية معينة في التعامل تجعل الضحية يشهد لهم بالمصداقية، والإرياحية مثل استراتيجية الإقناع، على أن يتحدث بطريقة مؤثرة وتظهر له نوع من المصداقية ويستخدم أدوات جاذبة، وهنا شق هام جدا وهو أن الإعلام استضاف سمكري البني آدمين مع الفنان إدوارد في إحدى القنوات الفضائية للتحدث عن مهاراته مما جعل الضحايا يرغبون فى التواصل معه على الرغم من علمهم بأنه قد يكون فاشلًا طبيًا ويمارس العمل بدون ترخيص، لكنه يجعل المريض بعد الجلسة سعيد رغم أنه مازال يشعر بالآلام بل يتحدث مع أصدقائه بكل سعادة عن نجاح فاعلية الجلسة وينصحهم أيضا للتعامل مع هذا المعالج النصاب».