رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

طالبان وقطر

عبداللطيف المناوي
عبداللطيف المناوي


لم تكن قطر واحدة من الدول التى اعترفت بحركة «طالبان» بين عامى 1998 و2001، لكنها الدولة الوحيدة التى كانت تحافظ على العلاقات بشكل ودى مع الحركة، ومع افتتاح مكتب «طالبان» لدى قطر سنة 2013، بعد سقوط أفغانستان فى يد القوات الأمريكية، كان للدوحة ما أرادت، حيث كانت ترغب، ولا شك، فى استمرار تسليط دائرة الضوء الدولية عليها، باعتبارها دولة محورية فى المنطقة.

ومع بدء سيطرة حركة «طالبان» على أفغانستان، وما رافقها من مخاوف عالمية تحذر من عودة لبؤرة الإرهاب الأعنف، اتجهت الأنظار إلى العاصمة القطرية، الدوحة، لما تمتلكه من علاقات مع الحركة جعلتها تستضيف مباحثات ولقاءات التهدئة التى عُقدت بين «طالبان» من جانب، والحكومة الأفغانية أو حلف شمال الأطلسى «الناتو» من جانب آخر، بشكل سرى وعلنى على مدار السنوات الماضية.



وتعتبر قطر المكان المفضل لقادة «طالبان»، حيث اعتبرتها الحركة موقعًا محايدًا، كما تنظر إليها باعتبارها ذات علاقات متوازنة مع كل الأطراف، وتحتفظ بمكانة مرموقة فى العالم الإسلامى، ولكن السبب غير المعلن وهو الأهم فى اختيار الحركة للدوحة هو موافقة الولايات المتحدة على هذا الخيار.

من جانب آخر، تطرح قطر نفسها كوسيط رئيسى فى الصراع الذى طال أمده بالأراضى الأفغانية.

عدد كبير من قيادات وأعضاء حركة طالبان يعيشون مع أسرهم فى قطر، ويتمتعون بحياة فاخرة ومرفهة هناك، النظام القطرى يتكفل بتعليم أبناء قادة الحركة فى المدارس والجامعات القطرية، ويتلقى أبناؤهم مخصصات مالية شهرية، إضافة إلى منحهم حرية التجارة والاستثمار فى مجالات المقاولات والبناء.



قطر تريد لعب دور إقليمى، وعوضًا عن أن تلعب دورًا إيجابيًا تقوم باستخدام هذه الجماعات كأدوات، فقطر منحت حركة طالبان الشرعية السياسية الدولية بعد أن حولتها من حركة محلية إلى جماعة مؤدلجة، بهدف إضعاف الأدوار الإيجابية لدول أخرى فى المنطقة، كالسعودية والإمارات، والتى كان بإمكانها أن تلعب دورًا رئيسيًا ومهمًا فى دفع عملية السلام فى أفغانستان، لكن قطر احتكرت الأمر لنفسها واستخدمت حركة طالبان كأداة لفرض سياساتها فى المنطقة.

استمرار العلاقات بين قطر و«طالبان» هو الأمر المتوقع، ويمكن القول إن بدء هذه العلاقة لم يكن منطلقًا من رغبة قطر فى أن تكون فى موقع اللاعب فى قضايا دولية، بل ما يبدو أنها كانت جزءًا من خطة كان هدفها الإبقاء على طالبان حاضرة، بل تأهيلها ليومٍ آتٍ.

[email protected]

نقلا عن "المصري اليوم"