رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

محمد الشاذلي سفير مصر الأسبق في السودان لـ«النبأ»: إثيوبيا تستخدم التكتيك الإسرائيلي في مفاوضات سد النهضة ومن يعتقد أن تركيا ستخرج من ليبيا واهم

السفير محمد الشاذلي
السفير محمد الشاذلي في حواره مع النبأ

الدور الإسرائيلي في ملف سد النهضة مؤكد

 

اضعاف مصر من مصلحة تل أبيب

 

مصر أهملت السودان فترة طويلة

 

حل مشكلة حلايب وشلاتين يكون بالتعاون

 

لن يكون للعرب وجود وتأثير إذا ظلوا متفرقين

 

إعادة إثيوبيا لمفاوضات سد النهضة مضيعة للوقت

 

هناك أطراف من مصلحتها تأجيج الحرب بين القاهرة وأديس أبابا

 

هناك دول تحب أن ترى مصر منغمسة في حرب تستنفذ قدراتها

 

الدول العربية التي وقعت اتفاقيات سلام مع إسرائيل جانبها الصواب

 

من يعتقد أن إسرائيل يمكن أن تتحول إلى حليف للعرب واهم

 

سياسة مصر في ليبيا قائمة على تحجيم الوجود التركي

 

جامعة الدول العربية شعرة معاوية إذا انقطعت انفرط عقد العرب

 

العرب اهملوا اسباب القوة فضعفوا وذهبت ريحهم

 

كل دولة عربية عاملة قناة فضائية تشتم في البلد التانية

 

إذا لم ينتبه العرب إسرائيل ستصل من المحيط إلى الخليج

 

أصابع إسرائيل موجودة في كل الدول العربية ونظرية المؤامرة شماعة

 

سامح شكري ابن مخلص من أبناء البيت الدبلوماسي المصري

 

قال السفير محمد الشاذلي، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، وسفير مصر السابق لدى السودان، أن إثيوبيا تستخدم التكتيك الإسرائيلي في مفاوضات سد النهضة، مشيرا إلى أن الدور الإسرائيلي في ملف سد النهضة مؤكد ولا يحتاج إلى رأي.


وأضاف «الشاذلي»، في حواره لـ«النبأ»، أن من يعتقد أن تركيا ستخرج من ليبيا فهو واهم وغافل، مشيرا إلى أن مصر أهملت السودان فترة طويلة وأن حل مشكلة حلايب وشلاتين يكون بالتعاون، لافتا إلى أن هناك أطرافا من مصلحتها تأجيج الحرب بين القاهرة وأديس أبابا، وأن اضعاف مصر من مصلحة إسرائيل .. وإلى تفاصيل الحوار





وأنت سفير سابق في السودان ما هو تفسيركم للتقارب الأخير بين القاهرة والخرطوم وعلاقة ذلك بملف سد النهضة الإثيوبي؟


اسباب ودوافع هذا التقارب هو الاحساس المتبادل بين البلدين، بأهمية هذه العلاقة وحيوتها بالنسبة لأمن واستقرار ومستقبل البلدين، الطبيعي أن تكون علاقة مصر والسودان قوية، الشذوذ أن تضعف هذه العلاقة، مصر أهملت السودان اهمالا جسيما لفترة طويلة جدا، وكما نقول دائما مصر والسودان دولة واحدة، عندما كنت سفيرا في السودان، قام وزير الزراعة المصري في هذا الوقت أمين أباظة بزيارة السودان وذهبت لاستقباله في المطار مع وزير الخارجية السوداني، وكان أول وزير خارجية مصري يزور السودان منذ 22 عام، وفي 2006 تم اختيار الخرطوم العاصمة الثقافية للعرب وتحدث معي وزير الثقافة السوداني وقال لي، أنه يتعشم أن يقوم وزير الثقافة المصري فاروق حسني بزيارة السودان في هذه المناسبة، ولكن فاروق حسني اعتذر ولم يحضر، في فترة حكم جعفر النميري وصلت العلاقات المصرية السودانية إلى درجة عالية جدا وتم تحقيق التكامل وعمل برلمان وادي النيل والتنقل بين البلدين كان يتم بالبطاقة وبدون جواز سفر  وكان هذا نتيجة لعلاقة انسجام بين القيادتين، لذلك دائما كنت أطالب أن تقوم هذه العلاقات على المؤسسية والشعوبية وهذا مهم جدا حتى لا ينهار البناء، اليوم هناك إدراك بأهمية هذه العلاقة، وأهمية دعمها وتنميتها، واتعشم أن تخطو مصر خطوات ثابتة في العلاقات بين البلدين.


وماذا عن دوافع هذا التقارب في هذا التوقيت بالذات وهل هو تقارب مؤقت بسبب قضية سد النهضة؟


سد النهضة عارض من العوارض وخطر مؤقت، لكن بنظرة بانوراميه نجد أن الأراضي العربية في فلسطين وسوريا واليمن والعراق ولبنان وليبيا الأن منتهكة، وبالتالي هناك خطر داهم يهدد الدول العربية كلها، وعلى الدول العربية أن تنتبه لهذا الخطر، الولايات المتحدة الأمريكية أقوى دول في العالم اقتصاديا وعسكريا وتقنيا تواجه العالم من خلال التحالفات وحلف شمال الأطلنطي، وهي ترى أن علاقتها مثلا ببلجيكا مهمة لأمنها القومي، ولكن في الوطن العربي كل دولة ترى في نفسها أنها تستطيع أن تعيش لوحدها في معزل عن العالم العربي، وبالتالي لن يكون للعرب وجود وتأثير واحترام إذا ظلوا متفرقين ومشرذمين، وأعتقد أن القيادة السياسية في مصر ادركت هذا، لذلك هناك نشاط وزخم لبناء جسور العلاقات مع الدول العربية وحتى مع الدول غير العربية لأنهم ادركوا أن القوة في الجبهة القوية الموحدة.  

 

لكن هل مشكلة حلايب وشلاتين والتي يتم اثارتها من حين لأخر بين مصر والسودان تقف عائقا أمام استمرار علاقات قوية بين البلدين؟


وأنا سفير في السودان كنت دائما أرد على هذا السؤال وأقول، أن هذه القضية مثل لعبة الشطرنج تتكون من 24 مربع، لو ركزت على مربع واحد هخسر اللعبة، مساحة مصر مليون كيلو متر مربع، ومساحة السودان 2 مليون كيلو متر مربع، وبالتالي لا يمكن وقف العلاقة بين الدولتين المهمتين والشقيقتين بسبب بضع كيلو مترات، هناك طريقين لحل هذه القضية،  طريق العنف والعدوان والحرب، وأنا دائما أقول لو مصر كسبت حلايب وشلاتين وخسرت السودان فهي خسرانه، ولو السودان كسبت حلايب وشلاتين وخسرت مصر فهي خسرانه، وأنا أشبه قضية حلايب وشلاتين بقضية جبل طارق، كان هناك نزاع بين اسبانيا وبريطانيا على جبل طارق ولكن عندما دخلت الدولتان تحت مظلة الاتحاد الأوربي خفت حدة المشكلة، وبالتالي حل هذه المشكلة بأسلوب تعاوني وحدوي مكسب للطرفين.





ما هي السيناريوهات المتوقعة لحل أزمة سد النهضة في ظل التعنت الإثيوبي ووصول الحلول السلمية إلى طريق مسدود حتى الأن ولجوء مصر إلى تدويل القضية؟


أرى أن مصر استنفذت كل مراحل التفاوض، وأرى أن إعادة الإثيوبيين مرة أخرى للتفاوض مضيعة للوقت، إثيوبيا تستخدم التكتيك الإسرائيلي في مفاوضات سد النهضة، إسرائيل تتفاوض منذ سبعين سنة وبتأكل الأرض حتة حتة وتغير الجغرافيا والتضاريس والأمر الواقع، إثيوبيا تتفكك وتشهد ثورات، الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد أن مصر لن تتنازل عن قطرة مياه، وقال أن مصر لا تهدد، والرئيس جمال عبد الناصر له مقولة جميلة جدا «دولة تحمى ولا تهدد، تصون ولا تبدد، تشد أزر الصديق وترد كيد العدو»، وبالتالي مصر لا تهدد ولكنها تحذر من أن صدام على موضوع المياه سيؤدي إلى حالة عدم استقرار ستضر بالقارة الأفريقية بل والعالم كله، وبالتالي مصر تلجأ للعقلاء في قارة أفريقيا أولا وفي العالم المتحضر ثانيا من أجل أن تشهد العالم على هذا التعنت الإثيوبي التاريخي، ونتعشم أن تؤتي الضغوط الدولية والأفريقية ثمارها في هذه القضية.


ولكن كيف ترى أنت رهان مصر على المجتمع الدولي وعلى الدول الكبرى مثل أمريكا وروسيا والصين لحل هذه القضية المصيرية؟


مصر لا تراهن على أحد، نحن نتحدث عن مستقبل بلد ولا نتحدث عن رمية ظهر، مصر لديها استراتيجية وتوجه تعمل على تفعيله من خلال الدبلوماسية وبناء القدرات الذاتية بحيث يكون هناك ردع، نحن لا نتحدث عن صفقة تجارية بين مصر وإثيوبيا، نحن نتحدث عن حياة شعب، مصر الدولة الوحيدة في أفريقيا التي تعتمد اعتمادا كليا على نهر النيل، 95% من احتياجات مصر من المياه من نهر النيل، وبالتالي مصر لا تراهن على أحد، ولكنها تبني قدراتها الذاتية، وتعزز من امكانياتها، وتستنفر العالم المتحضر للوقوف في وجه هذا النزق الإثيوبي المتهور حتى نحمي أنفسنا ونحمي غيرنا من نتائج هذا التهور.


الكل في مصر الأن يتحدث عن أن الأمور في أزمة سد النهضة تتجه للمواجهة وأنه لا بديل عن الحل العسكري.. إلى أي مدى تتفق مع ذلك؟


أنا رجل دبلوماسي، وفي الخطاب السياسي والإعلامي عندما تقوم الحرب يقولون لقد فشلت الدبلوماسية، وبصفتي رجل غيور على مهنتي لا أحب أن ارى الدبلوماسية تفشل، أخطر شئ في الدنيا أن تستهين بعدو، المثال على هذا أمريكا بجبروتها دخل فيتنام وخسرت خسارة كبيرة جدا، والاتحاد السوفيتي دخل أفغانستان وخسر خسارة كبيرة جدا، وغزو افغانستان كان بداية لتحلل الاتحاد السوفيتي وسقوطه، ثم دخلت الولايات المتحدة إلى افغانستان ولا زالت تعاني من هذا، وبالتالي من الخطأ الاستهانة بعدو، وخاصة عندما يكون وراء هذا العدو أطراف أخرى من مصلحتها تأجيج الحرب، وهناك تجار سلاح، وهناك دول تحب أن ترى مصر منغمسة في حرب تستنفذ قدراتها، وهناك في مصر طموحات لتنمية وبناء هائل، لكن إذا وصل الأمر إلى حد أن سد النهضة سيؤدي إلى موت المصريين فلا تثريب علينا إذا اتخذنا أي اجراء، ولكنني كدبلوماسي لا أحب أن أرى الدبلوماسية تفشل.





تقييمك لموقف الدول العربية من ملف سد النهضة؟       

بدأت الأن الدول العربية في اتخاذ موقف حاسم في هذا الملف.

هناك حديث عن دور إسرائيلي في موضوع سد النهضة والبعض يتحدث عن أن إسرائيل تضغط على مصر من خلال هذه القضية من أجل تحقيق حلمها القديم بتوصيل مياه النيل.. ما هو تعليقكم على هذا الموضوع وهل هناك دور إسرائيلي بالفعل في هذا الملف؟

الدور الإسرائيلي في ملف سد النهضة مؤكد ولا يحتاج إلى رأي، من مصلحة إسرائيل إضعاف مصر، ومن مصلحتها تأليب الدول الأفريقية ضد مصر والعرب، ومن مصلحتها استنزاف قدرات مصر، وبالتالي دور إسرائيل بديهي ولا يحتاج إلى رأيي أو رأي غيري، إسرائيل لها أصابع في كل مشكلة عربية، من أول لبنان، إلى العراق وليبيا والسودان واليمن، لا يوجد منطقة عربية فيها عدم استقرار إلا وهناك اصابع إسرائيلية فيها.

لكن إسرائيل تحولت الأن من عدو ومحتل إلى دولة صديقة وحليفة والكثير من الدول العربية تهرول إليها لعقد اتفاقيات سلام؟

غير حقيقي، اتفاقيات السلام لا تعنى أن العداوة قد زالت، وأنا أرى أن الدول العربية التي وقعت اتفاقيات سلام مع إسرائيل في هذا التوقيت جانبها الصواب، اتعشم أن يكون لهذا التقارب حدود، وأن يدركوا أن صراع العرب مع إسرائيل هو صراع حضاري واقتصادي وتنموي وسياسي مستمر، وإذا اعتقد أحد أن إسرائيل هي الحليف فهو واهم وغافل عن الحقائق.



ما هي السيناريوهات المتوقعة لحل الأزمة الليبية على ضوء التطورات الأخيرة المتمثلة في تعيين حكومة جديدة ومجلس رئاسي جديد؟

  العرب أهملوا ليبيا حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الأن، وكما قلت هناك أصابع خارجية كثيرة تلعب على الساحة العربية ومنها ليبيا، وأنا أرى أن هناك بوادر للحل قد بدأت تظهر، فمثلا تركيا وهي لاعب اساسي على الساحة الليبية وكانت تقوم بنقل المرتزقة والسلاح بدأت تراجع نفسها، وهذه خطوة مبشرة.

لكن ما نراه هو أن تركيا تثبت وجودها العسكري والاقتصادي في ليبيا.. فكيف ترى مستقل الوجود التركي في ليبيا لا سيما بعد الحديث عن تقارب أو مصالحة بين مصر وتركيا؟

في عالم السياسة هناك فرق بين الصراع والتنافس، تركيا لن تنسحب بشكل كامل في ليبيا، ولكن دور مصر هو ملئ الفراغ في ليبيا بحيث لا تترك لتركيا مساحة للتحرك، والوضع بالنسبة لمصر أيسر، لأن ليبيا دولة جوار وتربطها بمصر حدود مشتركة وتاريخ، هناك شركات مقاولات مصرية موجودة في ليبيا منذ زمن طويل، مصر تستغل ذلك من أجل تحجيم الدور التركي، الدور التركي في ليبيا لن ينتهى مثل إسرائيل لن تختفي، لكن على مصر أن تسد عليها المنافذ والطرق بحيث يتم تحجيمها، من يعتقد أن تركيا ستخرج من ليبيا واهم، تركيا ستظل موجودة في ليبيا ولكن سيتم تحجيمها.

لكن ما هي توقعاتك للمستوى التي سوف تصل له العلاقات المصرية التركية بعد المصالحة القادمة وهل سيكون لهذه المصالحة تأثير على الوضع في ليبيا؟

العلاقات بين البلدين ستصل إلى مستوى عدم التصادم، وأنا أرى أنه ليس من مصلحة مصر الصدام مع تركيا، وتركيا تدرك أنه ليس من مصلحتها الصدام مع مصر، مصر دولة قوية وهذا رادع لأي قوى تريد الصدام مع مصر.




لكن ما هو المستوى السياسي الذي سيصل له هذا التقارب.. هل يمكن أن يصل إلى مستوى قادة الدولتين مثلا أم سيكون على المستوى الدبلوماسي والتعاون الأمني والاقتصادي والمخابراتي؟

أنا كدبلوماسي محترف أرى أن سحب السفراء وغلق السفارات عند حدوث خلاف أو أزمة بين دولتين خطأ، السفير والسفارة ليس مظهر من مظاهر المودة والصداقة، السفارة والسفير مظهر من أن هناك مصالح وعلاقات ودور السفارة والسفير هو دعم هذه المصالح، فمثلا لم يتم قطع العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي أثناء الحرب الباردة، ولكن اتعشم أن يحدث تقارب بين البلدين، ليس حبا في تركيا، ولكن لأن تركيا دولة كبيرة ودولة محورية في النظام الاقليمي ومن المهم أن يكون هناك قنوات اتصال بينها وبين مصر على أعلى مستوى، وأنا ارى أن هناك بوادر قوية على أن تركيا أدركت أن الطريق التي تسير فيه في علاقتها مع مصر غير سوى وبدأت فعلا تصدر منها اشارات بأنها ستحجم أنشطة جماعة الإخوان على أراضيها وأنها ستتوقف عن التدخل في شئون مصر الداخلية.

ما هو تقييمكم للعلاقات المصرية الأمريكية الأن وفي ضوء تصريحات الرئيس الأمريكي الحالي جو بادين عن النظام في مصر عندما كان مرشحا للرئاسة الأمريكية؟

  الولايات المتحدة الأمريكية أقوى دولة في العالم عسكريا واقتصاديا وتقنينا وصناعيا، وهي عضو دائم في مجلس الأمن وتملك حق النقض أو حق الفيتو، وبالتالي لا يمكن تهميشها في السياسة الخارجية، ولابد من السعي لإقامة علاقات ايجابية معها، مع وضع حد لأي تدخلات في الإرادة المصرية وفي الشأن الداخلي لمصر، فمهما بلغت قوة أي دولة في العالم  يجب أن يكون هناك خط أحمر في التعامل مع هذه الدولة لا يجب تجاوزه، وأعتقد أن مصر وضحت هذا الخط الأحمر للولايات المتحدة الأمريكية، والانتخابات الأمريكية يقال فيها الكثير من الهراء لكسب أصوات الناخبين، وبالتالي تسليط الضوء على كل ما قيل أثناء العملية الانتخابية ليس أمرا مفيدا، الرئيس الأمريكي الحالي قال كلاما ومصر ردت عليه، العلاقات الدولية تدار من منطلق المسئولية والمصلحة.

هل أنت مؤمن بنظرية المؤامرة وأن كل ما يتعرض له العالم العربي من مشاكل هو نتيجة مؤامرة دولية عليه؟

نحن للأسف جعلنا من المؤامرة نظرية كاريكاتورية، تصوير الأمر بأن هناك اشخاصا مطلقي اللحى يجلسون في غرف مظلمة يدعكون أيديهم حنقا وغيظا من أجل تدميرنا كلام فاضي، مفهوم المؤامرة من وجهة نظري أن هناك كيانات أو دول لها مصالح تخطط تخطيطا طويل الأجل لتحقيق هذه المصالح، عن طريق صفوة العقول السياسية والعسكرية والدبلوماسية والاستخباراتية والاقتصادية والإعلامية، على سبيل المثال، إذا نظرنا إلى قيام دولة إسرائيل، نجد أنه في عام 1898م تم عقد المؤتمر الصهيوني الذي نادى بإنشاء دولة إسرائيل، وفي عام 1948م أي بعد حوالي 50 سنة تحقق هذا، ومن سنة 1948م وحتى عام 1967م توحشت إسرائيل وتحولت إلى قوة كبيرة ومؤثرة في المنطقة، هذا مخطط تم تنفيذه لأننا نحن العرب مفككين، وهو من وجهة نظرنا كعرب مؤامرة، نفس الأمر ينطبق على الخلافة العثمانية أو رجل أوربا المريض الذي بدأ مخطط تفكيكها منذ نهايات الجزء الثاني من القرن الثامن عشر حتى سقطت عام 1918 وتم توزيع تركتها على انجلترا وفرنسا في سايكس بيكو، مشكلة العرب أنهم ظلوا يفكرون بعقلية الضحية وأن الدنيا كلها تتآمر عليهم، مع العلم أن الدنيا كلها كانت تتأمر على الهند والصين، وبالتالي أنا أرى أن نظرية المؤامرة شماعة، العرب اهملوا اسباب القوة فضعفوا وزادوا الطينة بلة بفرقتهم فذهبت ريحهم.




ما هو تقييمكم لدور جامعة الدول العربية في حل المشاكل العربية والانتقادات التي توجه إليها؟

 جامعة الدول العربية هي مجموع إرادات الدول العربية، وبالتالي طالما لا توجد إرادة موحدة للدول العربية لن تستطيع جامعة الدول العربية ان تفعل شئ، لاسيما وأنه ليس هناك سلطة لأمين عام جامعة الدول العربية على الدول الأعضاء في هذه الجامعة، ولأن تجميع الدول العربية سياسيا يكاد يكون مستحيلا في هذه الظروف فأنا أرى أن هناك مجالات أخرى للتعاون بين هذه الدول من خلال تفعيل منظمة الأليكسو داخل الجامعة وهي موازية لمنظمة اليونسكو، وهي ترعى التعاون في مجالات العلم والثقافة والتعليم، وبالتالي أنا أرى أن الجامعة العربية يمكن أن يكون لها دور في هذه المجالات الثلاثة بين الدول العربية، العلم والثقافة والتعليم، المشكلة في العالم العربي أن كل بلد تعمل بمعزل عن الدول الأخرى، وهذا يجعل الدول العربية غير قادرة على مواكبة التطورات العالمية في العلم والثقافة والتعليم، وبالتالي عمل تعاون عربي في المجال العلمي والثقافي، العالم اليوم يهاجم العرب والمسلمين ويتهمهم بالهمجية وأنهم سبب الإرهاب، فلماذا لا يتعاونون في المجال الثقافي والعلمي التي يظهر الجانب الايجابي فيهم من خلال اصدار المطبوعات والقنوات الفضائية؟، لكن للأسف الأن كل دولة عربية عاملة قناة فضائية تشتم في البلد الثانية.

لكن البعض يطالب بإغلاق الجامعة العربية؟

جامعة الدول العربية هي شعرة معاوية بين الدول العربية إذا انقطعت انفرط عقد العرب، وبالتالي كما قلت إذا كانت الدول العربية غير قادرة على التعاون في المجال السياسي فيمكنها التعاون على المستوى الثقافي والعلمي والتعليمي.

ما هو تقييمكم لأداء الدبلوماسية المصرية بقيادة الوزير سامح شكري وزير الخارجية؟

رغم أن شهادتي قد تكون مجروحة باعتبار أنني أحد ابناء الدبلوماسية المصرية العريقة وفخور وأعتز بالانتماء لهذه المؤسسة، مصر من الدول المؤسسة للأمم المتحدة، مصر من الدول التي وضعت الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، مصر من الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي وحركة عدم الانحياز والمؤتمر الإسلامي، ميلاد الدبلوماسية المصرية كان عام 1922م بعد إعلان استقلال مصر، وإن كان استقلال منقوص، لكن الدبلوماسية المصرية لعبت دورا كبيرا في استقلال مصر الكامل، ثم لعبت دور عظيم في تحرير أفريقيا وأسيا ولدعم الدول الأفريقية الناشئة ومحاربة النظام العنصري في أفريقيا وتحقيق الانتصار في معركة تأميم قناة السويس وتحرير البلاد العربية بعد 1967، كما لعبت دورا كبيرا في دعم القضية الفلسطينية، هذه هي الدبلوماسية المصرية التي يجب أن يعرفها الجميع ويفتخر بها، الوزير سامح شكري ابن مخلص وبار من ابناء البيت الدبلوماسي المصري، وهو مستمر في هذا الطريق وهذا النهج.




هناك تغيرات كبيرة يشهدها الشرق الأوسط الأن تتمثل في تحويل إسرائيل من عدو لصديق والتفاوض بين أمريكا وإيران وبين إيران والسعودية والمصالحة المصرية التركية .. كيف ترى خريطة الشرق الأوسط الفترة القادمة؟

 أنا معني فقط بالتحالف بين العرب، لكن التحالف بين العرب وغيرهم عبارة عن اتفاقيات لأسباب مؤقتة وآنية، هذه الاتفاقيات لن تخلق حلف أو صداقة،  وخير مثال على ذلك أن الانجليز فشلوا في تأسيس حلف بغداد، والأمريكان فشلوا في تنفيذ مشروع أيزنهاور في الشرق الأوسط، وبالتالي أنا أرحب بأي مصالحة سعودية إيرانية أو مصرية تركية، وأعتبرها شئ ايجابي، وبالتالي أنا أرى أن التحالف العربي العربي هو الملاذ للعرب، وأن الجامعة العربية هي الجبهة الحقيقية والخيمة التي تجمع الدول العربية.

كيف ترى مستقبل حل القضية الفلسطينية في ظل كل هذه التغييرات في الشرق الأوسط؟

حل القضية الفلسطينية في يد الشعب الفلسطيني، التناحر بين حركتي فتح وحماس جعل العرب يتعاطفون مع اللاجئين السوريين والعراقيين والليبيين واليمنيين أكثر من اللاجئين الفلسطينيين، القضية الأن في العالم العربي لم تعد هي القضية الفلسطينية ولكنها أصبحت القضية العربية، إسرائيل بدأت حلمها من البحر إلى النهر، الأن حلمها تحول من النيل للفرات، إسرائيل الأن تسير بخطى ثابتة للسيطرة على البترول والغذاء والمياه العربية من خلال عقد اتفاقيات السلام مع دول الخليج والدول العربية، إسرائيل بهذه الطريقة ستصل من المحيط إلى الخليج بدلا من النيل للفرات، وإذا لم ينتبه العرب لذلك سيكون الأمر وبالا عليهم.