رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لغة المصالح .. تكشف الدور «المخيب للآمال» للدول الشقيقة والصديقة في ملف سد النهضة

النبأ

«شراقي»: الدعم العربي لمصر في ملف سد النهضة غير كاف والدول الكبرى تبحث عن مصالحها

 

«درويش»: مصالح الدول العربية مع أديس أبابا يجب ألا تكون على حساب أمن مصر المائي

 

رغم تأكيد وزير الخارجية، سامح شكري، على عدم وجود دول صديقة ذات علاقات وطيدة مع مصر تمول سد النهضة بشكل مباشر، لكن هناك شركات تقوم بعملية التمويل، وتأكيده على أننا لا نعيش في عالم مثالي وأن كل شيء مرهون بسياسات الدول، ورغم رهان مصر على الدول الصديقة والشقيقة لحل أزمة سد النهضة الإثيوبي، إلا أن مصر تشعر بخيبة أمل كبيرة من موقف الدول التي تعتبرها صديقة وشقيقة وحليفة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وبعض الدول العربية، بسبب تفضيل مصالحها المشتركة مع إثيوبيا على تعطيش الشعب المصري وحقوقه الاستراتيجية والحيوية في مياه النيل.

 

كما تشعر مصر أن رهانها على الدول الشقيقة والصديقة والحليفة في ملف سد النهضة رهان خاسر، بسبب بحث هذه الدول عن مصالحها.

 

ففي أعقاب الفشل المستمر في مفاوضات سد النهضة، بدأت مصر تتحرك تجاه الدول العربية من أجل الحصول على دعم دولي يسمح لها بمواجهة

 

إثيوبيا دبلوماسيًا، حيث قام سامح شكري وزير الخارجية بجولة إلى الدول العربية، من أجل توحيد الموقف العربي تجاه التعنت الإثيوبي.

 

لكن هذه الزيارة كما يقول الخبراء جاءت مخيبة للآمال، إذ لم تسفر عن أي دور واضح للدول العربية وعدم التحرك تجاه إحراج إثيوبيا دوليًا أو تمثيل ضغط دولي عليها. لذا لم يتم الإفصاح عن ما وصلت إليه المباحثات العربية في أزمة سد النهضة.

 

فقد أدركت مصر جيدًا أن المصالح الاقتصادية للدول العربية تقف حائلًا أمام البوح بموقفها والبحث عن مصلحة مصر، إذ سيكون موقفها مبني على تقييم مدى تأثر مصالحها الاقتصادية.

 

ولا يخفى على أحد أن هناك الكثير من المصالح المشتركة التي تجمع إثيوبيا بالكثير من الدول العربية.

 

فحسب الكثير من التقارير، فإن استثمارات المملكة العربية السعودية في إثيوبيا تبلغ حوالي 13 مليون مليار دولار في مجالات الزراعة والتعدين.

 

كما يتجاوز حجم استثمارات الإمارات في إثيوبيا حاجز المليار دولار، حيث تتنوع تلك الاستثمارات بين الزراعية والصناعية، فيوجد نحو 21 مشروعًا في مجال الزراعة، و37 في مجال الصناعة، و7 في حفر الآبار، و5 مشاريع في التعدين والسياحة.

 

كما تعتبر الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وإيطاليا، وكلها دولا صديقة وحليفة لمصر، من أكثر الدول التي تربطها مصالح مشتركة مع الجانب الإثيوبي، حيث تأتي الصين على رأس الدول الممولة لسد النهضة، وهناك مشاركة واسعة للشركات الصينية في بناء السد.

 

كما تشارك شركة البناء الإيطالية المتخصصة في بناء السدود، في بناء سد النهضة، وهناك أيضا شركات فرنسية.

 

وكان الكاتب والمفكر فاروق جويدة قد كتب مقالا قال فيه، أن هناك سؤال يبحث عن إجابة: أين العالم من سد النهضة? وأين ردود الفعل العالمية من جريمة واضحة المعالم ضد مصر والسودان؟ أين الدول الصديقة التى تربطها بمصر مصالح تاريخية؟ أين أمريكا القوة العظمى التى انسحبت إثيوبيا ورفضت أن تعترف بها وسيطاً؟.. وأين الاتحاد الأوروبى وله علاقات تاريخية مع مصر أين ألمانيا وايطاليا وفرنسا واليونان؟.. بل أين الصين وهى اقرب الدول إلى مصر ولها مصالح كبيرة مع إثيوبيا؟.. وقبل هذا أين روسيا وقد أصبحت الآن صاحبة دور فى العالم كله؟.. هل قصرنا فى التواصل مع هذه الدول والقوى التى سافر إليها السيد سامح شكرى وزير خارجية مصر أكثر من مرة ووضح أمام الجميع موقف مصر والموقف الإثيوبى الذى لا يراعى الالتزامات الدولية والقوانين التى تحكم قضايا المياه فى العالم؟!.

 

وتابع، إن غياب دول العالم بلا استثناء فى قضية سد النهضة يدعو للتساؤل خاصة أن أمريكا سكتت على فشل المفاوضات التى جرت على أراضيها وكانت شاهداً على المراوغة فى موقف إثيوبيا.. إن للصين مصالح كبيرة في إثيوبيا كما أن روسيا تورد السلاح لكل دول إفريقيا أما الاتحاد الأوروبى فلا صوت له رغم أن هناك شركة إيطالية هي التي أقامت السد وبيننا وبين إيطاليا اتفاقيات واستثمارات ضخمة.. إن غياب الدعم العالمي لمصر والسودان في قضية سد النهضة يفتح أبواباً كثيرة للتساؤل والدهشة.

 

ويضيف، على جانب آخر فلا أحد يعلم شيئا عن موقف الدول العربية من استثماراتها فى إثيوبيا وفيها مشروعات زراعية تعتمد على المياه.. لا أدرى هناك أشياء كثيرة غامضة تجاه سد النهضة وهناك مواقف مريبة والجميع يسأل وأين إسرائيل واتفاقيات السلام والتطبيع وكامب ديفيد؟ خاصة أن هناك أطماعا إسرائيلية فى مياه النيل من زمن بعيد.. إن هذه المواقف الغامضة دولياً وإقليمياً تدعونا للتساؤل: هل هذا إهمال من جانبنا أم هو غموض فى مواقف الآخرين؟.. لا يكفى أبداً أن تنحصر قضية سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا لابد أن يتدخل العالم.

 

يقول الدكتور عباس شراقي، استاذ المياه والموارد المائية والشئون الأفريقية بجامعة القاهرة، أن الدعم العربي لمصر في ملف سد النهضة غير كاف وأن مصر تنتظر من الأشقاء العرب أكثر من ذلك، مؤكدا على أن الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا تبحث عن مصالحها.

 

ويقول اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن المملكة العربية السعودية أعلنت بشكل واضح دعمها ومساندتها لمصر والسودان في ملف سد النهضة، مشيرا إلى أن موقف الإمارات العربية المتحدة غير واضح، مطالبا دولة الإمارات باتخاذ موقف واضح في هذه القضية الحيوية بالنسبة لمصر، لافتا أنه من حق الدول العربية أن تحافظ على مصالحها مع إثيوبيا ولكن يجب ألا يكون ذلك على حساب مصالح مصر وأمنها المائي، مؤكدا على أن القيادة السياسية في مصر واعية لكل التحركات التي تتم.