رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الطالب الضحية.. تخبط «شوقي» في قراراته يشير إلى أسرار البيزنس الخفية

وزير التربية والتعليم
وزير التربية والتعليم

محب عبود: الوزير لا يريد أن يعد خطة مكتوبة وهناك أهداف خفية ينظم على أساسها العملية التعليمية

عبود: البيزنس هو الذي يحكم وزير التعليم في اتخاذ قراراته

خبير تربوي: الرابح الوحيد من قرارات «شوقي» منذ توليه حقيبة التعليم هي شركات الاتصالات والوزير نفسه

ممثل المعلمين المستقلين: ترنح الوزير بين أخذ القرار والرجوع عنه يمثل معضلة كبيرة للباحثين في وزارة التعليم

أستاذ جامعي: وزير التعليم يتعامل مع الطلاب ومستقبلهم كعينة بحث يخضعها للتجريب ويا صابت يا خابت

عضو هيئة تدريس بجامعة حلوان: كنا نتمنى أن يستمع لخبراء التربية وعلم النفس والمدرسين وأولياء الأمور

وائل كامل: نظم التقييم والتقويم بهذا الشكل الغريب لا مثيل لها بأي دولة في العالم

إسلام مصطفى

"إن الوسيلة الوحيدة لاتخاذ القرار الصحيح، هي الاعتراف بالقرار الخاطئ"، مقولة شهيرة للروائي البرازيلي باولو كويلو، انتهجها الكثيرون، ولكن –بحسب وصف البعض- غابت عن وزير التربية والتعليم، الدكتور طارق شوقي، الذي لطالما يُصدر حزمة قرارات، وسرعان ما يتم نفيها، ليصبح "التخبط بين اتخاذ القرار والعدول عنه" هو الخط العريض الذي تسير عليه وزارة التعليم، الأمر الذي يثير غضب الطلاب وأولياء أمورهم، فضلًا عن التربويين والمختصين، لاسيما وأنهم يرون أن الأمر له تأثير سلبي على العملية التعليمية وعلى مستقبل الطلاب.

 

ثورة غضب أولياء الأمور والمختصين، رافقها العديد من التساؤلات، أبرزها: ما السبب الرئيسي وراء تخبط «شوقي» في قراراته؟ وما تأثير ذلك على العملية التعليمية ومستقبل الطلاب؟ وأخيرًا ما هي الحلول لتلك الأزمة؟

 

الدمج يقلب المواجع
لعل قرار دمج امتحانات الفصل الدراسي الأول والثاني للشهادة الإعدادية، في 14 فبراير الماضي، كان آخر القرارات التي كشفت عن توغل التخبط لدى وزير التعليم، رغم إنه أكد أن القرار في مصلحة الطلاب، إلا أنه سرعان ما رجع في قراره في اليوم التالي، وأعلن عن إلغاء دمج امتحانات الفصلين الدراسيين للشهادة الإعدادية، وبالفعل عقدت الوزارة امتحانات الفصل الدراسي الأول في 7 مارس الجاري.

 

ولكن كان العدول عن قرار اعتماد الأبحاث وسيلة بديلة عن إجراء الامتحانات لتقييم الطلاب، في ظل تفشي جائحة كورونا، هو الأبرز، لاسيما وأنه جرى تطبيقه خلال الفصل الدراسي الثاني العام الماضي، وحينها أكد الوزير اعتماده كوسيلة لتقييم الطلاب، ورغم تصريحاته الكثيرة حول أنه نظام يصب في مصلحة الطلاب، إلا أنه عاد، ورفض اعتماده بديلًا عن امتحانات الفصل الدراسي الأول خلال العام الدراسي الحالي 2020/2021، بدعوى أنه أُسيئ استخدامه، رغم إنه أصر على عدم نعته بالنظام الفاشل.

 


أزمة أزلية
"إعلان القرار والرجوع عنه" لم يكن وليد اللحظات الأخيرة، فيما يتعلق بالعملية التعليمية، ورغم أن الأزمة بدأت في وقت مبكر مع تولي «شوقي» حقيبة التعليم، لاسيما مع إقراره نظام التعليم الجديد لعام 2018/2019، والذي يعتمد على «التابلت»، وتحديد الوزير موعد لتسليم الطلاب أجهزة «التابلت»، ثم التراجع وتحديد موعد آخر.

 

أزمة كورونا كان لها دور كبير في الكشف عن مدى توغل التخبط داخل الوزارة، لاسيما وأن «شوقي» كان يصرح ببعض القرارات عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ثم يعود ينفي الأمر مرة أخرى، مثلما حدث بخصوص تعديل جداول امتحانات الشهادات، بدءًا من المرحلة الابتدائية والإعدادية وليس انتهاءً بالشهادة الثانوية، على أن لا تشمل المواد خارج المجموع، وأجاب الوزير آنذاك على أولياء الأمور: "قمنا بذلك بالفعل"، وبعدما تداولت وسائل الإعلام الخبر، نفت الوزارة الخبر، مؤكدة أن جدول امتحانات الثانوية العامة 2019/2020 كما هو، وأن الأمر متعلق بجداول امتحانات سنوات النقل وليس الشهادات.

 

لم يقتصر الأمر على ردود وتصريحات الوزير عبر حسابه على «فيسبوك» أو تصريحاته الصحفية، بل تخطى إلى ما هو أبعد من ذلك، من خلال توزيع خطابًا رسميًا من مكتب نائب وزير التربية والتعليم لشؤون المُعلمين، الدكتور رضا حجازي، على المُديريات التعليمية، يفيد بإرجاء أية استعدادات بشأن امتحانات الشهادة الإعدادية، وتم تداول صورة من الخطاب حينها، إلا أن الوزارة خرجت نفت ذلك، وقالت في بيان صحفي: "لا صحة لكل ما يثار عن أي تغيير في الشهادات العامة الإعدادية والثانوية، وستصدر الوزارة بيانات رسمية بأية قرارات حين اتخاذها، وسيتم ملاحقة مروجي الإشاعات ومثيري البلبلة طبقًا للقانون".

 

البيزنس يحكم
"لازم يكون فيه خطة تُلزم الوزير في قراراته"، بدأ ممثل نقابة المعلمين المستقلين، محب عبود، حديثه مع
«النبأ الوطني» بهذه الكلمات، لافتًا إلى أنه كان من المُفترض أن يضع وزير التعليم، خطة منذ البداية، ومن ثم يتم تنفيذها والأخذ بها وفقًا لقرارات وزارية.


"الوزير لا يريد أن يقدم خطة مكتوبة، وهناك أهداف خفية لا يفصح عنها ينظم على أساسها العملية التعليمية"، والتي تتمثل في والتي تتمثل في أن التعليم جعل التعليم مقتصر على الأغنياء فقط، ويكرس للامساواة بين الفئات الاجتماعية من ناحية وبين الذكور والإناث من ناحية أخرى، وما بين حتى الفئات الدينية المختلفة من ناحية ثالثة، بحسب محب عبود.

 

"البيزنس هو الذي يحكم وزير التعليم في اتخاذ قراراته، فضلًا عن مجموعة عناصر أخرى"، وتلك العناصر وذلك البيزنس، الذي يشير إليه «عبود»، لا تنسجما مع عملية تطوير التعليم الحقيقية، ولذلك هو يترنح ما بين أخذ القرار والرجوع فيه.

 

"منذ تولي طارق شوقي حقيبة التعليم، فإن الرابح الوحيد من وراء قراراته هي شركات الاتصالات والوزير نفسه"، لأنه جاء لإتمام مهمة واحدة وهي إدارة بيزنس مع شركات الاتصالات، الأمر الذي جعله الشريك الأوحد لشركات الاتصالات، الرابح من تلك القرارات المتخبطة –من وجهة نظر عبود-

 

نتيجة حتمية
ويرى محب عبود، أن ترنح «شوقي» بين أخذ القرار والرجوع عنه يمثل معضلة كبيرة للباحثين في وزارة التربية والتعليم، وليس أزمة الطلاب وأولياء أمورهم وحسب، لاسيما وأنهم باتوا لا يعرفون ماذا يريد الوزير!، ولذلك مع غياب خطة التعليم التي من المفترض أن يقوم الباحثين من خلالها بإبداء رأيهم في صلاحية القرارات الوزارية، من عدمها، أصبح الأمر غير محكوم والقرارات معلقة، وأصيبوا بالارتباك والتشتت.

 

مساوئ التخبط لم تنتهِ بعد، وفقًا لـ «عبود»، لاسيما وأنه يهدر أموال طائلة، لأن القرارات يتم اتخاذها والعدول عنها مرة أخرى، يترتب عليها تبعات في الوقت وأخرى مالية، كل ذلك يتم إهداره.

 

واختتم محب عبود حديثه مع «النبأ الوطني»، لافتًا إلى أنه كان من المُفترض أن يُعد الوزير خطة مكتوبة لسير العملية التعليمية، وإبلاغ المركز القومي للبحوث التربوية، بها لفحصها وكشف جوانب القوة والضعف بها، وما تحتاج إليه، لتكون بمثابة مقياس ودليل لقرارات التي يتخذها وزير التعليم، مضيفًا: "العيب ليس في الوزير ولكن بالسياسات التي ينفذها الوزير، والتي سلبت التعليم مجانيته، كما أنها جعلته لا يقدم خدمة حديثة، وأفقدته مبدأ المساواة، وإذا كانت تلك هي السياسات التي يسير عليها شوقي، فمن الطبيعي أن تكون تلك النتيجة، الحتمية لما وصل إليه التعليم".

 

يا صابت يا خابت
"
من الواضح أن وزير التربية والتعليم يتعامل مع طلاب مصر ومستقبلهم كعينة بحث يخضعها للتجريب ويا صابت يا خابت"، هكذا علق أستاذ التربية الموسيقة بجامعة حلوان، الدكتور وائل كامل، على تخبط «شوقي» في قراراته بشأن العملية التعليمية.

 

أمنية لطالما لازمت «كامل» ليس باعتباره فقط عضو هيئة تدريس بإحدى الجامعات المصرية، بل باعتباره أحد أولياء الأولياء، الذين يعانون الأمّرين بسبب تخبط «شوقي»، ألا وهي أن يستمع الوزير إلى المختصين وأولياء الأمور، ويقول: "كنا نتمنى أن يستمع لخبراء التربية وعلم النفس والمدرسين وأولياء الأمور، بدلًا من الاستماع لنفسه فقط والانفراد بالرأي والذي يتضح من خلال إصدار تصريحات ثم التراجع عنها، وظهور سلبيات متكررة في نظم الامتحانات عامًا بعد العام".

 

يقف وائل كامل ولي الأمر وليس الأستاذ الجامعي، عاجزًا –بحسب وصفه- وهو يشاهد مستقبل أبنائه يتم تدميره بهذا الشكل، "فعلى سبيل المثال تم تحديد موعد لعقد امتحان شهر مارس بعد أقل من أسبوع من دلوقتي، والكتب استلموها الأسبوع الماضي، ولا توجد أي أخبار عن امتحان الليفل(اللغة الإنجليزية مستوى رفيع) في مدارس التجريبي".

 

مصائب كُبرى
كل ما يشكوه
«كامل» من مصائب –بحسب وصفه- لا يضاهي المصيبة الأكبر،  وهي ما حدث من تقييم خاطئ في امتحان الفصل الدراسي الأول، والذي تسبب في ضياع درجات كبيرة على الطلاب بسبب الامتحان المجمع، والذي حدد خمسة أسئلة فقط لكل المواد، بما يعني أن سؤال واحد فقط خاطئ يُحسب بعشرة درجات.

 

واختتم عضو هيئة التدريس بجامعة حلوان حديثه مع «النبأ الوطني»، متسائلًا: "ألا يؤمن أحد أن هناك فروق فردية بين الطلاب، وأن نظم التقييم والتقويم بهذا الشكل الغريب لا مثيل لها بأي دولة في العالم!"