رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أسرار «مرعبة» من دفتر جرائم اختطاف الأطفال

خطف الأطفال
خطف الأطفال

اتهام موظف باستدراج طفل للاعتداء الجنسى عليه فى الهرم

اختطاف طفل أثناء لهوه أمام منزله بالإسكندرية لطلب فدية من أسرته

«فايد»: إهمال الأهالى لأطفالهم أدى لانتشار حوادث الاختطاف 

محام بالنقض: تكرار تلك الجرائم وراء تعديل وتشديد النصوص القانونية الخاصة بحوادث خطف الأطفال

«الشرقاوى»: الداخلية كانت «سباقة» فى عرض ومناقشة وضع بصمة الأطفال بشهادة الميلاد 


تُعد وقائع اختطاف الأطفال من أخطر القضايا على الساحة المصرية وأكثرها رعبًا؛ حيث يختلف الغرض فيها من واقعة إلى أخرى، ويرجع ارتكابها إلى عدة أسباب منها: تبني الطفل وتربيته، أو التسول والعمل به بدون مقابل، أو سرقة أعضائه، أو للاغتصاب، أو الابتزاز لطلب أموال «فدية» أو تهريبه خارج البلاد لتجار الأعضاء البشرية.


صورة على الفيس

آخر تلك الوقائع من هذا النوع يرويها «محمد. ف»، لـ«النبأ» قائلًا: «كنت راكب المترو وفوجئت بسيدة تستقل نفس العربة جالسة، تحمل على كتفها طفلة يبدو على وجه السيدة أنها خاطفة الصغيرة، الاختلاف في الشكل والملامح ولون البشرة جعلني أشك، فالتقطت لهما صورة بدون أن تأخذ بالها، واحتفظت بها، لكن رفضت نشرها على الإنترنت خوفًا أن اتعرض للمساءلة القانونية، وبعد مرور فترة قصيرة فوجئت أيضًا بانتشار صورة لنفس الطفلة الصغيرة التي شاهدتها في المترو مع السيدة منتشرة على الفيس بوك ومكتوب عليها أنها مختطفة ومن يعثر عليها رجاء التواصل بهذا الرقم محدد، في هذه اللحظة تشجعت لنشر الصورة، وساهم أعضاء موقع التواصل الاجتماعي في انتشار الصورة بشكل واسع، وبعد ذلك تمكنت قوات الشرطة من ضبط المتهمة وتحرير الطفلة وعودتها لأسرتها سالمة».


السطور السابقة تكشف أن في كل حادث خطف أو اختفاء، تصاب أسرة بالكامل بحالة من الوجع والهلع، ويبدأ والد الطفل في رحلة بحث طويلة تنتهي في النهاية إما بخيبة أمل لعدم إيجاد الصغير، أو دفع فدية لعصابة متخصصة مقابل إطلاق سراحه، لكن الإنترت ساهم في كشف العديد من القضايا وساعد رجال الأمن في التوصل للجناة، وضبطهم، وتحرير الضحية من بين أيديهم، وتسليمهم للعدالة.


فدية مقابل إطلاق سراحه

في هذا الصدد، تفتح «النبأ» هذا الملف الشائك من جديد وتدق ناقوس الخطر، حيث شهدت محافظة الإسكندرية واقعة اختطاف طفل، أثناء لهوه أمام منزله بمنطقة الدخيلة، وكشفت أجهزة الأمن غموض الواقعة، وتبين من التحريات أن أحد الجيران المقيمين بالعقار الذى يقيم به الطفل وزوجته وشقيقها وراء ارتكابها، واحتجازهم الطفل بشقة مستأجرة، تم ضبطهم وتحرير الطفل من بين أيديهم.


وكشف محضر قسم شرطة الدخيلة بمديرية أمن الإسكندرية في بلاغ من مستخلص جمركى، مقيم بدائرة القسم، يفيد بغياب نجله، 10 سنوات، عقب خروجه للهو أمام العقار، وورود اتصال من مجهول بجد الطفل لوالدته يطلب منه مبلغًا ماليًا نظير إطلاق سراح الطفل.


اعتداء جنسي

وفي الهرم بالجيزة كشفت تحريات الأجهزة الأمنية واقعة اتهام موظف باستدراج طفل ومحاولة الاعتداء عليه جنسيًا داخل عقار سكني، وحدوث إصابته عقب سقوطه أثناء محاولة الأخير الهرب.


وتبين من خلال البلاغ الذي ورد لرئيس مباحث قطاع غرب الجيزة، مفاده وصول طفل يبلغ من العمر 6 سنوات، إلى المستشفى مصابا بنزيف بالمخ في حالة حرجة، واتهام أفراد أسرته لموظف بمحاولة الاعتداء الجنسى عليه، وتبين من خلال التحريات صحة الواقعة وتم ضبط المتهم، وأقر بقيامه باستدرج الطفل، ومحاولته الاعتداء الجنسى عليه، لكن عندما حاول الأخير الهرب، سقط من أعلى سلم العقار ما أدى لإصابته، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.


تسافر تتعرض لبيع أعضائهم

وتداول رواد موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» منشورًا، انتشر عبر الصفحات كالنار في الهشيم، يتضمن القول: «عارفين الأطفال بتتخطف للتبني إزاي وعارفين بتسافر تتعرض للبيع سواء لغرض جنسي أو بيع أعضائهم إزاي.. ببساطة لأن شهادة ميلاد الطفل المصري، مفيش فيها أي حاجة توضح شكله، مفيش أي رابط بين الشهادة والطفل اللي اسمه مكتوب فيها، يعني أنا لو عندي طفل عمره 3 سنوات ممكن أجيب أي طفل تاني عمره 3 سنوات، ولما حد يسألني ده مين أقوله أنه ابني وأطلع له شهادة ميلاد ابني وبالشكل ده يبقى معايا ما يثبت أن ده ابني».


ويكمل: «المتسولة اللي خاطفة طفل بمجرد ما تروح القسم هتقول إنه ابنها، لو هي عندها أصلًا طفل هتطلع لهم في القسم شهادة ميلاد طفلها الأصلي، وتخرج من القسم فورًا بالطفل بمنتهي البساطه والطفل أصلًا مخطوف غير ابنها، وأزيدك من الشعر بيتا، ولو معندهاش أطفال تقدر تقول إن ده ابن واحدة صديقتها أو أختها أو أي واحدة تعرفها يكون عندها طفل في نفس العمر تقريبا، وتكلمها تيجي بشهادة ميلاده وهيخرجها زي الشعره من العجين».


بصمة قدم

ويتابع: «والكارثة بعد ما تعرف هذه الفاجعة، أن نفس الخاطفين يقدروا يعملوا باسبور للطفل بشهادة ميلاده، ويخرجوا بيه خارج البلاد بدون أي معوقات، لأن الورق المطلوب هو شهادة ميلاد الطفل لإثبات نسبه للأب أو للأم، وفي وقتها يصور الطفل المختطف على أنه ابنه في مصلحة الجوازات، ويستخرج باسبور له عليه صورته، ويصبح هذا الطفل رسميا ابنا شرعيا للخاطف، ويقدر يطلع به خارج البلد بمنتهى البساطة ويبيعه ويرجع عادي، لأن مين يسألها عن ابنها اللي سافر معاها فين!!، ولما يرجع يقدر بعد سنة ولا اتنين يقول إن جواز سفر ابنه الأصلي ضاع، ويستخرج جواز لابنه بصورة جديدة ولو حد شك في الصورة، يقوله ابني بِسْم الله ماشاء الله كبر وشكله اتغير».


واختتم: «يعني بالمختصر المتسولة تقدر تطلع للطفل المخطوف باسبور بصورته هو شخصيا، بمجرد إنها تقدم شهادة ميلاد بتاعة ابنها هي فقط، المهم يكون نفس السن تقريبا، دلوقتي عرفت العيال بتخرج إزاي خارج مصر عشان تبيع أعضاءها، وتستخدم كقطع غيار لبشر آخرين، يعني ممكن واحدة تخطف طفل وتطلعله شهاده ميلاد باسمها واسم جوزها كأنه ساقط قيد، فالمشكلة دي بسببها نفقد أطفالا كتير ولا أمل في رجوعها الي الأبد، لكن أسهل الحلول وأقلها تكلفة أن نطبق مثل ما هو مطبق في العديد من الدول ألا وهو إضافة بصمة قدم الطفل لشهادة ميلاده وقت استخراجها وتسجيلها في قاعدة بيانات، بحيث يسهل مطابقة بصمة قدم أي طفل يتم العثور عليه، أو مطلوب استخراج جواز سفر له مع قاعدة البيانات للاستدلال على هويته، وبالشكل ده يكون هذا أبسط الحلول».


عقوبات رادعة

بدوره، وصف عمرو عبد السلام المحامي بالنقض، جرائم خطف الأطفال بأنها «خطيرة ومخيفةۛ» للأسرة المصرية بالكامل وتشكل تهديدا مباشرا للأمن المجتمعي والأمن القومي المصري، مضيفًا أن الدولة في الآونة الأخيرة قامت بتعديل وتشديد النصوص القانونية الواردة بأحكام قانون العقوبات المصري الخاصة بحوادث خطف الأطفال وذلك بسبب تكرارها بشكل واسع حتى تتمكن من إنهاء تلك الظاهرة، وتحقيق الردع العام والخاص.


وأشار المحامي بالنقض إلى صدور القانون رقم ٥ لسنة ٢٠١٨ الخاص بتعديل المواد أرقام: ٢٨٣، و٢٨٩، و٢٩٠، وتشديدها لخلق ردع عام، وحماية الأطفال من تلك الأفعال الإجرامية التي انتشرت مؤخرًا، مؤكدًا أن المادة ٢٨٣ تنص على أنه «يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ٧ سنوات كل من خطف طفلًا حديث العهد أو أخفاه أو بدّله بآخر»، كما نصت المادة ٢٨٩ على أن «كل من خطف من غير تحيل ولا إكراه طفلًا، يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنوات، فإذا كان الخطف مصحوبًا يطلب فدية فتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس عشرة سنة ولا تزيد على عشرين سنة، ويحكم على فاعل جناية الخطف بالإعدام أو السجن المؤبد إذا اقترنت بها جريمة مواقعة المخطوف أو هتك عرضه».


ونوه أن المادة ٢٩٠ نصت على أن «كل من خطف بالتحايل أو الإكراه شخصًا، يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات، فإذا كان الخطف مصحوبًا بطلب فدية تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس عشرة سنة، ولا تزيد على عشرين سنة، أما إذا كان المخطوف طفلًا أو أنثى فتكون العقوبة السجن المؤيد، ويحكم على فاعل جناية الخطف بالإعدام إذا اقترنت بها جناية مواقعة المخطوف أو هتك عرضه».


الباركود

وطالب «عبدالسلام»، كلًا من وزارتي الداخلية والصحة، بسرعة البدء في تطبيق استخدام البصمة الإلكترونية للأقدام بالنسبة للأطفال حديثي الولادة، أو ما تسمى بـ«الباركود»، وتعميمها في المستشفيات العامة والخاصة، وعلى جميع الوحدات الصحية، وأماكن استخراج شهادات الميلاد لضمان حماية الطفل من حوادث الخطف، ومنع خاطفي الأطفال من إمكانية استخراج جوازات سفر لهم لاتجار بهم وتسفيرهم خارج البلاد، موضحًا أن شهادة الميلاد المميكنة عبارة عن «بار كود»، يحمل بصمة قدم الطفل ورقمه القومي والرقم القومي للأب والأم، مع تأمين تلك الوثيقة بعلامات مؤمنة خشية العبث بها وتأمينها.


ضبط 99% من هذه الجرائم 

من جانبه، أكد اللواء رأفت الشرقاوي، مساعد وزير الداخلية السابق بقطاع الأمن العام، والخبير الأمني، أن حوادث اختطاف الأطفال لا تُعد ظاهرة لكنها حالات فردية لا تُذكر، لا سيما أن أجهزة الأمن في هذه الحالات تقوم بضبط 99 % من هذه الوقائع، من خلال تحديد العناصر والبؤر الإجرامية والأشخاص المسجلين الذين يشتهر عنهم هذا المجال، فضلًا عن المراقبة الكاملة للمستشفيات وأماكن الولادة والملاجئ حتى لا يترك مجالًا للعبث بمقدرات الشعب.


وأوضح مساعد وزير الداخلية السابق بقطاع الأمن العام، والخبير الأمني، في تصريح خاص لـ«النبأ» أن قطاع الأمن العام هو المسئول عن الأمن الجنائي بالبلاد إضافة إلى قطاعات الوزارة المختلفة متمثلة في قطاع الجريمة المنظمة والإدارة العامة لحماية الآداب والإدارة العامة لمكافحة الأحداث، فكل هذه الإدارات تعمل بالخطة الموضوعة من الوزارة للسيطرة الكاملة على مثل هذه الجرائم، لافتًا إلى أن بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي خصصت وزارة الداخلية إدارة لمتابعة هذه المواقع على مدار 24 ساعة.


بصمة الطفل غير واضحة

واعتبر مساعد وزير الداخلية السابق بقطاع الأمن العام، والخبير الأمني، أن وزارة الداخلية كانت «سباقة» في عرض ومناقشة مسألة إضافة بصمة الأطفال بشهادة الميلاد، مؤكدًا أنه مع الأسف هذه التجربة لم تنل حظها، حيث واجهت الوزارة مشكلة حال تنفيذها وهي «صعوبة رفع بصمة الطفل في هذا السن» لأن الطفل في هذا الوقت يكون في مرحلة التكوين، فتشكيل الطفل في هذه السن لم يكتمل بعد، إذن البصمة عندما تم أخذها من طفل حديث الولادة وتم عمل تجربة عليها ثبت عدم وضوحها، وتم أخذ عينة من مجموعة كبيرة من الأطفال لكن النتيجة كانت أن البصمة غير واضحة أيضًا، لأن ملمس الطفل وجسمه في إطار التكوين، لهذا لم يتم العمل بهذه التجربة ليس نتيجة قصور من الوزارة لكن أن الأطفال في هذا السن تكون بصمتهم غير مكتملة حتى تقوم الوزارة بالاحتفاظ بها على السيستم لترجع لها للاستدلال على هذا الطفل فيما بعد في حالة لا قدر الله عُثر عليه ملقيا في مكان ما، أو مقتولا، أو غير ذلك.


الإهمال والانحدار الثقافي

من ناحيتها، تقول الدكتورة سوسن فايد أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: إن إهمال الأهالي لأطفالهم أدى إلى انتشار ظاهرة الخطف في المجتمع، حيث إن ترك الآباء والأمهات أطفالهم والانشغال عنهم خاصة في الشوارع يجعلهم فريسة سهلة لخاطفي الأطفال الذين يستغلونهم لتجارة الأعضاء أو تشغيلهم في أعمال مختلفة لجلب الربح من ورائهم.


وأكدت أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في تصريحات لـ«النبأ» على أهمية دور الأسرة للحد من ظاهرة خطف الأطفال والاهتمام بهم وعدم الانشغال عنهم، مؤكدة أن الأهمال يُعد جريمة، فضلًا عن أن تغليظ العقوبة هو أمر مهم جدًا جدًا للغاية، لتكون رادعة للحد من هذه الظاهرة وتحجيم الجريمة وسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية في هذا الشأن، كما يجب توعية الأطفال أنفسهم من قِبل الأسرة ووزارة الثقافة متضامنة مع وزارة الإعلام وتكاتف المؤسسة الدنية والتعليم بأن يكون هناك اهتمام بهذه القضايا للحد منها ولخلق ثقافة ضد الجريمة.