رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

قصة مشروع سرى عملاق بين إسرائيل وإيران يهدد قناة السويس

قناة السويس - أرشيفية
قناة السويس - أرشيفية

عميد كلية النقل الدولى الأسبق: هناك تحديات يجب مواجهتها بإنشاء منطقة صناعية ولوجستية على إقليم قناة السويس

إسرائيل لديها ملفات كثيرة مثل إنشاء خط سكك حديدية يربط بين الأردن والسعودية وإسرائيل والإمارات

يجب التركيز على جذب الاستثمارات للمنطقة الاقتصادية باعتبارها مدخلا لإفريقيا وللسوق العربية المشتركة

المنطقة الاقتصادية لقناة السويس هى أمل مصر فى الخروج من أزماتها الاقتصادية.


نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية تقريرا زعمت فيه أن خط أنابيب النفط الصحراوي، الذي كانت إسرائيل تعمل فيه كمشروع مشترك سري مع إيران (قبل الثورة الإيرانية منذ حكم الشاه) قد يكون مستفيدًا رئيسيًا من اتفاقيات السلام بين العرب وإسرائيل.

ونقلت المجلة عن المديرين الإسرائيليين لشركة (Europe Asia Pipeline Co (EAPC زعمهم، أن القناة التي يبلغ طولها 158 ميلًا من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط توفر بديلًا أرخص لقناة السويس المصرية وخيارًا للاتصال بالعرب، وأن شبكة خطوط الأنابيب هذه تنقل النفط والغاز ليس فقط إلى المنطقة، ولكن إلى الموانئ البحرية التي تصل لكل العالم.

ونقلت المجلة عن إيزيك ليفي، الرئيس التنفيذي لشركة خطوط الأنابيب، زعمه: أن خط الأنابيب، الذي يربط ميناء إيلات جنوب إسرائيل بمحطة ناقلات في عسقلان على ساحل البحر الأبيض المتوسط، يمكن أن يقضي على حصة كبيرة من شحنات النفط التي تتدفق الآن عبر قناة السويس القريبة.

ويزعم «ليفي» أن ميزة خط الأنابيب على قناة السويس هي قدرة المحطات في عسقلان وإيلات على استيعاب الناقلات العملاقة التي تهيمن على شحن النفط اليوم، لكنها أكبر من أن تتناسب مع القناة، فيمكن للسفن المعروفة في مجال النفط الخام باسم VLCCs، أو ناقلات النفط الخام الكبيرة جدًا، نقل ما يصل إلى مليوني برميل من النفط، وأن قناة السويس التي يبلغ عمرها 150 عامًا، هي فقط عميقة وواسعة بما يكفي للتعامل مع ما يسمى بسفن سويز ماكس، مع نصف سعة ناقلة النفط العملاقة فقط، وبالتالي يتعين على تجار النفط استئجار سفينتين عبر القناة مقابل كل سفينة يرسلونها عبر إسرائيل. مع رسوم باتجاه واحد عبر السويس تصل إلى 300 ألف دولار إلى 400 ألف دولار، يقول ليفي إن خط الأنابيب يسمح لإسرائيل بتقديم خصم كبير.

يقول ليفي إن هدفه هو أن يستحوذ خط الأنابيب على ما بين 12 في المائة و17 في المائة من أعمال النفط التي تستخدم الآن قناة السويس، بسبب قيود القناة، يتم ضخ الكثير من خام الخليج المتجه إلى أوروبا وأمريكا الشمالية عبر خط أنابيب السويس-البحر الأبيض المتوسط في مصر، والذي تمتلك فيه السعودية والإمارات حصة. ومع ذلك، يعمل خط الأنابيب المصري في اتجاه واحد فقط، ما يجعله أقل فائدة من منافسه الإسرائيلي، والذي يمكنه أيضًا التعامل، على سبيل المثال، مع النفط الروسي أو الأذربيجاني المتجه إلى آسيا.

وزعم ليفي، أن مصر ستكون الخاسر، وستشهد انكماش الأعمال وستكون لديها سيطرة أقل على الأسعار الآن مع وجود منافسة، حتى مع تكوين صداقات جديدة في الخليج.

ووفق تقارير نشرتها صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، فإنه في حال تحقيق الحلم "الإسرائيلي"، سيستحوذ الأنبوب على 12-17% من حجم الغاز والوقود الذي يمر في قناة السويس حاليا.

ويستخدم أنبوب "إيلات-عسقلان" حاليا في نقل الغاز الذي تستورده "إسرائيل" من أذربيجان وكازاخستان.

يذكر أنه وفي عام 1956 كان خط أنابيب إيلات عسقلان، عندما تم بناؤه، بمثابة مشروع ضخم يهدف لضمان إمدادات الطاقة لإسرائيل وأوروبا في أعقاب أزمة السويس، وكان معظم النفط المتدفق عبر هذا الخط يأتي من إيران، التي كانت تربطها علاقات وثيقة ولكنها سرية مع إسرائيل لعقود من الزمن قبل الثورة الإيرانية.

وفي عام 1968، سجلت الحكومتان الإسرائيلية والإيرانية ما كان يسمى آنذاك شركة خط أنابيب إيلات عسقلان كمشروع مشترك مناصفة، لإدارة تصدير النفط الخام الإيراني عبر الأراضي الإسرائيلية -وما بعدها عن طريق الناقلات- إلى أوروبا.

وأوضح التقرير أنه بينما تم بناء خط الأنابيب البالغ قطره 42 بوصة لنقل النفط الإيراني شمالا إلى البحر المتوسط، فإنه يقوم الآن بنقل في الاتجاه العكسي في الغالب.

ويتابع أن الخط يضخ حاليا النفط الذي يتم تفريغه في عسقلان من السفن المرسلة من قبل منتجين مثل أذربيجان وكازاخستان إلى ناقلات في خليج العقبة لنقلها إلى الصين أو كوريا الجنوبية أو أي مكان آخر في آسيا.

ويعمل بالتوازي مع هذا الخط، أنبوب آخر مقاس 16 بوصة يحمل المنتجات البترولية مثل البنزين والديزل.

ولكن بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، تحولت الصداقة إلى عداوة بين الشريكين. وعن طريق الحيلة القانونية، نجحت إسرائيل في تأميم خط الأنابيب بشكل فعال واستمرت في تشغيله، ولجأت إيران إلى المحاكم لمقاضاة إسرائيل في التحكيم الدولي للحصول على حصتها في المشروع المشترك.

وفي القضية الرئيسية، ادعت إيران أن إسرائيل صادرت نصف حصة المشروع الخاصة بها، وفي معرض دفاعها تدعي إسرائيل أن إيران انتهكت الاتفاق من خلال رفضها تزويد إسرائيل والمشروع بالنفط منذ الثورة الإسلامية.

وبالبحث عن حقيقة هذا الموضوع، وجدنا أن صحيفة «الشرق الأوسط» نشرت في شهر مارس 2005، تقريرا بعنوان « قناة السويس تقلل من أهمية منافسة خط أنابيب عسقلان إيلات لحركة شحن النفط»، ذكرت فيه أن مسئولا بإدارة هيئة قناة السويس قلل من إمكانية منافسة خط أنابيب النفط الإسرائيلي عسقلان إيلات والذي سيقوم بنقل بترول روسيا وجمهورياتها إلى إسرائيل بدلا من قناة السويس.

وقال المسئول الذي طلب عدم نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس صحيحا أن هذا الخط يختصر زمن الوقت، وليس صحيحا أيضا أن مرور نفط البحر الأسود إلى آسيا عبر قناة السويس يستغرق ما بين 30 إلى 35 يوما، في حين أن نقل النفط عبر الخط الإسرائيلي لا يستغرق أكثر من 10 أيام فقط، مؤكدا أن الخط الإسرائيلي لا يوفر كل هذا الوقت.

وتابع أن ما نشرته جريدة «هآرتس» الاسرائيلية، من أن هذا الخط سيؤثر على حجم النفط المار بقناة السويس غير واقعي.

وأضاف نحن نتابع بدقة احتمال لجوء روسيا إلى إسرائيل لنقل النفط الروسي الخام المصدر عبر خط أنابيب يربط بين إيلات على البحر الأحمر وعسقلان على البحر المتوسط كبديل لقناة السويس.

وتابع أن كمية النفط المارة بقناة السويس من الشمال إلى الجنوب، ومن بينها النفط الروسي، أقل من الكميات المتجهة من الجنوب إلى الشمال، مما يقلل من خطورة هذا الخط على قناة السويس، أما إذا زادت هذه الكميات المنقولة عبر هذا الخط إلى الحد الذي يهدد قناة السويس فإن القناة ستنافس بسلاح الأسعار وسترغم الآخرين على إغلاق هذا الخط.

وأضاف أن خط نفط أنابيب إيلات عسقلان الذي يبلغ طوله 254 كيلومترا أنشئ منذ نحو 30 عاما، وكان يستخدم في نقل البترول من البحر الأحمر إلى المتوسط، ويستخدم حاليا لنقل البترول داخل إسرائيل، وأن إسرائيل تدرس منذ فترة تغيير اتجاه الخط من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر.

ويقول بعض الخبراء، إن خطورة أنابيب النفط على قناة السويس تتمثل في رخص ضخ النفط عبر هذه الأنابيب، لأنها تمتد بين مناطق الإنتاج ومناطق الاستخدام أو الشحن، إلا أن هذا الخط لا يمثل هذه الخطورة لضعف طاقته السنوية.

يقول الدكتور محمد محمود علي، عميد كلية النقل الدولي السابق، هذا الخط الإسرائيلي فيه تهديد مباشر لقناة السويس، مضيفًا أنه في ظل هذه التحديات العالمية لقناة السويس يجب إعادة النظر في هذا الملف، مشيرا إلى أن مواجهة هذه التحديات تكون من خلال موضوع بسيط جدا وهو تحويل المنطقة الاقتصادية الخاصة على إقليم قناة السويس، والتي تم الإعلان عنها إلى منطقة صناعية ولوجستية لخدمة السفن والتجارة العابرة لقناة السويس. مؤكدا أنه من شأن هذه المنطقة جذب المزيد من رؤوس الأموال وخلق طلب إضافي على قناة السويس، موضحا أنه سيتم من خلال هذه المنطقة الصناعية واللوجستية استيراد المواد الأولية من الخارج عبر قناة السويس وتصدير هذه المنتجات بعد تصنيعها للخارج عبر قناة السويس أيضا، وهذا سيؤدي إلى خلق طلب إضافي على قناة السويس.

ولفت إلى أنّ إنشاء قناة السويس الجديدة شيء حسن أدى إلى استيعاب السفن العملاقة، مؤكدا أن إسرائيل تعمل على قدم وساق ولديها ملفات كثيرة في هذا المجال مثل إنشاء خط سكك حديدية يربط بين الأردن والسعودية وإسرائيل والإمارات، كما قامت إسرائيل بتطوير موانئها على البحر المتوسط بدعم من الصين، وكذلك قامت بعمل طرق برية واسعة تسمح بمرور التجارة من الخليج العربي مباشرة إلى حيفا وإيلات وعسقلان، وقامت الإمارات العربية المتحدة بتوقيع اتفاقيات تعاون مع إسرائيل لخصخصة الموانئ الإسرائيلية، وهذا من الممكن أن يأخذ جزء من الاستثمارات الإماراتية في مصر. 

وتابع عميد كلية النقل الدولي الأسبق أنه يجب التركيز الفترة القادمة، على جذب المزيد من الاستثمارات للمنطقة الاقتصادية بقناة السويس باعتبار أن هذه المنطقة تمثل مدخلا لإفريقيا وللسوق العربية المشتركة، ومدخلا لسوق يبلغ قوامها أكثر من نصف مليار شخص، وبالتالي تحقيق تنمية شاملة في هذه المنطقة، مطالبا بالتركيز على الإمكانيات الذاتية من أجل خلق طلب إضافي على خدمات المرور بقناة السويس لاسيما أن قناة السويس تقع في منطقة حيوية جدا تطل على أوروبا وآسيا وإفريقيا، مؤكدا أنه مقتنع بأن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس هي أمل مصر في الخروج من أزماتها الاقتصادية. مشيرا إلى أن هذه المنطقة سوف تخلق فرص عمل جديدة وتجلب نقدا أجنبيا يساهم بشكل كبير في عمل توازن في ميزان المدفوعات وسداد الديون.