رئيس التحرير
خالد مهران

على الهواري يكتب: الدفاع عن حقوق مصر في مياه النيل واجب وطني وشرعي

النبأ

في الملفات والقضايا الوجودية والمصيرية والأزمات الكبرى التي تمر بها الأمم والدول يصبح الدفاع عن الدولة والوقوف معها والاصطفاف خلف القيادة السياسية واجبًا وطنيًا وشرعيًا.


فكما قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن الدفاع عن الدولة بحدودها واجب شرعي، مشددًا على ضرورة إدراك التحديات والمكائد التي تحاك للوطن.


وأكد فضيلة مفتى الجمهورية، أن حب الوطن ثابت وراسخ في النفس بالفطرة، والإسلام لا يتعارض مع الفطرة؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم أحب مكة باعتبارها وطنه الذي نشأ فيه، على الرغم من إيذاء أهلها له، حتى إنه رغم كل هذا الإيذاء خرج منها وقلبه متعلق بها تعلقًا تامًّا.


وقال فضيلة مفتي الجمهورية في بيان قوله تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ" أن مفهوم هذه الآية يمتد إلى كل طوائف المجتمع وليست القوة العسكرية فقط، مطالبًا الجميع بتحمل المسئولية تجاه الوطن والقيام بالدور المكلف به على أكمل وجه.


ولاشك أن «سد النهضة» الإثيوبي من القضايا الوجودية والأزمات الكبري التي تهدد كيان ووجود الدولة المصرية وحياة أكثر من مائة مليون مصري، فمياه النيل بالنسية لمصر والمصريين مسألة حياة أو موت، ومن ثم يصبح الدفاع عن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل واجبا وطنيا وشرعيا، خاصة وأن أهمية مياه النيل بالنسبة لمصر لا تتعلق بأنه المصدر الأساسي لمياه الشرب فحسب، لكنها تمتد إلى جميع مناحي الحياة.


فكما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن مياه نهر النيل تعتبر لإثيوبيا تنمية أما لمصر فتعد حياة وهذا هو الفرق.


وقال الرئيس، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن قضية مياه النيل بالنسبة لمصر مسألة حياة وقضية وجود.


وقال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن نهر النيل هو شريان الحياة لمصر التي كانت دائمًا ولا تزال داعيةَ سلام واستقرارٍ للجميع؛ لذلك فإن دفاعها عن حقوق شعبها في الحصول على حصته المائية واجبٌ لا يحتمل الجدل ولا يقبل التهاون.


وقال سامح شكري وزير الخارجية وهو يعرض ملف مصر أمام مجلس الأمن: «لقد ظهر خطر وجودي يهدد بالافتئات على المصدر الوحيد لحياة أكثر من 100 مليون مصري، ألا وهو سد النهضة الأثيوبي، هذا المشروع الضخم الذي شيدته إثيوبيا على النيل الأزرق، والذي يمكن أن يعرض أمن وبقاء أمة بأسرها للخطر بتهديده لمصدر الحياة الوحيد لها».


وأضاف «شكري»: «ومع تقديرنا لأهمية هذا المشروع في تحقيق الأهداف التنموية للشعب الإثيوبي، وهو الهدف الذي نسانده وندعمه، فإنه من الضروري إدراك أن مشروعاً بهذا الحجم، والذي يعد أضخم مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا، يهدد مقدرات ووجود ملايين المصريين والسودانيين».


وتابع وزير الخارجية المصري، أن مصر كدولة مسئولة ارتأت عرض الأمر على مجلس الأمن لتجنب المزيد من التصعيد ولضمان ألا تتسبب الإجراءات الأحادية في تقويض فرص التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة، أو المساس بحقوق ومصالح دولتي المصب، وهو الأمر الأكثر خطورة، تعريض حياة أكثر من 150 مليون مواطن مصري وسوداني للخطر، على نحو يُفاقم التوتر في منطقة غير مستقرة.


واستطرد شكري، نحن في مصر نعيش في أكثر مناطق حوض النيل جفافاً، وبلادنا الأكثر شُحاً في المياه على وجه الأرض. فهذا الواقع القاسي يحصرنا فيما لا يزيد عن 7% من أراضينا، وعلى شريط أخضر ضيق ودلتا خصيبة يُقيم فيها الملايين، إذ يبلغ متوسط نصيب الفرد من المياه حوالي 560 متراً مكعباً سنوياً، الأمر الذي يضع مصر على قائمة الدول التي تعاني من الشُح المائي وفقاً للمعايير الدولية.


وحذر «شكري» من أن ملء سد النهضة بشكل أحادي ودون اتفاق مع مصر والسودان سوف يهدد مصالح دولتي المصب اللتين يعتمد وجودهما وبقاؤهما على نهر النيل،  كما أن تشغيل هذا السد العملاق بشكل أحادي قد يكون له تأثيرات اجتماعية واقتصادية مدمرة سوف تؤثر على كافة مناحي الأمن الإنساني للمصريين، بما في ذلك الأمن الغذائي والأمن المائي والأمن البيئي والصحة العامة، كما أنه سيعرض الملايين لمخاطر اقتصادية ستؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة والجريمة والهجرة غير الشرعية، فضلاً عن التأثير على النُظم البيئية والتنوع البيولوچي وزيادة المخاطر الناجمة عن تغير المناخ.


كل هذه التصريحات والمواقف تؤكد أن الصراع على نهر النيل لم يصبح مجرد صراع على المياه فحسب، لكنه صراع على البقاء، صراع على الوجود، صراع على الحياة، بل هو صراع على الموت.


مصر بدون النيل ستتحول إلى صحراء جرداء جدباء قاحلة لا زرع فيها ولا ماء ولا حياة، فكما قال المؤرخ الإغريقي هيرودوت «مصر هبة النيل» وهو يقصد أن النيل هو من وهب مصر الحياة والوجود، النيل هو شريان الحياة بالنسبة لمصر والمصريين.


كما أن هذه الأزمات والملمات الكبرى والقضايا المصيرية والوجودية التي تمر بها الدول وتهدد بفنائها وسقوطها واختفائها من الوجود لا تفرق بين مؤيد ومعارض، أو بين الموالاة والمعارضة، أو بين الحاكم والمحكوم، الكل سيعطش، الكل سيموت، الكل سيعاني، الكل سيدفع الثمن.


في النهاية .. أكرر وأؤكد على ما ذكرته في البداية وهو أن الدفاع عن الوطن في القضايا المصيرية والوجودية والأزمات الكبرى هو واجب وطني وشرعي، لاسيما وأن معركة المياه لا تقل أهمية وقداسة عن معركة تحرير الأرض والعرض التي خاضتها مصر عام 1973م،  وانتصرت فيها بفضل صمود ووحدة وتكاتف وإخلاص وجسارة الشعب المصري وفي القلب منه القوات المسلحة الباسلة التي ضربت أروع الأمثلة في التضحية والفداء والبذل والعطاء.


في النهاية.. نحن مع الدولة المصرية والقيادة السياسية وكل مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسة العسكرية العظيمة في كل ما سيتخذ من اجراءات للحفاظ على حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، بما في ذلك الخيار العسكري، وأنا على يقين أنه في القضايا المصيرية والوجودية مثل قضية نهر النيل سيتحول الشعب المصري كله إلى جنود للدفاع عن مصر ومصالحها الاستراتيجية والمصيرية.


وأخيرا.. التاريخ يشهد أن معدن الشعب المصري الأصيل يظهر دائما في أوقات الأزمات، فهذا الشعب العظيم دائما يتكاتف ويتلاحم فى الأزمات والقضايا المصيرية التي تهدد كيان الدولة المصرية، دائما في أوقات الملمات والخطر المحدق بالبلاد تذوب خصومات هذا الشعب وتتلاشى خلافاته ويتوحد خلف قيادته السياسية.


التاريخ لن يرحم من يقف ضد بلده في القضايا المصيرية والوجودية التي تهدد وجود الدولة وتضرب أمنها واستقرارها.


حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل مكروه وسوء.