رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لعبة "كورونا" بين بكين وواشنطن.. هل تتآمر "الصحة العالمية" على العالم؟

لعبة كورونا تهز العالم
لعبة كورونا تهز العالم


لا يمكن بحال من الأحوال إنكار وجود فيروس "COVID-19"، المعروف إعلاميا بـ"كورونا"، ولا التغافل عن قدرته على حصد الأرواح، لا سيما بعد مصرع الكثيرين حول العالم إثر الإصابة به.


كما لم يعد من المجدي الحديث عما إذا كان هذا الفيروس مُخلقا مخبريا، أم خرج إلى الحياة بطريقة طبيعية لا يد للبشر بها، إذ إن الأمر الآن يتعلق بواقع وجوده الذي ينفصل عن الطريقة التي نشأ بها.


أما ما يستحق المناقشة والتحليل ــ بهدوء وروية ــ فهو هذا القدر من الرعب الذي يجتاح العالم بسبب هذا الفيروس، وهل كانت منظمة الصحة العالمية محقة حين اعتبرته وباء فتاكا، يمكنه أن يقضي على ملايين البشر؟


الحقائق المتناثرة هنا وهناك إذا تم جمعها متجاورة ومرتبة، فإنه يمكن صنع صورة واضحة، تفضي إلى استنتاجات منطقية، بشأن السؤال السابق، لكن من أين تكون البداية؟


إنفلونزا الخنازير


لعله من المناسب أن تكون البداية من حيث آخر وباء يشبه "كورونا"، خيم على البشرية، وهو فيروس "H1N1"، المعروف إعلاميا بـ"إنفلونزا الخنازير"، الذي انتشر في عام 2009، واعتبرته منظمة الصحة العالمية وقتها جائحة. 


فيروس "إنش1 إن1" أصاب، طوال فترة انتشاره، نحو 800 مليون شخص، وحصد أرواح ما يصل إلى 300 ألف منهم، ورغم ضخامة هذا العدد مقارنة بـ"كورونا"، الذي وصل عدد المصابين به ــ حتى الآن ــ بالكاد إلى ثلثي من قتلتهم "إنفلونزا الخنازير"، فإن منظمة الصحة العالمية خرجت عقب انتهاء الوباء بشراء جميع دول العالم للعقار الذي طرحته الشركات الكبرى، وهو "تامي فلو"، لتعلن أنها أخطأت التقدير، وأن "إنفلونزا الخنازير" لم تكن جائحة خطيرة، والفيروس المسبب لها لم يكن مستحقا للضجة التي أثيرت حوله!


حكاية الصيف


ظهر فيروس "كورونا" في الصين، لأول مرة، خلال شهر ديسمبر الماضي، ومع مرور شهر واحد فقط، بدأ الحديث يثور حول احتمالات تحوله إلى وباء، وأطلقت منظمة الصحة العالمية جرس إنذارها، وهو ما تم الرد عليه بأن الأمر لن يحتاج إلا لأسابيع، حيث ترتفع درجات الحرارة في النصف الشمالي للكرة الأرضية، مما سيحد من قدرة هذا الفيروس على الانتشار، وربما على البقاء أصلا.


رد منظمة الصحة العالمية على هذه المعلومة، التي نشرتها بنفسها، جاء صادما، فالمنظمة التي قال خبراؤها، خلال جائحة إنفلونزا الخنازير، قبل عشر سنوات فقط، إن الفيروسات التاجية تتأثر بالحرارة، ولا يمكن أن تنتشر خلال الصيف، تقول الآن إن "كورونا" قادر على البقاء رغم حرارة الصيف الحارقة.


الخبراء يؤكدون أن لكل فيروس سلوكه الخاص، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على التشابه بين "إتش1 إن1"، و"كوفيد 19"، كدليل على أن سلوكهما سيكون متماثلا، لكن تلك الحقيقة العلمية تصطدم بأميرين يحتاجان إلى تفسير، أولهما يمكن تلخيصه في سؤال: لماذا لا تظهر الفيروسات التاجية المعدية إلا شتاءً؟ والثاني: لماذا حذرت "الصحة العالمية" دول إفريقيا من الوباء، مستخدمة تعبير: "الأسوأ لم يأت بعد".


المنظمة العالمية هاجمت دول إفريقيا، معتبرة أنها لم تتخذ الاحتياطات الكافية لمواجهة الوباء، وهذا وإن كان صحيحا، فإنما يدعونا إلى البحث عن السر وراء عدم انتشار الفيروس في هذه الدول، رغم الاعتراف بأن حكوماتها لا تتخذ التدابير اللازمة للمواجهة.


وبمعنى أبسط وأكثر وضوحا، فإن منظمة الصحة العالمية، حذرت دول إفريقيا السمراء، من أنها ستواجه ضربة قاسية من "كورونا"، بسبب عدم اكتراثها باتخاذ ما يلزم من تدابير في هذا الشأن، والسؤال الآن: لماذا لم يفتك الفيروس بهذه الدول حتى الساعة، وماذا ينتظر في ظل الفرصة السانحة له، طالما أنها لم تتخذ التدابير التي طالبت بها "الصحة العالمية" لمواجهته؟


هل هناك إجابة سوى أن هذه الدول تعيش صيفا حارا، استطاع كبح جماح هذا الفيروس؟! وأن الصحة العالمية" ترفض الاعتراف بتأثير ارتفاع الحرارة على نشاط الفيروس، كما فعلت في المرة السابقة، لأن هناك من يريد أن تبقى المجتمعات خاضعة لرعب الوباء، حتى يحقق أهدافا خاصة، تجارية ربحية على الأرجح؟


صراع اللقاحات  


جانب آخر من الصورة لا يمكن إغفاله، وهو حرب اللقاحات، التي بدأت بحديث عن عرض قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للشركة الألمانية التي أعلنت بدء تجاربها لإنتاج لقاح لـ"كورونا".


وبنظرة تحليلية بسيطة، يمكن فهم أن ترامب لم يقدم هذا العرض لشراء أبحاث الشركة الألمانية، بغرض الاحتكار كما يبدو، فالمنطق يقول إنه من الأجدر تقديم الدعم المالي للشركات الأمريكية، لتسريع وتيرة اختباراتها، وإنتاج اللقاح قبل غيرها، خاصة أن الأبحاث ليست حكرا على الشركة الألمانية، ولا تفتقر نظيراتها الأمريكية للتكنولوجيا، أو الخبرة، المطلوبين للنجاح في هذا التحدي، فما الأمر إذن؟


قراءة الأحداث تشير إلى أن ترامب فعل ذلك، حتى يعطل الشركة الألمانية عن التوصل إلى لقاح، قبل الوقت الذي تراه واشنطن مناسبا لاكتمال التأثير المطلوب إحداثه على العالم، جراء انتشار هذا الفيروس.


وطبقا لنظرية المؤامرة، التي لا يمكن إنكار وجودها في هذا الموضوع بالذات، فإن توصل الشركة الألمانية لعقار يقضي على "لعبة كورونا"، يمكن أن يأتي في توقيت لا تريده واشنطن، وبالتالي لم يكن لديها إلا التدخل لإيقاف ذلك بأي ثمن.


مؤامرة اللقاح لها جانب خفي آخر يرتبط بصراع تحقيق الربح، فما أن أعلن مسؤول الشرق الأوسط وإفريقيا بشركة "جيلياد" الأمريكية، عن أن شركته أنتجت بالفعل، وعلى مسؤوليتها، لقاحا لعلاج كورونا، وهو الآن داخل ثلاجات الشركة، ينتظر آخر تجربة سريرية، للحصول على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية "FDA" لكي يتم طرحه، حتى خرجت اللواء بالجيش الصيني، وعالمة الفيروسات الشهيرة "شين وي"، صاحبة اكتشاف علاج "إيبولا"، و"سارس"، لتؤكد أن بلادها استطاعت في شهر واحد لا غير، أن تتوصل إلى لقاح لـ"كورونا" أيضا، وأن بكين بصدد طرحه، خلال أسابيع قليلة!


ولكي تكتمل الصورة فإنه يجب العودة إلى الشركة الألمانية، التي تحدثنا عنها منذ قليل، فهذه الشركة قالت إنها يمكن أن تنهي تجاربها السريرية بحلول منتصف يونيو، أي أن العلاج لن يكون متاحا قبل عام على الأقل، وهذا ببساطة لأنها بدأت العمل على إيجاد علاج للفيروس، خلال الأسابيع القليلة الماضية، وهنا يظهر السؤال المنطقي: ما التكنولوجيا العملاقة التي تفوق ألمانيا، والموجودة لدى الصين وأمريكا، لتمكنهما وحدهما من إيجاد العلاج وطرحه بالأسواق بهذه السرعة الفائقة؟


أليست الإجابة التي تتفق مع العقل، هي أن بكين وواشنطن بدأتا مبكرا، من قبل حتى أن يظهر هذا الوباء إلى العالم.. هل يمكن أن يقبل العقل إجابة غير هذه؟

 

الصراع بين بكين وواشنطن للفوز بسوق الاستثمار في مجال الأدوية، الذي سيدين لمن يثبت كفاءته وسرعته في إيجاد علاج لـ"كورونا"، أفقد الرئيس الأمريكي، ذا الخلفية التجارية صوابه، ودفعه للحديث عن أن علاجات قديمة صُنعت لمواجهة أمراض أخرى، مثل: الملاريا، يمكنها أن تواجه كورونا.


ترامب فعل ذلك وهو يعلم أن هيئة الـ"FDA" الأمريكية، ستكذبه ـ وقد فعلت ـ  لكنه لا يعبأ بهذا، لأن كل ما يريده هو أن يقول للصين، حتى إن صدقتم واستطعتم أن تسبقونا، فإنكم لن تقدموا شيئا مبهرا للبشرية، فأمريكا لديها أدوية قديمة قادرة على تقديم ما تبذلون وسعكم لتحقيقه!

 

وبالطبع فإنه غني عن البيان، ما يتردد حول إطلاق حكومة الصين لهذا الفيروس بشكل متعمد، من أجل إسقاط البورصة الصينية، وإقناع الشركات الغربية، التي تمتلك حصصا في شركات التكنولوجيا الصينية العملاقة، ببيع أسهمها، خشية أن يؤدي الوباء إلى تدمير الصين، واستطاعت بكين بذلك أن تسترد ملكيتها لشركات كانت تحقق أرباحا طائلة، تذهب لإنعاش اقتصاديات الغرب.


حديث الرئيس الصيني عن عدم قدرة بلاده على حماية مواطنيها من الفيروس، واحتمال أن تفقد قدرتها حتى على توفير الكمامات لهم، أدى إلى انهيار البورصة الصينية، ووقف العالم يتساءل مندهشا، لماذا فعل الرئيس الصيني ذلك ببلاده؟!


والآن وبعد ما يتداوله الاقتصاديون عن أن الصين استطاعت بشراء أسهم الفارين من أسواقها، أن تربح نحو 20 مليار دولار، في 48 ساعة فقط، وبعد إعلان بكين خلو أراضيها من فيروس "كورونا"، وعدم تسجيل إصابات جديدة حتى في "ووهان" مهد الفيروس، هل عرفنا لماذا فعل الرئيس الصيني ذلك؟


ولا تحدثني هنا عن الأخلاقيات، التي تمنع الدول من التضحية بشعوبها، بحثا عن المال، لأن التاريخ يزخر بمئات المؤامرات، التي ضحت فيها الدول الكبرى بأعداد من مواطنيها، لتتمكن من البقاء في الصدارة.  

  

المؤامرة حاضرة


بقي أن نشير إلى أن اعتماد نظرية المؤامرة، فيما يتعلق بحكاية "كورونا" هذه، يرتبط بحقيقة واضحة، وهي أن من يسدد فاتورة أنشطة منظمة الصحة العالمية، والبنك الدولي، هو من يملك أن يدبر كل ما يجري، بل ويملك أن يأمر بنشر أو حجب ما يريد من معلومات، بحسب مصالحه، ودون أن يجرؤ أحد على معارضته، وإلا تُغلق في وجهه صنابير ضخ المال. 


هذا بالإضافة إلى حقيقة أخرى يمكن اختصارها في سؤال: إلى أي مدى يمكن الوثوق في أخلاقيات دول رأيناها تتاجر بكل شيء لتحقيق الأرباح، بداية من إثارة النزاعات الإقليمية والدولية لتعزيز مبيعات الأسلحة، وحتى احتلال أراضي بعض الدول لنهب ثرواتها، ومرورا باستخدام الإرهاب نفسه، لتحقيق الأغراض السياسية والعسكرية.


هذا الحديث الطويل عن "لعبة كورونا"، لا يمكن أن ينتهي دون طرح السؤال الأهم على الإطلاق.. هل تتآمر منظمة الصحة العالمية على العالم ولو مضطرة؟