رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«فيديو» وراء اشتعال أزمة «زواج المحارم» بين الكاثوليك والأرثوذكس

النبأ

يبدو أنّ الخلافات العقائدية بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية ستظل مستمرة، وخاصة بعد اتهامات الأنبا بولا مطران طنطا للكنيسة الكاثوليكية، بإباحة زواج الرجل من عماته وخالاته، والتى كانت سببًا فى غضب الكثيرين من الطائفة الكاثوليكية.

الخلافات العقائدية بين الكنيستين كانت سببًا في اندلاع حروب وصراعات بينهما على مر التاريخ، وهي حروب تتجدد من وقت لآخر لتصبح حديث الساعة وفقًا لمتغيرات الأحداث.

الأنبا بولا، مطران طنطا وتوابعها للأقباط الأرثوذكس، أدلى بتصريحات خلال إلقاء محاضرة له علي طلاب كلية البابا شنودة الإكليريكية في النمسا، في «مقطع فيديو» بثته الصفحة الرسمية لمطرانية طنطا، قال فيها: «إن موانع الزواج بالنسبة للأقباط الأرثوذكس، تتمثل في القرابة في حالة المحارم»، لافتًا إلى أن القانون شرح تلك الحالة على شكل صليب، حيث يبدأ بالأصل إن علىَ والفرع وإن نزل.

وأوضح أن الأصل هو أم أو أب وأعمام والعمات والخالات والجد، والفروع هم أخوات وأبناء وأحفاد.

وأشار مطران طنطا، خلال محاضرته إلى أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تمنع زواج القاتل أو شريكه من امراة القتيل مهما كانت الأسباب، في حين أن الكنيسة الكاثوليكية تسمح بذلك، مضيفا أن الكنيسة الكاثوليكية تسمح بزواج الرجل من عمته أو خالته، رغم أن الكاثوليك المتواجدين في أوروبا وأمريكا والبلدان الراقية لا يسمحون بذلك.

وتابع فى حديثه: «الكاثوليك قاموا بسماح الزواج للرجل من عمته أو خالته بسبب تقاليد تلك القبائل الإفريقية التي ينتشرون بينها، فتنازلت الكنيسة الكاثوليكية عن عقائدها بهدف انضمامهم إلى الكنيسة لحين تغيير أفكارهم، لكن المجمع الثاني بالفاتيكان أقر تلك القوانين في هذا الشأن».

تصريحات مطران طنطا انتشرت مثل النار فى الهشيم، وأثارت حالة من الجدل بين الأقباط، ويراها البعض أنها ستسهم على القضاء على آمال البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فى اتمام الوحدة بين الكنائس وإذابة الخلافات وتقريب وجهات النظر بينهم، ولا تعد مسألة زواج المحارم هي القضية الخلافية الوحيدة بين الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية فعلي الرغم أنهما يمثلان أوائل الطوائف المسيحية والأقرب بينهما إلا أنهما تحملان العديد من الخلافات العقائدية.

في المقابل تواصلت «النبأ» مع الأنبا باخوم، نائب البطريرك لشؤون البطريركية للأقباط الكاثوليك، والمتحدث الرسمي للكنيسة القبطية الكاثوليكية، للتعليق علي تصريحات الأنبا بولا، مطران طنطا للأقباط الأرثوذكس، بشأن اتهامها بإباحة زواج الرجل من عماته وخالاته، وأوضح أن القانون الكنسي يعرِّف الزواج على أنه عهد بين الزوجين صنعه الخالق ونظم شرائعه، موضحا أن الرضى الشخصي المتبادل هو الأساس فى صنع عهد الزواج.

وتحدث عن قوانين الكنيسة الكاثوليكية المسماة "مانع القرابة الدموية فى الزواج الكاثوليكى حسب قوانين الكنائس الشرقية الكاثوليكية"، موضحا أن "القرابة الدموّية هى القرابة الناتجة عن رباط الدم القائم بين الأشخاص عن طريق التناسل بسبب هذه القرابة، قد تكون ذات خط مستقيم. أى عندما يكون التناسل ناتج واحدًا من الأخر مثل الأب وابنه وحفيده وقد تكون أيضا هذه القرابة ذات خط منحرف وهو عندما يتسلسل الأشخاص من أصل واحد ولكن ليس واحدا من الأخر مثل الأخوة أو أبناء العم".

وتابع: «قياس القرابة الدموّية بين الأشخاص بالدرجة ولحساب الدرجة فى الخط المستقيم يحسب عدد الأشخاص المتسلسل أحدهم من الأخر بدون الأصل، القانون 808 بند 1 ينص على أن الزواج يكون باطلا فى كل درجات الخط المستقيم من القرابة الدموّية. ويكون أيضًا الزواج باطلًا حتى الدرجة الرابعة فى الخط المنحرف للقرابة الدموّية، مضيفًا: "الكنيسة الكاثوليكية تمنع الزواج حتى من أبناء العم أو الخال، وتعتبره باطلا الا إذا تم السماح به لأسباب رعوية".

واستكمل: «تمنع القوانين الزواج من العم أو الخال أو العمة والخالة وتعتبره باطلا إلا أن هذا القانون يخص 21 كنيسة شرقية كاثوليكية بالعالم أجمع بمختلف الثقافات، ومنها من لا يجد فى ذلك أى صعوبة ثقافية أو اجتماعية، مؤكدا أن الكنيسة الكاثوليكية تمنع الزواج من العم والخال والخالة والعمة وأبنائهما أيضا، ولكن لظروف رعوية ضرورية جدا وهامة وثقافية قد لا تكون عندنا هنا، ولكنها لشعوب أخرى متجزرة فى ثقافتها، قد نسمح بهذا الأمر وهذا لأن القانون الأعظم فى الكنيسة الكاثوليكية هو خلاص النفس ما لم يعترض مع الشرع الإلهي".

وأوضح أن القانون يعرض ستة حالات فيها يجب على الكاهن أن يمتنع عن مباركة الزواج بدون إذن الرئيس الكنسي المحلي، منها حالة زواج الدوَّارين "الدوَّار هو الشخص الذي لا مسكن له ولا شبه مسكن"، وكذلك حالة زواج القاصر بدون علم العائلة أو ضد رغبتهم: بالرغم من أن القانون يحدد أن الحد الأدنى لسن الزواج هو السادسة عشرة للرجل والرابعة عشرة للمرأة، إلا أن القانون يمنع الكاهن من مباركة زواج القاصر بدون علم العائلة أو ضد رغبتهم، وأن يخلو الرضى الزوجي من أي عيب».

من ناحيته، قال كريم كمال، رئيس اتحاد «أقباط من أجل الوطن» إن الأنبا بولا، مطران طنطا للأقباط الارثوذكس، لم يخطئ القول حينما أشار إلى الموانع التي تضعها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالنسبة لزواج الأقباط الأرثوذكس، والتي تتمثل في القرابة في حالة المحارم وأيضا في إشارته إلىَّ أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تمنع زواج القاتل أو شريكه من امراة القتيل مهما كانت الأسباب، في حين أن الكنيسة الكاثوليكية تسمح بذلك.

وأوضح أن الأنبا بولا كان يشرح الفروق في رفض الكنيسة القبطية لذلك، وقبول الكنيسة الكاثوليكية لزواج القاتل أو شريكه من امراة القتيل، مؤكدًا أن تلك التصريحات لا تحتوى على إساءة على الإطلاق إلى الكنيسة الكاثوليكية، ونفس الأمر ينطبق على الإشارة إلى رفض الكنيسة القبطية فى إفريقيا الخضوع إلى عادات وتقاليد القبائل في قبول زواج المحارم؛ لأن هذه عقيدة الكنيسة القبطية.

وتابع: «حديث الأنبأ أن الكنيسة الكاثوليكية تقبل بزواج الرجل من عمته أو خالته في بعض المدن الإفريقية بسبب عادات وتقاليد القبائل وهو أيضًا أمر ليس فيه إساءة للكنيسة الكاثوليكية؛ لأن لكل كنيسة منهجها الخاص في التعامل داخل قارة إفريقيا والموافقة على أي أمر يخضع لقرار المجمع المقدس لكل كنيسة»، مؤكدا أنه لا يعني رفض كنيسة لأمر ما، وقبول كنيسة أخرى له أن يكون الحديث غرضه الإساءة للكنيسة الأخرى، مُضيفًا أنه من الطبيعي أن يشرح لطلاب الكلية بعض المسائل الخلافية مع الكنائس الأخرى، سواء في اللاهوت أو العقيدة أو في مجالات الخدمة.