رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«البودر».. مخدر جديد يغزو سوق الكيف فى مصر (تحقيق شامل)

أرشيفية
أرشيفية



يبتكر مروجو المواد المخدرة والخارجين على القانون كل يوم طرقًا جديدة لتطوير تجارتهم غير المشروعة، دون أن يكترثوا بشيء سوى زيادة أرباحهم سعيًا وراء الكسب الأكبر، مستغلين بذلك عدم إدراك بعض الشباب لمدى خطورة ما يتعاطونه، وانجرافهم وراء كل ما يذهب العقول ظنًا منهم أنه يزيل الهموم ويجلب السعادة ليصبح العائد من ذلك هو تدمير عقولهم.


وانتشر في الآونة الأخيرة بين أوساط تجار المخدرات نوع جديد، وهو «البودر» الشبيه بالإستروكس، الذي لم يسلط عليه الضوء بعد، فصعوبته تكمن في كونه ليس مخدرًا نباتيًا وإنما خلطة صنعها «معلمين الكيف» تتغير في بعض الأحوال مشتقاتها ومحتوياتها.


قضايا نادرة تكشف المستور


في البداية بدأ «مُحرر النبأ» في البحث عن المخدر الملعون الجديد وحقيقة انتشاره فتلاحظ لنا ندرة تحرير محاضر بهذا النوع نظرًا لعدم اكتشاف أمره بشكل كبير من قِبل ضباط المباحث فهو ليس مُدرجا بجداول قانون مكافحة المخدرات الممنوع تداولها، كما أن أطباء علاج الإدمان لا يعلمون عنه شيئا على الإطلاق فها هو يطل برأسه ويقتحم الأسواق بشكل سريع وغامض دون أي ملاحقة.


ضبط ملك «البودر» بحدائق القبة


أراد «إسلام. س. ش»، 31 سنة، الشهير بـ«الشاذلي»، المقيم بالشرابية، ترويج كمية من المواد المخدرة «بودر»، بدائرة قسم حدائق القبة، بحثًا عن الثراء السريع، وبعد علمه أنه خلطة جذبت الكثير من الشباب الذين أرادوا بديلًا للأستروكس الذي أصبح سعر الجرام الواحد منه يتراوح من «250» إلى «300» جنيه، ظنًا منه أنه سينجو من أعين رجال الأمن وينفذ رغبته في أن يصبح هو المصدر لهذا المنتج الجديد الذي عُرف مؤخرًا بـ«عالم الكيف».


وتمكنت وحدة مباحث قسم حدائق القبة، من ضبط «الشاذلي»، وبحوزته كمية من تذاكر «البودر» المخدر، التى كان يستعد لترويجها.


وكانت معلومات سرية وردت إلى النقيب أحمد عريان، معاون مباحث القسم، مفادها استعداد المتهم لترويج كمية من المخدر، وبعمل التحريات تبين صحة ما ورد من معلومات، وعقب تقنين الإجراءات القانونية، تمكنت قوة أمنية بقيادة «معاون المباحث»، من ضبط المتهم وبحوزته «23» كيس من البودر المخدر، ومبلغ مالي، و«2» هاتف محمول، وفرد خرطوش.


تم اقتياد المتهم إلى ديوان القسم، الذي اعترف أمام المقدم خالد سيف، رئيس مباحث القسم، بحيازته للمضبوطات بقصد الإتجار، والسلاح الناري للدفاع عن تجارته، والمبلغ المالي حصيلة تجارته الآثمة، والهواتف المحمولة للتواصل مع عملائه، وحُرر المحضر اللازم بالواقعة، وتولت النيابة العامة التحقيقات.


كما ألقى النقيب عمر الداودي، معاون مباحث قسم شرطة الشرابية، القبض على «محمد. ح» البالغ من العمر 34 عامًا، المُقيم بدائرة القسم، وتم تحرير المحضر رقم «5325» لسنة 2019، وبالعرض على النيابة العامة تقرر حبسه احتياطيًا على ذمة التحقيق.


مصدر أمني يوضح خطورة «البودر»


من جانبه قال المقدم خالد سيف، رئيس مباحث قسم شرطة حدائق القبة، إنه تلاحظ له خلال الفترة القليلة الماضية تزايد ضبطيات وحيازة مخدر «البودر» الذي ظهر مؤخرًا، موضحًا أنه من خلال التحقيقات التي دارت معهم حول هذا المخدر علم أنه شديد الخطور فقد يقضي على من يتعاطاه من الوهلة الأولى.


وتابع: «الشباب المدمنون يتعاطون مثل هذه النوعية من المخدرات ويفضلونها بديلًا لـ«الأستروكس» خاصة أنه أقل تكلفة وأعلى تأثيرًا».


سر الخلطة

 

وأضاف «سيف» أن تقارير المعامل الكيماوية أثبتت أن هذا المخدر عبارة عن خلط «الحشيش» مع مادة «الكيتامين» من خلال استخدام لبن «نيدو»، مما ينتج عنه مخدرًا أقوى تأثيرًا من «الأستروكس».

 

وأشار إلى أن هذا النوع الجديد بدأ في الانتشار بشكل كبير حيث إنه رخيص الثمن ويباع عبارة عن أكياس سعر الواحد منها من «40» إلى «50» جنيهًا.


على طاولة القانون


وفي السياق ذاته قال الدكتور أيمن عطا الله، المحامى، إن مخدر البودر ما زال نوعا جديدا لم يتم إدراجه بجدول المخدرات ولم تحدد له خلطة معينة، وأن مصير من يضبط بحيازته يتوقف على تقرير المعمل الذى سوف يحدد هل به المواد المخدرة المدرجة بجدول المخدرات أم لا.


كيفية المواجهة


وأوضح أشرف ناجى، المحامى بالنقض، أنه نظرًا لأن مخدر «البودر» لا يزال نوعًا جديدًا وغير مدرج في جداول المخدرات، وأنه يتوقف المعاقبة عليه على تقرير المعمل الكيماوي، فإذا ثبت أن هذا المخدر به مواد مدرجة بجدول المخدرات يعاقب المتهم بحيازته عليه، وإلا فأنه سوف يتم حجز القضية وإخلاء سبيل المتهم بها؛ لذلك فأنه يرى أن أولى الخطوات التى يجب أن تأخذ للتصدى إلى هذه الخلطات والأعمال الإجرامية، أن يجرم المشرع هذه المواد المكونة للخلطة عندما تجتمع معا، إذا ثبت ضررها بصحة الانسان وأنها تذهب العقل وغيره، فهناك خلطات مضروبة أعدها رجال «الكيف» مثل، الحنة التى كانوا يضيفون عليها اشياء أخرى من عند أحد العطارين، وتؤدى الى السكر وتقوم بنفس مفعول الحشيش المخدر، فهذا يتوقف على تواجد مادة مدركة أو لم توجد مادة.


إجراءات الجدولة


وأضاف المحامى بالنقض، أن إجراءات جدولة المواد المخدرة المستحدثة، هو أنه عندما يتم ضبط أى مادة ترسلها وحدة المباحث إلى النيابة العامة التى تبعث عينة منها إلى المعمل الكيماوى، فيتم تحليلها إلى مكوناتها الأولية، وإرسال تقرير بها الى النيابة عامة ويحدد بها مواد مخدرة أو عدمه، وأن مخدر «البودر» إذا وجدت به مواد مخدرة مدرجة، فإن المعمل الكيماوى سوف يرسله الى وزارة الصحة التى تعد تقريرا عنه يكون الفيصل بأن به مواد مخدرة، ولابد أن يدرج ويتم تطبيق القرار بعد ذلك بالتناوب بين وزاة الداخلية، ثم وزارة العدل، فمثل ذلك ما حدث عندما تم إدراج بعض أدوية الكحة عند استعمالها بدون روشتة طبيب، ثم تم إرسال تقرير بها إلى وزارة الداخلية والعدل.


وأوضح أن إدراج المواد المخدرة بجداول المكافحة لا يحدث على وهلة واحدة، وإنما تتوقف إجراءات إدراج مخدر على مدى خطورته ومدى انتشاره وتناوله، فمنذ زمن كان «الترامادول، والتمول» غير مدرج بجداول المواد المخدرة، وتم إدراجهما من خلال وزارة الصحة فى الوهلة الأولى الى الجدول الثالث بالمخدرات فكانا فى إعداد الجنح، ولكن عندما زاد تناولها أصدر قرار آخر من «الصحة» بإدراجها إلى الجدول الأول فأصبحت جنايات.


مصير المتهمين


وتابع «ناجى»، أن دفوع محامى المتهم بحيازة مخدر جديد لم يدرك بجداول مكافحة المخدرات، تكون متوقفة على تقرير المعمل الكيماوى، فعند ثبوت أن المخدر الجديد به مادة مخدرة درجة بالجداول، تكون الدفوع إجرائية، عن طريق التشكيك فى طريقة القبض على المتهم وغير ذلك، وإذا لم يكن المخدر الجديد يحوى مادة مدرجة، فإن المحكمة ستصدر أمر بيان لا وجه؛ لعدم الجناية لأن الواقعة غير مجرمة قانونيا، فيعامل المتهم معاملة من يضبط بحيازة «بدرة» ويثبت أنها «إسبرين» مطحون، ويتم التحفظ على القضية وإخلاء سبيل المتهم فورا، وأن مصير المتهم المضبوط ب«البودر»، فى حالة التعاطى يكون الحكم عليه فى حدود سنة سجن، وفى حالة الإتجار تبدأ العقوية من 6 سنوات إلى المؤبد حسب الكمية المضبوطة بحوزة المتهم، وأن الضباط بأقسام الشرطة يتعاملون مع هذه الأنواع والخلطلات التى تظهر حديثا، من خلال أنه إذا كانت تحوى بها مواد تدين المتهم يتم إرسالها مباشرة إلى المعمل الكيماوى، وإذا لم تكن بهذه الخلطات مواد تدينه ولها آثار سيئة، يقومون بتبديل الحرز له او إرفاق حرز مادة مخدرة مع ما يحوزه من أنواع جديدة حتى لا يفلت المتهم من العقاب، ولكن يجب أن تكون هناك إجراءات وقوانين خاصة بمثل هذه الخلطات، حتى يتم القضاء عليها نهائيا، حتى إذا لم تكن هذه الخلطات تحتوى على مواد مخدرة، مادام ثبت أنها تذهب العقل وضارة بصحة الإنسان.