رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«الجوكر» و«شيء من الخوف» و«اللص والكلاب».. أفلام تثير التعاطف مع الشخصيات العدوانية

فيلم الجوكر
فيلم الجوكر


أثار فيلم «الجوكر» الذى عُرض مؤخرًا فى دور عرض السينمات العالمية جدلا كبيرا، بين كل من شاهدوه، خاصة رواد «السوشيال ميديا». 

ولعب الفيلم على وتر المأساة التى يتعرض لها طبقات الشعوب المتدنية، سواء الناتجة عن ضعف العيش المادي، أو الخلل النفسي نتيجة ظروف حياتهم، كما جسد مبرر الثورة العنيفة ضد ظروف الطبقات البسيطة في المجتمع الأمريكي، نتيجة تسلط الطبقات الغنية عديمة الرحمة، والمستغلة لهم.

وطبقا للفيلم فإن الطبقة الغنية هم حثالة، من حيث الفكر والتصرفات، فهم من يضعون القوانين ويحددون الصواب والخطأ، حتى في النكات هم من يتولون ذلك، ويحددون ما الذى يضحك وما السخيف منها.

كل هذه التصروفات أظهرت الصراع الطبقي الموجود بالفعل، في هذا المجتمع، واعتبر المشاهدون هذا الفيلم تعبيرا ملحميا عن مأساة بشرية تتكرر مع كثيرين.

وظهرت ردود الأفعال عليه خاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، حتى ردد الكثير من الذين شاهدوه ”يا عزيزي كلنا ذلك الجوكر“، ذلك ما أثار الجدل حول مضمونه، واختلاف النقاد على تقييمه، لتمثيل الجانب المظلم والشرير، وتجسيد مرحلة ”أنسنة“ الجوكر، فلم تعد مجرد شخصية متخيلة، بل هي ظاهرة بشرية.

لذلك كان لابد دراسة أثر تعاطف الجماهير مع هذه الشخصية، وانتقادها، وإمكانية صنع شخصية مشابهة على الطريقة المصرية، لذلك تقدم "النبأ" وجهة نظر نقاد الفن حول ذلك. 

قالت الناقدة الفنية ماجدة موريس، لـ"النبأ" إنه لا توجد وثائق مؤكدة تثبت أو تنفي إمكانية صنع فيلم مصري، أو عمل فني، يكتسب تعاطفا معه بنفس درجة التعاطف مع "الجوكر"، ويكون قابلا للمشاهدة بهذا الشكل، على الرغم من التناقضات المختلفة التي تعرض لها "فيلم الجوكر"، فلم يلقى استحسان الجميع، فمنهم من رأى أنه معقد، وشخصية عدوانية.

وأوضحت أنه كانت هناك أفلام مصرية، تعاطف الجمهور فيها مع الشخصية العدوانية أكثر، رغم ارتكابها المزيد من الجرائم، كفيلم "شيء من الخوف"، الذي قام بتجسيد شخصية "عتريس"، الفنان محمود مرسي، وبالرغم من تسلطه وجبروته مع أهل البلد التي كان يحكمها إلا أنه كسب الكثير من التعاطف من جمهوره، نتيجة الظروف التي نشأ فيها وغيرت من طبيعته الطفولية البريئة، لهذه الشخصية المتسلطة، والعنيفة، والطاغية، إلى أن وجد من يتصدى له في شخصية محبوبته "فؤادة"، والتي قامت بدورها النجمة شادية، ومع ذلك اختلفت ردود الأفعال عليه من تعاطف واتهام لشخصيته.

وتابعت: "كذلك فيلم "اللص والكلاب"، تفاعل الكثير من الجمهور مع دور "اللص" الذي قام ببطولته شكري سرحان، مبينة أن إمكانية صنع فيلم شبيه بالـ"جوكر" صعب حاليًا، لأن الإنتاج الأمريكي الذي يصنع أفلامًا شديدة التنوع، من نفسي واجتماعي، وأكشن، حتى أفلام الخيال العلمي، يجعل الفن منتعشًا بصورة أكبر، أما في مصر الإنتاج محدود، حتى صناعة الأفلام سنويًا تكون بأعداد قليلة، وقصص في الأغلب متشابهة، حتى أنه في كثير من الأحيان لا يوجد أكثر من 4 أفلام تصلح للمنافسة والمشاركة في مسابقات الفن، كمسابقة المركز القومي للسينما، أو جمعية الفيلم.

وأضافت: "يشترط لعمل فيلم بنفس جودة "الجوكر" أن يقوم صناع الأفلام بعمل من 40 إلى 50 فيلما سنويًا، حتى يعود الفن بالزمن، وقت صناعة العديد من الأعمال الفنية، التي تحتاج إلى دعم كبير من الحكومة والمنتجين الكبار، أي يحتاج الوسط حينها لشكل مختلف من الإنتاج لا يتوفر حاليًا.

وأكدت ماجدة خير الله، ناقدة فنية، أنه لا توجد إمكانية لعمل نفس القصة، لأن التقرب من هذه المنطقة هو تكرار غير مناسب للمجتمع المصري، ولا يمكن تعريبه، لأن ظروف المجتمع الأمريكي التي نشأ بها "الجوكر" تختلف تماما عن تلك التي نعيشها، ولا يمكن أن يعبر إلا عن مجتمعه، أما عن صناعة عمل يتعاطف الجمهور مع شخصيته بالرغم من تناقضاتها أو جرائمها ذات الدوافع، مع مراعاة ظروف مجتمع الفيلم وهويته، كفيلم "باب الحديد" الذي تعاطف من خلاله الجمهور مع شخصية "قناوي".

واستطردت: "لأن الناس غالبا تتعاطف مع الشخصية التي تتعرض لمشاكل أو ضغط من المجتمع يدفعه لتغيير شخصيته للأسوأ، وارتكاب مخالفات، مع مراعاة معالجة كل قصة بما يتناسب مع مجتمع الشخصية ذاتها، موضحة أن تكرار عمل فيلم الجوكر بشكل مصري سيكون تجربة فاشلة لأن نجاحه لم يكمن في تلوين وجهه فقط.

ويبدأ فيلم "الجوكر" بظهور آرثر وهو يحمل كل براءة العالم، وكأنه طفل، ويردد بأن والدته تطالبه دائما بأن يبقى مبتسما، وهو مقتنع بأنه قادر على إضحاك الآخرين.

فيتعرض ”جوكر“ لأول عملية اعتداء من طرف بعض الشباب، ويُضرب ضربا مبرحا دون أن يحرك ساكنا، وبعدها يعود للعمل مع كدمات كثيرة على جسده وفي نفسيته، وهو في حالة صدمة وإنكار محاولا إقناع نفسه بأن الحادث عادي واستثنائي، على عكس ما قاله له صديقه بأن ”الخارج هو غابة يعيش فيها حيوانات“.

ويمر "الجوكر" بمواقف تغير شخصيته، بل تقلبها رأسا على عقب، حتى يتأثر به محيطه الصغير، من والدته التي تتعرض لمصير مأساوي على يديه، مرورا بأصدقائه في العمل، ووصولا لمن استغل براءته للسخرية منه، الجميع يدفع الثمن الذي يراه جوكر مناسبا، وكأنه عاد لينتقم من كل ما تعرض له من قسوة، ورغم وحشية ما يقوم به، فإن البعض يجد صعوبة في إدانته، لما مر به من سلسلة أحداث عنيفة نفسيا ورمزيا، جعلت منه ضحية وليس مجرما.

من هنا ظهرت الكثير من الانتقادات التي حذرت من كون الفيلم دعوة صريحة للعنف والفوضى وتحرض على أخذ كل شخص انتقامه بيده وبأكثر الطرق وحشية، بينما يرى البعض الآخر أنه ناقوس خطر يحذر من حالة الجنون التي يمكن أن يتعرض لها الفرد، فتحوله لوحش بشري،  ينتقم كيفما يحلوا له، وهو يبتسم ابتسامة باردة، وقهقهة مستفزة.