رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أسباب انتشار ظاهرة «الهوم سكولينج» وهجر المدارس الحكومية

طارق شوقى - أرشيفية
طارق شوقى - أرشيفية

يبدو أن «أزمات التعليم» ستطفو من جديد على السطح، خاصة تلك المرتبطة بالازدحام الشديد داخل الفصول، وصعوبة المناهج، إلى ظهور ما يسمى «الهوم سكولينج» أو التعليم فى المنزل، رغم العوائق التي تحول دون تطبيقه في مصر.

ويشير مفهوم التعليم في المنزل، أو ما يسميه البعض بـ«التعليم المرن»، إلى  اكتساب الطالب للمعرفة والمهارات المختلفة في منزله دون الحاجة إلى المدرسة، والذي شهد بداية ظهوره في 2007، برسالة ماجستير للدكتورة وفاء البسيوني، صاحبة كتاب «مصر بلا مدارس»، وهي من أوائل من طرحوا فكرة "التعليم في المنزل" وتبنيها، في تحضير رسالة ماجستير حول هذا الموضوع.

ويؤكد الخبراء، أن هذا النظام لا يوجد في مصر بشكل مباشر، ولا يمكن تطبيقه من قبل وزارة التربية والتعليم؛ بسبب القوانين التى تحكم نظام العملية التعليمية بالإضافة إلى عدم اعتراف الحكومة به، ولكن على الرغم من ذلك يتم تطبيقه من قبل الطلاب بالمخالفة للوائح والتى يتخلف فيها الطلاب عن الحضور وعدم الاعتماد على المدرسة في مقابل حضور الدروس الخصوصية.

اللافت فى الأمر، أن هذا النظام يلقى إقبالا من أولياء الأمور، على صفحات  ومواقع "السوشيال ميديا" على "فيسبوك"، إذ كتبت أحدهم وتدعى إيمان أحمد: «بما أن التعليم وصل للقاع ولأكبر حد من الفساد فكرت ملقتش إلا حل واحد مش عارفه هينفع ولا إيه، إحنا صعب نعمل مدارس لأنها هتتكلف ملايين، بس سهل نعلم أولادنا بنفسنا، إزاي.. نسجل أولادنا في أي مدرسه تجريبي مثلا بألف جنيه».

وأضافت: «لو حد يساعدنا في مركز تعليم كبير مرخص، ونتفق مع مدرسين كويسين ومتمكنين وتبقي مدرسة مصغرة بتاعتنا ونعمل فيها اللى إحنا بنتمناه من أخلاق ودين وعلم.. ونسبلهم المدارس الخاصة فاضية خليها ترخص، هي المدرسة إيه غير طلبة ومدرسين، بس عايزين ناس أولاد حلال يساعدونا مش تجار، والمفروض أبسط حاجة الحكومة تعملها تقنن الهوم سكولينج بالشكل ده».

ومن ناحيتها، تواصلت «النبأ» مع مسئول إحدى الصفحات التى تدعو إلى تدريس هذا النظام على "فيسبوك"  وتحمل عنوان: «هوم سكولينج.. رؤية جديدة للتفوق والتربية»، وبالتواصل مع رقم التليفون الذي وضع صاحبه منشورا جاء نصه "لإلحاق الدارسين بنظام الهوم سكولينج "عربي - لغات - انترناشيونال تبدأ الاستعدادات والتحويلات.. السرعة تتيح تميز المكان. 

وقال صاحب الصفحة الذي رفض ذكر اسمه، إنّ هناك بعض الأكاديميات التي تقوم على هذا النظام في مصر بشكل فردي، مشيرًا إلى أنها ليست بديلًا عن وزارة التربية والتعليم.

وأضاف في تصريح خاص لـ"النبأ" أن الفكرة أشبه بسنتر تعليمي يتم الدراسة فيه بنظام محاضرات، بآلية التعلم النشط من خلال التدريب العملي على ما يتم أخذه في المدارس، لافتا إلى أن أسعار الأكاديميات يختلف من مكان لآخر.

وواصل: الفكرة يتم تنفيذها على نطاق واسع، من خلال الأكاديميات، ولكنها تتم بشكل عشوائي وبالمخالفة للقانون، وذلك لأن أول ما يعيق هذا الفكرة توفير المكان والذي يشترط تقنينه من قبل الوزارة، بالإضافة إلى أنها تقوم على فكرة التعليم المرن والتى تعطى الطالب الحرية في دراسة ما يختاره من مواد، متابعا أن الحكومة لن تسمح بوجود هذا النظام لأنه يخالف القوانين الحالية.

وفي هذا السياق، قال كمال مغيث، الخبير التعليمي، إن نظام «الهوم سكولينج» هو نظام قائم على التعليم عن بعد، مشيرا إلى أنه في السابق كان متعارف عليه باسم التعليم المنزلى، وفيه يقوم الطالب بتسجيل نفسه، ويذاكر بمعرفته ومن ثم الذهاب للامتحان.

وأضاف مغيث في تصريح خاص لـ"النبأ" أن القانون يسمح بهذا النظام لعدد من الحالات، منهم من تجاوز مدة الرسوب، وكذلك من تعدى عمره السنة الدراسية المراد الالتحاق بها في حالات محو الأمية، متابعا ولكن في الواقع هذا لا يحدث.

وواصل: أن ما يحدث حاليا في الكثير بالمدارس بالمخالفة للوائح والقوانين التى تنص على عدم غياب الطالب 15 يوما بشكل متقطع أو أسبوع متواصل، متابعا أن الطلاب  يهربون من زحمة المدارس وعناء اليوم الدراسي دون عقوبة.

وتابع: أن نظام home schooling يتضمن أيضا الإعلان عن مراكز تدريب تمنح شهادات للطلاب، مقابل التسجيل وتلقي الدورات وامتحان أون لاين ومن ثم الحصول على الشهادة، مشيرًا إلى أن هناك جامعات قائمة على النصب وغير معترف بها دوليا منها كانت تطلب ألف دولار.  

وأشار مغيث إلى أن "التعليم المنزلي" قد ينجح، ولا سيما أن التعليم المصري يحصل على المراكز الأخيرة وفق التصنيفات العالمية، فضلًا عن أن الوزراء أنفسهم يعترفون أن التعليم منهار".

وأشار إلى أن ما يعانيه التعليم النظامي بمصر من انهيار المدارس والأسعار الفلكية للدروس الخصوصية، في ظل ما يعانيه المواطنون من ظروف اقتصادية متدنية يشجع على ظهور صيغ جديدة تتعامل مع هذا الوضع التعليمي الملتبس.

وحذر «مغيث» من أن يتحول التعليم المنزلي إلى "وحش جديد" كما سبق أن تحولت الدروس الخصوصية، فضلًا عن مخاوف من أن يُنشئ البعض "هوم سكولينج" لا تختلف كثيرًا عن التعليم النظامي إلا أنها تحقق لهم ربحًا.

من ناحيته، أكد خالد صفوت، مؤسس ثورة أمهات مصر على المناهج التعليمية، ومؤسس رابطة أولياء أمور المدارس الخاصة، أن نظام التعليم بهذا المفهوم لا يوجد في المدارس الحكومية والمدارس الخاصة على عكس المدارس الدولية.

وأضاف صفوت أن نظام الدراسة المتعارف عليه في مصر هو انتظام في الدراسة، أو تعليم منازل أو خدمات، متابعا هناك آخر وهو الأقرب لنظام الهوم سكولينج وهو الخاص بأبنائنا في الخارج وهو تقييد الطالب في إحدى المدارس الخاصة وامتحانه.

وأوضح صفوت في تصريح خاص لـ"النبأ" أن القوانين التى تفرضها وزارة التربية والتعليم تحكم نظام الحضور والغياب داخل المدارس الحكومية وتمتد للمدارس الخاصة وهي حضور الطالب لما لا يقل عن 85% من أيام الدراسة وإلا سيتم فصله وحرمانه من السنة الدراسية، مضيفا وعلى الرغم من ذلك هناك اتجاه من قبل الوزارة لتدعيم هذه المنظومة الخاصة بالتعليم عن بعد بإدخالها التابليت وبنك المعرفة.

وواصل: كان في السابق لا يحضر الطلاب لاسيما في المراحل الثانوية إلى المدرسة إلا قليل، ويتم الاعتماد بشكل كلي على الدروس الخصوصية، وهذا ما كان يتم بالتواطؤ بين إدارة المدرسة وأولياء الأمور ودون توقيع أي عقاب، مضيفا ولكن مع تفعيل النظام الإلكتروني في الغياب أصبح هذا الأمر في غاية الصعوبة، ولكن على الرغم من ذلك تم رصد قيام بعض المدرسين بإعطاء دروس خصوصية لبعض الطلاب خلال اليوم الدراسي.

وتابع: المدارس الدولية استحدثت نظاما للتعليم عن بعد أو ما يعرف بالهوم سكولينج، خلال هذا العام، والذي يتيح للطلاب والتلاميذ المقيدين بها الحصول على دورات وشهادات تعتمدها الجهات المانحة، عبر إعطائهم لينكا يتم الدخول إليه للتسجيل.

وأضاف أن المدارس الدولية لا تخضع بشكل مباشر لقوانين الحكومة المصرية ولكن للجهات المانحة للتراخيص والشهادات، وبالتالي يتم اعتمادها من الجهة التى تتبع لها في الخارج، كما أن البنية التكنولوجية لديها متوفرة بشكل كبير.

وأشار صفوت إلى أن الأزمة تكمن في صعوبة تحقيق هذا النظام بالمدارس الحكومية لعدم قدرة الحكومة على الاعتراف بهذه الشهادات في ظل القوانين الحالية، بالإضافة إلى أنها تحتاج عملا شاقا وشبكة إنترنت قوية تسمح بدخول الطلاب في وقت واحد.