رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

هذا هو بطل مسلسل يحيى الفخراني.. قصة «جوليوس» الخواجة عبد القادر «الحقيقى»

يحيى الفخرانى والخواجة
يحيى الفخرانى والخواجة عبد القادر الحقيقي


ترددت أقاويل كثيرة عن شخصية «الخواجة عبد الــقادر»، تلك الشخصية التي أداها باقتدار الفنان يحيى الفخرانى فى مسلسل شهير حمل الاسم نفسه، أُنتج في عام 2012، وعرض لأول مرة في شهر رمضان للعام 1433 هجريًا، من تأليف عبد الرحيم كمال وإخراج شادي الفخراني.


الخواجة عبد القادر.. هو مهندس أجنبى واسمه الحقيقي (جوليوس)، ولد لأم ألمانية وأب نمساوى عام 1907 ببلدة صغيرة بضواحى فيينا من عائلة تنتمى إلى ملاك الأراضى، درس الطب لمدة عام ثم تركها لدراسة الهندسة والتخصص في الكباري وبناء السدود فى جامعة فيينا، ثم جامعة ميونخ بألمانيا، وحصل على دبلوم طبقات الأرض.


جاء لمصر فى ثلاثينيات القرن الماضى ليعمل مهندسا فى خزان أسوان، متنقلا بين بلدان الصعيد فأحب مصر وتعلق بها رافضا الرجوع لوطنه. 


وحصل على الجنسية المصرية حيث عاش فيها لأكثر من أكثر 25 عامًا، ويقول عن هذه الفترة: «أحببت مصر، وقد عملت بها خمسًا وعشرين عامًا، ومُنحت الجنسية المصرية الفخرية تقديرًا لخدماتى، وإن كنت لا أزال احتفظ بجنسيتي الأصلية إلا أننى لن أفكر فى ترك القاهرة، لأن بها ضريحَى الحسين وسيدتنا زينب».


فى عام 1933 انتقل الخواجة للسودان مع الشركة الإنجليزية "جيبسون وشركاه" لبناء خزان جبل أولياء على نفقة الحكومة المصرية، وذلك بعد الانتهاء من التعلية الثانية لخزان أسوان سنة 1932م.


قرأ الخواجة كثيرًا عن الأديان، ومن بينها الدين الإسلامى وقد جذبه الإسلام، وزاد عليه ملاحظته خلال عمله بالسودان سلوك المسلمين وأدائهم لشعائر الصلاة وصوم رمضان، وحلقات الذكر واستمع الى نوبات ومدائح المكاشفية وهى إحدى الطرق الصوفية السودانية وتنسب لمؤسسها الشيخ عبد الباقي المكاشفي (مؤسس الطريقة القادرية المكاشفية).


جذبته الموسيقى ونوبات والمديح وفكر فى أن يسلم وأن يلتقى بشيخ كبير فى العلم والمعرفة، وحكى الخواجة لأتباع الطريقة المكاشفية القادرية عن حلمه بأنه شاهد شيخًا سودانيًا فى المنام أكثر من مرة منذ أن كان فى بلده، وهو لا يفهم ولا يفسر طبيعة الحلم.


وسافر الخواجة إلى مدينة الشكينية فى السودان ليلتقي بالشيخ عبد الباقى وانتابته دهشة عارمة عندما رأى أمامه نفس الشيخ الذى يراه فى المنام الذى حينما رآه منذ الوهلة الأولى ناداه بـ«عبد القادر»، وبمرور الوقت تعلق الخواجه بالشيخ عبد الباقى المكاشفى وأشهر إسلامه.


يؤكد الخواجة عبد القادر من خلال حواره مع صحيفة «الأضواء» فى 11 مايو 1969، أنه بعد أربعة عشر شهرا بعثه الشيخ عبد الباقى المكاشفى للحج، ثم إلى مصر للدراسة فى الأزهر الشريف، وزوده كما قال بقدر من المال والضروريات الأخرى التى تكفى لقيامه بالرحلة.


لم يكتف باسم عبد القادر الذى أطلقه عليه الشيخ المكاشفى بل انتسب للشيخ واسمى نفسه حتى فى أوراقه الثبوتية عبد القادر عبد الباقى عمر المكاشفى، وظل متواصلًا مع الشكينيبة، رغم أنه كان يغادر السودان فى فترات متعددة.


لم تنقطع صلة الخواجة بمصر التى أحبها فعاد إليها وهو مسلم، وأظهر تدينه ووصل إلى دراو فأعجبته المنطقة لأنها شبيهة بمدن السودان وقراها، ولها ارتباط وثيق بهم من خلال تجارة الجمال التى تمر عبرهم من دارفور وكردفان، ولهذا بنى الخواجة عبد القادر خلوة على شاطئ النيل ليتعبد فيها، وأقام الشيخ الخواجة علاقات قوية مع عمدة القرية وبعض الأعيان فيها.


ونظرا لهيئته الحسنة ومظاهر عدم الحاجة والغنى ظن أهالى المنطقة أن له كرامات فى جلب المال والحصول على كنوز الفراعنة فى هذه المنطقة رغم أنه لم يكن يخرج من خلوته التى يتعبد فيها كثيرًا فاعتبروه رجلًا صالحًا وليًّا تسخر له كنوز الدنيا.


فى أواخر السبعينيات انتقل الخواجة إلى قرية ود أب آمنة الواقعة إلى الجنوب الشرقى من مدينة المناقل فى السودان حيث مات ودفن فيها؛ ففى عام 1980 طلب من أحد الجيران أن يحفر له حفرة بأبعاد متر واحد فى الطول والعرض والعمق لتساعده على قيام الليل لأنه يتعب من الجلوس الطويل ويريد أن يستند إلى (حائط) الحفرة وهو جالس يتعبد.


وكان من عادته أن ينام بعد أداء صلاة الفجر ويصحو عند الثامنة، وفى صباح يوم وفاته لاحظ الجيران أنه لم يصح فى موعده المعتاد، وعندما فتحوا الباب وجدوه ميتا فدفن فى غرفته لتصبح مثواه الأخير، ذات الغرفة التي شهدت أدعيته وابتهالاته ومناجاته والتى حفظت أسراره.