رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تقرير خطير يكشف مفاجآت عن «سرعة الإنترنت» فى مصر

كوابل الإنترنت
كوابل الإنترنت


«اقفل الراوتر وافتحه تانى».. جملة اعتاد مستخدمو شبكة الإنترنت سماعها من العاملين فى الشركات التى تقدم هذه الخدمة عند حدوث الأعطال، لكن الحقيقة أن تلك الجملة تعد دليلًا على معاناة المصريين مع الإنترنت، بل إنها من أسوأ الجمل التي تثير غضب المواطنين.


ضعف إمكانيات الدعم الفني

يعد فريق الدعم الفني بـ«شركات الإنترنت» هو الفريق المختص بحلول المشاكل المختلفة وهو القادر من خلال خبراته أن يساعد العميل على حل مشاكله المتعددة والمختلفة مع الإنترنت بطريقة احترافية، ولكن عند إجرائك اتصالًا بخدمة الدعم الفني لشركة من شركات مزودي خدمة الإنترنت في مصر تشكو فيها من بطء الخدمة أو انقطاعها ستكون أمامك خيارات محددة والتي تنم عن افتقار الموظف المختص للخبرة اللازمة لحل المشكلة وسيوجه إليك أسئلة تقليدية وسيقدم ردودًا مكررة على المشاكل المتعلقة بالخدمة؛ فمصر تُعد من الدول المتأخرة جدًا في تقديم تلك الخدمة.


سرعات إنترنت ضعيفة

وكشف أحدث تقرير لموقع «speedtest» المتخصص في قياس سرعة الإنترنت عالميًا عن تراجع ترتيب مصر في سرعة إنترنت الموبايل، واحتلالها المرتبة 165 من بين 177 دولة تشملهم القائمة في سرعات الإنترنت.


وأفاد تقرير الموقع، أن القائمة ضمت 177 دولة، وتراجعت مصر مركزا واحدًا في خدمة إنترنت الموبايل واحتلت المركز 101، بينما احتلت المرتبة 165 في خدمة الإنترنت الثابت «الأرضي» بسرعة داونلود 7.51 ميجابايت في الثانية تسبقها دول أفغانستان وبروندي وبنين والنيجر


ويبلغ المتوسط العالمي لسرعة الإنترنت الأرضي 55.52 ميجابايت في الثانية.


وتصدرت دولة قطر قائمة الدولة العربية في سرعة إنترنت الموبايل، باحتلالها المركز السادس عالميًا تلتها دولة الإمارات المتحدة بالمرتبة السابعة بينما جاءت المفارقة في تبوء دول عربية مراكز متقدمة عن مصر في خدمة الإنترنت الثابت رغم الظروف الصعبة التي تمر بها تلك البلدان واحتل العراق المرتبة 123، وسوريا المرتبة 144، وليبيا 154.


رد الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات

وأكد ممثلو الجهاز القومي للاتصالات، أن سرعة الإنترنت في مناطق عديدة بالصعيد والدلتا تصل إلى 15 ميجا، مثلها جميع المجتمعات العمرانية الجديد وأن قوة وسرعة الإنترنت ستظهر في العاصمة الإدارية الجديدة والمناطق والمدن المخططة ببنية تكنولوجية جيدة، موضحين أن سبب ضعف الإنترنت في بعض الأماكن يعود إلي سوء البنية الأساسية والعشوائيات والتخطيط غير الصحيح منذ البداية، لكن يجرى حاليًا الإحلال والتجديد للشبكات.


نفاد رصيد باقة الإنترنت قبل موعدها

لم تكن السرعات الضعيفة هي المشكلة الوحيدة التي تواجه مستخدمو الإنترنت في مصر؛ فالبطء في الخدمة المقدمة، وعدم وجود فريق دعم متخصص قادر على حل المشاكل ليس أبرز السلبيات فقط، ولكن هناك مشكلة عدم دقة احتساب استهلاك الباقة التي يترتب عليها تقليل السرعة بعد نفاد «الجيجات» والتى تعد الأزمة الكبرى للمشتركين.


التحول الرقمى

الإنترنت أصبح من الأساسيات التي لا تستغني عنها الدول، هذا الأمر جعل الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال المؤتمر الوطني السابع للشباب بالعاصمة الإدارية الجديدة، يطلق مبادرة التحول الرقمي في مصر وتكليف رئاسة مجلس الوزراء وجميع أجهزة ومؤسسات الدولة بتنفيذ منظومة «الحوكمة» على مستوى الدولة، على أن يبدأ المشروع بشكل تجريبي في محافظة بورسعيد.


والتحول الرقمي هو ليس تقديم الخدمات الحكومية المختلفة عبر وسائل غير تقليدية باستخدام التكنولوجيا فحسب كما كان يحدث في الماضي، ولكنه تغير في أنماط الحياة فبإمكانك وأنت تجلس بالمنزل أو داخل سيارتك أن تدفع فواتيرك المختلفة من غاز وكهرباء وإنترنت أو دفع مخالفات سيارتك أو تصفح كشوف البنك أو دفع القروض التي عليك كل ذلك دون الذهاب للمصلحة الحكومية أو الوقوف طوابير طويلة للوصول للشباك قبل مواعيد الغلق المحددة. 


تلك المعاملات لا تعود بالنفع فقط على العملاء والمستفيدين ولكنها أيضا توفر على الحكومة ملايين الجنيهات وتقلل عدد الموظفين وبالتالي تكون المنفعة مزدوجة على كلا الطرفين ولكن كل ذلك يحتاج إلي منظومة متكاملة ولا يعاني المواطن فيها بسبب ضعف تلك المنظومة ففي بعض الأحيان تذهب لدفع ما عليه من فواتير الإنترنت وتتفاجأ بالموظف يخبرك أن «السيستم واقع» ويتكرر هذا الأمر عدة مرات بشكل يومي.


26 مليار جنية لتنفيذ التحول الرقمي

كشف رأفت هندي، رئيس قطاع الاتصالات والبنية الأساسية، والمشرف على قطاع الأمانة العامة بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أنه مدرج بموازنة الوزارة مبلغ 26 مليار جنيه سيساهم في تنفيذ تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي واستكمال تنفيذ برنامج الحكومة، في مُقدمتها إنشاء مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة وإنشاء بنك المعرفة ومشروع التحول الرقمي وأن استلام بنك المعرفة سيكون فى 30 يونيه 2020.


من ناحيته، قال المهندس طلعت عمر، نائب جمعية مهندسي الاتصالات، إن الحديث عن الحكومة الإلكترونية والتحول الرقمي بدأ منذ حكومة الدكتور أحمد نظيف، ولكن فى الماضى كان الأمر لا يعدو كونه حديث للتضليل الإعلامي، وبعيد كل البعد عن أرض الواقع.


وأضاف لـ«النبأ»: «ولكن اليوم الوضع مختلف تمامًا عن الماضي فما نراه اليوم قرارًا جادًا وميزانية حقيقية تم رصدها لتنفيذ المشروع على عكس الماضي الذي كانت تُطلق فيه المبادرات بلا رصد الميزانيات وكان كلاما للاستهلاك الإعلامي، فاليوم هناك تحركات على أرض الواقع بالفعل وتم البدء في تنفيذ التحول الرقمي رغم تأخره الذي كان من الممكن أن يكون منذ عقود إبان الثورة المعلوماتية في مطلع القرن الجاري».


تساؤلات مشروعة عن مبادرة التحول الرقمى

وتساءل رئيس تحرير مجلة «تكنولوجيا المعلومات» الكاتب الصحفي جمال غطاس عن عدة أشياء بعد مبادرة الرئيس بالتحول الرقمي وقال: الأمر يعد مفاجأة كبيرة لغالبية المتابعين والمعنيين بقضية بناء مجتمع المعلومات والمعرفة والتحول الرقمي في مصر، والغالبية الساحقة ممن يمكن اعتبارهم "المساهمين" المباشرين والمحتملين في مشروع رفيع المستوي من هذا النوع، وتم بطريقة تكاد تكون كاملة السرية، وهذه نقطة كان الأجدر آلا تحدث، لأنها لا تتوافق مع أبسط وأول مباديء بناء مجتمع المعرفة والتحول الرقمي المستقرة والمتعارف عليها عالميا، وفي مقدمتها مبدأ الحق في المعرفة، وحرية تداول وانسياب البيانات والمعلومات، وضمان الحريات العامة، والحق في الإبداع، لأنها من صميم ضمانات نجاح عملية التحول الرقمي، بمفهومه الشامل اجتماعيا واقتصاديا، ونفسيا وسلوكيا ووظيفيا.


وتابع: التقنية ـ من أجهزة ومعدات وبرمجيات الخ ـ لها اليد العليا في المشروع حتي الآن، أما الأعمال والعمليات والنظم والسياق الثقافي الاجتماعي المجتمعي لبيئة العمل الذي ستخدمها التقنية فلها اليد الدنيا، بمعنى أن التقنية تقود بيئة العمل وليس العكس، والسيطرة في المشروع للعقل الهندسي التقني المحض، لا العقل المنظومي الإداري الاجتماعي السياسي، وهذا وضع غير سليم منهجيا، لأنه لا يحصن المشروع أمام الهجمات المرتدة من البيئة المحيطة به عند التنفيذ.


وأكمل: طبيعة الجهة التي تولت عرض المشروع أمام الرئيس خلال المؤتمر ـ وهي الرقابة الإدارية ـ تنبئ بأن الهاجس الأمني الرقابي حاضر بقوة في هذا المشروع، ربما بدرجة تفوق قدره الطبيعي المعقول والمطلوب في مشروعات حساسة من هذا النوع، وربما يكون الحضور الأثقل والأوسع من اللازم للهاجس الأمني، قد لعب دورا في تغليب البعد التقني على البعد الادائي الإداري الاقتصادي الاجتماعي للمشروع.


وأضاف «غطاس»: حسب التشكيل الحالي للوزارة هناك اكثر من 30 وزارة في مصر، كل منها يتبعها عشرات من الهيئات والأجهزة الإدارية، والموظفون في مصر يشكلون جيشا قوامه يزيد علي خمسة ملايين موظف، يمارسون عملهم من خلال آلاف من الأنظمة ودورات العمل الإدارية والمالية والمحاسبية والهندسية والتجارية والتعليمية والمالية وغيرها، وتعمل هذه النظم وفق غابة من القوانين لا تقل عن 30 ألف قانون ولائحة إدارية بحسب إحصاءات قاعدة البيانات التشريعية القومية، وتخدم هذه البيئة كل مجالات الحياة، وجميع أشكال العلاقة بين الدولة والمواطنين.


هذه السلسلة من جبال القوانين والعمليات الإدارية والبيروقراطية والموارد البشرية غير المؤهلة في معظمها، والتي تتقاطع مصالح النسبة الغالبة منها مع عمليات التطوير والإصلاح، تفرض أن يكون قد تم البدء منذ فترة ـ لا تقل عن ثلاث سنوات على الأقل ـ في تنفيذ عملية إعادة هندسة كاملة، للنظم الإدارية والأطر الإجرائية والقانونية التي تضبط عمل مؤسسات الدولة التي تقرر أن تستفيد من المشروع، وهذا بدوره كان يتطلب عشرات من الخطط التنفيذية وبرامج العمل والميزانيات، وعمليات التدريب والتأهيل، ومئات وربما آلاف التغييرات علي دورات العمل، ولوائحها، ليخرج منها كل ما يتحتم أن يحكم وتتم على أساسه عملية تصميم مبنى مركز البيانات، وتوسعاته المستقبلية، وأنظمته الداخلية، ونوعية ما سيوضع فيه من أجهزة وحاسبات وشبكات ونظم إدارة بيانات، ونظم تشغيل، ونظم تأمين، وغيرها.


عبر الرئيس في حديثه عن هذه النقطة بقوله إن المشروع يواجه محاذير وتحديات كبيرة، وأستطيع القول إنه كان يقصد هذه السلسلة من الجبال الإدارية والقانونية والوظيفية والبيروقراطية التي تشكل غولا قادرًا على هضم وتفريغ أي مشروع تحول وتحديث من مضمونه، ما لم تتخذ الاحتياطات اللازمة للتعامل معه بكفاءة.


مواجهة هذه التحديات تفرض العودة بالسياق العام لبيئة العمل داخل الدولة ليكون هو المحرك والقائد الأساسي للمشروع، وليس البعد التقني بنزعاته الشرائية التي ترضي تجار «الهاردوير والسوفت وير»، حتى لا يكون لدينا في وقت ما مستقبلا خردة قيمتها 25 مليار جنيه على عمق «14» مترًا تحت الأرض.