رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الدكتورة يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد فى حوار شامل لـ«النبأ»: مفيش حاجة بتشتغل في البلد إلا لما رئيس الجمهورية يهتم بها.. والنظام الحالى يُصحح أخطاء «60» سنة

النبأ

الدكتورة يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد فى حوار شامل لـ«النبأ»:

مفيش حاجة بتشتغل في البلد إلا لما رئيس الجمهورية يهتم بها .. والنظام الحالى يُصحح أخطاء «60» سنة 

منح الجنسية للأجانب سينعش سوق العقارات

التقارير التي تقيم دول العالم أثبتت أن مصر لم تنجح فى مكافحة الفقر مقارنة بالهند والصين

الناس «مش مستحملة».. وهذه رسالتى لـ«وزير المالية» 

مطلوب التعامل بحذر مع تقارير صندوق النقد الدولي.. لهذا السبب

مصر بها عدم عدالة في توزيع الدخل والبنوك «مش عارفة تودى الفلوس فين»

تدريب الكوادر البشرية فى البرنامج الرئاسي لن يحل مشاكل الغالبية العظمى من الشعب

فئة صغيرة من الشعب تستفيد من ثمار التنمية.. وهذه هي الأسباب

هناك أسباب كثيرة لعدم شعور المواطن بتحسن الاقتصاد وزيادة معدل النمو

لا توجد إستراتيجية واضحة لمكافحة الفقر في مصر حتى الآن

التمكين الاقتصادي هو الحل الأمثل لمكافحة الفقر وليس الدعم النقدي

المنتجون والمستهلكون تلقوا «خبطات» ثقيلة خلال الفترة الماضية

مطلوب عمل توازن في التنافسية في القطاع العقاري

الاقتصاد المصري مؤهل لاحتلال المركز السادس عالميا بحلول 2030 ولكن بشروط

مراكز التدريب في الوزارات أصبحت «تهش وتنش» ولابد من وضعها تحت رئاسة مجلس الوزراء

شبكة الحماية الاجتماعية ليست كافية للتقليل من الآثار السلبية للإصلاح الاقتصادى

 

أجرى الحوار: على الهوارى

 

أكدت الدكتورة يُمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بـ«جامعة عين شمس»، أن معدل الفقر الحقيقي في مصر يتراوح بين 50 و60%، مشيرة إلى عدم وجود إستراتيجية واضحة لـ«مكافحة الفقر» في مصر حتى الآن.

وأضافت «الحماقي» في حوارها لـ«النبأ» أن هناك أسبابًا كثيرة لعدم شعور المواطن بتحسن الاقتصاد وزيادة معدل النمو، وأن هناك فئة صغيرة من الشعب هي التي تستفيد بثمار التنمية، لافتة إلى أن الدين العام يمثل تحديًا كبيرًا جدا ولابد من مواجهته.

وقالت إنّ الاقتصاد المصري مؤهل لاحتلال المركز السادس عالميًا بحلول 2030 ولكن بشروط، وإلى تفاصيل الحوار:

تتحدث الحكومة ومؤسسات دولية عن تحسن الاقتصاد المصري ونجد أن الجهاز المركزي للإحصاء يكشف عن ارتفاع نسبة الفقر إلى 33% وهو أكبر نسبة منذ أكثر من 20 عاما..

في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة المصرية وبعض المؤسسات الدولية عن تحسن الاقتصاد المصري إلا أن ذلك لم ينعكس بشكل إيجابي على حياة المواطن المصري .. ما تفسيرك لهذا التناقض ولماذا لا يشعر المواطن بهذا التحسن؟

هذا سؤال مهم، وكان أحد المواضيع الرئيسية المطروحة في منتدى الشباب الحالي في العاصمة الإدارية الجديدة، وهو من أكثر الملفات التي حظيت باهتمام من رئيس الجمهورية والحكومة وشباب مصر في المؤتمر، وهو كيف يشعر المواطن المصري بآثار الإصلاح؟

وأنا أرى أنه لا يوجد تناقض بين الأمرين؛ لأنه مع بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي كانت هناك توقعات بارتفاع نسبة الفقر في مصر، بسبب تحرير سعر الصرف وعدم وجود رصيد كافٍ من الدولار، وهذا أدى إلى ارتفاع قيمة الدولار بشكل كبير مقابل الجنيه المصري، ما تسبب فى ارتفاع التضخم إلى 33%، وبالتالي دخل المواطن لم يرتفع بنفس نسبة التضخم.

والسبب الرئيسي في ارتفاع معدل الفقر هو عدم وجود قوة عمالة مؤهلة للدخول في سوق العمل، فهناك جزء كبير منهم "أمي"، وجزء كبير آخر حصل على تعليم يعتمد على التلقين، وبالتالي هناك مشكلة في ضعف المهارات وانخفاض الإنتاجية، ونتيجة لذلك فإن القلة المؤهلة هي التي تحصل على فرص مرتفعة ووظائف ذات دخول مرتفعة، وبالتالي الفئة الصغيرة من المجتمع ليس لديها مشكلة مع ارتفاع الأسعار، لكن معظم الشعب يعاني من ارتفاع الاسعار، لأن قدراته ومهاراته ومؤهلاته منخفضة، وبالتالي لا يستطيع الحصول على فرصة عمل مناسبة توفر له دخل مناسب يتناسب مع ارتفاع الأسعار، وتحرير سعر الصرف وزيادة التضخم أثّر عليه بشكل سلبي.

وماذا عن برنامج الإصلاح الاقتصادي؟ 

ارتفاع نسبة الفقر لا يعني عدم وجود نقاط إيجابية كثيرة في برنامج الإصلاح الاقتصادي؛ فالحكومة وكثير من المنظمات الدولية تتحدث عن نجاح الإصلاح الاقتصادي على المستوى الكلي، مثل توفير فرص عمل أكبر وانخفاض معدل البطالة وحدوث استقرار في سعر الصرف، وهذا كلام صحيح وحقيقي، وبالتالي الدولة المصرية نجحت إلى حد كبير في مواجهة مشاكل كانت متراكمة منذ أكثر من ستين عاما، لأن كل القرارات في العهود السابقة كانت مبنية على البعدين السياسي والاجتماعي وكانت تغفل البعد الاقتصادي، لكن النظام الحالي بدأ في تصحيح أخطاء أكثر من ستين سنة من خلال جعل البعد الاقتصادي  هو الأساس في اتخاذ القرار الاقتصادي.

كيف إذا يشعر المواطن بتحسن الاقتصاد؟

من خلال التركيز على العنصر البشري وعلى القطاعات الحقيقية وعلى رأسها القطاعين الصناعي والزراعي، في ظل عدم وجود استراتيجية واضحة للتدريب من أجل التشغيل على المستوى القومي، والمسئول عن ذلك هو وزارة القوى العاملة والمجلس الأعلى لتنمية الموارد البشرية، وهذا المجلس لم يجتمع منذ سنوات، لذلك أدعو رئيس مجلس الوزراء بوضع هذا المجلس تحت رئاسته من أجل الاهتمام بدور هذا المجلس الذي يقوم بوضع الاستراتيجية الوطنية للتدريب للتشغيل، كما سيقوم بتحريك كل مراكز التدريب التابعة للوزارات المختلفة، التي أصبحت «تهش وتنش» الآن.

وماذا أيضًا؟

كما أن ذلك يتطلب تطوير الموارد البشرية ورفع المهارات البشرية، وهذا لابد وأن يحظى بالأولوية من صانع القرار وعلى رأسهم رئيس الجمهورية، لاسيما وأنه  «مفيش حاجة بتشتغل في البلد إلا لما رئيس الجمهورية يعطيها الاهتمام»، ورغم أن هناك جهدًا كبيرًا يتم في أكاديمية التدريب وفي البرنامج الرئاسي لتدريب الكوادر البشرية، إلا أن ذلك يتم لصالح فئات مختارة صغيرة جدا، هي مهمة جدا لكنها لن تحل مشاكل الغالبية العظمى من الشعب، الذي يحل المشكلة هو النزول للكفور والنجوع لخريجي التعليم الفني والتعليم العالي مثل التجارة والحقوق والنزول للمزارع الصغير والصياد الصغير والمتسربين من التعليم وللفئات الكثيرة المهمشة التي تحتاج الى المزيد من الاهتمام والعناية، وعمل تدريب تحويلي لكل هذه الفئات وربطه بسوق العمل، كما لابد من تشجيع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وتفعيل قرارات البنك المركزي فيما يتعلق بالمشروعات الصغيرة، بالإضافة إلى الاهتمام بالقطاع الصناعي.

لماذا لم تنجح الدولة المصرية في مكافحة الفقر؟

لأنه لا توجد استراتيجية واضحة لمكافحة الفقر في مصر حتى الآن، مصر لم تنجح في تقليل معدل الفقر منذ 2005 حتى 2015 مثل الصين والهند، الصين نجحت في فترة قصيرة جدا في إخراج حوالى 700 مليون صيني من تحت خط الفقر عن طريق سياسة التمكين الاقتصادي، وهو الأسلوب الناجح في مكافحة الفقر، من خلال النزول للفقراء ومعرفة قدراتهم ثم مساعداتهم على تطوير هذه القدرات، التقارير التي تقيم دول العالم أثبتت أن مصر لم تنجح في مكافحة الفقر مقارنة بالهند والصين وبالتالي كان لابد لمصر أن تراجع خططها وهذا ما لم نجده ولم نشاهده حتى الآن، وأطالب الدولة وخاصة بعد ارتفاع نسبة الفقر في بيانات الدخل والإنفاق أن تكون لديها استراتيجية واضحة لمكافحة الفقر، وهذه الاستراتيجية لا تعتمد فقط على الدعم النقدي رغم أن هذا الدعم كان له دور في خفض معدلات الفقر حسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ولكنه ليس الأسلوب الأمثل وفقا لكل الدراسات والتجارب، الأسلوب الأكثر نجاعة في مكافحة الفقر هو التمكين الاقتصادي للفقراء. 

وكيف يتم تمكين الفقراء اقتصاديًا؟

تمكين الفقراء اقتصاديا يتم من خلال التدريب ومن ثم توفير فرص عمل لهم، حتى يصبحوا قادرين على الإنتاج، وبالتالي لا يعتمدون على الدولة ويحسنون من أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية وهذا يؤدي الى تخفيف الاعتماد على الدولة، الأفضل تدريب الناس ومساعدتهم بدلا من الدعم النقدي مثل «تكافل وكرامة»، تقوية البعد الاقتصادي من خلال التدريب وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر هو الأسلوب الأمثل في مكافحة الفقر.

الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء حدد حد معدل الفقر عند 736 جنيهًا للفرد شهريًا.. ما مدى واقعية ذلك؟

تحديد معدل الفقر عند 736 جنيها منخفض جدا، وبالتالي معدل الفقر أعلى من 33%، والبنك الدولي أعلن أن معدل الفقر في مصر 60%، وبالتالي معدل الفقر الحقيقي يتراوح بين 50% إلى 60%، وهذا يؤكد وجود تحديات كبيرة جدا أمام الدولة، والحل الوحيد لمواجهة الفقر كما قلت هو في تنمية الموارد البشرية ودعم قطاعين رئيسين هما الصناعة والزراعة؛ لأن هناك فرصًا هائلة في هذين القطاعين.

الحكومات المتعاقبة دائما كانت تتباهى بتحقيق معدل نمو عالي.. في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وصل معدل النمو إلى 7% ورغم ذلك لم ينعكس ذلك على حياة الناس.. والحكومة الحالية تتحدث عن معدل نمو مرتفع ولكن دون أن ينعكس ذلك على حياة الناس بل أن معدل الفقر في تزايد.. تفسيركم لذلك؟

السبب هو أن معدل النمو لا يعتمد على القطاعات الحقيقية مثل الصناعة والزراعة، مساهمة القطاعين في الناتج المحلي الإجمالي منخفض جدا، لابد من ارتفاع مساهمة قطاعي الصناعة والزراعة وكذلك تكنولوجيا المعلومات في الناتج القومي، لاسيما وأن مصر لديها ثروة بشرية هائلة في مجال تكنولوجيا المعلومات، لابد من تشجيع الاستثمارات الأجنبية في القطاعات ذات الأولوية مثل قطاع التكنولوجيا، وكذلك لابد من دمج مصر في سلاسل الإنتاج الدولية لجذب الاستثمارات الأجنبية وربط الأبحاث التطبيقية بالصناعة، من أجل توفير فرص عمل للناس ورفع دخل المواطن.

هناك جدل حول موضوع ارتفاع الدين العام في مصر.. كيف ترين هذا الموضوع وتأثيره على مسيرة الإصلاح الاقتصادي؟

الدين العام تحدٍ كبير جدا ولابد من بذل جهود لمواجهته.

وزير المالية أعلن أن الحكومة في طريقها لإعادة النظر في ضريبة القيمة المضافة.. تعليقكم؟

نداء لوزير المالية: الشعب المصري لا يتحمل زيادة في ضريبة القيمة المضافة، نرجو الانتظار والدراسة، اهتم بالناس اللي مبتدفعش ضرائب وبالقطاع غير الرسمي ودمجه في القطاع الرسمي، زيادة القيمة المضافة على حساب نفس الأشخاص سيقتل البيضة التي تبيض، زيادة النمو لا يكون على حساب نفس الناس اللي بنأخذ منهم ضرائب، زيادة النمو يكون من خلال الاهتمام بالقطاع غير الرسمي ودعمه ومساعدته في الدخول في القطاع الرسمي لأنه يشكل نصف الاقتصاد، دعم القطاع غير الرسمي أولا ومنحه تسهيلات حتى يقف على «رجليه» وبعدين خد منه ضرائب، الناس الموجودون «تعبانين وميقدروش» يدفعوا أكثر من ذلك، لازم الحكومة تدرس قدرة الناس على دفع الضريبة وتأثير الضريبة على القدرة التنافسية، في كل دول العالم يتم إعفاء أصحاب المشروعات الصغيرة من الضرائب في البداية حتى يقفون على أرجلهم ثم تفرض عليهم ضرائب بالتدريج، زيادة القيمة المضافة على نفس الناس سيؤدي إلى ارتفاع نفقة المعيشة، ومع ارتفاع نسبة الفقر ستكون العملية في منتهى الصعوبة، الشعب في حاجة إلى فترة التقاط أنفاس، المستهلكون والمنتجون تلقوا خبطات كبيرة الفترة الماضية، كيف ينافس المنتج ويصدر وأنت قاعد تضربه على دماغه؟ لازم تعطي له فرصة يلتقط فيها أنفاسه.

ما المطلوب من الحكومة خلال الفترة المقبلة؟

التركيز على القطاع غير الرسمي ودعمه حتى يقف على «رجليه»، ثم نأخذ منه ضرائب، مطلوب حكمة شديدة في إدارة الأمور الاقتصادية الفترة المقبلة، «سيبوا» الناس تلتقط أنفاسها، ادعموا المنتجين الصغار حتى يكبروا من أجل زيادة الطاقات الإنتاجية، التوازن بين ما تعطيه الدولة وما تأخذه الفترة المقبلة مهم جدا، دراسات تأثير القرارات مهم جدا، الناس مش متحملة.

الاستثمار العقاري في مصر أعلى من المعدل العالمي.. كيف تقيمين دخول الدولة في هذا القطاع بثقلها وانعكاسات ذلك على مسيرة الإصلاح الاقتصادي؟

الاستثمار العقاري يشكل أهمية كبيرة بالنسبة لمصر من فترات سابقة، أيام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك كان الاستثمار العقاري هو الذي يقود عملية النمو، هذا القطاع وصل الآن لمرحلة التشبع والركود، الدولة تبذل جهدا هائلا في هذا القطاع لدعم الطبقات المتوسطة وهذا يحقق توازنًا اجتماعيا جيدا، ولكن دخول الدولة بثقلها في هذا القطاع يخل بالتوازن مع القطاع الخاص، وبالتالي التوازن في التنافسية بين القطاع العام والخاص مهمة لوجود منافسة عادلة، ما زال الوزن النسبي للقطاع الخاص في التنمية منخفض، وبالتالي لابد من زيادة دور القطاع الخاص وكل التقارير الدولية أشارت لذلك في تحفظاتها، كما أن تفعيل قانون منح الإقامة للأجانب في حالة شراء عقار مفيد جدا بالنسبة لمصر وسيؤدي لزيادة الطلب على العقارات وبالتالي مواجهة مشكلة الركود والتشبع الموجود في الثروة العقارية الآن.

وماذا عن الفقاعة العقارية التي يتحدث عنها البعض؟

مصر بعيدة تماما على الفقاعة العقارية، نسبة الإقراض العقاري في البنوك منخفضة، وهذا يمنع البنوك من الوقوع في الفقاعة العقارية، وبالتالي مصر بعيدة جدا عن ذلك، لكن هذا لا يمنع من اتخاذ الاحتياطيات المرتبطة بهذه الفقاعة، وعمل توازنات مرتبطة بالثروة العقارية، ومنح الجنسية للأجانب سينعش سوق العقارات.

رغم الزيادات المتتالية في الناتج القومي إلا أن ذلك لم ينعكس على حياة الناس بشكل ايجابي.. ما فائدة زيادة الناتج القومي بالنسبة للاقتصاد والمواطن؟

زيادة الناتج القومي تعني أن هناك زيادة في الاستثمارات والإنتاج، وهذا يؤدي إلى توفير المزيد من فرص العمل ومواجهة مشكلة البطالة وتقليل التضخم، لكن عدم شعور الناس بذلك يرجع إلى انخفاض الوزن النسبي لقطاعي الصناعة والزراعة في الناتج القومي، وبالتالي هناك حاجة لزيادة الوزن النسبي للصناعة والزراعة في الناتج القومي، لأن ذلك سيوفر فرص عمل لقطاع كبير من الناس، لاسيما وأن مصر فيها عدم عدالة في توزيع الدخل، الأقلية لديها الحجم الأكبر من الدخل، والأقلية لديها الحجم الأصغر من الدخل، لأن ثمار التنمية غير موزعة بشكل عادل ويستفيد منها عدد محدود من الناس، مطلوب توسيع ثمار التنمية لمواجهة مشكلة الفقر.

كيف تنظرين إلى التقارير التي تتحدث عن أن الاقتصاد المصري سيكون في المركز السابع عالميا بحلول 2030 بناتج قومي يبلغ حوال 8.2 تريليون دولار متقدما على دول كبرى مثل روسيا واليابان وألمانيا؟

هو يتحدث عن عن أن هذه الزيادة تعادل القوى الشرائية وليس بشكل مطلق، بمعنى أن الناتج القومي للصين مثلا مع أمريكا بتعادل القوة الشرائية تكون الصين رقم واحد في العالم وليس أمريكا، وتعادل القوة الشرائية يعني أن الدولار يستطيع شراء نفس السلعة في كل دول العالم، وبالتالي يتم إلغاء اختلافات الأسعار بين دول العالم.

وفي هذا الإطار مصر تستطيع أن تصل إلى هذا الرقم لاسيما وأن مستوى الأسعار فيها ما زال أقل من بعض دول العالم، ولكن بشروط منها، الاستغلال الأمثل لقطاع السياحة بحيث يصل دخل مصر من السياحة إلى 100 مليار دولار مثل الكثير من دول العالم التي لا تمتلك نفس إمكانيات مصر، وبالتالي استغلال مصر لقطاع السياحة بالشكل الأمثل سيؤدي إلى تحقيق نقلة نوعية في هذا القطاع، وكذلك الاهتمام بقطاع الصناعة ونقل التكنولوجيا، والاشتراك في سلاسل الإنتاج العالمي وتوسيع الصناعات المغذية، فهل يعقل أن مصر بكل تاريخها في مجال الغزل والنسيج تصدر ملابس جاهزة بأقل من 3 مليارات دولار، تحويل هذا المبلغ إلى 30 مليار دولار سيمثل نقلة كبيرة، فيتنام تصدر 180 مليار دولار مصر صادراتها 25 مليار دولار، مصر تستطيع. 

أين المشكلة في تحقيق ما تقولين؟

المشكلة في الأداء المؤسسي، وهذا يعود بنا للبشر ودورهم، الموارد موجودة لكم المشكلة في استخدام هذه الموارد بكفاءة بما في ذلك الموارد البشرية، مصر تملك ثروات هائلة لكن المشكلة هي في إدارة هذه الثروات، مصر لا ينقصها التمويل؛ «لأن البنوك مش عارفة تودى الفلوس فين»، ليس هناك مشكلة تمويل المشكلة هي في القدرة على إدارة الموارد بشكل فيه كفاءة عالية، مصر تستطيع أن تكون دولة واعدة وأساس ذلك هو تنمية الموارد البشرية، أتمنى أن يحظى ذلك باهتمام صانعي السياسة في مصر.

كيف ترين خصخصة المرافق العامة في مصر بعد إعلان وزارة الكهرباء عزمها بيع عدد من محطات الكهرباء للقطاع الخاص الأجنبي؟

ما فعلته وزارة الكهرباء شيء جيد وأحييها عليه، ولكن لابد من أن تبدأ أولا بترتيب بيتها من الداخل من خلال تطوير أدائها وتقليل تكاليفها وتحسين إنتاجها، لاسيما وأن تكلفة توليد الطاقة الكهربائية في مصر أعلى من المتوسط العالمي.

نريد نبذة مختصرة عن برامج الإصلاح الاقتصادي من عبد الناصر حتى الآن

عبد الناصر ركز على البعدين السياسي والاجتماعي وأهمل البعد الاقتصادي، وهذا أوقع البلد في مشاكل كثيرة جدا جدا، وهو السبب في المشاكل التي تعاني منها مصر الآن، رغم أن هناك أشياء إيجابية في فترة حكم عبد الناصر، مثل نجاحه في إعطاء أمل للناس وإعادة توزيع الدخل والتعليم المجاني، لكن لم يتم تحقيق ذلك باستدامة لإغفال البعد الاقتصادي، إغفال البعد الاقتصادي في كل القرارات كان له تداعيات في منتهى الخطورة، وهذا ما أوصلنا إلى أننا ونحن نصلح أخطاء أكثر من 60 سنة أن التكلفة على هذه الأجيال عالية جدا، هذه الأجيال أصبحت تتحمل تراكمات أكثر من 60 عاما، من أجل ذلك أدعو إلى عدم تكرار نفس الأخطاء مع الأجيال القادمة، لابد من معالجة المشاكل الموجودة بكفاءة من أجل عدم تحميل الأجيال القادمة تراكمات مثلما نتحمل نحن أخطاء الأجيال السابقة، أما الرئيس محمد أنور السادات فيكفيه أنه حقق لمصر نصر أكتوبر ورفع رؤسنا واسترد لنا أرضنا، أما فترة حسنى مبارك فقد بدأت بداية طيبة وكانت هناك محاولات للإصلاح، ويحسب له أنه كان يحاول عمل استقرار مالي ونجح في ذلك بشكل كبير، ولكنه أغفل البعد الحقيقي وهو الصناعة والزراعة.

كيف تقيمين الدور الذي قام به صندوق النقد الدولي في مصر؟

صندوق النقد الدولي مؤسسة عالمية، يضم خبراء على أعلى مستوى، وهو يربط الدعم الفني بالدعم المادي، وله شروط معينة لمنح قروضه، وشهادته مهمة على المستوى الدولي، لكن لابد من أخذ الحيطة والحذر من الصندوق ومن تقاريره، في ظل وجود دين داخلي وخارجي مرتفع جدا، سمعته سيئة لأن قراراته تمس الطبقات الفقيرة، لكن مصر استطاعت عمل توازن بين شروط الصندوق وبين ما تريده، حيث قامت بعمل شبكة حماية اجتماعية قللت من الآثار السلبية لـ«برنامج الإصلاح الاقتصادي»، وبالتالي قللت من ارتفاع معدل الفقر أكثر من ذلك، لكن شبكة الحماية الاجتماعية ليست كافية، فلابد من التمكين الاقتصادي.

كلمة أخيرة؟

هناك دين داخلي مرتفع جدا، وهناك دين خارجي مرتفع بشكل كبير، الدين الخارجي أصبح 3 أضعاف الدين قبل ثورة 25 يناير، وبالتالي لابد من الاهتمام بالتصدير لزيادة العملة الأجنبية، والاعتماد على مصادر أكثر استقرارا مثل السياحة، حدثت نهضة كبيرة ومشروعات قومية رائعة مهدت لنقلة كبيرة جدا في الاقتصاد المصري لكن ذلك لابد أن يكون لصالح الناس، وهذا يتطلب مراجعة التدريب للتشغيل ومكافحة الفقر والتمكين الاقتصادي ورفع الإنتاجية والاهتمام بقطاعي الصناعة والزراعة، المشروعات الكبرى مثل الكهرباء وغيرها كانت ضرورة لعمل «فرشة»، لكن هناك حاجة أكثر لتوصيل ذلك الى المواطن من خلال زيادة اختياراته ودعم التدريب للتشغيل.

لابد للحكومة أن تكون لديها القدرة على الإجابة عن أسئلة الناس مثل: لماذا لم تنخفض أسعار الفواكه رغم مشروع الصوب الزراعية، ولماذا لم تنخفض أسعار الأسماك رغم المزارع السمكية، لماذا يوجد مشاكل كثيرة في الاستثمار الأجنبي رغم تحسين بيئة الاستثمار؟