رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل «نسف» خطة «مخلب القط» الأمريكى برعاية السيسى

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


من جديد، يعود الحديث عن العلاقات المصرية الأمريكية، والملفات المشتركة بين القاهرة والرياض وأبو ظبي؛ لاسيما بعد الأخبار التى تناقلتها المواقع الإخبارية بشأن انسحاب مصر من التحالف الاستراتيجي في الشرق الأوسط، أو ما يطلق عليه «الناتو العربي» والذى أعلنت عنه الإدارة الأمريكية لمواجهة إيران، ويضم دول الخليج ومصر والأردن وواشنطن.


الناتو العربي

نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر مطلعة أن مصر نأت بنفسها عن الجهود الأمريكية لتشكيل "ناتو عربي" على غرار حلف شمال الأطلسي هدفه "التصدي" لسياسات طهران.


ووفقا للمصادر، فإن مصر قد أبلغت قرارها للولايات المتحدة والأطراف الأخرى المعنية بالتحالف الأمني في الشرق الأوسط المقترح، قبل اجتماع عقد الأحد قبل الماضي في الرياض.


وأضافت أن القاهرة لم ترسل وفدها إلى الاجتماع الأخير الرامي لدفع الجهود التي تقودها واشنطن لجمع الحلفاء العرب في معاهدة أمنية وسياسية واقتصادية للتصدي لإيران.


وقال مصدر عربي طلب عدم كشف اسمه إن مصر انسحبت لتشككها في جدية المبادرة، فهي لم تر بعد خطة أولية تحدد ملامح هذا التحالف، ولأن وضع خطة مثل هذه ينطوي عليه خطر زيادة التوتر مع إيران.


وحسب المصدر، فإن الغموض المحيط بما إذا كان الرئيس ترامب سيفوز بولاية ثانية العام القادم، واحتمال أن يتخلى من يخلفه عن المبادرة عاملان ساهما في اتخاذ مصر القرار، فيما قال مصدر سعودي عن المبادرة "إنها لا تسير كما ينبغي".


وقد أثار انسحاب مصر من «الناتو العربي» ردود أفعال متباينة، حول الأسباب التي دفعتها للانسلاخ من تكتل يراهن عليه حلفاؤها في الخليج إضافة إلى الحليف الاستراتيجي «الولايات المتحدة الأمريكية» للتصدي لإيران.


في ذات السياق، قال أكساندر سيندر المحلل الدولي في مركز جيوبوليتيكال فيوتشرز لموقع نيوزويك إن قلق مصر من إيران أقل كثيرًا من قلق السعودية بسبب بعد المسافة والعوامل الجغرافية على الأقل، كما أن مصر قلقة من المشاركة في مغامرات تقودها السعودية مثل حرب اليمن والتدخل في سوريا وهما أمران ثبت فشلهما الذريع.


وأضاف سيندر: «هذا بالقطع يقلق القاهرة من أن تنجر إلى حرب ترهق مواردها دون أن تكون من ورائها فائدة تذكر».


أما علي الأحمد، الباحث والخبير في الشؤون السياسية السعودية بمعهد الشئون الخليجية في واشنطن، فقد ركز في تعليقه لنيوزويك على أن الانسحاب المصري يمثل ضربة ضخمة لفكرة الناتو العربي، وتوقع أن تنسحب منه دول أخرى عقب الخطوة المصرية.


وأضاف الأحمد: «يمكن أيضًا تفسير القرار المصري على أنه ضربة موجهة للحكومة السعودية التي أرادت أن تقود التحالف»، مضيفًا أن «الرياض ووزنها السياسي في المنطقة هما الخاسر الأكبر».


ويعتقد بعض المحللين أن الناتو العربي سيظل مجرد فكرة لن ترى النور من الأساس، وعبر عن ذلك بشكل مباشر يزيد صايغ كبير الباحثين بمركز كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط لموقع ديفينس نيوز: «إن فكرة الناتو العربي غير مقنعة فهي ببساطة لن تحدث».


وأضاف قائلًا: «بعد مرور 4 سنوات على إعلان السعودية عن تحالف إسلامي كبير لمكافحة الإرهاب لم يحدث شيء، كما أن مجلس التعاون الخليجي فشل في الاتفاق في الجانب الدفاعي بل وفشلت السعودية والإمارات في شن حرب منسقة في اليمن لذلك لا يوجد مؤشر على إمكانية تنظيم حلف كالناتو العربي».


صفعتان قويّتان

يقول عبد الباري عطوان الكاتب الصحفي ورئيس تحرير «القدس العربي» السابق، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه صفعتين قويّتين للولايات المتحدة الأمريكيّة، الأُولى عندما قرّر الانسِحاب من التحالف الأمنيّ والاقتصاديّ لدول الشرق الأوسط، أو ما يُسمّى حِلف “النّاتو العربيّ السنيّ” للحد من النّفوذ الإيرانيّ مُواجهته، والثّانية عزمه شِراء طائرات “سو 35” الروسيّة المُتقدّمة كبديلٍ عن نظيراتها الأمريكيّة المُقاتلة مِثل “إف 16″، و”إف 35”.


وتابع: “الناتو العربي” الذي يرتكز على أُسس طائفيّة لإغراق المِنطقة في حُروب مذهبيّة يصُب في مصلحة إسرائيل يقترب من مرحلة الاحتِضار، ولا نستبعِد أن تظل عُضويّته مقتصرة على السعوديّة والبحرين، وربّما الإمارات أيضًا.. والأيّام بيننا.


إيران ترحب

وفي أول تعليق لها؛ رحبت إيران، بانسحاب مصر من الناتو العربي، مشيرة إلى أن مصر تعدّ واحدة من الدول المهمة والقوية في العالمين العربي والإسلامي، ومن شأنها أن تلعب دورا مهما في إرساء السلام والاستقرار والأمن في منطقة غرب آسيا.


ونقلت وكالة إرنا الإيرانية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، قوله: "هذا النبأ لم تؤكده بعد المصادر الرسمية، ولا توجد معلومات دقيقة حول صحة هذا الخبر من عدمه"، مؤكدا أن بلاده ترحب به في حال تأكد صحته.


يحسب للدولة المصرية

وقال الإعلامي مصطفى بكري، إن موقف مصر واضح من القضية الفلسطينية ولا يمكن تغييره بالتهديد الأمريكي، لافتا إلى أن انسحاب مصر من حلف الناتو العربي موقف يحسب للدولة المصرية الوطنية.


وأضاف بكري خلال برنامج «حقائق وأسرار»، على قناة صدى البلد، قائلا: «مصر موقفها ثابت من القضية الفلسطينية، والرئيس عبدالفتاح السيسي قاله بكل صراحة ووضوح، إننا لن نقبل إلا بدولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية»، متابعا: «كلام الرئيس لا يعجب بعض الأطراف المعنية بصناعة القرار الأمريكي».


وأكد بكري أن انسحاب مصر من «الناتو العربي» موقف يحسب لها، متابعا: «ما ليس في مصلحة الأمة لا يمكن أن نكون طرفا فيه.. وأحيي الرئيس السيسي على هذا الموقف الوطني»، متابعا: «مش احنا اللي نبقى طرف مع الأمريكان لشن حروب إقليمية».


وأشار بكري إلى أن وزير خارجية أمريكا هدد بفرض عقوبات على مصر، إذا قامت بشراء طائرات سوخوى 35 من روسيا، متابعا: «يا إما نرضخ لما يريده الأمريكان ونقتصر على السلاح الأمريكي، أو نتعرض لعقوبات.. لكن مصر موقفها ثابت ولا تهدد من أحد»، لافتا إلى وجود تهديد أمريكي بالتدخل في ليبيا لصالح ميليشيات الإخوان.


وقال الإعلامي أسامة كمال، إن تقارير من وكالات أنباء كشفت عن سبب ابتعاد مصر عن الجهود الأمريكية لتشكيل "ناتو عربي" بهدف التصدي للسياسات الإيرانية في المنطقة.


وأوضح "كمال"، في برنامجه "مساء dmc" المذاع على قناة dmc الفضائية، أن هذا يدل على استقلالية القرار المصري في السنوات الأخيرة.


صفقة طائرات سوخوي

وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، قد أعلن خلال جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأمريكي، أثناء زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة لواشنطن، أن الإدارة الأمريكية لن تتردد في فرض عقوبات على القاهرة إذا أصرت على إتمام شراء مقاتلات "سو-35" الروسية، مؤكدا أنهم نقلوا للجانب المصري بوضوح أن شراء مثل هذه المنظومات سيتسبب في تطبيق عقوبات بالتوافق مع قانون التصدي لأعداء الولايات المتحدة من خلال العقوبات.


وأضاف بومبيو: "تلقينا تأكيدات من قبلهم أنهم يفهمون هذا الأمر جيدا، وآمل جدا في أن يقرروا عدم المضي قدما في إتمام هذه الصفقات".


وقال مسئول كبير في البيت الأبيض إن القانون الأمريكي لا يمنح الرئيس دونالد ترامب مرونة تُذكر بشأن العقوبات، التي تُفرض على من يتعاملون مع قطاعات الدفاع الروسية.


ونقلت وكالة "رويترز" عن المسؤول تحذيره للنظام المصري من شراء مقاتلات روسية، مشيرًا إلى أن ذلك قد يؤدي إلى فرض عقوبات أمريكية وفق قانون "مواجهة أعداء أمريكا".


وقال المسؤول (لم تذكر الوكالة اسمه) أن مصر وكل دولة تريد شراء السلاح الروسي يجب ألا تنسى العواقب المحتملة لتطبيق القانون الأمريكي "حول مواجهة أعداء أمريكا عبر العقوبات" عليها.


ضربة معلم

عن هذا الموضوع يقول اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن قرار انسحاب مصر من الناتو العربي قرار عاقل ويحسب للرئيس السيسي، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد استخدام الدول العربية كـ«مخلب قط» لمحاربة المسلمين وخاصة إيران، لافتا إلى أن الرئيس السيسي يدرك الظروف التي تمر بها المنطقة العربية، ولا يريد أن يورط مصر في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل، ولا يريد تكرار حرب اليمن الذي كان مقدمة لهزيمة 1967، وبالتالي الرئيس السيسي فاهم ودارس الموضوع صح.


وتابع: «إذا كانت أمريكا تريد ضرب إيران فلتفعل بنفسها، لافتا إلى أن أمريكا تريد استخدام الجيوش العربية كوقود لحربها ضد إيران، في إطار حروب الجيل الخامس والحرب بالوكالة، وبالتالي قرار الرئيس كان في منتهى العقل وحسبها صح ونحن نشكره على هذه الخطوة»، مشيرا إلى أن دخول مصر والجيوش العربية في حرب ضد إيران يعني تحقيق أمن إسرائيل لمدة 100 عام قادمة كما تريد أمريكا.


وأكد أن انسحاب مصر من «الناتو العربي» لن يكون له أي تأثير على العلاقات المصرية السعودية والإماراتية، لافتا إلى أن مصر لن تكون تابعة لأمريكا، لأنها دولة ذات سيادة، وتتعامل مع كل الدول رأس برأس وعين بعين.


وأضاف «درويش»، أن تهديد أمريكا لمصر بفرض عقوبات عليها في حال شراء طائرات «سوخوي 35» من روسيا، وتهديد تركيا بفرض عقوبات عليها في حال شرائها منظومة صواريخ «إس 400» من روسيا، الهدف منه، منع تعامل تلك الدول مع روسيا، حتى تصبح أمريكا هي الوحيدة المحتكرة والمتحكمة في السلاح في الشرق الأوسط، فهي لا تريد أن تتفوق هذه الدول على إسرائيل عسكريا بأس شكل من الأشكال.


ولفت إلى أن ما تقوم به أمريكا ضد الدول العربية هو حرب ضد الإسلام والمسلمين، مستبعدا أن تستجيب مصر للضغوط الأمريكية وتقوم بإلغاء صفقة طائرات سوخوي35 مع روسيا، كما استبعد أن تقوم أمريكا بفرض عقوبات على مصر، لأنها تدرك أن ذلك ليس في صالحها، وأن مصر هي رمانة الميزان في الشرق الأوسط، وأن خسارة مصر يعني خسارة الشرق الأوسط بالنسبة لها، كما أن مصر دولة ذات سيادة وحرة في تنويع مصادر سلاحها، وبالتالي أمريكا لن تكرر واقعة طائرات الأباتشي التي احتجزتها بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، لأن خسارة مصر ليس من مصلحتها، بل أن مصلحتها أن تكون مصر معها، وكل المسئولين في أمريكا يدركون أن مصر  حليف استراتيجي لأمريكا.