رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«ثغرات» قانونية تنقذ «رقبة» الموظفين متعاطى المخدرات من «مقصلة الفصل»

النبأ


أعلنت الدولة إجراءات صارمة وحازمة تجاه الموظفين متعاطي المخدرات داخل الجهاز الإداري للدولة، وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قرارًا بإنهاء خدمة من يتعاطى مخدرات علي الفور، وفقًا لقانون الخدمة المدنية الذي وافق عليه البرلمان، جاء هذا القرار على خلفية حادثة قطار محطة مصر، وبعد انتشار مقطع فيديو يظهر أربعة أشخاص داخل كابينة قيادة قطار يدخنون الحشيش أثناء الرحلة.


وأضاف «السيسي» خلال كلمته في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمناسبة يوم الشهيد: «ينفع واحد واخد استروكس، ويركب قطار، ويبقى صاروخ على الأرض، ويضيع الناس».


كما وجه الدكتور مصطفى مدبولى، توجيهات بالتعامل الرادع مع متعاطى المخدرات فى الجهاز الحكومى.


وأصدرت الحكومة عددا من الإجراءات أبرزها، تكليف وزارة التخطيط بمُراجعة اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، لوضع إجراءات تنفيذية واضحة، وتكليف الوزراء بالعمل على تعديل اللوائح الخاصة بالهيئات والأجهزة التابعة لهم، بما يتوافق مع الإجراءات التنفيذية الرادعة التي ستتم من خلال اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية.


تعمل وزارة التضامن بالمشاركة مع باقى الوزارات على إجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة لكشف تعاطى المواد المخدرة على العاملين بالوزارات المختلفة.


وتعكف وزارة الأوقاف على تنظيم دورات تثقيفية لعدد 150 إمامًا أسبوعيًا، بالتنسيق مع مركز علاج الإدمان، ليقوم الأئمة بتوعية المواطنين بمخاطر الإدمان وآثاره المُدمرة صحيًا واجتماعيًا.


وقالت غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي، إنّ الوزارة تعمل إلى جانب الوزارات كافة، لإجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة لكشف تعاطي المواد المخدرة على العاملين في الوزارات المختلفة، ونُنَسق مع الجميع لاستكمال هذه الحملة، وهناك منظومة متكاملة لذلك.


وأعلنت وزارة التخطيط، أن اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية تقدم عقوبة رادعة لمتعاطي المخدرات، قد تصل إلى الفصل، موضحة أن وزارة التخطيط تبحث مع وزارة التضامن الاجتماعي إمكانية توقيع الكشف الطبي على الموظفين، للكشف عن تعاطي المخدرات ومن يثبت عليه التعاطي سيتم فصله من العمل.


وأضافت في تصريحات رسمية، أن بعض الهيئات لا توجد بها هذه العقوبة الرادعة، مشيرا إلى أنه يسعى لتوحيد القوانين بين كل الهيئات.


وقال عضو المكتب الفني لصندوق معالجة الإدمان بوزارة التضامن الاجتماعي، محمود صلاح، أن نسبة التعاطي بين سائقي حافلات المدارس تتراوح ما بين 1 إلى 3 %، وتابع: "أجرينا الكشف على أكثر من 10 آلاف سائق لحافلة مدرسية، وهناك حملات مكثفة للإدارة العامة للمرور على الطرق السريعة للكشف على السائقين، وأجرينا الكشف على 90 ألف سائق حتى الآن".


وأوضح أن الحكومة بدأت إجراءات للتعامل بشكل حاسم مع أي موظف يتعاطى المخدرات في الجهاز الإداري للدولة، وحملات الكشف عن المخدرات بين سائقي المدارس مستمرة، قائلا: بدأنا منذ فترة الكشف عن متعاطي المخدرات في الجهاز الإداري.


ووفقًا لتصريحات مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، عمرو عثمان، فإن قضية المخدرات والإدمان تعتبر أمنًا قوميًا، لأنها مرتبطة بالجرائم، وطبقًا لآخر بحث تم إجراؤه في إحدى المؤسسات العقابية وجدوا أن 79% من الجرائم تمت تحت تأثير المواد المخدرة.


وأوضح أن المخدر الأساسي الذي تم ارتكاب الجرائم تحت تأثيره هو "الحشيش"، وقال: "للأسف نسبة كبيرة من المصريين يرون الحشيش ليس من المخدرات أو أنه من الأنواع الخفيفة".


ولفت إلى أنه تم تقديم خدمات علاجية في عام 2018 لـ116 ألف مدمن، مضيفًا: "أكثر مادة مخدرة للمدمنين هي الترامادول بنسبة 56%، يليه الحشيش، ثم الاستروكس بنسبة 24%، يليه الهيروين".


وقال المستشار نادر سعد، متحدث مجلس الوزراء، إن رئيس الوزراء د.مصطفى مدبولي، وجه بضرورة التوسع بقانون الخدمة المدنية بما فيها إجراء تحاليل تعاطي المخدرات بشكل دوري على الموظفين، وأنه في حال اكتشاف تعاطي أي موظف للمخدرات سيتم إعطاؤه فرصة واحدة حتى يتوقف عن المخدرات وإذا لم يتوقف عنها سيتم فصله.


وأضاف أن قانون الخدمة المدنية سيتم تطبيقه على جميع موظفي الحكومة، لكن الهيئات الاقتصادية لا ينطبق عليها هذا القانون مثل هيئات السكك الحديدية والنقل.


وأكد نواب مجلس الشعب وقانونيون أن قرار فصل الموظفين لن يتم، حيث إن الأمر يتطلب خروج تشريع بقانون من البرلمان بذلك، خاصة أن هناك هيئات ووزارات لا ينطبق عليها قانون الخدمة المدنية مثل وزارة النقل، والوزارات السيادية، وقال الدكتور محمد العماري رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، إنه لا بد من تعديل تشريعي واضح لتحقيق الردع بفصل العاملين من وظائفهم ووقف السائقين عن قيادة السيارات، حال اكتشاف أنهم يتعاطون المخدرات


وتقدمت النائبة منى منير، عضو مجلس النواب، بأول قانون بشأن فصل الموظف العام حال ثبوت تعاطيه المخدرات.


وأوضحت أنها أجرت تعديلات تضاف إلى المادة 69 من القانون بند "11" لتكون كالتالي: تنتهي خدمة الموظف لأحد الأسباب الآتية: من ثبت تعاطيه للمخدرات بكافة أنواعها والمثبتة بقرارات وزارة الصحة، بناءً على كشف طبي يحدد تفصيلا باللائحة التنفيذية.


وتابعت عضو البرلمان أن الإحصائيات التي أعدها الصندوق القومي لمكافحة الإدمان تشير إلى أن معدلات التعاطي في مصر وصلت إلى أكثر من 10% وهي نسبة تمثل ضعف المعدلات العالمية كما أن نسبة التعاطي بين الذكور 72%، بينما بين الإناث بلغت 27%.


وأضافت: "أصبح تحليل المخدرات معممًا داخل القطاع الإداري للدولة تطبيقا لنص المادة 177 من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، والتي نصت على إجراء التحليل الطبية الخاصة بكشف متعاطي ومدمني المخدرات من موظفي الجهاز الإداري للدولة.


وانتقدت عدم تطرق القانون لنقطة تعاطي الموظف العام للمخدرات، وإنما فقط اكتفى بالفصل نتاج إدمان الموظف، ولم يتعرض لحال الموظف المتعاطي والذي لم يصل إلى درجة الإدمان.


وأكد الدكتور رجب عبد المنعم، أستاذ القانون الجنائي، أن اللائحة الحالية لقانون الخدمة المدنية جعلت عقوبة إنهاء خدمة الموظف قاصرة على من يثبت عدم لياقته الصحية لإدمانه المخدرات من قبل المجلس الطبي، لكنها لم تتطرق إلى الدرجات المختلفة من تعاطي المخدرات والتي قد لا تصل إلى حد الإدمان، وبالتالي فإن فصل الموظف يتطلب تقريرًا طبيًا يثبت إدمانه الكامل للمخدر، وخطورة استمراره في تأدية العمل، وبالتالي فإن التحاليل التي تثبت وجود مخدر في التحليل ليس قانونا لفصله، بل نص على إعطاء فرص أخرى للتحليل، وفي حالة التأكيد يتم إحالته لوظيفة لا تؤثر عن حياة الآخرين، كنوع من العقاب والتأديب، ولكن ليس فصله.


كما طالب بضرورة أن يحتوي القانون عقوبة لمن يثبت تلاعبه في نتائج التحاليل أو تناول مواد وعقاقير وأعشاب لخروج العينة «سلبية».


وأشار إلى ضرورة خروج تشريع برلماني يحدد فية حالات فصل الموظف ودرجات الإدمان، وهل من ثبت عليه مرة واحد يتم فصل وغير ذلك، أما في حالة فصل أى موظف وفقا لقانون الخدمة المدنية الحالي فسوف يعود بحكم قضائي.


وبدأت بعض الوزارات في الكشف العشوائي على موظفيها، في وزارة الأوقاف فقط تم أخذ عينات عشوائية لأكثر من مائتي عامل وموظف بالديوان العام ومستشفى الدعاة ومختلف الإدارات التابعة للأوقاف.


وكشفت نتائج العينات التى تم سحبها سلبية كل العينات المسحوبة بنسبة 100%.


وتؤكد الوزارة بأنها ستطبق القانون بحسم باتخاذ إجراءات فصل أى موظف يثبت تعاطيه للمخدرات، والممتنع عن التحليل فى حكم المتعاطى.


من جانبه وجه وزير الأوقاف د. محمد مختار جمعة بتكثيف الأنشطة التثقيفية للوزارة فى مواجهة الإدمان وتعاطى المخدر على الجانب الآخر ظهرت بوادر أزمة بشأن تطبيق تحاليل المخدرات على طلاب الجامعات، حيث يتطلب ذلك أيضا تشريع قانوني، وقال خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي، إنه ينتظر وضع التشريعات المناسبة للقيام بعمل تحليل مخدرات للطلاب لاكتشاف حالتهم مبكرًا، مؤكدا أنه لن يعاقب الطلاب الذين يتعاطون ولكن الهدف "إعادتهم للطريق الصحيح".


كما شنت وزارة الصحة العديد من الحملات الطبية العشوائية على موظفي مترو الأنفاق والسكة الحديد وسائقي القطارات ورؤساء المحطات للكشف عن تحاليل المخدرات.


وأكد الدكتور عبد المنعم سعد، بهيئة التأمين الصحي، وعضو هيئة اللجان الطبية، أن التحاليل المقررة ستشمل ثمانية تحاليل لأنواع المخدرات، وتشمل هيروين، مورفين، كودايين، والمواد المنشطة، المواد المنومة، المواد المهدئة، الحشيش، البانجو، ماريجوانا، والأفيون، مؤكدًا أن مدة بقاء المادة الفعالة داخل الجسم تعتمد على عدة عوامل أهمها: الحالة الصحية العامة للشخص وسنه وخاصة حالة الكبد والكلى، ونوع المخدر، وهل المتعاطي مدمن، أو يتعاطى لأول مرة، أو يستعمل المخدر بصورة غير مستمرة.


وتابع: فعلى سبيل المثال، الحشيش والبانجو والماريجوانا، تستمر المادة الفعالة في جسم المتعاطى لأول مرة من يومين إلى 3 أيام «يمكن ظهورها أيضًا بعد 5 أيام»، أما في حالة المتعاطى اليومي والمعتاد فتستمر عادة لمدة أسبوعين ولكن يمكن أحيانًا ظهوره بعد مدة أطول تصل إلى 6 أسابيع مع بعض الأجهزة الحساسة، أما الأفيون: فتستمر المادة الفعالة في جسم الإنسان في حالة التعاطى أول مرة من يوم إلى يومين أما في حالة الإدمان فتستمر لمدة أسبوع.


وعن أبرز طرق تهرب الموظفين من كشف تحاليل المخدرات قالت الدكتورة إيمان حافظ أستاذة السموم وأمراض الدم، إن هناك طرقًا للتهرب من الكشف عن المخدرات، ولكن في الوقت نفسه توجد أجهزة حديثة بدأت الكشف عن ألاعيب الموظفين، وأن «تحليل البول» هو الأكثر فرصة للتلاعب، ومن أشهر حيل التهرب من كشف المخدرات هو شرب الخل الذي يتفاعل مع المادة الفعالة في الحشيش وينتج مادة أخرى غير مدرجة بجدول المخدرات "غير معروفة" ما يجعل نتيجة التحليل سلبية.


وأضافت، أن بعض المدمنين يلجئون إلى بلع كمية صغيرة من مساحيق الغسيل قبل إجراء الاختبار، الأمر الذي يؤدي إلى سلبية نتيجة العينة، وعدم ثبوت دليل التعاطي، فضلا عن تناول أدوية الضغط وشرب كميات كبيرة من المياه، لمحاولة غسل الكلى والمثانة، منوهة إلى أنه من طرق التحايل الأخرى، لجوء الموظف للرشاوى لتبديل عينة الدم، وتقديمها للفحص بدلا من عينته الأصلية، وهو ما يعرف بـ«تبديل العينات».


وأشارت أستاذة السموم والمخدرات، إلى أن مادة مخدرة كالحشيش، يمكن الكشف عنها في «البول والدم»، إذا كان الشخص تحت تأثير المخدر وفى البول فقط، إذا كان الشخص متعاطيا للحشيش بصورة غير منتظمة أو دائمة وامتنع منذ 3 أو 5 أيام.


ونوهت إلى أنه إذا كان الشخص مدمن تعاطي الحشيش باستمرار، فيمكن اكتشاف ذلك في عينة «البول»، حتى شهر سابق من تاريخ آخر جرعة، أما الترامادول فيمكن اكتشافه بسهولة جدًا في «الدم والبول» معًا.