رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بالصور.. قصة الجولة السرية لـ«صحفى إسرائيلى» بدرجة جاسوس فى شوارع مصر

النبأ


من داخل مكتب بالطابق الـ«15» في برج المنارة شارع بن يهودا في «تل أبيب»، حيث مقر شركة الطيران المصرية، بدأ الصحفي الإسرائيلي «أور زالكوفنيك»، رئيس تحرير البث لراديو الجيش الإسرائيلي رحلته الاستخباراتية من تل أبيب إلى القاهرة.


خدم «زالكوفنيك» في مجموعة متنوعة من المناصب التحريرية فكان مسئولا عن إدارة جميع المحررين، بالإضافة إلى الإدارة اليومية والتحرير للمحتوى الرئيسي لجميع برامج بث إذاعة «Galgalatz»، بالإضافة لكونه مسئولًا عن التعاون مع الهيئات الخارجية واستيعاب التقنيات الحديثة في البث.


مازالت الفقرات المكتوبة في أسفار بني إسرائيل تسيطر على عقول الساسة والإعلاميين قبل رجال الدين فحلم العودة والاستيلاء على الأراضي العربية من «النيل إلى الفرات» يراود خيال دولة الاحتلال الإسرائيلي مهما طال الزمان ــ ننساه نحن لكنهم لم ينسوه مطلقا.  


وبرغم التطور المذهل في وسائل الاتصال عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلا أن الاحتكاك بالمواطن ومعاينة أحوال المصريين عن قرب هو الأهم لدى العدو لذلك من وقت لآخر نجد  قصة جديدة لزائر غير مرغوب فيه قادمًا من تل أبيب يقتحم شوارعنا.


وفي تقرير مطول بالصور نشرته صحيفة «هآرتس العبرية» حكى الإسرائيلي «زلكوفينك» رحلة قدومه لمصر قائلًا: قررت الذهاب لمصر منتهزًا فرصة الركود السياحي خلال هذه الفترة لأقوم بجولة في القاهرة والجيزة تحديدا، وحيث إن الشركة ليس لديها موقع إلكتروني ليتم الحجز من خلاله، وكل ما هناك عنوان بريد إلكتروني يظهر أسفل بعض الملصقات التي تم لصقها هنا وهناك في أماكن مختلفة في مبنى السفارة المصرية بشارع (بازل) في مدينة تل أبيب فلا يمكنك دفع ثمن الرحلة عن طريق بطاقة الائتمان وبالتالي اقتضى حجز تذكرة طيران إلى القاهرة الذهاب بنفسي.


وتابع: «وقفت أمام موظفة حجز التذكرة التي لم تكن تجد بدرج الخزينة باقي المبلغ (3 دولارات) وسألتها هل السفر آمن إلى مصر؟ فردت بلا مبالاة بالتأكيد، ثم سألتني هل ذهبت من قبل إلى مصر؟ فأجبتها (لا)».


وفي تمام الساعة 11 تقريبا وتحت مراقبة الرادار وتحت كود (D4) أقلعت الرحلة غير المعلن عن هويتها والتابعة لشركة الطيران المصرية من مبنى الركاب رقم «3» داخل مطار بن جوريون إلى مبنى الركاب رقم 3 أيضا بمطار القاهرة.


ويستكمل حديث عن الرحلة قائلًا: «والشركة لا توجد إلا على الورق وبحكم الواقع، من قبل الشركة الأم، مصر للطيران، والتي لا تُشغل طريقًا رسميًا من تل أبيب إلى القاهرة لأسباب سياسية، فقط عند دخول الطائرة تجد طاقم الطائرة يرتدون زي مصر للطيران».


ويضيف: «تأخرت الرحلة لمدة ثلاث ساعات، وعلى متن الطائرة الصغيرة التي كانت تحتوي على 77 مقعدًا فقط، كان هناك 30 شخصًا، لاحظت بينهم مجموعة سياحية منظمة وحجاجا عائدين من زيارة إلى بيت لحم وعدد صغير من السياح مختلفي الجنسية.. استغرقت الرحلة من تل أبيب إلى القاهرة ساعة وخمس دقائق، أو أكثر بقليل حتى وصلنا إلى مطار القاهرة المزدحم، عبور مراقبة الجوازات كان سريعًا إلى حد ما، وعند خروجك تجد لافتة إعلانية ضخمة باللغة الإنجليزية لشركة (أوبر) مما يعطيك انطباعا غربيا للمكان. لكن بالرغم من هذا اضطررت للوقوف في المطار لأكثر من ساعة لشراء بطاقة هاتف المحلية».


وتابع: «وفي الطريق إلى فندق سميراميس إنتركونتننتال القاهرة الفاخر الواقع على ضفاف النيل المطل على ميدان التحرير، يمكنك أن تشعر بالكثافة المذهلة للمدينة الضخمة التي يبلغ عدد سكانها 25 مليون نسمة. ساعات العمل لا تميز بين النهار والليل. تضاء المدينة 24 ساعة في اليوم. تعمل المحلات التجارية وورش العمل والبنوك والمقاهي والمخابز وما شابهها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وفي المتوسط ​​عائل الأسرة في القاهرة يعمل (على الأقل) وظيفتين، من أجل توفير لقمة العيش ويقول المصريون إنه من أجل مواجهة هذا فإنهم يشربون الشاي الأسود والقهوة لتساعدهم على السهر».


ويستطرد «أور» في وصفه وتشويهه للقاهرة قائلًا: «المدينة مزدحمة طوال الوقت؛ لذلك أدركت أنّ المشى سيرًا على الأقدام في وسط المدينة أفضل بكثير من التنقل بالسيارة، أضف إلى ذلك الأصوات الصاخبة (لكلاكسات) السائقين التي تصم الأذن حتى أنها تخترق الزجاج المزدوج لنوافذ غرفتي في الفندق.


ومع أول زيارته بدأت قرون الاستشعار الاستخباراتية لدى الصحفي الإسرائيلي تعمل فيقول: «السفر في أوبر في الليل إلى الجيزة على الجانب الآخر من النيل، كلفني 20 جنيهًا مصريًا (خمسة شيكل فقط)، وأثناء السير وجدت السائق يشرح بالإنجليزية بطلاقة أن سعر اللتر من الوقود في مصر يبلغ ستة جنيهات (حوالي 1.20 شيكل) وكيف أثر ذلك  على ارتفاع الأسعار وبعد أن لاحظت أن أضواء السيارة كانت مغلقة، أوضح لي السائق أن ذلك يطيل عمر البطارية، وتبين لي بنظرة على الطريق أنه ليس الوحيد الذي يفعل ذلك، دخلت أحد الأندية الليلية وتحديدا (نادى كايرو جاز)، أحد أندية المدينة الرئيسية؛ للاستمتاع بالموسيقى لكن فجأة وبينما كنت متوجهًا إلى البار، عم الظلام في المكان لانقطاع التيار الكهربائي الذي استغرق إصلاحه ما يقرب من 40 دقيقة دون جدوى فاستسلمت وخرجت».


وأردف: «في نفس توقيت زيارتي دار جدل حول أزمة تسلق زوجان دنماركيان إلى حافة هرم الملك خوفو العظيم، وخلع  ملابسهما وتصوير مشاهد لهما تم بثها عبر موقع يوتيوب، الأمر الذي خالف كل المحظورات المقدسة وتسبب في صدمة أصبحت حديث القاهرة، وفي اليوم التالي، زرت بنفسي مسرح الجريمة برفقة مرشد محلي واتضح أن هناك أكثر من 18500 مرشد سياحي رسمي في المدينة، ويستغرق الحصول على ترخيص من الدولة للعمل في هذا المجال بعد فترة تدريب حوالي عامين».


ويحكى: «وكما أعلم في السنوات الأخيرة تعرضت مصر لضربة قاتلة لصناعة السياحة، وهو ما أكده أحد المرشدين قائلا إنه لا يستطيع الانسحاب ولو لمدة يوم واحد من عمله، على خلفية المنافسة الشرسة في هذا المجال وقلة السائحين في بعض الأماكن، أصبح مظهري كسائح عامل جذب حقيقيا، ولم تكن هناك نهاية للمعلومات والصور والقصص المعروفة، دخلت الهرم الأكبر (وهو الوحيد الذي يسمح بزيارته من بين الأهرامات من الداخل) لكن أضاع متعتي صخب المكان المليء بالسياح والعرق داخله مما زاد من صعوبة الزيارة والتجربة).


ويكشف عن زياراته للأماكن التاريخية قائلًا: «وحرصت على زيارة المتحف المصري القديم فهو المتحف الأكثر إثارة للإعجاب من بين ما زرته على الإطلاق، والحقيقة تجربة زيارته تقزم الزيارة إلى (براجون) في برلين و(المتحف البريطاني) فهي بجواره لا شيء، ولا يسع المرء إلا أن يتساءل عن تآكل الكنوز الأثرية من قبل الدول الأوروبية على مر السنين، غرفة المومياوات الشهيرة في مومياء في المتحف رمسيس الثاني والذي يعتقد 90٪ من المصريين أنه فرعون قصة خروج بني إسرائيل المذكورة في سفر الخروج) ومن المشاهد العجيبة لهذه المومياوات أنّ الفراعنة وغيرهم من ملوك مصر هم في راحة أبدية، ولا يزال على رأسهم شعر».


واستمرارًا لحلقات مسلسل النقد النابع من الحقد ينتقد (الصحفي الإسرائيلي) بلادنا قائلا: «سواء في برلين أو لندن أو بانكوك، حتى في المناطق الأكثر ازدحامًا يمكن أن تجد زاوية من الهدوء، في القاهرة فلا يوجد مثل هذا الاحتمال، حيث الأضواء، صفارات الإنذار وصخب تخترق كل ركن، حتى حي الزمالك الراقي على جزيرة النيل ممتلئ بالمحلات والمطاعم مع أسقف أو شرفات حجبت المناظر الخلابة للنهر لكن زرت عددًا منها جذبني رائحة الأطعمة المحلية الممتازة المنبعثة من مطعم شهير في قلب حي الزمالك».


ويستكمل: «إن الجلوس على المائدة في المطعم له رائحة مميزة من البخور في الهواء والدخان من الشيشة والسجائر (في القاهرة يدخنون في كل مكان). الطبق الرئيسي للمكان هو الملوخية مع أرنب، لكنني اخترت، الدجاج بالملوخية مما أثار استياء الجرسون الذي قدم لي الطعام وبجانبه الفلافل وسلطة الباذنجان ونكهات مألوفة أخرى.. زرت أيضا أحد أهم شوارع القاهرة السياحية (خان الخليلي) ولفت انتباهي هناك تجمع عدد كبير من البائعين حول جهاز تلفاز صغير يتابعون بحماس شديد مباراة لنجم مصر ونادي ليفربول محمد صلاح التي أحرز فيها (هاتريك) شعرت أن محمد صلاح  أصبح الآن في مصر أشهر من عبد الناصر وأم كلثوم، ورغم أني لا أخلط الرياضة بالسياسة، إلا أن محمد صلاح هو النجم بلا منازع في كل مصر».


ويختم: «ومن خان الخليلي انتقلت إلى مطعم كافيتريا كتب عليها من الخارج اسم الكاتب الشهير والحائز على جائزة نوبل للآداب نجيب محفوظ، تناولت بها فنجانًا من القهوة، وفي المساء واصلت الإبحار على النيل على متن باخرة وسط أداء الرقص الشرقي وموسيقى ناعمة من كلاسيكيات أم كلثوم وفريد ​​الأطرش، وفي الخامسة صباحًا، توجهت إلى مطار القاهرة عائدًا إلى تل أبيب».