أخطر وقائع الفساد فى 2018.. (ملف شامل)
أعد الملف: أحمد بركة - وائل العشرى - فتحى زرد ـ هاجر محمد
نجحت الأجهزة الرقابية خلال العام الجارى فى كشف عدد كبير من وقائع الفساد في وزارات مهمة مثل «التعليم» و«الزراعة» و«التموين»، فضلًا عن كشف عدد من المخالفات الكبيرة فى دواوين المحافظات مثل القليوبية.
وتأتي جهود تلك الأجهزة بناءً على تعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسي لمحاربة الفساد فى جميع القطاعات.
وتقدم «النبأ» فى الملف التالى كشفًا بأخطر وقائع الفساد التى شهدها عام 2018.
أكثر الوزارات فى المخالفات:
«الزراعة».. 12 قضية فى «365» يومًا: «متعودة على إهدار المال العام»
ضبط مهندس بمحافظة البحيرة لتقاضيه 230 ألف جنيه «رشوة»
تعد وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى أكثر وأشهر الوزارات التي شهدت العديد من قضايا الفساد وإهدار المال العام، والتي اتهم فيها عدد كبير من مسئولى الوزارة على مدار تاريخها، بالإضافة لعدد غير قليل من المسئولين في الهيئات والجهات والمراكز التابعة للوزارة والتي تنوعت ما بين قضايا «الرشوة»، والاستيلاء على أراضى الدولة.
وبلغت قضايا الفساد خلال هذا العام «12» قضية تم توجيه الاتهام فيها إلى أكثر من «15» متهمًا، وإحالتهم للمحاكمة، و«النبأ» من ناحيتها ترصد أشهر قضايا الفساد التي شهدتها الوزارة خلال عام 2018 في السطور القادمة.
وتأتي في مقدمة قضايا فساد وزارة الزراعة خلال عام 2018م قضية الرشوة والتي تم إلقاء القبض فيها على رئيس الإدارة المركزية لحماية الأراضى، أثناء تقاضيه رشوة «50» ألف جنيه من شركة، مقابل تسهيل إجراءات لصالحها في وزارة الزراعة.
وحددت محكمة النقض جلسة 24 سبتمبر الماضي، لنظر الطعن المقدم من رئيس الإدارة المركزية عن حماية الأراضي بوزارة الزراعة وآخر على حكم السجن المشدد لمدة 10 سنوات لكليهما، وذلك أمام الدائرة 2 ب بمحكمة النقض.
وكانت الدائرة 17 جنايات شمال الجيزة المنعقدة بمجمع محاكم جنوب القاهرة بالسيدة زينب برئاسة المستشار جمال على عبد اللاه، قضت بمعاقبة المتهم الأول رئيس الإدارة المركزية عن حماية الأراضي بوزارة الزراعة، والمتهم الثالث مسعد محمود، بالسجن المشدد لمدة عشرة سنوات، وتغريمهما مبلغ 200 ألف جنيه فى القضية رقم 2763 الدقى لسنة 2016، المعروفة بـ«رشوة وزارة الزراعة» كما قضت المحكمة بإعفاء المتهم الثاني محمود أبو العز، والمتهم الرابع أبو العز إبراهيم، من العقوبة.
واستمرارًا لقضايا الفساد بالوزارة فقد أمر المستشار صفاء أباظة، قاضى التحقيق المنتدب من وزارة العدل للتحقيق فى قضايا فساد وزارة الزراعة بإحالة 12 قضية استيلاء على أراضي الدولة، والتي تتضمن أكثر من 15 متهما إلى محكمة الجنح، لاتهامهم بالاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، والقضاء على الطرق الزراعية.
وأرسل قاضى التحقيق، أوراق القضية لمكتب النائب العام، وصدر قرار الإحالة خلال شهر أغسطس الماضي إلى محكمة الجنح، لقيام المتهمين بالاستيلاء على أراضي الدولة، بمساحة ما يقرب من 200 ألف فدان، بطرق ومناطق عديدة منها مصر الإسكندرية الصحراوى، والقاهرة الإسماعيلية والوادي الجديد.
وكانت المفاجأة أن من بين قرارات الإحالة رجل الأعمال "إبراهيم. أ" لقيامه بالاستيلاء على مساحة 18 ألف فدان بطريق مصر الإسكندرية الصحراوي.
وشهد عام 2018م ضبط هيئة الرقابة الإدارية مهندسًا بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بمحافظة البحيرة لتقاضيه 230 ألف جنيه رشوة مقابل تقنين وضع يد أحد المواطنين على «5» آلاف فدان بمدينة وادى النطرون تبلغ قيمتهم حوالى 400 مليون جنيه.
ضبط «11» مسئولًا استولوا على أموال الدعم
تفاصيل بلاوي "الحيتان" فى القليوبية
شهدت محافظة القليوبية العديد من وقائع الفساد داخل جدران هيئاتها الحكومية؛ ففي الأول من مايو 2018، نجحت الأجهزة الرقابية فى ضبط «11» مسئولًا بمديرية تموين القليوبية، استولوا على أموال الدعم من خلال «4» آلاف بطاقة تموينية.
وردت معلومات لمساعد وزير الداخلية لمباحث التموين والتجارة الداخلية، مفادها تواطؤ عدد من رؤساء مكاتب التموين بمحافظة القليوبية مع اللجان المكلفة من مديرية تموين القليوبية، بفحص البطاقات التموينية الحديثة التى لم تسلم لأصحابها عقب مرور ستة أشهر على إصدارها، وقبل تسليمها لمخازن وزارة التموين، متعمدين عدم إثبات المخالفات المالية وفقًا للوائح العمل المنظمة فى ذلك الشأن.
وكشفت التحقيقات أن 5 رؤساء مكاتب تموين بالقليوبية، و6 مسئولين بمديرية التموين بالقليوبية، زاولوا نشاطهم المؤثم قانونًا، بتكوين تشكيل عصابى فيما بينهم للاستيلاء على أموال الدعم التى كفلته الدولة للمواطنين، باستخدام البطاقات التموينية الذكية المنشأة حديثا وغير المسلمة لأصحابها، وصرف مقررات الخبز لدى مخابز تابعة للمديرية قبل تسليمها لمخازن وزارة التموين، ما يعد استيلاء على أموال الدعم، متربحين من جراء ذلك، ما يؤثر بالسلب على الاقتصاد القومى للبلاد، ومهدرين أموالًا طائلة من أموال الدعم الذى توفره الدولة لمحدودى الدخل.
ومن أطرف قضايا الفساد داخل مديرية التربية والتعليم بالقليوبية وهي واقعة قيام أحد الطلاب بأداء الامتحان بدلا من زميله بمادة الجبر بالدور الثاني بمدرسة الدكتور مصطفى خليل الثانوية بإدارة كفر شكر التعليمية، وهي الواقعة التي تسببت في تقديم مدير إدارة كفر شكر التعليمية استقالته احتجاجًا على إحالته للتحقيق في الواقعة أمام النيابة الإدارية.
وفى شهر أغسطس الماضى، أمرت النيابة الإدارية، بإحالة رئيس قسم شئون الطلبة بمديرية التربية والتعليم بمحافظة القليوبية للمحاكمة التأديبية العاجلة، لما نسب إليه من التلاعب والتزوير في بيانات النجاح لـ4 طلاب في امتحانات شهادة إتمام دراسة الثانوية العامة.
كما تم القبض على كل من (س.م) مدير مشروعات الجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي بمحافظة القليوبية، ونجله (أ.س) مهندس مدني حر وصاحب مكتب استشاري هندسي، و(ن.ا) رئيس مجلس إدارة إحدى شركات المقاولات الخاصة، و(ش.م) مهندس بذات الشركة، لقيام الأول باستغلال نفوذه بإجبار الثالث وبوساطة الرابع على التعاقد مع الثاني (نجله) بغية تربيحه من العمل كمهندس استشاري لمشروع شبكات الصرف الصحي بإحدى مناطق مركز ومدينة بنها، والتي تنفذه الشركة لصالح الجهاز، مقابل تسهيل إجراءات صرف مستحقات الشركة عن الأعمال المنفذة بذات المشروع.
اتهام «12» مسئولًا بالاستيلاء على 20.6 مليون جنيه
الأزهر الشريف والأوقاف.. «تحت العِمة فاسد»
1895 قضية بـ«الوزارة» تم التحقيق فيها من قبل الجهات القضائية
شهدت المؤسسات الدينية وعلى رأسها وزارة الأوقاف ومشيخة الأزهر ظهور قضايا فساد كبرى فى 2018.
البداية من وزارة الأوقاف، فقط كشف تقرير وزارة المالية، عن أكبر الأعمال تحت الطاولة تُدار من قبل مسئولين في الأوقاف، وأوضح التقرير إهدار وزير الأوقاف، للمال العام بالوزارة فيما يخص ريع الأوقاف، وحسابات صناديق النذور، وحساب اللجنة العليا للخدمات الإسلامية والاجتماعية من دور المناسبات والعيادات على مستوى الجمهورية، إضافة إلى قيام الوزير بضم عمالة وهمية، وصرف مرتبات وأجور لهم وهم غير مدرجين بأي كشوف أو صادر لهم قرار تعيين، كما قام بصرف إثابة شهرية تتراوح بين 125% و150% لحرس الوزير، وبدل انتقالات للحرس 307 آلاف جنيه، متجاوزًا للصرف وقيمته 107 آلاف جنيه.
ورصد تقرير وحدة التحليل الإحصائي بالنيابة الإدارية وقائع الفساد في قطاع وزارة الأوقاف التي بلغت جملتها 1895 قضية، تم التحقيق فيها من قبل الجهات القضائية.
ومن أبرز قضايا الفساد داخل الأوقاف في العام الحالي، هى ضبط (م. س.ه) وكيل منطقة الأوقاف بمحافظة الشرقية، لطلبه وتقاضيه 30 ألف جنيه على سبيل الرشوة من أحد المواطنين مقابل إنهاء إجراءات مزاد صورى، وتحرير عقد إيجار بقيمة متدنية لقطعة أرض زراعية مساحتها 20 فدانا من الأوقاف الخيرية للخديوى إسماعيل التابعة لهيئة الأوقاف المصرية بمركز أبو حماد بالمحافظة.
أما قمة قضايا الفساد والتي كشفت عنها "النبأ"، فهى بيع أسهم هيئة الأوقاف المصرية، والتى تسببت فى إصدار رئيس مجلس الوزراء وقتها المهندس شريف إسماعيل، القرار رقم 815، بإعفاء رئيس هيئة الأوقاف الدكتور أحمد عبد الحافظ، من منصبه.
وكلّف وزير الأوقاف، مختار جمعة، المهندس سيد محروس القائم بأعمال مدير عام الهيئة، بتسيير أعمال رئيس مجلس إدارة الهيئة مؤقتًا؛ لحين تعيين رئيس مجلس إدارة جديد للهيئة.
وتعود القضية لقيام رئيس هيئة الأوقاف المقال، ببيع نحو 8 ملايين و98 ألف سهم من حصتها بالبنك، بقيمة 404.9 مليون جنيه، بسعر بيع 50 جنيهًا للسهم، منتصف يناير الماضي لتصل نسبة مساهمة هيئة الأوقاف بعد العملية إلى 5.03% من أسهم البنك، مقارنة بنحو 11.4% قبل العملية، وتم تنفيذ الصفقة من خلال شركة «بلتون» لتداول الأوراق المالية، مضيفة أن 8 مستثمرين عرب وأجانب اشتروا الحصة المذكورة، وأن الحصة المتبقية لـ«هيئة الأوقاف» بهيكل البنك تضمن احتفاظها بمقعد ضمن مجلس الإدارة.
وبلغ حجم الأموال المهدرة على الهيئة نظير بيع الأسهم ما يقرب 150 مليون جنيه، نتيجة بيع أسهم الهيئة في شهر يناير، وكان من المقرر قانونًا أن تنتظر الهيئة جنى أرباح أسهمها فى مارس، والتى بلغت قيمتها 151 مليون جنيه، كما أن عملية البيع تمت بالأمر المباشر دون موافقة مجلس الإدارة، ومجلس وكلاء الأوقاف، ووزير الأوقاف حيث يشترط القانون موافقة الجهات المذكورة واعتماد الوزير.
ومن جانب آخر، جرى تفعيل عمل لجنة مكافحة الفساد بوزارة الأوقاف، بعدما أعلن الدكتور مختار جمعة حالة الطوارئ داخل هيئة الأوقاف، كما خصص مكافأة لكل من يكشف بالمستندات أي وجه من وجوه الفساد.
وأحالت النيابة العامة الإدارية بتاريخ 1-8-2018، سبعة مسئولين في مشيخة الأزهر للمحاكمة التأديبية، ووجهت لهم تهمة الفساد الإداري والمالي في القضية رقم ( 318 لسنة 60 قضائية).
وأثبتت التحريات ارتكاب المتهمين مخالفات واضحة في أعمال ترميمات خاصة بالمشيخة، وشمل قرار النيابة العامة الإدارية إحالة كل من: مسئولين بإدارة الترميمات بالمشيخة،عضوي لجنة الاستلام الابتدائي لأعمال الترميم الخاصة بمشروعات مشيخة الأزهر، ومسئولي الإدارة المركزية للشئون الهندسية، رئيس قسم الأساسات بالإدارة الهندسية داخل المشيخة.
وتضمن أمر الإحالة عدة تُهَم للمتهمين من بينها، الإهمال في عملهم ما ترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية للدولة، وعدم تأدية عملهم المنوط بهم بأمانة، ومخالفة القواعد الخاصة بالمناقصات والمزايدات.
وتبين من التحريات، أن المتهمين تجاهلوا إبداء الملاحظات والدقة أثناء استلامهم بعض المشروعات الإنشائية للمشيخة، كما قاموا بصرف بنود مالية غير مستحقة مستغلين أعمال الاستلام؛ ما ترتب عليه اقترافهم جريمة سرقة وإهدار أموال عامة دون وجه حق.
وشهدت عام 2018 الكشف عن قضية فساد كبرى نظرتها المحكمة التأديبية العليا بمجلس الدولة وعرفت وقتها بقضية الفساد الكبرى بالأزهر، المتهم فيها 12 مسئولًا من قيادات منطقة الجيزة الأزهرية، بالاستيلاء على 20.6 مليون جنيه والتسبب في ضياع 6.8 مليون من أموال الأزهر الشريف.
وأكد تقرير قضائي منسوب للنيابة الإدارية قيام أحد الموظفين بـ"الأزهر" بالاستيلاء على 20،6 مليون جنيه وضياع 6،8 مليون جنيه من أموال جهة عمله بسبب إهمال 11 مسئولًا من قيادات منطقة الجيزة الأزهرية.
وكشفت التقارير الرقابية، وجود إهدار للمال العام بخصوص أراض تابعة للمنطقة الأزهرية ومعاهد أزهرية تمت إزالتها، وتبين وجود العديد من المعاهد الأزهرية التابعة للمناطق الأزهرية التي تم إخلاؤها وإزالة بعضها منذ فترة كبيرة ترجع إلى أكثر من 10 سنوات دون القيام بإعادة إحلالها وتجديدها لحمايتها من التعدى عليها من جانب الأهالى وعدم ترميم المعاهد التي تم إخلاؤها فى أغراض تحسين العملية التعليمية وتحسين جودتها.
وأدى الإهمال إلى تعرض بعضها للتعدى على مساحة كبيرة منها بلغت 39030 مترًا بقيمة 100 مليون جنيه، فضلًا عن عدم الاستفادة من المعاهد المنشأة بالجهود الذاتية كـ«تبرعات»، وبلغت 3.25 مليون جنيه.
وذكر التقرير، وجود العديد من المعاهد الأزهرية التى صدرت قرارات لإزالتها لخطورتها على شاغليها منذ 10 سنوات دون القيام بإعادة تحليلها وتجديدها لعودة التلاميذ بها بدلا من العمل مع معاهد أخرى، ما يؤدي إلى التكدس فى الفصول وتشغيل المعاهد أكثر من فترة "صباحية ومسائية"، وكذلك وجود العديد من المعاهد التي تم إخلاؤها من التلاميذ لترميمها دون القيام بـ«عملية الترميم»، الأمر الذى أدى إلى عدم الاستفادة بتلك المساحات فى الأغراض المخصصة من أجلها فضلًا عن عدم الاستفادة من المعاهد المنشأة بالجهود الذاتية كتبرعات.