رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حقيقة تهديد شيخ الأزهر بالاستقالة بسبب «كماشة» الإخوان والعلمانيين

السيسي والطيب
السيسي والطيب


تعرض الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لأكبر حملة انتقادات منذ وصوله لمنصبه، وشن نواب وإعلاميون من التيار العلماني والليبرالي، هجمة شرسة ضده على مدار الأيام الماضية، ووقع شيخ الأزهر في فخ يشبه "الكماشة" بين العلمانيين والإخوان، ووصل الأمر إلى حد المطالبة باستقالته، بعد خطابه الأخير في احتفالية المولد النبوي، والذي استنكر فيه حملة الهجوم على السنة النبوية، والمطالبة باستبعاد السنة جملة وتفصيلًا من دائرة التشريع والأحكام، والاعتماد على القرآن الكريم فحسب.


وخلال الخطاب، قال «الطيب» إن الدعوات المطالبة باستبعاد السنة النبوية جملةً وتفصيلًا باطلة ولا أساس لها، مؤكدًا أن السُّنة هي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم في الإسلام، مهاجمًا الداعين والمشككين في قيمة السنة النبوية وفي ثبوتها وحجيتها، والطعن في رواتها من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم، واعتبرهم «موالين للاستعمار على مر العصور»، فيما رد السيسي بالحديث عن ضرورة تغيير صورة الإسلام والمسلمين في العالم، وعن سلوكيات المصريين البعيدة عن صحيح الدين.


وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي معركة «حامية» بين مؤيد ومعارض لـ«شيخ الأزهر»، ودافعت المواقع والصفحات التابعة للأزهر والأزهريين عن «الطيب» ونشر دوره في قيادة المشيخة وحماية الإسلام، بينما اتهمته صفحات أخرى محسوبة على العلمانيين وأنصار السيسي بالهجوم على كلمة «الطيب»، واتهامه بالمسئولية عن فشل الخطاب الديني.


معركة «فيس بوك» دخل فيها شخصيات عامة وإعلامية ونواب البرلمان، وجدد النائب محمد أبو حامد، هجومه على «الطيب» زاعمًا تلك المرة، أنه «يفتعل معركة وهمية لتشتيت المجتمع وأنه يسير على خطى جماعة الإخوان المسلمين».


ومن وقت لآخر، يشن «أبو حامد»، هجومًا على شيخ الأزهر ويدعى أنه يعرقل عملية تجديد الخطاب الديني، الذي يطالب به الرئيس، وقاد محاولة لإجراء تعديل على قانون الأزهر للحد من صلاحياته.


أبوحامد، انتقد أداء الآلاف من أنصار الطيب صلاة الجمعة بساحته من مسقط رأسه بالأقصر دعمًا له، معتبرًا أنهم بذلك «يسيرون على خطى الإخوان»، حسب زعمه.


وكتب «أبو حامد» في تغريده له عبر حسابه على موقع «تويتر»: «فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وأنصاره يفتعلون معركة وهمية افتراضية تحت مسمى الدفاع عن السنة لتشتيت المجتمع عن مطالبة الأزهر بأداء دوره في تطوير الخطاب الديني ومواجهة التطرف والإرهاب، مع الأسف سلوكيات لا تختلف عن طريقة جماعة الإخوان شيء محزن للغاية».


وقال أبو حامد على «تويتر»: «قيام مؤسسة الأزهر وشيخها بما يجب عليهما من واجبات تجاه الخطاب الديني وتطويره ومواجهة التطرف الفكري لن يتحقق إلا بالالزام القانوني…، شيخ الأزهر موظف عمومي».


وأضاف: «يجب أن تكون له وظائف محددة وملزمة لا تخضع لفكرة مدى الاستجابة الشخصية، وإنما تكون التزاما قانونيا تجاه الوظيفة التي يشغلها».


كما خرج النائب محمود بدر، مؤسس «حركة تمرد»، مهاجمًا شيخ الأزهر، وكتب على موقع «تويتر»: «عزيزي فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، صلى المسلمون وصاموا وآتوا الزكاة وحجوا البيت، ومن استطاع منهم إليه سبيلا لمدة قرنين من الزمان أي مئتي عام أو يزيد قبل أن يضع الإمامان البخاري ومسلم صحيحيهما، فهل كانوا يصلّون بربع الدين فقط».


ووقع شيخ الأزهر فيما يشبه "الكماشة" بين فريقين متناقضين، ولكنهما اجتمعا على نقضه، وهما العلمانيون والإخوان، وانتقد أحمد محمد مرسي، نجل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المدافعين عن شيخ الأزهر، وكتب على «فيسبوك»: «يا شيخ الأزهر كما يسمونك أو ليست حرمة دم المسلم أشد عند الله من حرمة الكعبة؟».


وأضاف: «ما رأيك فيما يتعرض له مسلمون سنة موحدون من قتل وانتهاك واعتقال ومطاردات ومصادرة أموال؟». وزاد: «أو ليس المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه، هذا الكلام من السنة أم لا، وهل أنت غير قادر على مواجهة الجنرال؟».


فيما كتب محمد محسوب، وزير الدولة السابق للشؤون القانونية والمجالس النيابية: «أحسن شيخ الأزهر عندما واجه المشككين في مرجعية السنة النبوية علانية وبحسم… فلم تكن السنة يوما سببا في حال شعوبنا… بل قمع وفساد وخروج عن قيم العدل التي أعلاها الكتاب وفسرتها السنة».


وكانت المفاجأة فى مساندة علاء مبارك للطيب، وأثنى نجل الرئيس الأسبق، على موقف شيخ الأزهر، وغرد على موقع «تويتر»: «السنة النبوية الشريفة تبين كل أمر لم يرد في القرآن الكريم وهذا لا خلاف عليه».


وأضاف: «استمعت إلى كلمة فضيلة شيخ الأزهر ردًا على الذين يريدون سلخ القرآن عن السنة، فجاءت كلماته قوية بما أجمع عليه المسلمون من ضرورة بقاء السنة إلى جوار القرآن جنبًا الى جنب وإلا ضاع ثلاثة أرباع الدين».


كما كانت المفاجأة الأخرى فى خروج صفحات التيارات السلفية لتأييد «الطيب»، ونشرت صفحات الدعوة السلفية كلمة الطيب أكثر من مرة والتأكيد أن تجديد الخطاب الديني لا يعني الحذف من السنة النبوية الشريفة، وخاصة فيما يتعلق بثوابت الدين، وكتب مشايخ السلفية تعليقات تؤكد المساندة الكاملة للطيب ضد العلمانيين وبعض نواب البرلمان.


وكشفت مصادر داخل مشيخة الأزهر الشريف، أن كلمة الطيب عن السنة النبوية، كان مقصودًا بها الرد على حملات التشكيك في السنة النبوية التي أطلقها البعض من قبل نواب البرلمان والعلمانيين، وكذلك بعض الدعاة والمشايخ بالأزهر، كما حدث في المطالبة بتطبيق الطلاق الشفهي، والمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، والمطالبة بحصول المرأة على مكافأة نهاية الخدمة عند الطلاق وهو مشروع قانون النائبة آمنة نصير، أستاذة الفقه والفلسفة بـ«جامعة الأزهر».


وأضافت المصادر، أن «الطيب» لديه حالة من الارتياح الشديد نتيجة المساندة الشعبية، وهو ما يستبعد تماما فكرة تهديد الطيب بتقديم الاستقالة، كما حدث من قبل، وأن هذا الأمر لا يدور نهائيًا في ذهنه، في حين كان قرار التهديد بتقديم استقالته في المرة الماضية ناتجًا لوقوف الجميع ضده سواء من الدولة أو الشارع.


وأكد الدكتور عباس شومان، الأمين العام لـ«هيئة كبار العلماء»، أن الدعوات المطالبة باستبعاد السنة النبوية باطلة ولا أساس لها شرعيًا، مؤكدًا أن السُّنة هي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم في الإسلام، ولا يجب الفصل بينهم عند تجديد الخطاب الديني لكونهما أساس الشريعة الإسلامية.


وهاجم «شومان»، المشككين في قيمة السنة النبوية وفي ثبوتها وحجيتها، والطعن في رواتها من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم، مشيرا إلى أن شيخ الأزهر أصاب في كلمته خلال المولد النبوي وهو ما اتفقت عليه كلمات الحضور، وأكده الرئيس السيسي أيضًا.


وقال الأمين العام لـ«هيئة كبار العلماء»، إن «الطيب» لا يهتم بأي هجوم عليه، ومنذ وصوله لمنصبه وعزمه تطوير المناهج الأزهرية من التشدد وهو يتعرض لهجوم غير مبرر، ولكن الشارع والدولة يساندانه بكل قوة والرئيس أكد ذلك في العديد من المواقف، نافيا ما يتردد ما بين الحين والآخر، وجود خلافات أو صراع بين «الطيب» والدولة.