رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل المواجهة النارية بين «مدبولى» والمحكمة الدستورية

مصطفى مدبولى - أرشيفية
مصطفى مدبولى - أرشيفية

خلال الأيام الماضية، أعلن المهندس مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، قصر «الدعم النقدي» في برنامج المساعدات النقدية المشروطة «تكافل وكرامة» والضمان الاجتماعى، على طفلين فقط في الأسرة بدلًا من «3» أطفال، بداية من يناير 2019، مضيفًا أن هذا القرار الهدف منه إضافة أسر جديدة، والحد من الزيادة السكانية.

وتسبب هذا الإعلان فى إثارة حالة من الجدل وعلامات الاستفهام حول نية الحكومة تجاه برامج الدعم، ومدى جدواه في الحد من  ظاهرة الكثافة السكانية.


ويرى البعض أن هذا القرار لن يحل الأزمة، وسيتسبب في زيادة الفقر والجهل بين أبناء الأسر الفقيرة التى ستحرم من الدعم، ما سيضطرهم إلى تشغيل أطفالهم، فيما يرى آخرون، أن  الحرمان من الدعم ليس كافيًا، ويتوجب أن يتبعه قرارات أخرى وحملة قومية لتوعية المواطنين بأزمة الزيادة السكانية.


وتنفذ وزارة التضامن برنامج «تكافل وكرامة»،  بهدف صرف مساعدات للأسر الفقيرة فى مختلف المحافظات، إذ يرتبط «تكافل» بالأسرة الفقيرة التى لديها أبناء من سن يوم وحتى مراحل التعليم المختلفة.


ويتم خلاله صرف مساعدات للفرد بالأسرة 325 جنيهًا شهريًا، كما يتم صرف مساعدة شهرية لكل طالب بالأسرة، بحد أقصى «3» طلاب، حيث يتم صرف 60 جنيها للطالب فى المرحلة الابتدائية و80 جنيها للمرحلة الإعدادية و100 جنيه للمرحلة الثانوية، شريطة التزام الأسر المستفيدة بالشروط الموضوعة، وهى بالنسبة للأطفال أكبر من 6 سنوات أن يكونوا مسجلين فى المدارس بنسبة حضور لا تقل عن 80% من عدد أيام الدراسة، ويتم التنسيق مع وزارة التربية والتعليم لمتابعة موقف انتظام حضور أطفال الأسر المستفيدة.


أما بالنسبة للأطفال الأقل من «6» سنوات فتلتزم الأسرة بمتابعة برامج الوقاية والصحة الأولية للأطفال والأمهات بالوحدات الصحية الحكومية، كما تقدم معاشات الضمان الإجتماعى للأسر بحد أقصى 4 أفراد للأسرة الواحدة.


وكشف المتحدث الرسمي باسم وزارة التضامن، الدكتور محمد العقبي، عن آلية تنفيذ قرار قصر الدعم لطفلين.


وقال «العقبى» في تصريح خاص لـ«النبأ»، إن هذا القرار سيشمل الحالات الجديدة التى ستدخل في منظومة المعاشات تكافل وكرامة، بداية من يناير 2019، مشيرًا إلى أن الأسر الحالية التى تحصل على دعم لأكثر من 3 أطفال لن يتم المساس بها.


وفي هذا السياق، انتقدت  الدكتورة هبة هجرس، عضو مجلس النواب، هذا القرار، مشيرة إلى أن هناك طرقًا أخرى للقضاء على الزيادة السكانية.


وأضافت «هجرس» في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن هذا القرار ليس مقبولًا؛ لأن الطفل الثالث ليس له ذنب في ولادته، متابعة: «ده طفل إزاي أعاقبه بذنب والديه، من الممكن أن نحاسب الوالد، ولكن الطفل ليس باختياره».


وأضافت: كان من الممكن الحد من الزيادة السكانية ليس بهذه الطريقة ولكن عبر القضاء على عمالة الأطفال، متابعة: «لأنه في ظل قناعة الأب بأن ابنه سيكون مصدرا للدخل، فكل يوم هيصحى يجيب طفل»، دون الاستجابة إلى حملات توعية، لأنه يرى في كثرة الإنجاب استثمارًا هائلا له.


بدورها، شنت إيفون مسعد، عضو المكتب التنفيذي للجنة «نساء مصر» هجومًا على هذا القرار، مؤكدة أنه لا يمت لحلول محاربة الزيادة السكانية بصلة؛ لأنه كان من المفترض تطبيقه على الأسر التى تعتزم إنجاب أكثر من طفلين وليس الحاليين.


وأضافت في تصريح خاص لـ"النبأ" أن الأصل في هذه الجنيهات التى تصرف أنها دعم للأسر الفقيرة، وهو يعنى أن الحكومة بهذا القرار ستزيد المواطنين فقرًا وجهلًا، مستكملة: «اللى معاه ثلاث أطفال أو أربعة يوديهم فين؟».


وأشارت إلى  أن أزمة الزيادة السكانية، لا ترتبط بالفقراء فقط، ولكن بالأغنياء أيضا الذين يرون في كثرة الإنجاب "عزوة"، متسائلة: على أي أساس يتم اتخاذ هذه القرار، وهل تم إجراء استطلاع لمعرفة نبض الناس تجاهه؟


بدوره، تقدم النائب فايز بركات، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب بطلب إحاطة موجه إلى رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى حول هذا  القرار، مطالبًا بضرورة بحث إعطاء حوافز للأسر التى تقتصر على طفلين بدلا من حرمان الطفل الثالث من الدعم النقدى والذى قد ينتج عنه الكثير المشاكل والآثار السلبية.


وقال «بركات» فى تصريح خاص لـ«النبأ»، إن الكثافة السكانية في هذه المرحلة تقف عائقًا أمام التنمية في مصر، مضيفا أن قيمة الدعم التى تخصصها الدولة كثيرة، ولكن الفقراء المحتاجين لهذا الدعم أكثر، الأمر الذي يتطلب تحديد النسل.


وأضاف: أن أزمة الزيادة السكانية تتركز بشكل كبير في الأسر التى تعيش في  فقر مدقع، وتنجب أكثر 5 و6 أفراد وعلى الرغم من ذلك تحصل على دعم في التموين والمدارس، وهو ما يرهق ميزانية الدولة، متابعا: «المفروض كل مواطن يعمل حسابه على دعم محدد ولفترة معينة وليس طول العمر لحد ما الدولة تقف على رجليها».


وأشار، إلى أن  هذا القرار لا يعنى عقابا للطفل، ولكنه تقنين وضع للفقراء التى لا تكترث بأزمة إنجاب 5 أطفال في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، وعلى الرغم من ذلك يشتكون من الفقر، وهم لا يدركون أنهم سبب الأزمة.


ولفت إلى أنه بالتوازي مع إقرار هذا القانون لابد من صدور حزمة من القوانين والتشريعات، تحث المواطنين على الالتزام والتحلى بالمسئولية لمواجهة الأزمة، مع الاهتمام بالتوعية من المدارس والجامعات والمراكز الثقافية مع دور العبادة فى المساجد والكنائس بخطورتها، متابعًا: «لا بد أن تكون هناك حملة قومية يتم تعميمها على مستوى الوزارات والهيئات لمواجهة هذه الأزمة».


وبعيدًا عن الانتقادات الخاصة بقرار المهندس مصطفى مدبولى بقصر «الدعم العينى» على طفلين، فإن هناك جانبًا آخر أكثر حدة يتعلق بسيناريوهات «الصدام» بين «المهندس» والمحكمة الدستورية العليا بعد «31» يومًا؛ بسبب الآراء التى تؤكد أن هذا القرار «غير دستورى».


الدكتور إسلام قناوي، الفقيه الدستوري، علق على قرار الحكومة بدعم طفلين فقط ببرنامج تكافل وكرامة، قائلًا: «هذا الحل رغم أهميته الاقتصادية، إلا أنه مخالف للدستور».


وأضاف «قناوي» خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «كل يوم» المذاع على فضائية «on e»، أن الدستور ينص على أن «المواطنين أمام القانون سواء ولا يمكن التمييز بينهم»، لافتًا إلى أن أي طعن أمام المحكمة الدستورية على هذا القرار ستحكم المحكمة بعدم دستوريته.


وتابع الفقيه الدستورى، أن الدولة عليها أن تحدد الفئات الأولى بالدعم والرعاية بدلًا من القيام بهذا الأمر غير الدستوري.


وفى نفس السياق، أكدت المحامية مها أبوبكر، أنها ضد اقتصار الدعم النقدي في برنامج المساعدات النقدية المشروطة تكافل على طفلين فقط، في الأسرة بدلًا من 3 أطفال في برنامج «تكافل وكرامة» بدءا من يناير المقبل، لأن الطفل ملك المجتمع ولا يجوز حذفه من الدعم.


وأوضحت أن أكثر طبقة إنجابًا للاطفال هي الطبقة الفقيرة، وليس الغنية، ولا يجوز بأي حال من الأحوال معاقبته.


وتابعت أن اقتصار الدعم النقدي في برنامج المساعدات النقدية المشروطة تكافل على طفلين فقط غير دستوري، ويجب الطعن عليه.