رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بعد مرور 40 عام عليها.. وثائق أمريكية ويهودية تنشر لأول مرة عن اتفاقية كامب ديفيد

النبأ


«خلاف»: هناك الكثير من الدروس المستفادة من هذه الخطوة منها ضرورة الحصول على توافق وطني بشأن طبيعة الهدف المطلوب انجازه

«مسلم»: الارتباط بقوى أجنبية مضادة للأمن القومي أهم عيوبها

«درويش»: يجب دراسة الظروف التي كانت تعيشها مصر والضغوط التي كانت تتعرض لها القيادة قبل الحكم عليها


فى 17 سبتمبر من عام 1978، وقعت كل من مصر وإسرائيل اتفاقية السلام، المعروفة بـ"كامب ديفيد"، حيث يمر هذا الشهر 40 عاما على توقيع هذه الاتفاقية، التي تم توقيعها بين الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ورئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيجن، تحت إشراف الرئيس الأمريكى السابق جيمى كارتر.، وذلك بعد المفاوضات فى منتجع كامب ديفيد، بالولايات المتحدة الأمريكية.           

وتأتي الذكرى الأربعين لهذه الاتفاقية وسط أحداث جسام تشهدها مصر والمنطقة العربية، ففي مصر ما زال الإرهاب الأسود يستبيح أرض سيناء، التي تم تحريرها بدماء الجيش المصري العظيم، وما زال الحديث عن تنمية سيناء مستمرا، أما في العالم العربي فقد جرت الكثير من الأمور الكبرى، منها قرار الولايات المتحدة الأمريكية بنقل السفارة الأمريكية للقدس، واعتبار القدس عاصمة إسرائيل الأبدية.

رسالة من جيمي كارتر                 

بعث جيمي كارتر، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق، رسالة للمشاركين في حلقة النقاش التي ينظمها منتدى الجامعة الأمريكية في الذكرى الأربعين لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.

حيث أبدى كارتر أسفه لعدم تمكنه من حضور حلقة النقاش للاحتفاء بالذكرى السنوية الأربعين لاتفاقية كامب ديفيد التي أبرمت بين مصر وإسرائيل عام 1978.

وقال كارتر في رسالته، إنه «عندما جمعت في سبتمبر 1978 بين الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن جاء اللقاء بعد 4 حروب كبرى ودامية خلال 30 عاما، حيث استغرقت اجتماعتنا في كامب ديفيد 13 يوما قمنا خلالها بمباحثات مع مستشارينا بمحادثات شديدة الوطأة وصعبة للغاية حتى توصلنا لإطار سلام لمنطقة الشرق الأوسط»، مؤكدا على أن المفاوضات وإبرام الاتفاقية تطلبت العديد من الشجاعة والتضحية من جانب السادات وبيجن، مشيرا إلى أن السادات للمرة الأولى كان مغرما بتكرار اعتقاده أن الولايات المتحدة تملك 90% من أوراق تسوية الشرق الأوسط.

ولفت الرئيس الأمريكي الأسبق، إلى أن الاتفاقية تضمنت إطارا لحل المشكلة الفلسطينية، مبديا اعتقاده الدائم أن المسألة الفلسطينية هي أساسية لتحقيق سلام شامل في المنطقة.

مهدت لصفقة القرن  

وفي هذه المناسبة نشر موقع «روسيا اليوم»، الناطق الرسمي باسم النظام الروسي، الذي تربطه علاقات قوية بمصر وبالرئيس عبد الفتاح السيسي، تقرير تحت عنوان« تمخض جبل كامب ديفيد فولد "صفقة العصر" بعد 40 عاما!»، زعم فيه أن اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، هي التي مهدت لما بات يعرف الأن بصفقة العصر.

كما زعم أن الاتفاقية كانت سببا رئيسيا في تغيير الموازين والاتجاهات السياسية ليس في النطاق العربي فحسب ولكن على مستوى العالم أجمع، وأنه رغم مرور كل هذه السنوات فإن الاتفاقية ما زالت محل جدل وخلاف كبيرين في الشارع السياسي العربي الذي تنقسم رؤيته ما بين فئة مؤيدة للاتفاقية بحجة أنه ليس للعرب حول ولا قوة، وأخرى رافضة لها ولبنودها وترى أنها سبب الخراب الذي حل بالعرب بعدها وأصل البلاء.. كل البلاء.

وزعم الموقع الروسي أن الاتفاقية خلفت نتائج وتداعيات كارثية على الأمة العربية عامة والقضية الفلسطينية خاصة وأضافت تعقيدات جديدة للصراع العربي الإسرائيلي، ليس آخرها سياسة الاستيطان الإسرائيلية التي تقضم الضفة الغربية والقدس وتكاد تلتهم حلم الدولة الفلسطينية المستقلة.

وثيقة أمريكية تكشف دعم السعودية للإتفاقية

نشرت وزارة الخارجية الأمريكية مجموعة جديدة من الوثائق المتعلقة بمفاوضات كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل أكدت دعم السعودية لعملية المصالحة بين الجانبين.

وكشفت برقية مؤرخة بـ10 أغسطس عام 1978، تم بعثها من السفارة الأمريكية في السعودية إلى وزارة الخارجية الأمريكية، عن لقاء عقد يوم 9 أغسطس من العام ذاته في مدينة الطائف جمع السفير الأمريكي، جون سي ويست، مع وزير الخارجية السعودي آنذاك، الأمير سعود الفيصل.

وقال مسؤول أمريكي كتب البرقية وشارك في الاجتماع ولم يكشف عن هويته، إن الأمير سعود "أعرب عن دعمه الكامل" لدعوة الرئيس الأمريكي، جيمي كارتر، لنظيره المصري أنور السادات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، مناحم بيغين، لعقد اجتماع في كامب ديفيد، و"صرح بأنه يفكر في توصية اللجنة الاستشارية العامة بإصدار بيان علني حول هذا التأييد".

وبحسب البرقية، قال الأمير سعود خلال الاجتماع "بشكل قاطع إنه اعتبر أن موقف السعودية من المفاوضات قد تم تحريفه، ولم يسع السعوديون لإنهاء المفاوضات"، كما لم تهدف إلى ذلك رحلة ولي العهد السعودي آنذاك، الأمير فهد بن عبد العزيز، إلى القاهرة.

وأوضح وزير الخارجية السعودي أن "زيارة الأمير فهد إلى مصر جاءت بعد أن قرر السادات عدم الذهاب إلى المفاوضات في قلعة ليدز" بإنجلترا في الفترة من 18-19 يوليو 1978.

وتابعت البرقية أن الأمير سعود "رد بحماسة ملحوظة" وقال: "إننا نريد أن ينجح كامب ديفيد، لأن ذلك سيكون نجاحا لأصدقائنا الأقرب في مصر والولايات المتحدة".

وأضاف وزير الخارجية السعودي متعهدا: "سنفعل كل ما بوسعنا للمساعدة".

كما أشار إلى أن المملكة ستجعل دعمها علنيا، لكنه شدد على أن كل "مخرجات كامب ديفيد من الضروري أن تلقى قبولا واسعا في العالم العربي"، حيث أعرب مرارا خلال الاجتماع عن قلقه من أن الولايات المتحدة "ستضغط على السادات لجعله يقدم تنازلات في مسألة الانسحاب (الإسرائيلي من الأراضي المحتلة) والقضية الفلسطينية ستكون غير مقبولة تماما بالنسبة للعرب".

وأجاب المسؤول الأمريكي المجهول للأمير السعودي بالقول إنه لا يستطيع أن يتنبأ بنتائج لقاء كامب ديفيد، إلا أنه تعهد بأن "جميع الأفكار، التي ستتقدم بها الولايات المتحدة حول القضايا الأساسية، أي السلام والانسحاب والأمن والفلسطينيين"، ستتطابق مع الموقف الأمريكي من القرار رقم 2424.   

وأعرب الأمير سعود عن أمله في أن يتوج لقاء كامب ديفيد بنتيجة ستشمل إرادة الفلسطينيين ومبدأ حقهم في تقرير مصيرهم، مشددا على أن هذا الأمر سيكون في غاية الأهمية بالنسبة للحصول على دعم العرب، فيما رد المسؤول الأمريكي بالقول إن الولايات المتحدة تسعى لوضع دائرة من المبادئ القابلة للتطبيق .

وثائق يهودية تكشف تفاصيل جديدة

نشرت مؤسسة يهودية في واشنطن "مركز التعليم الإسرائيلي" سلسلة مذكرات مفصلة حول المفاوضات التي جمعت عام 1978 رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن والرئيس المصري أنور السادات تحت الرعاية الأمريكية، من أرشيف إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر.

وتشير إحدى الوثائق إلى أن كارتر كان يسعى إلى إبرام اتفاق سلام أشمل بين إسرائيل والعالم العربي يقضي بتخلي تل أبيب لا عن شبه جزيرة سيناء وحدها بل ومعظم أراضي الضفة الغربية وغزة وهضبة الجولان أيضا.ء

ونقلت الوثيقة عن كارتر قوله: "القوات الإسرائيلية ستبقى هناك من أجل الدفاع عن الدولة، لا بغية حكم الفلسطينيين، وهذا بمثابة الانسحاب، ليس من ناحية مساحات الأراضي بل في الجوهر".

من جانبه، شدد وفد إسرائيل على أن بقاء قواتها في الضفة الغربية ليس مانعا لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 والذي ينص على التعايش السلمي بين إسرائيل وجيرانها العرب مع احترام الحدود.

وفي ختام الاجتماع، دعا كارتر الإسرائيليين إلى إظهار مرونة أكثر في المفاوضات، مشددا على أن مصر والأردن لا يطالبان بانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي المحتلة، كما أضاف أن السعودية قد تقبل باتفاق سلام لا يشمل إقامة دولة فلسطين، بينما لا يزال الموقف السوري أهم مسألة عالقة.

 

يقول اللواء عبد الرافع درويش الخبير العسكري والاستراتيجي، أن الحكم على اتفاقية كامب ديفيد يتطلب أولا معرفة الظروف والملابسات التي كانت قائمة في مصر خلال هذه الفترة، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقية تمت في وقت كان رصيد مصر الاقتصادي صفر، وكان هناك تفوق عسكري إسرائيلي كبير، فإسرائيل كانت تحارب بحوالي 10 خطوط ذخيرة مقابل 3خطوط لمصر، ومصر كانت تحارب بطائرات مصنوعة عام 1948 مثل ميج 21 وميج 17، وإسرائيل كانت تحارب بأحدث الطائرات الأمريكية الفانتوم، مصر دخلت الحرب بحوالى 225 طائرة، مقابل 450 طائرة لإسرائيل، مصر كانت تحارب بحوالي 5 فرق على الأرض مقابل 10 فرق لإسرائيل، لافتا إلى أن مصر دخلت الحرب في ظل كل هذه الظروف الصعبة، وبعد أن ثبت فيما بعد أن روسيا كانت تتجسس على مصر خلال هذه الحرب، بعد أن قامت بارسال عربات اسعاف لمصر بدلا من الذخيرة، وبالتالي لم يكن أمام الرئيس محمد أنور السادات طريق أخر غير الدخول في اتفاق سلام مع إسرائيل، لاسيما بعد أن تدخلت أمريكا وبعض الدول الغربية وقامت بامداد إسرائيل بالسلاح والذخيرة.

 

وأضاف «درويش»، أنه بعد انتهاء الحرب ارتفع سعر برميل البترول إلى حوالى 40 دولار بعد أن كان سعره قبل الحرب حوالى 3 دولار، وهذا أدى إلى دخول أموال هائلة لخزائن دول الخليج، ورغم ذلك رفضوا مساعدة مصر بعد الحرب، مشيرا إلى أن العرب والفلسطينيين رفضوا التحالف مع مصر واتهموا الرئيس السادات بالعمالة والخيانة، وقاموا بنقل الجامعة العربية لتونس، وفرض حصار على مصر، مطالبا كل من يهاجم هذه الاتفاقية أن يضع نفسه مكان متخذ القرار في ذلك الوقت والضغوط التي كانت تمارس عليه والظروف التي كانت تمر بها مصر.

 

وأكد الخبير العسكري على أن هذه الاتفاقية حققت لمصر الكثير من الفوائد والمكاسب، منها فتح قناة السويس، وحصول مصر على مساعدات عسكرية واقتصادية من الولايات المتحدة الأمريكية، وعودة السياحة، وتحسين الاقتصاد، وتدمير مستعمرة ياميت، لكن كان يجب مراجعة هذه الاتفاقية كل عشر سنوات، وعدم وجود المنطقة ج التي تحد من حرية القوات المصرية في سيناء، مشيرا إلى أن مصر نجحت في دخول هذه المنطقة من خلال عمل تفاهمات مع إسرائيل من أجل دحر الإرهاب، مشددا على أن سيناء تحتاج الى التعمير وزراعة البشر بدلا من زراعة الشجر للقضاء على أمل إسرائيل نهائيا في دخول سيناء، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعترف مؤخرا بهزيمة اسرائيل في 1973، مؤكدا على أن مصر لو كانت تمتلك بعض القوة لدخلت تل أبيب خلال 48 ساعة من بداية الحرب، مشيرا إلى أن الملك عبد الله ملك السعودية قام بتقديم مبادرة للسلام مع إسرائيل ولم يهاجمه أحد، والعرب الأن يعقدون اتفاقيات سرية مع إسرائيل.

 

ويقول اللواء طلعت مسلم الخبير العسكري والإستراتيجي، أنه من عيوب هذه الاتفاقية، أن العرب لم يحصلوا على السلام مع إسرائيل حتى الأن، بالإضافة إلى الارتباط بقوى أجنبية مضادة للأمن القومي وهي الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت راعية لعملية السلام بين مصر وإسرائيل هي نفسها الأن التي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبالتالي هذه الاتفاقية أضرت بمستقبل مصر.

 

ويقول السفير هاني خلاف مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن هناك الكثير من الدروس التي يجب الاستفادة منها من هذه الخطوة ونتائجها مصريا واقليميا ودوليا وعلى مزيد للفهم لطبيعة الشخصية الإسرائيلية، أول هذه الدروس هو أن أي جهد سياسي ودبلوماسي جاد وهادف ينبغي أن تتوافر له شروط، أهمها تحقيق توافق وطني بين جميع الجهات والمستويات بشأن طبيعة الهدف المطلوب انجازه وتحقيق الانسجام بين جميع العناصر المؤسسية والفردية العاملة من أجل تحقيقه، مشيرا إلى أن التناغم التاريخي الذي حدث طوال مراحل التفاوض بين مؤسسات رئاسة الجمهورية والجهاز الدبلوماسي وأجهزة الأمن والسلطات التشريعية والإعلامية والاقتصادية قد كفل قدرا كبيرا من أسباب النجاح لهذا الجهد المصري التفاوضي، ومن المهم أيضا التذكير بحصافة القيادة المصرية في ذلك الوقت، التي تعاملت مع بعض الحالات في بعض مراحل التفاوض بهدوء، ولكنها بحسها الوطني اكتفت بمجرد الانسحاب من المشاركة، الدرس الثاني هو أن هناك بعض الأهداف الوطنية التي يصعب تحقيقها بدون تهيئة الظروف الاقليمية وتوفير التفهم العالمي الواسع حولها، ورغم أن المعروف في العلن أن الكثير من الدول العربية الشقيقة كانت لها في ذلك الوقت مواقف مخالفة للرؤية المصرية، وقرر بعض هذه الدول مقاطعة مصر، ونقل مقر الجامعة العربية خارج القاهرة، إلا أن ذلك لم يمنع مصر من مواصلة التشاور الهادئ مع بعض قيادات تلك الدول، وحين حققت مصر ما ارادت من تحرير لكامل أراضيها المحتلة، وبدون تفريط في الحقوق المشروعة للأطراف العربية الأخرى، عادت العلاقات المصرية العربية إلى سابق عهدها، بل تبارت بعض هذه الأطراف العربية في دعم مصر اقتصاديا ودبلوماسيا، الدرس الثالث يتمثل في ضرورة الانتباه والتفهم الجيد لطبيعة الشخصية الإسرائيلية التي لا يمكن أن تثق إلا في قدراتها العسكرية الذاتية، ولا يمكن أن تتأثر استراتيجيتها وعلاقاتها بعيدة المدى بأية عواطف أو مجاملات أو ضغوط تفرضها عليها بعض المراحل.