رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

اشتعال حرب «تصفية الحسابات» وصراع النفوذ على «باب المندب»

خريطة توضيحية
خريطة توضيحية


تشهد الفترة الأخيرة تصعيدًا مستمرًا وخطيرًا بين كل من إيران و«الحوثيين» من ناحية، والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة، وعلى رأسهم السعودية والإمارات؛ بسبب مضيقى باب المندب وهرمز.


وما زال هذا الأمر يثير الكثير من المخاوف على مستقبل الملاحة البحرية في المنطقة، كما طرح هذا الصراع سؤالا مهما حول تأثير هذا الصراع على قناة السويس، لاسيما في حال إغلاق هذين الممرين المهمين، وهل يمكن لمصر أن تتدخل عسكريًا أو تشارك في التحالف الذي قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه سيتم تشكيله في حال قيام إيران بإغلاق باب المندب؟


باب المندب

أكدت دراسة حديثة تحت عنوان: «قناة السويس هي الخاسر الأكبر»، أن عدد السفن التي تمر بـ«مضيق باب المندب» هو عدد السفن التي يمر بقناة السويس؛ إذ إن هذه الممرات مسئولة عن قرابة 12% من حركة التجارة العالمية، وإذا كانت هناك شركة فرنسية أو إسبانية تريد أن ترسل بضائع إلى الهند، أو شرقي آسيا، فإن الطريق الأمثل يمر بقناة السويس ثم البحر الأحمر ثم «باب المندب» فالمحيط الهندي؛ لذلك فغلق المضيق يعني عمليًا غلق قناة السويس، التي تختصر زمن الرحلة بين آسيا وأوروبا بنحو 15 يومًا في المتوسط».


وأضافت الدراسة: «تمثل قناة السويس المصدر الثالث أو الرابع للدخل القومي المصري، بالتبادل مع النفط، وبعد تحويلات المصريين في الخارج وإيرادات السياحة، ومع غلق مضيق باب المندب ستخسر مصر حوالي 5 مليارات دولار على الأقل من عائدات القناة السنوية، وربما أدى ذلك على المدى الطويل إلى إيجاد ترتيبات لوجيستية للتجارة البحرية العالمية بعيدًا عن المنطقة المضطربة، لا سيما بالنظر إلى الخشية السعودية من القدرات المتزايدة للحوثيين، وهو ما يعني أن المزيد من الدول والشركات الكبرى قد تتوقف عن استخدام ممر السويس الملاحي».


ونوهت الدراسة إلى أن «كل هذا الاهتمام من قِبل القوى الكبرى والإقليمية للسيطرة على مضيق باب المندب يجعله مرشَّحًا بقوة لأن يتحوّل في الفترة المقبلة إلى ساحة لتصفية الحسابات بين الدول، خاصة في ظل التقاطعات والتجاذبات الدولية والإقليمية».


ويقول الخبراء، إن أهمية مضيق باب المندب تكمن في أنه أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها احتضانا للسفن، ويربط بين البحر الأحمر وخليج عدن الذي تمر منه كل عام 25 ألف سفينة تمثل 7% من الملاحة العالمية، وتزيد أهميته بسبب ارتباطه بقناة السويس وممر مضيق هرمز.


وبالتالي تبقى أهمية باب المندب مرتبطة ببقاء قناة السويس أولا ومضيق هرمز ثانيا مفتوحين للملاحة، أمام ناقلات النفط خاصة، وأي تهديد لهذين الممرين أو قناة السويس وحدها يحول السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح.


ومن الناحية الاستراتيجية والعسكرية، سعت دول إقليمية ودولية إلى إنشاء قواعد عسكرية قرب المضيق، بهدف التحكم بحركة المرور البحري. ومع تصاعد الأزمة في اليمن بدأ الحديث مجددًا عن أهمية المضيق، كما أن أهمية المضيق دفعت مصر لمحاولة السيطرة عليه خلال حرب 1973 لمنع مرور السفن الإسرائيلية.


وأوضح تقرير لشبكة «سي إن بي سي عربية»، أن مضيق باب المندب له أهمية استراتيجية قوية جدا، لعدة دول على مستوى نقل النفط والبضائع، وسيترتب على احتمالية إغلاق المضيق إعاقة وصول ناقلات النفط من الخليج إلى قناة السويس، وارتفاع في تكاليف الشحن بإضافة 6 آلاف ميل بحري زيادة بالنسبة للناقلات التي ستعبره، وتوقعات بوصول التكاليف الإضافية للنقل لأكثر من 45 مليون دولار يوميًا.


ويقول الخبراء، إن أهمية «باب المندب» تزداد بسبب ارتباطه بقناة السويس وممر مضيق هرمز، فهو مهم أولًا لمصر ثم للسعودية ودول الخليج ثم لإيريتريا وجيبوتي ومن بعدهما إثيوبيا والصومال، ثم للغرب كله.


فائدة امتلاك مصر لحاملة الطائرات الفرنسية «ميسترال»

ويقول الخبراء إنه في ظل ما يشهده باب المندب من انتشار غير مسبوق للقواعد العسكرية الأجنبية في المنطقة، التي وإن كان تواجدها يوفر الأمن والسلامة لحركة الملاحة الدولية، إلا أن «صراع النفوذ» على المنطقة ينذر بخطر شديد، وحين ذاك فإن حمم البركان لن تستثني أحدا.


ووفقًا لخبير عسكري، فإن مصر تحتاج لحاملة طائرات الهليكوبتر الفرنسية "ميسترال" لحماية قناة السويس الإستراتيجية وحقول الغاز، حيث إن مصر مجاورة لبحرين تربطهما قناة السويس، مضيفًا أن القناة بالقرب من باب المندب ويجب حماية هذه المنطقة.


إغلاق باب المندب

يؤكد الكثير من الخبراء والمراقبين أن إغلاق مضيق باب المندب لأي سبب كان، سيؤدي إلى أضرار كبيرة على الحركة التجارية العالمية بالكامل، وليس تجارة النفط فقط، لذلك فإن إغلاق المضيق سيمنع وصول ناقلات النفط من دول الخليج إلى قناة السويس وخط سوميد الذي يتم من خلاله نقل النفط من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط فالأسواق الأوروبية والأمريكية، وستكون دول الخليج هي المتضرر الأكبر من إغلاق باب المندب


وبالنسبة لمصر فإن إغلاق المضيق يعني إغلاق قناة السويس. فبحسب الإحصاءات فإن قناة السويس تدر أكثر من 5 مليارات دولار سنويًا لمصر من خلال التجارة التي تمر بها، إلا أن أكثر من 98% من السفن تدخل إلى قناة السويس وتمر عبر باب المندب. وهو الأمر الذي لا تختلف فيه مصر عن السعودية لناحية وضعها الاقتصادي الأصعب، لنقول إن القاهرة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما تعتبره جزءًا من أمنها القومي، لكن ترجمة ذلك عسكريًا، تحتاج للكثير من الدراسة، في ظل وضع الصراع الحالي المعقد.


وبالنسبة لواشنطن والغرب فإن أمريكا سعت ونظرًا لأهمية باب المندب في التجارة العالمية وحركة النقل للنفط والبضائع، لوضع يدها على المضيق ولو بالوكالة إلى جانب محاولة التحكم المروري به، فقد قامت واشنطن بإنشاء قواعد عسكرية بالقرب من المضيق، وهو ما يتمثل بقاعدة جيبوتي العسكرية والتي تقع من جهة الضفة الغربية للمضيق، ولا شك أن واشنطن التي باتت في الآونة الأخيرة تظهر عدم حاجتها لنفط الشرق الأوسط، لكنها بالتأكيد تحتاج لنقاط عبورٍ تخدمها من الناحية العسكرية في صراعها في المنطقة لا سيما مع الصين وإيران، وهو ما قد يبرر دعمها للتحالف الذي تقوده السعودية والحرب على اليمن.


مضيق هرمز

وبحسب معلومات صادرة من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن مضيق هرمز احتل المرتبة الأولى لست سنوات متتالية بين الممرات البحرية الدولية المستخدمة لنقل وتجارة النفط، وأوضحت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أنه تم نقل 5ر18 مليون برميل من النفط يوميًا خلال 2016 عبر مضيق هرمز،  وأن قرابة 80 بالمائة من النفط المستخرج في السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة والعراق، تم نقلها عبر مضيق هرمز إلى الأسواق الآسيوية.


وجاء مضيق ملقا القريب من سواحل ماليزيا في المرتبة الثانية بين الممرات البحرية التي تم استخدامها بكثرة خلال 2016 لنقل النفط، بمعدل يومي وصل إلى 16 مليون برميل، وجاءت قناة السويس في المرتبة الثالثة بمعدل 5ر5 مليون برميل يوميًا، ومضيق باب المندب رابعًا بمعدل 8ر4 مليون برميل يوميًا.


الخاسرون من إغلاق مضيق هرمز

يقول الخبراء، إنه نظرا للأهمية التجارية والاقتصادية للمضيق، فإن إغلاق مضيق هرمز سيترتب عليه الكثير من التداعيات الخطيرة على المنطقة العربية، والكثير من الدول.


فسوف تكون إيران أكبر الخاسرين من غلق مضيق هرمز، لكونها تعتمد عليه فى تصدير النفط الخام إلى دول آسيا، خاصة الصين أكبر المستوردين منها.


وكذلك إيطاليا، وإسبانيا، واليونان من أكثر الدول الأوروبية المتضرّرة من إغلاق مضيق هرمز، لأنها تستورد النفط الإيراني بالائتمان، بعد أن توقّفت روسيا عن تصديره إليها بسبب تجميد اتفاق تعاون عسكرى بين البلدين (اليونان وروسيا)، ويبلغ إجمالى ما تستورده الدول الأوروبية من النفط الإيراني 450 ألف برميل نفط يوميًا، أى بنسبة 18% من إجمالي الصادرات الإيرانية البالغة 2.7 مليون برميل نفط يوميًا.


وستلجأ العديد من الدول إلى تصدير النفط والغاز الطبيعى عبر الأنابيب مثل المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة.


وستضطر الدول العربية لشق قناة مائية على غرار قناة السويس تربط بين الخليج العربي وخليج عمان، وتقوم عند أقرب نقطة بين الخليجين، أى فى أقصى شمال شرق الأراضى العمانية بين شبه الجزيرة العمانية الممتدّة فى مضيق هرمز، وبين خطى عرض 26 شمالا وطول 56 شرقًا، وتؤمّن هذه القناة مدخولا ماليًا مذهلا لسلطنة عمان والدول الخليجية المساهمة فى إنشائها.


وقال الخبير في النقل البحري، عضو مجلس إدارة قناة السويس السابق وائل قدورة، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية، إن تهديد باب المندب يحمل تأثيرات عدة لا تعني مصر وحدها، فلا شك أن مضيق باب المندب وهو المدخل الجنوبي لقناة السويس هام للغاية لمصر، والتوترات فيه وحوله تؤثر بكل تأكيد على قناة السويس".


وأضاف قدورة قائلا "لكن يجب تصنيف التأثيرات لأنها غير متساوية، فالتأثير الأول هو ارتفاع المخاطرة نتيجة مرور القطع البحرية في المضيق، وهو تأثير مزدوج، لأنه من ناحية يرفع تكلفة اتخاذ السفن مسار المرور في قناة السويس، لأن شركات التأمين ترفع قيمة التأمين على السفن وحمولاتها، وبالتالي ترتفع قيمة اتخاذ مسار مرور قناة السويس، وهو ما يخفض تنافسية القناة، ويدفع السفن لاتخاذ مسارات بديلة، والجانب الثاني من التأثير، هو أن ارتفاع المخاطر في باب المندب يؤدي إلى ارتفاع أسعار البترول، وتنافسية قناة السويس ترتفع بارتفاع أسعار البترول، ما يعني إقبال حاملات البترول على القناة، لذا فالتأثير مزدوج عندما يقف الأمر عن التوتر أو ارتفاع المخاطرة".


وتابع موضحا أن المستوى الثاني من التهديد هو توقف الملاحة تماما في مضيق باب المندب، وهو ما يعني بطبيعة الحال توقف المرور تقريبا في قناة السويس، ولكن هنا ستتجاوز الأزمة المصالح المصرية لتصبح تهديد لحركة التجارة العالمية، وتمر 8 بالمئة من إجمالي التجارة العالمية من مضيق باب المندب، وهو ما سيدفع كل الدول المضارة للتحرك لتأمين المضيق، ومنها مصر بالطبع.


وأضاف قدورة "لا شك أن الوصول لمرحلة توقف الملاحة بالكامل عبر المضيق أمر صعب للغاية، فقبل الوصول لتلك المرحلة سيسبقها بالتأكيد تحركات للدول المضارة وللمجتمع الدولي على غرار التحرك ضد القرصنة قبالة السواحل الصومالية قبل أكثر من عشر سنوات".


ومن جهته أكد أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس المصري للعلاقات الخارجية أيمن سلامة، لوكالة "سبوتنيك"، أن مصر أمامها خطوات قانونية يمكن أن تلجأ إليها إذا ما تضررت مصالحها، موضحا أن "مضيق باب المندب ممر ملاحي دولي، وتهديد الملاحة فيه جريمة دولية بموجب القانون الدولي".


وأضاف: "قناة السويس بوصفها ممر عالمي للملاحة ترتبط ارتباطا وثيقا بمضيق باب المندب، ومن شأن أي تهديد للمضيق أن يؤثر على بشكل مباشر وفوري على الملاحة في القناة، وهو ما يلحق ضررا بمصر ويحق لها التحرك لإزالة التهديد".


وأوضح سلامة أن "خيارات مصر في التحرك لحماية مصالحها متعددة، وأولها إخطار مجلس الأمن بضرورة عقد جلسة عاجلة للنظر في الأمر، وأن تؤكد في الإخطار على ضرورة اضطلاع المجلس ولجنة العقوبات به بتنفيذ القرار 2216 الصادر في مايو 2015 والخاص بحظر تصدير الأسلحة والذخائر والمركبات لميليشيات الحوثي وقوات علي عبد الله الصالح، فضلا عن مصادرة المهربات الممنوعة للميليشيات".


كما أكد وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري يحيى كدواني، لوكالة "سبوتنيك"، أن أي تحرك مصري "ستكون له حسابات ولن يكون مرتجلا فمضيق باب المندب شريان ملاحي هام لقناة السويس وللتجارة العالمية، وأي تهديد له سيكون محل اهتمام العالم، وإذا أقدم الحوثيون على تهديد الملاحة بالمضيق سيقف العالم لتأمينه".


وأضاف كدواني "مصر بكل مؤسساتها مهتمة بالملاحة في مضيق باب المندب لأن دخل قناة السويس من أهم موارد مصر الاقتصادية، ولكن مصر داعية سلام، وحريصة على عدم التدخل في شئون اليمن، وإذا تهددت الملاحة في المضيق فهناك عدة سيناريوهات آخرها بالطبع التدخل العسكري، والذي سيكون مهمة أطراف عدة وليس طرفًا واحدًا، كما أن أي تدخل سيكون لتأمين الملاحة في المضيق وليس بهدف التدخل في الشأن اليمني، التدخل حل أخير وغير مرحب به".


من جانبه يقول العميد صفوت الزيات الخبير العسكري والاستراتيجي، هناك عدد من الحقائق لابد من أخذها في الحسبان عند مناقشة هذا الموضوع، أولها أن إيران غير قادرة على إغلاق مضيق باب المندب بشكل كامل، لأن عرض المضيق والممرات الداخلة والخارجة للحركة الملاحية التجارية لا يتيح لإيران إغلاقه بالكامل، لاسيما في ظل القدرة العسكرية الأمريكية المقدرة وغير المسبوقة، لكن إيران لديها القدرة على العرقلة، بمعنى القيام بعمليات نوعية مثل استخدام الألغام في تفجير حاملات النفط، أو مهاجمة الناقلات بزوارق مسلحة سريعة، أو إطلاق الصواريخ المضادة للسفن، فهذه الأعمال وإن لم تؤد إلى حدوث خسائر كبيرة لناقلات النفط، ولكنها رسالة لشركات صناعة النفط العالمية بأن تتوقف عن استخدام المضايق حتى يتم تأمينها بشكل كامل، وبالتالي إيران تراهن على أن مجرد حادث في هذين المضيقين كفيل بامتناع مؤسسات صناعة النقل الملاحي العالمي بالتوقف، وأن إيران تمتلك القدرة على عرقلة الملاحة في المضيقين سواء عبر وكلائها الحوثيين في باب المندب أو عبر الحرس الثوري الإيراني في مضيق هرمز.


وأشار إلى أن إيران أجرت مناورات عسكرية بواسطة الحرس الثوري وأظهرت قدرات كبيرة على مهاجمة السفن وناقلات النفط، والحرس الثوري الإيراني ينتهج سياسة حرب العصابات، ولا يستخدم القوة التقليدية بالمعنى المتعارف عليه، فهو يعتمد على بث ألغام وزوارق سريعة، وبدأ حديثا يستخدم الطائرات بدون طيار المحملة بالمتفجرات، وأصبحت هذه التقنية في يد البسطاء، وسلاحهم، وتستخدم في الاغتيالات، كما حدث في محاولة اغتيال الرئيس الفنزويلي، كما أن إيران تدرك القوة البحرية الأمريكية، وتدرك ضعف القوى الإقليمية.


وأكد «الزيات»، أنه لا توجد قوى إقليمية قادرة على تأمين المضايق، وأن القوى الوحيدة القادرة على تأمين المضايق هي الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا إلى أن الخوف يكون من الحسابات الخاطئة التي يمكن أن تحدث من جانب الحرس الثوري الإيراني، لأنه تنظيم عقائدي، إذا قام بضرب سفينة أمريكية بالصواريخ أو المقذوفات، فسوف تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بشن حملة عسكرية على إيران، لافتا إلى أن إيران تدرك أن أمريكا عملاق عسكري فقد شهيته للحرب، بعد التدخل في العراق وأفغانستان، خاصة وأنها لم تجلب مصالح كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية، منوها إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية نجحت عبر قنوات سرية مع إيران في إعادة فتح باب المندب أمام الملاحة الدولية، بعد حادث ضرب سفينة النفط السعودية، وبالتالي إيران قدمت أوراق اعتمادها من خلال قدرة الحوثيين على عرقلة الملاحة في مضيق هرمز، وقدرتها هي على تهديد الملاحة في باب المندب.


وتابع الخبير العسكري والاستراتيجي، أن الولايات المتحدة تحتاج «4» أسابيع لتأمين مضيق باب المندب بالكامل، في حال نشوب نزاع مسلح مع إيران، مشيرا إلى أن هناك الكثير من المؤشرات التي تكشف عن أن الموضوع سوف ينتهى بالتفاوض كما حدث مع كوريا الشمالية، وهذا سوف يطرح الكثير من التساؤلات حول رهانات الدول العربية على دور أمريكي لمواجهة التمدد الإيراني في المنطقة.


واستبعد «الزيات»، قيام إسرائيل بتشكيل تحالف عربي لمواجهة إيران، مشيرا إلى أن «صفقة القرن» تعرضت لضربة قوية الفترة الماضية، بعد إعلان عدد من الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة تحفظهم عليها، وبالتالي ما كان يتم الحديث عنه خلال الفترة الماضية من تشكيل ناتو عربي لمواجهة إيران ما هو إلا تصريحات إعلامية، مشيرا إلى أن إسرائيل لا تستطيع القيام بأي عمل عسكري خارج أراضيها إلا بضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لن تقوم بعمل تحالف يهدد وجودها كقوى كبرى في منطقة الشرق الأوسط، وأن هناك أكثر من قوى دولية بحرية موجودة في منطقة الشرق الأوسط، وتتحكم في الملاحة البحرية في المنطقة.


وأكد أن المزاج العربي والرأي العام العربي والموقف الأمريكي لن يسمح لإسرائيل بتشكيل تحالف عسكري لمواجهة إيران، لأنه لا توجد قوى بحرية إقليمية قادرة على تأمين باب المندب سوى الولايات المتحدة الأمريكية والقوى البحرية التي تعمل تحت إشرافها، وبالتالي المنطقة أمام طرف إقليمي ماهر للغاية يعرف إدارة أوراقه، وهو الطرف الإيراني، وطرف آخر قوى وعملاق عسكريا، وهو الولايات المتحدة الأمريكية، وكلاهما يحاور الآخر دون الانزلاق في مواجهة عسكرية مباشرة، وكلاهما يعرف نقاط ضعف وقوة الطرف الآخر، مؤكدا أن هذه الحرب الباردة بين الطرفين ربما لن تصل إلى مواجهة عسكرية، وغالبا سوف تنتهى بالتفاوض، ما لم تكن هناك حسابات خاطئة من جانب الحرس الثورى الإيراني، تشعل حربًا محدودة بين الولايات المتحدة وإيران، رغم أن إيران هي الخاسر الأكبر في هذه المعركة.


من ناحيته، يقول اللواء نبيل فؤاد، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن التهديدات الإيرانية موضوعة في التقديرات، مشيرا إلى أن لكل فعل رد فعل، وبالتالي لو تم حرمان إيران من تصدير نفطها، فمن حقها أن تمنع الآخرين من تصدير نفطهم، لاسيما وأنها ليست المرة الأولى التي تعلن فيها إيران أنها سوف تقوم بإغلاق باب المندب أو مضيق هرمز، فقد حدث ذلك أكثر من مرة، وأنها شكلت تهديدًا للأسطول الأمريكي الخامس في الخليج، مستبعدا نشوب مواجهة عسكرية مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بسبب موضوع المضايق، لأن الطرفين سيخسران.


وأكد الخبير العسكري، أن إيران لن تستطيع إغلاق باب المندب، لأن الأطراف المتضررة من الإغلاق كثيرة، وهي ليست لديها القدرة العسكرية على مواجهة كل هذه الأطراف، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية ومصر، مشيرا إلى مصر أغلقت باب المندب خلال حرب 1973 أمام إسرائيل، وهذا دفع إسرائيل إلى تهديد إيران وتحذيرها من إغلاق المضيق، لما له من تأثير على إيلات.


وأكد «فؤاد» أن مصر ستكون طرفًا في أي عمل عسكري، لو تم إغلاق «باب المندب» من قبل إيران، مشيرا إلى أن مصر لا دخل لها بمضيق هرمز، لأنه لا يؤثر على قناة السويس، لافتا إلى أن إيران ستفكر ألف مرة قبل تنفيذ تهديداتها، لاسيما وأنها تدرك مدى قوة الدول التي سوف تقف أمامها في حال تنفيذ تهديداتها.