رئيس التحرير
خالد مهران

السيسي.. الظالم والمظلوم (ملف شامل)

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


لم يكن عبد الفتاح السيسي أول رئيس يتعرض لـ«الانتقادات الشديدة»؛ بسبب السياسات التي يتبعها، ثم يراها المعارضون أنها كانت سببًا في الأزمات التي تعصف بالدولة؛ فالرئيس يهتم بتسليح الجيش، وتدشين مشروعات قومية، ويتخذ قرارات صعبة مثل رفع أسعار الوقود.


ويرى كثيرون أن هذه السياسات «دمرت الاقتصاد»، وأضرت بالفقراء، في حين تظهر وجهة نظر أخرى تشير إلى أن هذه القرارات، وتلك السياسات، سيكون لها فوائد في المستقبل، وسيأتي اليوم الذي «نندم» فيه على انتقاد و«ظلم» السيسي؛ بحجة أن كل رئيس ظهرت معارضات لسياساته، ثم اكتشف الجميع أنه كان يعمل لصالح البلد، أو على الأقل، أن الأوضاع في عهده «كانت أفضل».


فبالرغم من الثورة على «مبارك»، وخلعه؛ إلا أن ملايين المصريين يرددون الآن جملة: «ولا يوم من أيامك يا أبو علاء»، مشيرين إلى أن الأسعار لم تكن بهذا «التوحش»، ولم يكن الإرهاب منتشرًا بهذا الشكل في سيناء.


وفي السنة التي حكم فيها محمد مرسي البلاد لم يزد سعر الدولار عن 6.20، ومع ذلك كانت الأبواق الإعلامية تبشر بـ«انهيار البلاد»، ولكن بعد وصول سعر الدولار لمستويات غير مسبوقة في عهد السيسي، شعر الجميع أن فترة «المعزول» كانت أفضل، حتى الاتهامات بـ«التفريط» في سيناء، لم تكن حقيقية، ثم جاء اليوم الذي شاهد فيه المصريون النظام وهو يتنازل عن «تيران وصنافير».


الحديث السابق يفتح مجالًا للحديث عن القرارات والسياسات التي يتبعها السيسي: أول هذه السياسات الاهتمام بـ«تسليح الجيش»، فهناك وجهات نظر تؤكد أن هذا الأمر استنزف الاقتصاد، بينما يرى آخرون أن هذه السياسة ضرورية، خاصة في ظل الأوضاع غير المستقرة في الشرق الأوسط.


أما المشروعات القومية، فيراها البعض «فنكوش»، في حين يؤكد خبراء اقتصاد أن هذه المشروعات سيكون لها فوائد مستقبلية.


وفي حين تشهد البلاد حاليًا ثورة غضب؛ بسبب قرارات زيادة أسعار الوقود والكهرباء، يؤكد النظام أن هذه الإجراءات الصعبة ضرورية لـ«بناء الاقتصاد»، والملف التالي يتناول الحديث عن كل تلك السياسات؛ ومدى ضررها ونفعها للدولة، لنعرف: هل السيسي ظالم أم مظلوم؟


1- «صفقات التسليح».. استنزاف لـ«الاقتصاد» أم ضرورة لـ«الحروب المحتملة»؟


منذ وصول السيسي للحكم، عقد عددًا كبيرًا من صفقات التسليح؛ لتعزيز قدرة القوات المسلحة، وتدعيم الجيش، ولكن دائمًا ما يثار الحديث الخاص بالمبالغ الطائلة التي تنفقها الدولة للحصول على المعدات العسكرية في ظل اقتصاد الدولة «الضعيف»، ففي عام 2016، كانت تكلفة صفقات التسليح 10 مليارات دولار، وجاءت روسيا في المرتبة الأولى من حيث صفقات التسليح مع مصر، ومن أهم الأسلحة التي حصلت عليها القاهرة: بطاريات صواريخ مضادة للطائرات من طراز «إس300»، بقيمة نصف مليار دولار، إضافة إلى «سربي» طائرات «ميج 35»، وصفقة طائرات «ميج 29»، وطائرات عمودية من نوع «إم.آي 35»، بتكلفة 3 مليارات دولار، ومنظومات «بريزيدنت-إس» لحماية الطائرات والمروحيات من صواريخ «أرض -جو» و«جو-جو»، وصفقة الصواريخ المضادة للطائرات «أنتي – 2500»، بـ500 مليون دولار، وصواريخ الـ «S-300»، وطائرات «ميج 29 إم»، ومقاتلات «سو 30».


أما أمريكا فحصلت مصر منها على 5 أبراج لدبابات من طراز «أبرامز إم1 إيه1»، 10 مروحيات «أباتشي»، طائرات «F 16»، بينما حصلت مصر من الصين على طائرة «جي – 31 المقاتلة»، والمعروفة بالـ«الشبح»، وحصلت من فرنسا على صفقة حاملة المروحيات من طراز «ميسترال»، وتصل تكلفتها الإجمالية نحو 600 مليون دولار أمريكي، ووقع البلدان اتفاقية لشراء أسلحة تشمل طائرات مقاتلة وسفنًا حربية ونظام اتصالات عسكريا بقيمة 1.1 مليار دولار، كما اشترت مصر 24 طائرة «رافال».


كما استطاعت مصر التوقيع على صفقة ألمانية تسمح لها بالحصول على 4 غواصات من طراز «دولفين».


وبالرغم من الانتقادات المتصاعدة لاهتمام السيسي بتسليح الجيش، وإنفاق كل هذه المليارات، في وقت يعاني فيه اقتصاد الدولة، إلا أن هناك أسبابًا مهمة لتسليح الجيش ومنها: المخاطر الإقليمية والدولية، والداخلية، إضافة إلى المخاطر الخاصة بالحدود، والعداء القديم مع إسرائيل، والتوترات الإقليمية.


اللواء حمدي بخيت، عضو المكتب السياسي لـ«دعم مصر»، والخبير العسكري، قال إن صفقات الأسلحة لا غني عنها؛ لأن القوات المسلحة «مستهدفة»، ومسرح الحرب الخاص بها «ممتد»، مشيرًا إلى كثرة الأعداء، لافتًا إلى أنه إذا لم تعمل الدولة على تقوية الجيش، فلن يحترمنا العالم، و«اللي عايز يلعب بيك هيلعب».


وأضاف «بخيت»، أن الجيش له علامات تفوق، ومنها أكثر من نصف مليون مجند، وامتلاك أحدث أسلحة الترسانة العالمية، مشيرًا إلى أن العالم ينظر للجيش المصري على أنه «قوة يتعمل لها حساب».


وبخصوص وجود آثار سيئة على الاقتصاد بسبب التكلفة المالية العالية لـ«صفقات التسليح»، قال الخبير العسكري: «ده كلام أهبل وعبيط وخال من الرؤية.. لو مفيش جيش قوي.. لن نبني اقتصادًا قويًا، ولن يكون هناك بعد اجتماعي قوي».


وتابع: «مفيش مستثمر سيعمل في دولة جيشها مخروم.. ما الذي يضمن استثماراته»، مشيرًا إلى أن من يرددون حديث التأثير السيئ على الاقتصاد بسبب التسليح، «مجرد صيع هدفهم تقويض الدولة».


واستكمل: «السيسي يؤمن أن الدولة بدون جيش قوي، لا قيمة لها».


في نفس السياق، قال اللواء نبيل فؤاد، مساعد وزير الدفاع الأسبق، إن أي دولة يجب أن تكون في حالة توازن أو تفوق عسكري، مع الدول الحدودية لها، أو دول الإقليم الذي تربطه به مصالح مؤثرة، من هذا المنطلق، مصر يجب أن يكون لديها تفوق أو توازن عسكري على الأقل مع دول مثل إسرائيل وليبيا والسودان.


وتابع: «هناك شيء اسمه القوة الشاملة للدولة، وهي تشمل: القوة البشرية، الدبلوماسية، الاقتصادية، والقوة العسكرية أحد عناصر هذه القوة الشاملة».


وقال الخبير العسكري، إن مصر تواجه أخطارًا على الحدود مثل ليبيا التي توجد فيها جماعات إرهابية، وفي هذه الحالة «السلاح يجب أن يكون قبل الخبز».


وتابع: «السيسي مهتم بالجيش، خاصة أن الظروف المحيطة ليست هادئة، سواء في سيناء، أو على الحدود الغربية، والقوة العسكرية تحقق الردع الذي يعني الإعلان عن القوة العسكرية دون استخدامها».



2- «المشروعات القومية».. هل يخدع الرئيس المصريين بـ«الفنكوش»؟


دائمًا ما يتعرض السيسي للانتقادات الحادة؛ بسبب المشروعات الكبرى التي يعول عليها في تحقيق التنمية المطلوبة، وتحسين مستوى الاقتصاد، وهو الخطاب الذي سعت الآلة الإعلامية للنظام في التسويق له طوال السنوات الماضية، وأبرز مثال على ذلك ما قامت به الصحف والقنوات من تصوير مشروع قناة السويس الجديدة بأنها ستكون «مشروع القرن».


بينما يرى المعارضون للنظام، أن هذه المشروعات «مجرد فنكوش»، ولم تخضع للدراسات العلمية، ودراسات الجدوى، وأن هذه المشروعات كانت سببًا في «شفط» ميزانية الدولة.


ومن أهم المشروعات التي تعرض الرئيس للانتقاد بسببها: مشروع قناة السويس، واعتمد هذا المشروع على إنشاء قناة جديدة موازية للقناة الأصلية، وتحويل المنطقة من مجرد معبر تجاري إلى مركز صناعي ولوجستي عالمي، وبلغت تكلفة أعمال حفر القناة الجديدة 8 مليارات دولار.


ومن المشروعات الأخرى، المليون وحدة سكنية، وهو المشروع الذي أعلن عنه في 9 مارس 2014.


ومن المشروعات التي تثير جدًلا واسعًا، مشروع المليون فدان، والمشروع القومي لـ«تنمية سيناء».


أما مشروع الشبكة القومية، للطرق، فيستهدف إقامة الشبكة القومية للطرق بطول 30 ألف كيلومتر، ثم يأتي مشروع العاصمة الإدارية، ليثير هو الآخر جدلًا.


وعندما تم توجيه الانتقادات للسيسي بسبب هذه المشروعات رد قائلا: «إن الدولة تنفذ ثلاثة مشروعات حالية لزيادة الإنتاج وتوفير السلع بأسعار مناسبة لدخول المواطنين».


وعن المشروعات الكبرى، يقول أمين إسكندر، القيادي الناصري، إن هذه المشروعات لا تجمعها خطة واحدة، ولم يتم إجراء حوار بشأنها مع المواطنين؛ فـ«التمويل» مجهول، والمدة الزمنية للانتهاء من هذه المشروعات مجهولة، وأكبر دليل ما حدث في العاصمة الإدارية الجديدة، وانسحاب بعض الشركات من العمل فيها.


وأضاف «إسكندر»، أن هناك تضاربًا شديدًا في إدارة هذه المشروعات، مثلا مشروع المليون ونصف المليون فدان، هل نملك كمية المياه اللازمة له في ظل الأزمة التي تعاني منها الدولة؟ ومياه الآبار ما المدة التي ستقضيها في خدمة هذا المشروع، كل هذه الأسئلة أسئلة محترمة، ولابد من فتح حوار بشأنها.


وتابع: «هل بالفعل الدولة بنت مليون شقة سكنية، وسؤال آخر لابد من معرفة الأزمة: هل الأزمة في الشقق أم في القدرة الشرائية، هذه الأمور تحتاج إلى حوار مجتمعي، لابد أن يكون فيه رئيس يحترم الشعب، ورئيس وزراء يحترم الشعب، ولكن التضارب هو سيد الموقف، لا توجد رؤية عند الرئيس، أو السلطة التنفيذية، ولا توجد رقابة».


وقال أيضًا إنه لا يستطيع أحد ظلم الحاكم، ولكن لابد من طرح عدة أسئلة: اين رؤية الرئيس، أين برنامج الرئيس، أين خطة الرئيس؟ شبكة الطرق التي يتحدث عنها السيسي، كان هدفها الاستثمار، وتعيين عدد من قيادات الجيش المتقاعدين حتى يحصلوا على رواتب، العاصمة الإدارية الجديدة صرفت مليارات، ولم يفتح السيسي حوارًا بشأنها مع الشعب.


وختم: «أسامة عسكر حصل على 10 مليارات جنيه لتنمية سيناء.. هل حدثت هذه التنمية، وأين أسامة عسكر نفسه؟».


في سياق مختلف، قال هاني الحسيني، الخبير الاقتصادي، وعضو الهيئة العليا لحزب «التجمع»، إن المشروعات القومية التي ينفذها السيسي تنقسم لنوعين رئيسيين؛ النوع الأول: مشروعات البنية الأساسية، وهي مشروعات بعيدة المدى، بمعنى أنها لا تعطي عائدًا فوريًا، ومنها مشروعات الكهرباء التي ستغذي الصناعات المصرية على المدى البعيد، وكذلك مشروعات الطرق التي ستساعد مستقبلًا في سرعة وسهولة نقل البضائع.


وتابع: «من مشروعات البنية الأساسية أيضًا مشروع قناة السويس، وهو مشروع قديم من أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والجديد فيه هو إنشاء المنطقة الصناعية التي سيكون فيها مشروعات خادمة للنقل البحري».


وهاجم «الحسيني» من يطلقون كلمة «ترعة» على هذا المشروع قائلًا: «الكلام عن أن هذا المشروع مجرد ترعة هو كلام ناس قاعدة على القهوة لا تفقه شيئًا»، لافتًا إلى أن هذا المشروع «ممتد»، وفوائده ستكون على المدى البعيد.


وأضاف «الحسيني»، أن هناك مشروعات أخرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة، والمدن السكنية الجديدة، مشيرًا إلى أن هذه المشروعات هدفها توفير مورد مالي سريع للدولة.


ولفت الخبير الاقتصادي، إلى أن هذه النوعية هي مشروعات استثمارات عقارية، وهي مناسبة للاقتصاد المصري الذي يعتمد على «الريع»، مشيرًا إلى أن الكميات الكبيرة من الكهرباء والطاقة، تمنع الدولة من تنفيذ المشروعات الصناعية، وأن الدولة تتابع عملية إنهاض الصناعات التقليدية، مثل «الحديد والصلب»، و«الغزل والنسيج»، وهناك اتفاقيات دولية لإعادة «هيكلة» هذه المشروعات.


وتابع: «الحديث عن أن المشروعات التي ينفذها السيسي هي مشروعات فنكوش، هو كلام قهاوي، وللأسف هناك أناس كبار يرددون هذا الكلام.. وهؤلاء يظلمون نظام السيسي»، منوهًا إلى أن السياسات الاقتصادية للدولة ليست صحيحة بنسبة 100%، ولكن قد تقع أخطاء.


وأكد «الحسيني»، أن مشروعات المدن الجديدة لها فوائد عظيمة من حيث «تشغيل الأيدي العاملة، وتشغيل شركات المقاولات، وهذه عوائد نسبية، كما أن العاصمة الجديدة ستجذب «الخلايجة» الذين يعشقون في الأصل الاستثمار العقاري الذي يقوم عليه في الأصل هذا المشروع، مضيفًا أن هناك اتفاقيات لصناعة السيارات، والنهوض بـ«صناعات الحديد والصلب».


3- «القرارات الصعبة».. كيف تنقذ الحكومة الميزانية بـ«صعق مصلحة المواطن»؟!



يتحدث السيسي دائمًا عن «القرارات المؤلمة»، ودورها في النهوض بـ«الاقتصاد»، بل يراها «دواءً مرًا» لا مفر منه، ويراهن على صبر المصريين لتحمل هذه القرارات «الصعبة».


ولكن على أرض الواقع، فإن هناك غضبًا اجتماعيًا ضد هذه القرارات، والغالبية العظمى من الشعب، لا تعبر عن هذا الغضب في صورة احتجاجات خوفًا من الإجراءات التي تتخذها الدولة.


في 3 نوفمبر 2016، أعلن «البنك المركزي»، تحرير سعر صرف العملة، وتحديد سعر «استرشادي» للدولار الأمريكي أمام العملة المحلية بقيمة 13 جنيهًا، وبررت الحكومة هذه الخطوة بالسعي نحو تقليص الفجوة بين سعر الدولار الرسمي، وقيمته في السوق السوداء.


كما برر الرئيس هذا القرار قائلًا: «لما خدنا قرار تعويم الجنيه كنا عارفين إنه هتكون ليه تأثيرات صعبة على كل المصريين، بس إحنا كنا عارفين كمان إنه هيدي فرصة حقيقية لمصر إنها تصدر صناعة وزراعة بشكل كبير».


استمرت القرارات «المؤلمة» التي قصمت ظهر المصريين؛ ففي 23 مارس 2017، صدر قرار زيادة سعر تذكرة المترو إلى جنيهين للتذكرة الكاملة، وجنيه ونصف الجنيه لـ«الأنصاف»، وجنيه لذوى الاحتياجات الخاصة.


أما آخر القرار المؤلمة، فكان قرار رفع أسعار الوقود بنسب تراوحت بين 42 و55 في المئة، كما ارتفع سعر أسطوانة الغاز إلى الضعف، من 15 إلى ثلاثين جنيهًا.


وتعد زيادة الوقود تلك هي الثانية منذ قرار الحكومة تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية، والثالثة منذ تولي السيسي رئاسة الدولة.


ورغم الغضب الشعبي ضد هذه القرارات، إلا أن الحكومة ترى أن تلك القرارات كان محركها الرئيسي «إيجاد حلول جذرية بعيدًا عن المسكنات للمشكلات التي يواجهها الاقتصاد، كإرث ثقيل لعقود ماضية، وتحقيق نمو اقتصادي حقيقي».


والسؤال الآن: هل بالفعل هذه القرارات لها فوائد على الاقتصاد كما يردد السيسي، وكما تقول الحكومة.. أم أن الشعب المصري سيظل يكتوي بنارها إلى الأبد؟


في البداية.. يقول صلاح الدين فهمي، الخبير الاقتصادي، إن هذه القرارات هي في صالح «الاقتصاد القومي»، ولكنها ضد المواطن، مشيرًا إلى أن هذه القرارات، تشبه الطبيب الذي يجري عملية جراحية: «العملية تنجح ولكن المريض يموت»، لافتًا إلى أن المصريين عرفوا الآن ما يسمى بـ«الخميس الأسود» الذي دائمًا ما تصدر فيه القرارات الخاصة برفع الأسعار.


وتابع: «الدولة عندها مشكلة في التضخم.. تضخم رهيب.. البنك المركزي زود الفائدة 2 %، فاللي واخد 15 ألف من البنك مثلا، هيدفع 17، هذه الأمور ترهق المستثمر، والمقترض»، لافتًا إلى أن هذه القرارات في صالح الدولة، ولكن ليست في صالح المواطن.


في نفس السياق، قال وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن هذه القرارات تأثيرها سيئ على الاقتصاد، ولن يكون لها مردود في المستقبل، فماذا ستفعل الحكومة لو ارتفعت أسعار المشتقات البترولية عالميًا بصورة كبيرة، هل سيتم التعامل مع المواطنين بالأسعار العالمية، التي بالطبع لن يتحملونها، أم أن الدولة «هترجع الدعم تاني لو شالته».


وتابع: «الدين العام أصبح مثل كرة الثلج الضخمة.. هذا الأمر يحدث وهناك نسبة من الدعم، ولسه مصر في تلت الطريق مع صندوق النقد الدولي»، هناك عجز في الموازنة 10%، ومع استمرار هذه السياسات، الدين «هيزيد»، والفوائد أيضًا، حتى نصل  لمرحلة تكون كل الموارد حتى المخصصة للدعم، سيكون عليها فوائد.

وبشأن حديث الحكومة عن فوائد هذه القرارات، قال «النحاس»: «كلام الحكومة أحلام.. احتمال يكون من تأثير عفاريت عدلي علام»، مشيرًا إلى أن الحكومة عليها البحث عن موارد، تخفض العجز في الموازنة، تخفض أقساط الديون، حتى إذا حدثت أزمة في الاقتصاد العالمي، تظل الدولة «واقفة على رجلها»، ولكن استمرار تضخم الدين «هيكون ليه نهاية سودة».


وأشار «النحاس» إلى أن القرارات «المؤلمة» تعالج خللًا في الموازنة، ولكنها لا تكون سببًا في جلب الاستثمارات، دون معرفة الطريقة الخاصة بـ«تخفيض الدين».


في سياق مختلف قال الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين لـ«الدراسات السياسية والاقتصادية»، إن رفع الدعم يأتي ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي التي تقدمت بها الدولة لـ«صندوق النقد الدولي» منذ 4 سنوات، وهي خطة موضوعة من 2013، أي أنها ليست جديدة.


وتابع: «الدعم الموجه للمواد البترولية كان يستفيد منه غير المستحقين، ويأكل 35 % من الموازنة العامة للدولة، ورفع عن المواد البترولية يؤدي لوجود استقرار نسبي في الموازنة، وليس إصلاحًا كليًا؛ لأن هذه الموازنة توارثت أكثر من 85% من ديونها من النظم الاقتصادية السابقة.


وعن فوائد «القرارات المؤلمة» التي تتخذها الحكومة، قال «عامر»: هذه الفوائد تكون على المدى البعيد، بحيث يتم استقرار الدين، وتقليل حجم القروض.