رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حرب الفشل الغربي «8»

أحمد عز العرب - أرشيفية
أحمد عز العرب - أرشيفية


وقفنا في المقال السابق عند اقتراح اجناتيف وويستلر عن قيام الغرب بعمل حاسم سريع لإنقاذ الوضع بفرض منطقة حظر جوي بين حلب والحدود التركية، يتم فرضها بالقوة ولو أدى ذلك لخطر المواجهة مع روسيا، فقد يري بوتين أن التدخل في سوريا سيرتفع جدا فيتراجع بتقديم تنازلات تؤدي إلى مفاوضات جادة لوضع حد للمذبحة.

وتستطرد المجلة الألمانية قائلة، إن السعودية أعلنت أنها تريد إرسال جنود برية إلى سوريا؛ مما دفع رئيس وزراء روسيا مدفيديف إلى التهديد بأن إرسال قوات برية لسوريا قد يشعل حربا عالمية، ومع ذلك ليس هناك ما يشير إلى أن أمريكا لديها أي خطة لقيادة جيش لغزو سوريا على الأقل خلال الفترة الباقية من رئاسة أوباما.

وأغلب الاحتمالات، فإن بدءا من عام 2017 أن رئيسا جديدا في أمريكا سيكون أكثر استعدادا للتدخل البري في سوريا، وفي هذه الأثناء ربما يكون بشار الأسد قد كسب المعركة عسكريا، وهذا النصر سيعني وجود خاسرين عديدين، فأغلب الثوار واللاجئين من السنة المسلمين، ويعتقد خبير الشرق الأوسط من منظمة الأمن الأمريكي الجديدة نيكولاس هيراس أن تغييرا ديموجرافية سوريا ركن أساسي في سياسة بشار، فلديه سياسة واضحة في تدمير مناطق وإخلائها من السكان وكل من الأسد وروسيا يفهم جيدا أنه لكي يكسب الحرب عليهم تدمير المجتمعات المحلية التي تمد الثوار بالمعونة، فإذا انضم بعض الثوار للقاعدة أو لداعش فقد يفيد ذلك بشار الأسد لأنه سيزيد الرغبة في رؤية الأسد كأهون الشرين، ولكن ذلك لن يعني عودة سوريا إلى ما قبل 2011 وعودة الاستقرار الذي يسمح بعودة اللاجئين إلى ديارهم، فالكراهية عميقة جدا والدمار واسع الانتشار جدا والخوف من الانتقام والتعذيب على يد قوات بشار شديد جدا؛ ولذلك فما بقي من الثوار قد يستمر في شن حرب استنزاف دموية.

وكما تقف الأمور حاليا سيستمر الناس في السقوط قتلى، فأمثال مربي الطيور جمعة النجار وزوجته وابنته البالغة من العمر ثمانية عشر عاما سيستمرون على طريق الموت، وعندما بدأت الغارات الجوية الروسية هربوا من بلدتهم معرة النعمان الواقعة بين حلب وتركيا، ولكن من يوم الثلاثاء الماضي سقطت قنبلة روسية على منزله ولم تبق من أسرة جمعة النجار سوى الأرجل والأيادي والرءوس المبتورة التي تم دفنها سريعا في ست حقائب بلاستيكية.

سيستمر الناس في التعرض للإصابة مثل أحفاد زوجة الفلاح فاطمة الديك في قرية راتين؛ فقد أصابهم صاروخ ويقاومون الموت حاليا في مستشفى مدينة كيليس، أو السيدة العجوز فطوم قدور التى تم انتشالها من تحت الأنقاض للمرة الثانية من بيتها المهدوم في حلب وقد تمكنت الآن من الهرب إلى الحدود التركية وهي تبكي قائلة "كم كنت أتمني الموت".

ستستمر الأهوال كما في حلب حيث تعرض طفلان مؤخرا إلى تمزيق جسدهما أمام مدرستهما بقذيفة من طائرة روسية والمدرسة في بدرون فهي في مكان آمن نسبيا ويروي هذه القصة طالب كلية حقوق سابق يدعى زهير يقوم بتنظيم فصول دراسية في سبعة مدارس في حلب، وقد صرح ظهير بأن أحياء كاملة من المدينة قد تم إخلاؤها من السكان وهرب المدرسون كما هرب الكثير من الأسر رغم ان الحدود مع تركيا مغلقة ولا يدري أحد أين يجد الملجأ الآمن وكلما ينظر الإنسان في أي اتجاه لا يجد سوى الخوف والفزع في وجوه الناس، ويوم الأثنين 7 فبراير سقطت عدة قنابل على شارع في المنطقة السكنية في حلب المسماة ساخور وكان المنظر بشعا فقد كانت هناك أشلاء بشرية مبعثرة في كل اتجاه يد هنا ورأس هناك أو ساق ومع ذلك ظل الناس يسيرون دون توقف ودون مبالاة ويقول زهير هل أصبحنا وحوشا أم أن هذه طريقتنا للبقاء أحياء وسط الجنون المحيط بنا وإلى هنا ينتهي هذا العرض المطول للمجلة الألمانية التي تحاول المستحيل عن طريق الأكاذيب والعرض من جانب واحد استدرار عطف القارئ وتصوير بشار الأسد ومؤيديه كوحوش وخفافيش تمص دم السوريين الضحايا الذين تقوم أمريكا والغرب النبيل بعمل المستحيل لإنقاذهم ولا تتصور المجلة الغربية أن أحدا سيتساءل كيف بدأت المأساة ؟ كيف يتم تجنيد وتدريب وتسليح كل هذه الآلاف المؤلفة من المرتزقة الذين يوصف بعضهم بالمعتدلين والآخرين بالمتطرفين ؟ ومن الذي دفعهم إلى داخل سوريا ويستمر في تمويلهم بالمال والسلاح طوال هذه السنوات؟

المسألة ببساطة صراع بين الاستعمار الغربي والاطماع الروسية، ولأن الغرب عاجز عن الانتصار في هذا الصراع تولول أبواقه الدعائية على هذا النحو الذى نراه.