رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حرب الفشل الغربي «7»

أحمد عز العرب - أرشيفية
أحمد عز العرب - أرشيفية


وقفنا في المقال السابق عند فقدان «أوباما»، الأمل في عمل شىء في الأزمة السورية بعد تدخل روسيا عسكريا فيها رغم حرصه على تعاون روسيا معه لضمان نجاح صفقته النووية مع إيران.


ويقول هاردين لانج من مركز التقدم الأمريكي أن إدارة اوباما لن تغير تدخلها في الازمة السورية وأن إسقاط نظام الأسد يبدو احتمالا بعيدا ويبدو من الصعب تصور كيف يكون انتقال السلطة من الأسد إلى حكومة جديدة باحتمال ممكن الحدوث في المستقبل القريب، فالعالم اليوم يبدو مختلفا عما كان منذ ثلاثة أو أربعة أشهر.


فالآن يبدو أن استراتيجية أوباما بالنسبة لسوريا محصورة في مقاتلته لداعش بخلاف الأسد الذي يرى فيه أوباما مجرد دكتاتور مزعج فأوباما يرى في داعش خطرا يهدد الأمن القومي الامريكي.


وبجانب الغارات الجوية فهذه الاستراتيجية تتضمن أيضا تركيزا على دعم العمليات الكردية فهناك أكثر من خمسين جنديا أمريكيا من العمليات الخاصة يعملون في شمال سوريا والعراق حاليا لدعم الأكراد وتبدو هذه الاستراتيجية فعالة ولكن ببطء، فالمنطقة التي تحتلها داعش تقلصت مساحتها بواقع الثلث ولكن هذا تضمن تقسيما شاذا فأمريكا تقصف داعش في الشرق من سوريا بينما يقوم الأسد وروسيا بإعادة الاستيلاء على باقي سوريا ويبدو هذا الوضع تعاونا في نظر الكثير من السوريين.


وفي نفس الوقت ولإرغام الثوار على الدخول في المفاوضات بعد فشل مفاوضات جنيف توقفت أمريكا عن تقديم مساعدات عسكرية للثوار وضغطت على حلفائها لاتخاذ نفس الموقف، ويشعر الثوار الذين يحاربون كلا من الأسد وداعش بالمرارة والغضب واليأس ويقولون كيف يكون أوباما بهذه السذاجة ويعتقد أن كل ما عليه عمله هو دعوة الأسد وروسيا وديا؟ ويضيف إسماعيل نراف من فتح المعارض في حلب أن أمريكا لم ترد أبدا إسقاط الأسد بل كانت تريد فقط مفاوضة الأسد وهذه خرافة لأن الأسد لا يفاوض.


الغرب يتفرج ونحن نتعرض للقتل 
ويشعر عبد السلام حميدي الطيار المقاتل السابق في الجيش السوري بحلب والذي انضم للجيش السوري الحر سنة 2012 بنفس المرارة قائلا "لقد هللت أمريكا للثورة السورية ولكنها الآن تقف موقف المتفرج ونحن نتعرض للقتل على يد الأسد ورسيا "، وكالكثير من الثوار المعتدلين يشعر بأن ما تنبأ به الراديكاليون منذ وقت طويل يتحقق الآن وهو أن أمريكا تخون الثوار وبعض الثوار سيقومون بالانضمام لداعش بينما ستتحول أغلبيتهم لجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، وللدبلوماسية أيضا ثمنها خصوصا عندما تفشل وثمن السلبية الغربية هو المعاناة المستمرة للشعب السوري وتقوية روسيا وانقسام أوروبا وصعود التيار المتطرف، ورغم ذلك كانت هناك فرص في الخمس سنوات الماضية لدفع الأحداث في سوريا في طريق مختلف فالغرب وخاصة أمريكا كان يستطيع أن يكون أكثر صلابة في مساندة الثوار وإمدادهم بالعتاد الضروري وكان يستطيع تطبيق منطقة لايسمح فوقها بالطيران في بعض أنحاء سوريا ويفرض ذلك بالقوة، ما كان سيمنح عددا لا يحصى من السوريين فرص البقاء في مساكنهم بدلا من الفرار للخارج، وكانت أمريكا تستطيع الاستمرار في تهديدها بانه ستكون هناك عواقب سيئة لو كان الخط الأحمر الخاص بالأسلحة الكيماوية قد تم اختراقه كما حدث في 21 أغسطس 2013 عندما قامت أمريكا بقصف أهداف لقوات الأسد ردا على هجمات كيميائية قام بها جيشه.. فلنعد للخلف فإن الفرصه مازالت متاحة.


لعبة القط والفأر 
إذا قام الغرب بتدخل عسكري حاليا لمنع مأساة إضافية في حلب فإن خطر مواجهة مباشرة مع روسيا سيكون كبيرا ورغم التهديد فإن عددا متزايدا من المراقبين يطالبون الغرب بالعمل فإذا سمحت أمريكا وحلف الناتو أن يستمر حصار حلب فإنهم يكونون شركاء في جريمة حرب، كما كتب إجناتيف ويسلمتر في جريدة واشنطن بوست، فحلب في رأيهم ربما تكون فرصة لإنقاذ سوريا وتدعو خطتهم أمريكا لاستخدام إمكانياتها البحرية والجوية تحت مظلة حلف الناتو لإنشاء منطقة حظر طيران من حلب حتى الحدود التركية وتوضح للجميع أن هذه المنطقة سيتم الدفاع عنها.


هناك طبعا خطر مواجهة مع روسيا في هذه الحالة ولكن هذا ليس أمرا مؤكدا خاصة وان أمريكا في اتصال دائم مع روسيا بشأن عملياتها في سوريا، وإذا ارتفع ثمن التدخل في سوريا بالنسبة لروسيا فربما يكون بوتين مستعدا لتقديم تنازلات، وقد يمهد ذلك المسرح لمفاوضات جادة وحاسمة لوضع حد للمذبحة الجارية في سوريا.. ونقف عند هذه الفقرة حتى المقال التالي.