كيف أثر خفض أسعار الفائدة في 2025 على سوق الذهب والفضة؟
شهدت السياسة النقدية في مصر خلال عام 2025 تحولًا مهمًا، مع دخول البنك المركزي المصري في دورة تيسير نقدي للمرة الأولى منذ سنوات، بعد فترة طويلة من التشديد النقدي استهدفت مواجهة موجات التضخم المتتالية.
وجاء هذا التحول مدفوعًا بتراجع تدريجي في معدلات التضخم وتحسن نسبي في بعض المؤشرات الاقتصادية، ما أتاح مساحة لخفض أسعار الفائدة دون الإضرار بالاستقرار النقدي.
بدأ البنك المركزي المصري سلسلة من التخفيضات المتتالية لأسعار الفائدة خلال عام 2025، في إطار سياسة تهدف إلى دعم النشاط الاقتصادي وتحفيز الاستثمار، وجاءت أبرز القرارات كالتالي:
• أبريل 2025: خفض أسعار الفائدة بواقع 225 نقطة أساس، في أول خفض منذ سنوات.
• مايو 2025: خفض إضافي بنسبة 100 نقطة أساس، مع استمرار تباطؤ معدلات التضخم.
• أغسطس 2025: خفض جديد بواقع 200 نقطة أساس، مستفيدًا من تحسن نسبي في سعر الصرف وتراجع الضغوط التضخمية.
• أكتوبر 2025: خفض بنسبة 100 نقطة أساس، استمرارًا لنهج التيسير التدريجي.
• ديسمبر 2025: خفض جديد للفائدة بنسبة 100 نقطة أساس، بعد تراجع معدل التضخم في المدن المصرية إلى 12.3%.
وبذلك بلغ إجمالي التخفيضات منذ بداية دورة التيسير النقدي نحو 725 نقطة أساس، وهو ما يعكس تغيرًا جوهريًا في توجه السياسة النقدية المصرية.
ترتبط قرارات خفض الفائدة ارتباطًا وثيقًا بتطورات معدلات التضخم ومستويات النشاط الاقتصادي. وخلال عام 2025، شهد الاقتصاد المصري:
• تراجعًا تدريجيًا في معدلات التضخم السنوي
• انحسارًا نسبيًا في الضغوط السعرية
• حاجة إلى تحفيز الاستثمار والإنفاق الإنتاجي
هذه العوامل منحت البنك المركزي مساحة أوسع لخفض الفائدة مع الاستمرار في مراقبة تطورات الأسعار محليًا وعالميًا.
يؤكد خبراء الاقتصاد أن العلاقة بين أسعار الفائدة والمعادن الثمينة، وعلى رأسها الذهب والفضة، غالبًا ما تكون علاقة عكسية، وهو ما يتضح في فترات التيسير النقدي.
مع كل خفض جديد للفائدة، يتراجع العائد الحقيقي على شهادات الادخار وحسابات التوفير، ما يدفع شريحة من المدخرين إلى البحث عن بدائل تحافظ على القيمة، ويأتي الذهب والفضة في مقدمة هذه البدائل.
رغم أن الذهب والفضة لا يحققان عائدًا دوريًا مثل الودائع البنكية، إلا أنهما يتميزان بـ:
• الحفاظ على القوة الشرائية
• التحوط من التضخم
• الحماية من تقلبات العملة
وهو ما يجعلهما مناسبين للاستثمار متوسط إلى طويل الأجل، في حين يظل الادخار البنكي خيارًا مناسبًا لمن يعتمدون على العائد الشهري لتغطية نفقاتهم المعيشية.
خفض الفائدة يبعث برسالة واضحة للأسواق بأن العائد الحقيقي على الجنيه يتراجع تدريجيًا، وهو ما يعزز الاتجاه نحو الذهب والفضة كملاذ آمن، خاصة لدى الأفراد والمستثمرين الصغار.
يميز خبراء السوق بين نوعين من الودائع البنكية:
• ودائع استثمارية: يعتمد أصحابها على العائد الشهري، ومن المتوقع استمرارها داخل البنوك رغم خفض الفائدة.
• ودائع ادخارية: تمثل أموالًا فائضة عن الاحتياجات اليومية، ومن المرجح خروج نسبة منها إلى أسواق الذهب والفضة.
ومن ثم، قد يؤدي هذا التحول إلى زيادة الطلب المحلي على الذهب، وربما ارتفاع الأسعار في السوق المصري بمستويات تفوق الأسعار العالمية، نتيجة تكاليف الاستيراد ومحدودية المعروض، خاصة مع تزامن خفض الفائدة مع انتهاء آجال بعض الشهادات البنكية.
يرى المهندس سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لشركة آي صاغة، أن خفض أسعار الفائدة يقلل العائد الحقيقي على الجنيه، ما يدفع شريحة كبيرة من المواطنين إلى البحث عن أدوات تحفظ القيمة، وفي مقدمتها الذهب.
وأوضح أن تأثير خفض الفائدة لا يظهر بصورة فورية، لكنه يتضح تدريجيًا على المدى المتوسط مع إعادة تقييم الأفراد لقرارات الادخار والاستثمار، مؤكدًا أن:
الذهب لا ينافس الودائع البنكية في العائد، لكنه يتفوق عليها في حماية القوة الشرائية، ونمو الأصول ومعكل خفض جديد للفائدة تزداد جاذبيته كملاذ آمن.
وأشار إمبابي إلى أن السوق المحلي يتأثر بشكل مباشر بحركة الأسواق العالمية، لافتًا إلى أن أي ارتفاع في أسعار الذهب عالميًا بالتزامن مع خفض الفائدة محليًا يخلق بيئة داعمة لمزيد من الطلب على الذهب في مصر، سواء بغرض الادخار أو التحوط بل والاستثمار.
رغم أهمية الفائدة كعامل مؤثر، إلا أن أسعار الذهب في مصر لا تتحرك بناءً على عامل واحد فقط، بل تتحدد من خلال مجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها:
• أسعار الذهب عالميًا
• سعر صرف الجنيه مقابل الدولار
• حجم الطلب المحلي
• الأوضاع الاقتصادية والجيوسياسية العالمية
ومع ذلك، يظل خفض الفائدة عاملًا داعمًا للاتجاه الصعودي، خاصة عندما يتزامن مع ارتفاع الأسعار العالمية.
في ظل استمرار دورة التيسير النقدي، وتوقعات بمزيد من خفض الفائدة عالميًا، إلى جانب حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي، يرجح محللون أن يظل الذهب والفضة محتفظين بجاذبيتهما كأدوات ادخار وحفظ للقيمة في السوق المصري خلال الفترة المقبلة.
وعليه نوجز القال في النقاط التالية:
• البنك المركزي المصري خفّض أسعار الفائدة بنحو 725 نقطة أساس منذ بداية 2025
• التخفيضات جاءت مدفوعة بتباطؤ التضخم والحاجة لتحفيز الاقتصاد
• خفض الفائدة يقلل جاذبية الادخار البنكي ويعزز الطلب على الذهب والفضة
• الذهب والفضة يبرزان كأدوات رئيسية لحفظ القيمة في فترات التيسير النقدي

