قرار ترامب بإدراج الإخوان كمنظمة إرهابية يربك المشهد السوداني… تصعيد أم إعادة ترتيب؟
أعاد قرار ترامب الأخير بإدراج جماعة الإخوان المسلمين، بما يشمل الحركة الإسلامية في السودان، على قائمة المنظمات الإرهابية، فتح باب الجدل داخل السودان وخارجه،القرار، الذي جاء عبر أمر تنفيذي مباشر، يطلب من وزيري الخارجية والخزانة البدء في إجراءات التصنيف وتقديم تقرير خلال 45 يومًا حول فروع الجماعة في مصر ولبنان وتونس والأردن، في خطوة تشي بإعادة رسم خريطة التنظيم دوليًا.
تحركات داخلية وأمريكية موازية
قبل صدور القرار رسميًا، صعّد حاكم ولاية تكساس جريج أبوت من إجراءات الولاية عبر تصنيف الإخوان المسلمين و"مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR)" كمنظمات إرهابية وإجرامية عابرة للحدود، مانحًا سلطات الادعاء العام صلاحيات لإغلاق مقارها ومصادرة ممتلكاتها.
وتزامن ذلك مع موجة احتجاجات واسعة في عواصم أوروبية كبرلين ولندن وفيينا، طالبت بفرض عقوبات صارمة على شبكات التنظيم المالية.
تفاعل سوداني… مطالبات بتصنيف الحركة الإسلامية
في السودان، رحّبت قوى سياسية مؤثرة بالقرار، بينها تحالف "صمود" بقيادة عبد الله حمدوك، وتحالف "تأسيس" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وطالبت بتصنيف الحركة الإسلامية كتنظيم إرهابي.
وتتهم هذه القوى التنظيم بزعامة علي كرتي بإشعال الحرب في السودان منذ أبريل 2023. ويرى محللون أن خطوة واشنطن قد تسهم في خفض تأثير الإسلاميين داخل المشهد السياسي، لكنها في المقابل قد تدفع نحو مزيد من التصعيد.
قراءة فكرية: “تنظيم متعدد الرؤوس”
اعتبر المفكر السوداني الدكتور النور حمد أن الولايات المتحدة اتخذت القرار متأخرة، مؤكدًا أن السعودية والإمارات والأردن سبقتها في تصنيف الإخوان المسلمين.
وأكد حمد أن الجماعة "متعددة الرؤوس" وتستخدم نشاطًا خيريًا كواجهة، بينما تعمل سياسيًا وفق نهج عنفي قد ساهم في زعزعة استقرار دول عربية وإسلامية.
وأشار إلى أنها كانت أداة في يد واشنطن والرياض خلال الحرب الباردة في دعم المجاهدين بأفغانستان، قبل أن يعود نشاطها ويستهدف تلك الدول نفسها.
تداعيات على الساحة السودانية
رأى الصحفي والمحلل السياسي ماهر أبو الجوخ، أن القرار سيمر بسهولة داخل الكونغرس بالنظر إلى الأغلبية الجمهورية.
وأشار إلى أن دول الرباعية (مصر – الإمارات – السعودية – الولايات المتحدة) كانت قد طالبت بإقصاء الإخوان المسلمين والحزب المحلول من مستقبل السودان، ما يجعل قرار ترامب دعمًا إضافيًا لهذه المقاربة، ويقطع الطريق أمام محاولات الإسلاميين العودة إلى السلطة.
مخاوف التصعيد و”مقاومة حتى النهاية”
يرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية محمد ميرغني أن التصنيف الجديد قد ينعكس بتصعيد ميداني، إذ قد ترى الحركة الإسلامية أنها مستهدفة دوليًا، فتزيد من مقاومتها العسكرية في إطار الحرب في السودان.
ويرجّح ميرغني أن قيادات الحركة لن تقبل تسويات دون ضمانات بعدم محاكمة قادتها أو مصادرة مصالحهم، مشددًا على أن الحل يكمن في حوار شامل لا يستثني أحدًا.
ارتدادات إقليمية ودور تركي مراقَب
تسري أنباء عن بدء تركيا تقييد تحركات الإسلاميين السودانيين بعد قرار ترامب، إلا أن مصادر فكرية وسياسية أكدت عدم وجود مؤشرات حاسمة. في المقابل، كلّفت واشنطن وكالة الاستخبارات الأمريكية بمراقبة تدفقات الذهب والسلاح والأموال المرتبطة بتمويل الحرب في السودان، في محاولة لخنق الموارد التي تستند إليها الأطراف المتحاربة.
لماذا الآن؟
يأتي القرار في سياق استقطاب دولي وإقليمي، وتوسع نفوذ الجماعة في بعض الدول، وتداخلها مع الصراعات، خصوصًا في السودان وليبيا وتونس.
كما يتزامن مع ضغوط داخل الكونغرس لمواجهة ما يوصف بـ "شبكات الإسلام السياسي"، ومع تصاعد المواجهة بين الجيش السوداني والدعم السريع، حيث تتهم أطراف دولية الحركة الإسلامية المرتبطة بـ "الإخوان المسلمين" بالضلوع في تأجيج الحرب.
جدل لا ينتهي
يبقى قرار ترامب بتصنيف الإخوان المسلمين محطة مفصلية في مسار الصراع السياسي داخل السودان. وبين من يراها خطوة ستضعف التنظيم، ومن يخشى أن تفاقم الحرب في السودان، تستمر حالة القلق والتساؤلات حول أثر القرار على توازن القوى الإقليمية وعلى فرص تحقيق السلام.
