في ذكرى رحيله.. الشيخ عطية صقر "مفتي البسطاء" ومسيرة علمية حافلة بالعطاء

تحل اليوم الثلاثاء، ذكرى وفاة فضيلة الشيخ عطية صقر، رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والذي عُرف بلقب "مفتي البسطاء"، لما تميز به من أسلوب مبسط في الفتوى، وقرب من الناس، وحرص دائم على مخاطبة العقول والقلوب معًا.

نشأة علمية مبكرة ومسيرة أزهرية راسخة

وُلد الشيخ عطية صقر في 22 نوفمبر 1914م بقرية «بهنا باي» بمحافظة الشرقية، وأتم حفظ القرآن الكريم في سن التاسعة. التحق بمعهد الزقازيق الديني عام 1928، ثم واصل دراسته في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وتخرج فيها عام 1941، قبل أن يحصل على شهادة العالمية وإجازة الدعوة والإرشاد عام 1943.

بدأ حياته العملية إمامًا وخطيبًا بوزارة الأوقاف، ثم التحق بالوعظ في الأزهر الشريف عام 1945، وتدرج في المناصب حتى أصبح مراقبًا عامًا للوعظ عام 1955.

عالم موسوعي ومربٍ ومفكر

لم تقتصر إسهامات الشيخ على الوعظ، بل عمل مترجمًا للفرنسية، ووكيلًا لإدارة البعوث، ومدرسًا بالقسم العالي للدراسات الإسلامية، كما شغل مناصب بارزة منها: *مدير مكتب شيخ الأزهر، أمين مساعد لمجمع البحوث الإسلامية، ورئيس لجنة الفتوى بالأزهر.

وكان من أبرز وجوه الإعلام الديني، حيث قدم برامج شهيرة مثل "حديث الروح" و"فتاوى وأحكام"، وشارك في زيارات دعوية إلى عشرات الدول، ناشرًا رسالة الأزهر في الاعتدال والوسطية.

عطاء لا ينضب بعد التقاعد

رغم إحالته للتقاعد عام 1979، واصل الشيخ عطية صقر جهوده الدعوية والعلمية، فعمل مستشارًا لوزير الأوقاف، وترأس المركز الدولي للسنة والسيرة، ولجنة الموسوعة الفقهية، كما انتُخب عضوًا بمجلس الشعب عام 1984، ثم عُين بمجلس الشورى عام 1989.

إرث علمي خالد وتكريم مستحق

أثرى الشيخ المكتبة الإسلامية بما يقارب أربعين مؤلفًا، من أبرزها:
- _موسوعة أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام_ (7 أجزاء)
- _موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام_
- _الإسلام في مواجهة التحديات_
- _مختصر السيرة النبوية_
- _فن إلقاء الموعظة_

نال فضيلته *وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1983*، و*نوط الامتياز من الطبقة الأولى عام 1989*، تقديرًا لعطائه العلمي والدعوي.

رحيل جسد وبقاء أثر

في 9 ديسمبر 2006م، الموافق 8 من ذي القعدة 1426هـ، رحل الشيخ عطية صقر عن عالمنا، تاركًا خلفه إرثًا علميًا وفكريًا وإنسانيًا خالدًا، وشخصية استثنائية حفرت اسمها في وجدان الأمة، كأحد أبرز رموز الدعوة الإسلامية في العصر الحديث.

-