انخفاض محدود في أسعار الذهب محليًا وعالميًا
سجّلت أسعار الذهب في السوق المحلية وفي البورصة العالمية تراجعًا محدودًا خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، وذلك بالتزامن مع استمرار انحسار توقعات خفض الفائدة الأمريكية الشهر المقبل، وهو ما تسبب في زيادة الضغوط على تحركات المعدن الأصفر الذي يُعد أحد أبرز الملاذات الاستثمارية الآمنة، وفق تقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.
قال سعيد إمبابي، الرئيس التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية تراجعت بنحو 10 جنيهات مقارنة ببداية تعاملات اليوم، ليسجل جرام الذهب عيار 21 مستوى 5380 جنيهًا. أما على الصعيد العالمي، فقد تراجعت الأوقية بنحو 8 دولارات لتستقر عند مستوى 4033 دولارًا.
وأضاف إمبابي أن سعر جرام الذهب عيار 24 بلغ 6149 جنيهًا، بينما سجّل جرام الذهب عيار 18 نحو 4611 جنيهًا، فيما استقر سعر الجنيه الذهب عند 43،040 جنيهًا دون تغييرات تُذكر.
ويأتي هذا التراجع في وقت تتجه فيه أنظار الأسواق العالمية نحو بيانات اقتصادية مرتقبة في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الجاري، وهي البيانات التي من المتوقع أن تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مسار السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي، خصوصًا بعد أطول فترة إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة وما سببه من فجوات واسعة في البيانات الرسمية.
شهدت الأسواق العالمية خلال الساعات الماضية موجة بيع واسعة شملت الأسهم والسلع والعملات والأدوات الائتمانية، وذلك في ظل ترقب المستثمرين لإعلان نتائج شركة «إنفيديا» يوم الخميس (بتوقيت شرق أستراليا)، إلى جانب انتظار صدور تقرير الوظائف الأمريكية لشهر سبتمبر يوم الجمعة.
كما ارتفعت مستويات المخاوف الائتمانية الخاصة، ما دفع المستثمرين إلى خفض المخاطر في محافظهم المالية، الأمر الذي عزز قوة الدولار الأمريكي وزاد من الضغوط الهبوطية على أسعار الذهب.
وتسارعت وتيرة هبوط الذهب منذ الأسبوع الماضي على خلفية تصريحات متشددة من مسؤولين في الاحتياطي الفيدرالي، أدت إلى تراجع احتمالات خفض الفائدة في ديسمبر من 68% إلى 40% فقط، وهو ما قلّل من جاذبية الذهب باعتباره أصلًا لا يُدر عائدًا.
ورغم محاولة كريستوفر والر، أحد أبرز صناع القرار في الفيدرالي، تهدئة الأسواق عبر الإشارة إلى وجود تباطؤ في سوق العمل وتأييده لنهج أكثر تيسيرًا في ديسمبر، إلا أن تصريحاته لم تنجح حتى الآن في وقف موجة التراجع التي تضغط على المعدن الأصفر.
إعادة فتح الحكومة الأمريكية يقلّل من دعم الذهب على المدى القصير
ساهم انتهاء الإغلاق الحكومي الأمريكي – الذي يعد الأطول في تاريخ البلاد – في تراجع واحد من أهم العوامل التي دعمت أسعار الذهب بقوة مطلع أكتوبر. ورغم إعادة فتح المؤسسات الحكومية، إلا أن تأثير الإغلاق لا يزال يلقي بظلاله على البيانات الاقتصادية الرسمية، خاصة مؤشرات التضخم والتوظيف والناتج المحلي الإجمالي.
كما زاد المشهد تعقيدًا مع إعلان رافاييل بوستيك، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، عدم سعيه للحصول على ولاية جديدة، إلى جانب التصريحات الصادرة عن كيفن هاسيت التي تؤيد خفضًا حادًا لمعدل الفائدة، وهو ما أثار تساؤلات حول درجة استقلالية السياسة النقدية في الفترة المقبلة
بيانات الوظائف ومحضر الاحتياطي الفيدرالي في دائرة اهتمام الأسواق
تركز الأسواق العالمية خلال الفترة الحالية على البيانات الاقتصادية المتأخرة، وعلى رأسها تقرير الوظائف غير الزراعية لشهر سبتمبر. وتشير التوقعات إلى أن أي ارتفاع ملحوظ في وتيرة التوظيف قد يزيد من الضغوط على أسعار الذهب.
كما ينتظر المستثمرون صدور محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي غدًا الأربعاء، والذي من المتوقع أن يوفر رؤية أوضح حول مواقف أعضاء الفيدرالي تجاه مستويات التضخم وخطط التيسير النقدي المحتملة.
الذهب يحتفظ بقوته على المدى الطويل رغم ضغوط المدى القصير
على الرغم من التباين الهبوطي الأخير، يواصل الذهب تحقيق أداء قوي خلال عام 2025، إذ ارتفع منذ بداية العام بنسبة 53.7%، متجهًا نحو تسجيل أفضل أداء سنوي منذ عام 1979. ويعود هذا الصعود إلى عمليات شراء واسعة تقوم بها البنوك المركزية، إضافة إلى نمو الطلب الاستثماري، وتصاعد التوترات الجيوسياسية عالميًا.
الصين تقود موجة الشراء… وتوقعات بوصول الذهب إلى 4900 دولار للأوقية
في سياق متصل، رفعت الصين احتياطياتها من الذهب بنحو 15 طنًا خلال شهر سبتمبر، ما يعكس استمرار توجه البنوك المركزية عالميًا نحو تعزيز حيازاتها من المعدن الأصفر، وفق تقديرات صادرة عن بنك «جولدمان ساكس».
وأشار البنك إلى أن إجمالي مشتريات البنوك المركزية بلغ 64 طنًا خلال سبتمبر، وهو ما يزيد عن ثلاثة أضعاف مشتريات شهر أغسطس. ومع استمرار هذه الوتيرة، يتوقع «جولدمان ساكس» أن يصل متوسط المشتريات الشهرية إلى 80 طنًا خلال الربع الأخير من 2025 وحتى عام 2026.
وأكد البنك استمراره في توقعاته بوصول أسعار الذهب إلى مستوى 4900 دولار للأوقية بنهاية العام المقبل، مدعومًا بموجة شراء قوية من البنوك المركزية وزيادة تدفقات المستثمرين، بالتزامن مع احتمالات توجه الاحتياطي الفيدرالي نحو سياسة نقدية أكثر تيسيرًا.

